الجيش العراقي خلال حركات إنفصال كردستان في العهد الجمهوري الثاني / الجزء الأول
تنويه:
قبل فترة سنتين حقق اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس أطال الله في عمره بعد جهد مضني نشر مذكرات المرحوم الفريق الأول إبراهيم فيصل الأنصاري بالتعاون مع نجله المهندس خليل إبراهيم فيصل الأنصاري حيث بدأ والده المرحوم العمل في القاطع الشمالي عندما كان يشغل منصب ضابط الركن الأول في قيادة فرقة المشاة الثانية في كركوك ثم شغل منصب آمر لواء المشاة الحادي عشر في قاطع زاخو ثم شغل منصب قائد فرقة المشاة الثانية في كركوك ثم رئيس لأركان الجيش العراقي ، لايفوتني الثناء على معلمي الأول العميد الركن صباح علي غالب الذي بذل جهداً متميزاً في تدقيق هذه المذكرات سبق جهد اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس بفترة ليست قصيرة لكن لم تسنح الظروف بنشرها في حينه .
1. المقدمة
أ. في مقدمة المقال السابق نوهنا بإن الغاية من كتابة ذلك المقال هو لغرض التوثيق التأريخي لتلك الحقبة الزمنية التي لم يجري توثيقها بشكل وافي ومضى عليها أكثر من خمسين عاماً ، لكن أكثر من شخص عزيز علينا ومن المتابعين لكتاباتنا في مجلة الگاردينيا الغراء إمتعضوا من كلمة ( إنفصال ) وقد رددت في مداخلة على أحد الإخوان موضحاً معنى ذلك في قاموس المصطلحات العسكرية بغية إزالة الغموض الذي يكتنف معنى ذلك المصطلح ،
توضيح ، كل الحركات في جميع أنحاء العالم التي تعارض سياسة الدولة التي تعيش على أرضها وتتلقى التأييد والمعارضة في أن واحد من شيوخ العشائر ووجهاء المجتمع خاصة عندما يكون المجتمع قبلي و تستخدم السلاح لتحقيق أهدافها ، تعرف عالمياً بحركات إنفصالية وقد تتصارع هذه الحركات لاحقاً فيما بينها وقد تنشطر إلى عدة فصائل وأحزاب بسبب المصالح الشخصية للقيادات السياسية وتكون القاعدة الشعبية هي التي تدفع الثمن ،
يوجد مثالين على ذلك أحدهما من دول العالم الثالث والأخر من الدول الأوربية المتحضرة إستمر الصراع فترة طويلة بين سلطة الدولة والمعارضة المسلحة وفي نهاية المطاف تم ( الإنفصال ) ،
المثال الأول. الخلاف بين سلطة الدولة في شمال السودان والمعارضة المسلحة في جنوب السودان إستمر لخمسة عقود من الزمن ،
المثال الثاني. الخلاف بين سلطة الدولة في إيرلندا والمعارضة المسلحة في إيرلندا الشماليه إستمر أكثر من عقدين ونصف من الزمن بغض النظر عن الأسباب التي أدت للصراع.
ب. أبوح اليوم في هذا المقال عن الغايات الأخرى التي أقصدها بكتابة هذا التأريخ الملتهب من تأريخ العراق بعد قيام الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 ، سنقرأ في هذا الفصل أشد المعارك شراسة التي خاضها الجيش العراقي الباسل مع البيشمركة بفترات زمنية متباينة خلال خمسة عقود من زمن قيام الدولة العراقية الحديثة ، في عقد الستينات من القرن العشرين وثق جوانب من تلك المعارك ثلاثة من قادة الجيش العراقي الباسل لا حقاً إضافة إلى المرحوم الفريق الركن إبراهيم الأنصاري كانوا قد شاركوا فيها وهم برتب صغيرة وهم كل من:
الفريق الركن محمد عبد القادر الداغستاني أولاً ، الفريق الركن شوكت أحمد عطا ثانياً ،
الفريق الأول الركن نزار الخزرجي ثالثاً ، ثلاثتهم تبوؤا منصب قائد فيلق في زمن الحرب العراقية الإيرانية ومناصب ركن عليا في دائرة رئاسة أركان الجيش أطال الله بأعمارهم ومنحهم الصحة والعافية الغايات الأخرى التي أقصدها التالية:
أولاً. توضيح للشعب العراقي رصانة المؤسسة العسكرية العراقية ومستوى كفاة القيادات الميدانية لوحدات الجيش وتدريبها الراقي وشجاعة الجندي العراقي وصموده الرائع وهو يقاتل أشرس المقاتلين من رجال البيشمركة في أكثر المناطق الجبلية تعقيداً على مستوى العالم في مضيق كلي علي بك ومضيق سبيلك وفي ظروف جوية قاسية تكاد تقترب من درجة الظروف الجوية في منطقة القطب الشمالي في موسم الشتاء في منطقة راوندوز شمال أربيل ، إذ بماذا يفسر المراقبين المهنيين الحياديين صمود منتسبي جحفل لواء المشاة الثالث الأبطال جنوداً وضباطاً وهو محاصر لمدة 40 يوماً بعيداً عن القاعدة الإدارية للجيش.
ثانياً. ولنكون أكثر مهنية وحيادية في كتاباتنا إذ كيف كان يقاتل رجال البيشمركة بإسلحة بدائية الجيش العراقي الذي يمتلك أسلحة أكثر تطوراً وأكثر عدداً .
ثالثاً. لغرض المقارنة بين الأمس واليوم في معدن الرجال كيف تركت ثلاث فرق عسكرية مواقعها وهي مزودة بالأسلحة الحديثة بكافة أنواعها الثقيلة والمتوسطة وعجلات القتال المجنزرة والمدولبة أسلحتها سنة 2014 في الموصل إتجاه عدد( 300-500) مقاتل من داعش يمتلكون أسلحة شخصية ورشاشات متوسطة .
رابعاًً. ما مستوى كفاءة منتسبي البيشمركة اليوم المزودين بإسلحة حديثة تتفوق مئة ضعف عما كان لديهم في السابق ، تعجز اليوم عن الدفاع عن أرض كردستان إتجاه هجمات (القوات التركية و القوات الإيرانية ) المستمرة ، أليست هذه مفارقات عجيبة .
الجالس هو شيخ أحمد والواقف مصطفى برزاني
ج. توثيق تأريخ حركات الجيش العراقي في شمال العراق لمجابهة تمرد الشيخ أحمد البارزاني وشقيقه الملا مصطفى البارزاني :
أولاً. سبق وأن وثقت مقالين حول نفس الموضوع جرت أحداثها في العهد الملكي في حقبة االثلاثينات و الأربعينات من القرن االماضي ونشرت في مجلة الگاردينيا الثقافية تحت الروابط التالية:
https://www.algardenia.com/terathwatareck/32445-2017-10-25-15-56-58.html
https://www.algardenia.com/terathwatareck/33183-2017-12-12-22-02-21.html
ثانياً. كذلك وثقنا مقال قبل فترة قصيرة حول نفس الموضوع جرت أحداثه في العهد الجمهوري الأول في حقبة بداية الستينات من القرن الماضي ونشر في مجلة الگاردينيا الثقافية تحت الرابط التالي:
https://www.algardenia.com/terathwatareck/45357-2020-07-23-16-24-10.html
د. لكي تكتمل الصورة لدى القارئ الكريم يجب أن نشرح بإيجاز طبيعة طبوغرافية المنطقة الجبلية في كافة المحافظات في شمال العراق (السليمانية – أربيل – دهوك ) ، إذ تكون مراكز المحافظات في مناطق مفتوحة عموماً ، أما الأقضية والنواحي فتكون في مناطق شبه مغلقة تحيط بها سلاسل جبلية وعرة يتباين إرتفاعها بين ( 1500- 3000 ) متر فوق مستوى سطح البحر ، تقترب أماكنها من مناطق الحدود الشرقية بين العراق و إيران ، أو من مناطق الحدود الشمالية بين العراق وتركيا ، معظم الطرق التي تؤدي إلى تلك الأقضية والنواحي ذات ممر واحد ، و تمر من خلال الوديان الضيقة التي تحيط بها السلاسل الجبلية الوعرة وهذه السلاسل الجبلية ذات بعدين، إيجابي إذ تقدم الحماية الطبيعية لمفارز البيشمركة التي تعترض حركة القطعات الأمنية التي تروم بسط سيطرة السلطة في تلك الأقضية والنواحي ، وسلبي ضد حركة القطعات الأمنية إذ يصعب السيطرة على تلك المضائق إلا بمسكها بقطعات أمنية بشكل مستمر وهذا يحتاج إلى قطعات أمنية كثيرة يصعب تأمينها بسهولة ، وهذه المضائق نذكر أسمائها وأماكن مواقعها على الطرق بدأً من الجهة التي تقترب من الحدود ( العراقية - الإيرانية ) وتنتهي بتلك التي تقترب من الحدود ( العراقية – التركية ):
أولاً. مضيق دربندخان يقع على طريق ( ديالى – السليمانية )
ثانياً. مضيق بنجوين يقع على طريق ( سيد صادق - بنجوين )
ثالثاً. مضيق بازيان يقع على طريق ( كركوك – السليمانية )
رابعاً. مضيق أزمر يقع على طريق ( السليمانية - جوارته )
خامساً. مضيق طقطق يقع على طريق (كركوك – كويسنجق )
سادساً. مضيق هيبة سلطان يقع على طريق ( كويسنجق – رانيه)
سابعاً. مضيق صلاح الدين يقع على طريق ( أربيل – شقلاوة )
ثامناً. مضيق سبيلك يقع على طريق ( أربيل - خليفان )
تاسعاً. مضيق كلي علي بك يقع على طريق ( أربيل – راوندوز )
عاشراً. مضيق برسريني يقع على طريق ( أربيل – حاج عمران)
أحد عشر. مضيق بيرس يقع على طريق ( عقرة – بارزان )
إثنى عشر. مضيق زاويته يقع على طريق ( دهوك - العمادية )
ثلاثة عشر. مضيق زاخو يقع على طريق ( دهوك - زاخو )
قيام ثورة 8 شباط 1963
2. بعد قيام ثورة 8 شباط 1963 توقف القتال في كردستان وباشرت حكومة الثورة وبعد يومين من تشكيلها بإتخاذ الإجراءات العملية لحل القضية الكردية سلمياً ، ولهذا الغرض فقد ألفت وفداً حكومياً وآخر شعبياً للبحث مع المرحوم الملا مصطفى البارزاني وجماعته للتعرف على مطالبهم ، إستمرت المفاوضات بين ممثلي الحكومة والملا مصطفى البارزاني حوالي أربعة أشهر، لم يتوصل الطرفان خلالها إلى حل سلمي يوافق عليه الطرفان .. والواقع أن مفارز البيشمركة كانت تقوم بأعمال إستفزازية هنا وهناك ولعل أخطرها كان قيام مفارز من مقاتلي البيشمركة بمهاجمة قافلة من المجازين العسكريين في منطقة مضيق
( سبيلك ) وقتل عدد من المراتب المجازين وأسر البعض الآخر.
العميد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري قائداً لفرقة المشاة الثانية.
3. بتأريخ 13 شباط 1963 صدور مرسوم جمهوري بتعيين العميد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري قائداً لفرقة المشاة الثانية. المرحوم يتحدث عن تلك الحقبة الزمنية بما يأتي :
لقد كانت فترة إيقاف إطلاق النار فرصة ثمينة لقائد الفرقة الجديد وهو يستلم واجب قائد الفرقة الثانية ليطلع خلالها على موقف تشكيلات الفرقة ووحداتها لغرض رفع قدراتها القتالية ... والواقع .. فقد كانت أمامه سلسلة طويلة من الأعمال التي كان عليه إنجازها وهي:
أ. نقل بعض الآمرين خارج الفرقة: لقد كان كل من آمر جحفل لواء المشاة الثالث وآمرجحفل لواء المشاة الرابع وآمر مدفعية الفرقة أعلى منه قدما ولا زالوا يشغلون مناصبهم ولذلك فقد طلب نقلهم خارج الفرقة ، وقد تحقق ذلك .. فقد تم تعيين ضباط جدد بدلاً عنهم هم كل من العميد الركن عبد الرحمن التكريتي آمراً لجحفل لواء المشاة الثالث والعقيد الركن سعدون حسين آمراً لجحفل لواء المشاة الرابع والعقيد سعيد حمو آمراً لجحفل لواء المشاة الخامس الذي كان سابقاً يسمى لواء المشاة 11 والعميد أحمد سعيد آمراً لمدفعية الفرقة والعقيد الركن عيسى الشاوي رئيساً لأركان الفرقة.
ب. زيارة القطعات: لكي يطلع على موقف القطعات ميدانياً باشر بزيارة الوحدات الواحدة تلو الأخرى .. والواقع أن زياراته للقطعات كانت ذات فائدة كبيرة حيث حققت ما يلي:
أولاً . التعرف على الآمرين وعلى الضباط الذين نقلوا حديثاً للفرقة ، وخلال إشتغاله كآمر لجحفل لواء المشاة الحادي عشر.
ثانياً. الإطلاع على الموقف التعبوي لوحدات الفرقة ومناقشة الآمرين حول التدابير المتخذة من قبلهم لتأمين سلامة قطعاتهم.
ثالثاً. حث الآمرين على القيام بعملية إستطلاع محدودة كل في قاطعه لتأمين سلامة قطعاتهم من المباغتة.
رابعاً. حث الآمرين على إنتهاز الفرص للإستمرار في التدريب.
خامساً. الإجتماع بالضباط والمراتب في كل وحدة للإستفسار عن إحتياجاتهم ، وفيما إذا كان لديهم مشاكل لحلها من قبله.
ج . التعرف بدقة على إنفتاح قطعات الفرقة:
كان موقف قطعات الفرقة خلال إيقاف القتال كما يلي:
أولاً. جحفل لواء المشاة الثالث
جحفل لواء المشاة الثالث ( ناقص فوج ) في منطقة رواندوز - بافسيتان
جحفل الفوج الثالث لواء المشاة الثالث في منطقة خليفان
ثانياً. جحفل لواء المشاة الرابع في منطقة كركوك
ثالثاً.جحفل لواء المشاة الخامس أعيد إلى الفرقة الثانية في منطقة أربيل والذي كان بأمرة فرقة المشاة الأولى لأغراض العمليات العسكرية .
رابعاً. ملاحظات قائد الفرقة حول حراجة موقف جحفل لواء المشاة الثالث
لاحظ قائد الفرقة أن موقف جحفل لواء المشاة الثالث كان حرجاً للغاية ، بسبب (مضيق كلى علي بك) المنيع ولإحتمال سيطرة المفارز المسلحة عليه في حالة إستئناف القتال مما سيؤدي إلى عزل الجحفل ومحاصرته ، وتحسباً من إستئناف القتال وسيطرة المسلحين على المضيق ، فقد أصدر وصايا شخصية سرية للغاية إلى آمر الجحفل العميد الركن عبد الرحمن التكريتي حذره فيها من إحتمال سيطرة المسلحين على ( مضيق كلى علي بك ) منتهزين إنشغال قيادة الفرقة بالعمليات العسكرية في قاطع كركوك وأربيل والسليمانية والتي يحتمل أن تستمر لفترة ثلاثة أشهر ، وأكد عليه في تلك الوصايا الشروع فوراً بتكديس عتاد وأرزاق ووقود لما يكفي الجحفل لمدة ثلاثة أشهر ووضع بإمرته لغرض التكديس سرية نقلية آلية وأكد عليه أيضاً تخصيص قطعات ثابتة لمراباة المضيق جيداً وبشكل يمنع المسلحين من السيطرة على المضيق.
د. حماية منشآت وآبار النفط : سبق وأن تم تخصيص وحدات فرعية من الفرقة ومن الشرطة ومن الفرسان لحاجة منشآت النفط في منطقة كركوك في كل من حقول ( جمبور وباي حسن ومنطقة دبس وغيرها) وكانت تلك القطعات تحت إشراف مقر الفرقة ، ولتأمين الحماية بشكل أفضل فقد إستحدث ملاكاً من مصادر الفرقة وأطلق عليه إسم (مقر قوة حماية النفط) ، وقد تألف هذا المقر من آمر برتبة عقيد وضابط ركن عدد 2 وعدد من المراتب والكتبة والآليات والتجهيزات الضرورية ووضعنا بأمرة هذا المقر كافة القطعات المخصصة لحماية منشآت النفط .
خريطة تبين موقع مضيق كلي علي بك ومنطقة سبيلك
صورة جوية لمنطقة (صلاح الدين - شقلاوة – راوندوز)
لقد أدى إستحداث هذا المقر وممارسته لواجباته تحقيق حماية كافية وإفشال كافة محاولات المسلحين القيام بأعمال تخريبية في المنشآت النفطية طيلة وجود العميد الركن إبراهيم الأنصاري قائداً لفرقة المشاة الثانية لغرض تحقيق رد فعل سريع لمعالجة أي موقف طارئ من قبل مقر الفرقة ، وقرر أيضاً تخصيص ( قوة طوارئ) تتألف من سرية مشاة ورعيل دبابات أو مدرعات ترابط في معسكر كركوك .. وتكون جاهزة للحركة خلال 5 دقائق مع تأمين وسائط النقل والمواصلات المناسبة لها ، لمعالجة المواقف الطارئة بشكل فوري من قبل مقر الفرقة ريثما يتم إتخاذ الإجراء المناسب الأكبر لها إن تطلب الأمر.
ه. مضاعفة القدرة القتالية للفرقة. لغرض زيادة القدرة القتالية للفرقة قرر قائد الفرقة تشكيل :
أولاً. تشكيل سرايا المغاوير
تشكيل عدد من سرايا المغاوير تكون خفيفة التسليح ، سريعة الحركة ومدربة تدريباً عالياً على القتال ، خاصة القتال الليلي .
ثانياً. تشكيل مدرسة قتال فرقة المشاة الثانية
كانت تضم جناح تدريب المغاوير ، وجناح تدريب التعبية والحروب الجبلية ، وجناح تدريب الأسلحة الساندة وجناح الألعاب ، وقد نسب ملاكاً خاصاً لها كمقر المدرسة في بنايات ملعب الفرقة الكبير في معسكر كركوك والذي كان يحتوي على عدد كاف من غرف التدريس وقاعات المنام ودورات للمياه والواقع .. أن هذه المدرسة كانت أول مدرسة قتال في الجيش .. ثم عممت فيما بعد في الفرق الأخرى .
و. تشكيل الجحفل الخفيف: قرر القائد إستحداث تنظيم جديد أطلق عليه إسم (الجحفل الخفيف) وعهدت قيادته إلى العقيد خليل جاسم يعاونه عدد من الضباط والمراتب والكَتَبَة وعدد من الآليات والتجهيزات الضرورية
ز. خطة أمن كركوك : تحسباً من إستئناف القتال ولمنع المتسللين من التسلل إلى مدينة كركوك ليلا ً، وضعت (خطة أمن كركوك) بعد إستطلاع مفصل لمداخل المدينة ومخارجها ، وقد تضمنت الخطة تخصيص بعض الوحدات الفرعية وقسم من الفرسان (فرسان الوليد وهم المتطوعون العرب) لمسك العوارض التعبوية المحيطة بالمدينة ، ومسك رؤوس الطرق والنياسم المؤدية إليها.
ح . قوة حماية مقر القائد الجوال : منذ أن كان القائد يشغل منصب رئيس أركان الفرقة ، أولى عناية خاصة بفصيل الدفاع والوجبات للفرقة إذ أختار للفصيل المذكور خيرة المراتب ، وأشركهم في دورات تدريب على مختلف الأسلحة ، وعند إستلامه قيادة الفرقة قرر زيادة عدد جنود الفصيل ، حتى وصل عددهم إلى ما يقارب ال 100 مقاتل ، تدرب معظمهم في جناح تدريب المغاوير في مدرسة قتال الفرقة .
إستئناف القتال في منطقة كردستان
يوم 10 حزيران 1963 أعلن مجلس قيادة الثورة بياناً جاء فيه قيام الحركات الفعلية في المنطقة الشمالية وإعتبار المنطقة الشمالية منطقة حركات فعلية.
تشكيل مقر قيادة قوة الميدان
4. أمر وزير الدفاع الفريق الركن صالح مهدي عماش بتشكيل مقر جديد أطلق عليه إسم (مقر قيادة قوة الميدان) كما أقر أيضاً بتعزيز القطعات العاملة في المنطقة الشمالية بقطعات إضافية:
أنيطت قيادة قوة الميدان إلى العميد الركن سعيد صالح القطان وسمي قائد قوة الميدان
وعُيِّنَ العميد الركن عبد الجبار شنشل رئيساً لأركان قيادة قوة الميدان وعدد آخر من ضباط الركن. وقد عُهِدَ إلى هذه القيادة واجب وضع الخطط العسكرية وتحديد مسؤوليات التشكيلات العاملة في منطقة شمال العراق ، وواجباتها وإدارة العمليات العسكرية ، و تقرر أن يُفتح المقر المذكور في كركوك ، ويكون ضيفاً على قيادة فرقة المشاة الثانية من ناحية الإسكان والحراسة والقضايا الإدارية .. وبالفعل فقد أصدر قائد الفرقة أمراً بإخلاء الطابق الثاني من بناية مقر الفرقة لإسكان المقر الجديد ، كذلك بالنسبة الحراسة والقضايا الإدارية الأخرى ، ومن الجدير بالذكر أن المجلس الوطني لقيادة الثورة خوَّل قادة الفرق وآمري الألوية والوحدات صلاحية تشكيل محكمة فورية لمحاكمة المسلحين الذين يلقى القبض عليهم خلال القتال ، كما خوَّل قائد قوة الميدان وقادة الفرق صلاحية منح الضابط والمراتب الذين يبدون شجاعة فائقة قدماً ممتازاً لمدة سنة واحدة وأنواط الشجاعة كما أمر وزير الدفاع بمنح أي ضابط أو ضابط صف يصاب بجرح خلال العمليات العسكرية قدماً ممتازاً لمدة سنة.
5. قيادة قوة الميدان تحدد واجبات التشكيلات:
حددت قيادة قوة الميدان واجبات الفرق والتشكيلات العاملة في منطقة العمليات .. وكان واجب فرقة المشاة الثانية ما يلي:
أ. تطهير منطقة كركوك وأربيل
ب. إعادة الإدارة المحلية إلى ناحية طقطق وكويسنجق والسيطرة على مضيق هيبة سلطان.
ج. بعد السيطرة على مضيق هيبة سلطان الإندفاع إلى رانية وقلعة دزة وإعادة الإدارة المحلية إليهما.
تعقيب: للمرحوم العميد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري قائد فرقة المشاة الثانية
قبل أن أبحث في العمليات العسكرية التي نفذتها تشكيلات الفرقة الثانية بقيادتي ووفقاً لما جاء في وصايا قيادة قوة الميدان أود أن أقول إنني سأوثق في هذه المذكرات العمليات العسكرية التي نفذتها قيادة فرقة المشاة الثانية بإختصار شديد .. ودون الدخول في تفاصيل كل عملية من تلك العمليات .
6. قيادة فرقة المشاة الثانية تشرع بتنفيذ الواجب المعهد إليها من قبل قيادة الميدان:
أ. أصدر قائد الفرقة أوامره إلى جحفل لواء المشاة الخامس (المرابطة وحداته في أربيل) والتي تتضمن إزاحة المسلحين من منطقة أربيل ثم الإندفاع إلى كويسنجق على طريق (أربيل - كويسنجق) والتعسكر فيها .
ب. كما أصدر أوامره إلى جحفل لواء المشاة الرابع المرابطة وحداته في كركوك لإزاحة المسلحين المتواجدين حول المدينة ثم الإندفاع إلى كويسنجق على طريق ( شوان - طقطق - كويسنجق ) والتعسكر فيها.
ج. إخفاق لواء المشاة الخامس بالسيطرة على مضيق هيبة سلطان
لدى وصول جحفل لواء المشاة الخامس إلى كويسنجق شن العقيد سعيد حمو آمر الجحفل هجوماً على مضيق هيبة سلطان في اليوم التالي من وصوله دون إستطلاع مفصل لمنطقة المضيق وبدون علم مقر الفرقة وقد فشل هجومه وتكبد الجحفل خسائر في الأشخاص لا مبرر لها ،وفور علم قائد الفرقة بما فعله آمر جحفل لواء المشاة الخامس إنطلق إلى كويسنجق مستقلاً طائرة سمتيه .. وسأل العقيد سعيد حمو عن أسباب قيامه بالهجوم دون أن ينتظر وصول جحفل لواء المشاة الرابع وبدون علم مقر الفرقة؟
فقال .. سيدي .. أردت أن أفرحك بالسيطرة على مضيق هيبة سلطان ، ولأنني إعتقدت بأن العملية سهلة .. وكان يبدو خجلاً ومرتبكاً وإعتذر عن الخطأ الذي إرتكبه .. فتفهمت موقفه.. لأنه كان من الآمرين الجيدين القدامى في الفرقة ، ولكنني أنذرته بأن لا يكرر مثل هذا الخطأ مرة ثانية.
د. تعذر السيطرة على مضيق هيبة سلطان بدون إستحضارات مسبقة
كانت المعلومات التي وردت إلى إستخبارات الفرقة تفيد بان قائد قوات البيشمركة المسؤول عن الدفاع عن مضيق هيبة سلطان ، كان يصرح بأنه سيجعل من مضيق هيبة سلطان معركة ستالينغراد أخرى ، والواقع أنه كان محقاً في ذلك تماماً ، لأن الطريق العام الذي يمر في المضيق المذكور كان يتسلق جبلاً حاد الميل وكأنه يتسلق جداراً قائماً وقد كان من الصعوبة على جندي المشاة أن يتسلق مثل هذا الجبل ، خاصة إذا كانت هناك مقاومة شديدة . وعلى هذا فقد إستطلع قائد الفرقة منطقة المضيق مفصلاً ، من يمين المضيق و يساره .. وقد ظهر له أن سفح الجبل وبعد حوالي كيلومتر واحد يسار المضيق يبدو قليل الميل مما يساعد جندي المشاة على تسلق الجبل بسهولة ، لذلك فقد قرر قائد الفرقة تسلق الجبل في تلك المنطقة بجبهة فوج لتشكيل موطئ قدم على قمة الجبل .. وبعد تشكيل موطئ القدم يندفع الفوج الأيمن نحو اليمين وبشكل ( سرية تعقب سرية) حتى الوصول إلى الطريق العام .. وذلك لتحاشي المواضع الدفاعية التي إحتلتها قوات البيشمركة يمين ويسار الطريق العام ، وبعد معركة عنيفة مع قوات البيشمركة إستطاع الفوج الأيمن الوصول إلى الطريق العام .. حيث تمت له السيطرة على المضيق.
كان من المفروض أن نندفع إلى (رانية) بعد السيطرة على المضيق إلا أننا لم نفعل ذلك بسبب سيطرة قوات البيشمركة على (مضيق كلي علي بك) وعلى (مضيق سبيلك) وعلى طول الطريق من (حرير) الى (صلاح الدين) خارج .
لقد كانت خسائرنا في عملية السيطرة على مضيق هيبة سلطان 14 شهيد من المراتب و32 جريح من المراتب أيضاً .. وكانت كل تلك الخسائر قد حدثت من محاولة العقيد سعيد حمو الفاشلة للسيطرة على المضيق المذكور.
مخطط الهجوم على مضيق هيبة سلطان
صورة جوية لنفس المنطقة
7. قوات البيشمركة تسيطرعلى مضيق سبيلك ومضيق كلي علي بك
أ. إستغلت قوات البيشمركة إنشغال قطعات الفرقة بالقتال في منطقتي كركوك وأربيل فهاجمت كلاً من مضيق سبيلك ومضيق كلي على بك وإستطاعت السيطرة عليها وبذلك تحقق لهم حصار ف3 ل3 في منطقة (خليفان) وحصار جحفل ل3 (ناقص فوج) في منطقة (بافستيان) كما سبق لقائد الفرقة أن يتوقع ذلك تماماً بسيطرة قوات البيشمركة على كل من (مضيق سبيلك) و(مضيق كلي على بك).
ب. لغرض فك الحصار عن جحفل لواء المشاة الثالث والفوج الثالث منه ، أصدرت قيادة قوة الميدان أمراً بنقل العمليات العسكرية إلى منطقة (حرير) تمهيداً لفك الحصار عن جحفل لواء المشاة الثالث وف3 ل3 .
ج. إجراءات قيادة فرقة المشاة الثانية:
تم إستطلاع المضيقين وهما مضيق سبيلك ومضيق كلي علي بك من قبل قائد الفرقة جواً لأكثر من مرة مع دراسة الخريطة بإمعان للتعرف على الطرق والمسالك التقربية التي تؤدي من وإلى المضيقين مع الإطلاع على العوارض الأرضية التي تسيطر على تلك الطرق والمسالك. ونتيجة لدراسة الخريطة والإستطلاع الجوي إتضحت لقائد الفرقة الطرق والمسالك والعوارض التي تسيطر على كل منها ، وبذلك تكونت لديه الخطوط الأساسية لخطة الهجوم على المضيقين والتي سنشرحها لاحقاً.
بعد أن سيطر البيشمركة على (مضيق سبيلك) و(مضيق كلي علي بك) فقد إندفعوا للسيطرة على طول الطريق من ( قصبة حرير إلى مصيف صلاح الدين )(خارج) وقد تحقق لهم ذلك .
د. قرر قائد الفرقة تكليف جحفل لواء المشاة الخامس بالهجوم على مضيق سبيلك ومضيق كلي علي بك. وتمهيداً لتحشده في المكان المناسب في منطقة ناحية حرير، أمر جحفل لواء المشاة 29 المرابط في منطقة صلاح الدين والذي كان بأمرة العقيد الركن كمال مصطفى بإبعاد المفارز المسلحة التي كانت تتواجد على طول الطريق المذكور، وقد إستطاع الجحفل المذكور إنجاز ذلك بفترة قصيرة من الزمن .. وتم تحشد جحفل لواء لمشاة الخامس في منطقة حرير.
8. عملية الهجوم على مضيق سبيلك
أ. أصدر قائد الفرقة الأمر إلى جحفل لواء المشاة الخامس أن يشن هجوماً على مضيق سبيلك بالساعة 0500 من يوم 13 تموز1963 بعد أن بين لآمر الجحفل العقيد سعيد حمو الخطوط الأساسية لخطة الهجوم والتي تتضمن الهجوم على هضبة سبيلك والسيطرة عليها بدلاً من الهجوم المباشر على جانبي الطريق العام على أن يسند الهجوم بإسناد ناري كثيف.
ب. إستطاع جحفل لواء المشاة الخامس السيطرة على هضبة سبيلك خلال ساعة فقط وإنسحب المسلحون بعد إبداء مقاومة بسيطة ليتجنبوا قصف المدفعية الكثيف.
ج. بعد أن تمت السيطرة على هضبة سبيلك التي تسيطر سيطرة تامة على المضيق دخل قائد الفرقة المضيق تصحبه مفرزة الحماية وعدد من الحافلات العسكرية التي تحمل (فاكهة الرقي) هدية إلى منتسبي ف3 ل3 ووصل القائد إلى معسكر خليفان حيث يرابط ف3 ل3 و كان في إستقباله المقدم صلاح جواد آمر الفوج وضباطه وعدد كبير من مراتب وجنود الفوج بالهتافات والتصفيق فقد فك الحصار عنهم بعد معاناة إستمرت لمدة أربعين يوماً.
د. حين وصول قائد الفرقة إلى خليفان أبرق إلى آمر جحفل لواء المشاة الخامس بأن تنزل قطعاته إلى خليفان فوراً عدا القطعات الفرعية والقائمة بواجبات الربايا - وقد إستكمل تحشد جحفل لواء المشاة الخامس فعلاً في خليفان بالساعة 0600 بنفس اليوم وهو يوم 13 تموز1963، فقد تمت السيطرة على مضيق سبيلك بدون خسائر والحمد لله.
خريطة مضيقي ( سبيلك - وكلي علي بك) وأماكن إنفتاح جح ل 3
صورة جوية لنفس المنطقة
9. عملية الهجوم على مضيق كلي علي بك
لغرض مباغتة المقاتلين البيشمركة وعدم فسح المجال لنقل قواتهم التي إنسحبت من (مضيق سبيلك) إلى (مضيق كلي علي بك) قرر قائد الفرقة الهجوم على مضيق (كلي علي بك) في نفس الليلة ، ليلة 13/ 14 تموز 1963 وكانت خطة قائد الفرقة لغرض السيطرة على المضيق من جهة خليفان كما يلي:
أ. إنفتاح ثلاثة أرتال من فرسان صلاح الدين (المتطوعين الكرد) على جبهة عريضة على سفح جبل (كورك) وبإتجاه القمتين (القمة الصخرية والقمة الجرداء) قوة كل رتل (300) مقاتل يقود كل منها ضابط مع مفارز من الهاونات والرشاشات ومجس جوي على أن يعقب تلك الأرتال وبمسافة 300 متر فوج مشاة ينفتح بجهة 3 سرايا تعقب كل سرية رتل من الأرتال الثلاثة لفرسان صلاح الدين.
ب. يهجم فوج من جحفل لواء المشاة الخامس فجر يوم 14 تموز 1963 على الهضبة الصفراء المسيطرة على المسالك التقربية المؤدية من وإلى المضيق والمحاذية إلى روبار رواندوز الذي ينساب من المضيق والمحاذي إلى جبل نواخين والذي يصب في نهر الزاب.
في الصباح الباكر من يوم 14 تموز 1963 شن الفوج الهجوم وتمت السيطرة على القمة الجرداء ، والقمة الصخرية ، بعد قصف شديد من الطائرات وبإسناد ناري كثيف من المدفعية ، كما تمت لنا السيطرة على الهضبة الصفراء المحاذية إلى روبار رواندوز وبدون مقاومة ،
وبسيطرتنا على كل من القمة الجرداء والقمة الصخرية والهضبة الصفراء فقد سيطرنا على سفح جبل كورك المقابل إلى خليفان.
ج. لغرض السيطرة على سفح جبل كورك المقابل إلى رواندوز، إنتقل قائد الفرقة بطائرة هيلوكبتر إلى راوندوز حيث يوجد مقر جحفل لواء المشاة الثالث ، ولدى وصوله هناك التقى بالعميد الركن عبد الرحمن التكريتي آمر جحفل لواء المشاة الثالث وتنقلا بالسيارة إلى (كاني قور) حيث يرابط هناك جحفل فوج من جح ل3 والذي سبق لقائد الفرقة قد أمر بحركته إلى (كاني قور) مسبقاً ، وأمر آمر الفوج بالهجوم على عارضة (بيخال) التي تسيطر على طريق هاملتون المؤدي إلى داخل المضيق ، وقد إستطاع الفوج السيطرة على تلك الهضبة بدون مقاومة ، وقد أمر قائد الفرقة آمر الفوج أيضاً بعد سيطرته على هضبة بيخال الهجوم على العارضة المسيطرة على شلال بيخال والتي تسيطر على مسلك ( طريق هملتون ) الذي يصعد إلى الجبل من داخل المضيق حتى الشلال ، وقد سيطر الفوج أيضاً على تلك العارضة وبدون مقاومة ، وبالسيطرة على هضبة بيخال والهضبة المسيطرة على شلال بيخال يكون قد تم السيطرة على سفح جبل كورك المقابل إلى رواندوز وبافسيتان .
ولغرض دخول (مضيق كلي علي بك) إنتقل القائد بالطائرة إلى خليفان ومن هناك ترجل من الطائرة وإستقل عجلة ثم دخل المضيق تصحبه سرية مشاة ورتل دبابات وفصيل هندسة وقد وجد تخريباً بسيطاً على الجسر الثالث داخل المضيق سرعان ما أصلحته الهندسة .. وإنطلق القائد إلى بافستيان . وعند وصوله إلى فتحة المضيق المقابلة إلى بافستيان كان هناك آمر الجحفل العميد الركن عبد الرحمن التكريتي وضباط مقر الجحفل مع حشد كبير من المراتب ولدى مشاهدة مراتب الجحفل للقائد ، حمله أحدهم على كتفيه وإنطلق به إلى مقر الجحفل والمراتب يهتفون هتافات الفرح والأهازيج فقد فك عنهم الحصار الذي إستمر أكثر من أربعين يوماً ، القائد يقول لقد كان منظر أولئك الجنود وهم يحملوني على أكتافهم وقد غمرهم سرور عظيم لرؤيتهم قائد الفرقة نفسه والذي كان أول ضابط يدخل المضيق ويفك الحصار عنهم منظراً لا يمكن أن أنساه .
الجسر الثالث في كلي علي بك
حقائق مضيئة
المرحوم العميد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري يتحدث عن عملية فك الحصارعن جحفل لواء المشاة الثالث
10. لقد كانت عملية فك الحصار عن جحفل لواء المشاة االثالث عملية عسكرية لا يمكن أن أنساها والتي أعتز وأفتخر بها كثيراً لأننا:
أ. إستطعنا السيطرة على (مضيق كلي علي بك) الذي يعتبر ثاني أمنع مضيق في العالم بزمن قياسي لا يتجاوز الـ20 ساعة.
ب. لم نتكبد حتى خسارة جندي واحد.
ج. لقد كانت تلك المعركة من الإنجازات الرائعة التي حققتها تشكيلات فرقة المشاة الثانية وبقيادتي شخصياً.
د. إن السبب في إستخدام الفرسان بالهجوم على السفح المقابل لمنطقة (خليفان) من جبل كورك وعلى شكل أرتال تنفتح على جبهة واسعة يعود إلى إتساع سفح الجبل ولإرتفاعه الشاهق ولكثرة الأشجار المتواجدة على ذلك السفح ولأنهم أخف حملاً وحركةً من جندي المشاة الذي يحمل سلاحه وعتادة وتجيهزاته .
11. طرائف ومفارقات
أ. سعيد حمو وهيبة سلطان
كيف سمح العقيد سعيد حمو آمر جحفل لواء المشاة الخامس لنفسه أن يشن هجوماً مباشراً على جانبي الطريق العام الذي يتسلق جبل هيبة سلطان وهو بمثل ذلك الإنحدار الشديد والذي يبدو كأنه جدار قائم وهو المعروف عنه بأن له خبرة في دراسة الأرض وفي الحروب الجبلية!! والمفارقة الأخرى -كيف سمح لنفسه القيام بالهجوم على ذلك المضيق بدون علم وموافقة قيادة الفرقة وهو رجل عسكري يتحلى بضبط عالٍ ! لا أعلم .. ولكن ربما أراد أن يكسب سمعة عريضة بأنه إستطاع السيطرة على مضيق هيبة سلطان المنيع .. والله أعلم.
ب. الإستطلاع بطائرة مقاتلة
لغرض إستطلاع كل من (مضيق سبيلك ومضيق كلي علي بك) طلبت من المرحوم المقدم الطيار نعمة الدليمي آمر القاعدة الجوية في كركوك إستطلاع المضيقين جواً .. فاصطحبني بطائرة ميك 15 ذات مقعدين .. وإنطلقنا بإتجاه المضيقين المذكورين .. وكنت أجلس خلفه ،
ولكن عند عودتنا إلى كركوك وإقترابنا من المطار العسكري إنقض بالطائرة بسرعة محاولا إجراء لعبة جوية.. فصرخت عليه قائلاً ماذا تفعل ؟ .. قال سيدي أريد أن أريك ما يعانيه الطيارون .. ونزلت من الطائرة وأنا أشعر بدوران في رأسي وقررت بعدها ألا أطير مرة أخرى بطائرة مقاتلة لأغراض الإستطلاع.
ج. وزير الدفاع لا يصدق سيطرتنا على مضيق كلي علي بك
لدى فتح مضيق (كلى علي بك) ووصولي إلى مقر جحفل لواء المشاة الثالث في معسكر بافسيتيان أبرقت إلى قيادة قوة الميدان وكررت البرقية إلى سكرتير الوزير وسكرتير رئيس أركان الجيش وإلى دائرة الأركان العامة أزف لهم بشرى نجاحنا في السيطرة على (مضيق كلي علي بك) وفك الحصار عن جحفل لواء المشاة الثالث ، لكن وزير الدفاع الفريق الركن صالح مهدي عماش لم يصدق الخبر .. فقد أخبرني فيما بعد أحد ضباط الركن وهو المقدم الركن إبراهيم عبد الغفور بأنه كان شخصياً في مكتب وزير الدفاع عندما وصلت البرقية وقال الوزير لدى إطلاعه على البرقية .. ليس من المعقول أن يسيطر الأنصاري وجنوده على (مضيق كلي علي بك) بهذه السرعة المذهلة !! وطلب من سكرتيره أن يبرق إلى الأنصاري .. يستفسر فيها عما إذا ما ورد ببرقية قائد الفرقة الثانية صحيحاً !! وبالفعل .. فإنني أتذكر بأننا إستلمنا برقية من سكرتير الوزير يسأل فيها إذا كان ما جاء ببرقية قائد الفرقة صحيحاً ؟..جوابنا .. نعم .. وأنا شخصياً الآن في مقر جحفل لواء المشاة الثالث في بافسيتيان!!!
د. زيارة الملحقين العسكريين المعتمدين في بغداد لمضيق كلي علي بك
بعد مرور أربعة أيام على إنتهاء عملية السيطرة على (مضيق كلى علي بك) ، أرسل وزير الدفاع كافة الملحقين العسكريين في سفارات الدول الأجنبية المعتمدين في بغداد إلى (خليفان) ، وقد إستقبلناهم بحفاوة .. وإصطحبتهم معي بالسيارات داخل المضيق وإتجهنا إلى (معسكر بافسيتيان) .. كي يلاحظوا مناعة المضيق .. ثم عدنا بعدها إلى خليفان .. وطلبت منهم - بعد أن يطلعوا على مناعة المضيق - تقدير القوة اللازمة للسيطرة على المضيق والوقت اللازم لذلك .. وأخبرتهم بأننا لم نكن نعلم حجم قوة المدافعين عن المضيق بالضبط .. ولكنها لم تكن أقل من 100 مقاتل.. وأعطيتهم ساعة من الوقت ليتناقشوا فيما بينهم ، وإجتمعنا مرة أخرى .. وبدون أن أسمع مقترحاتهم .. قلت لهم أيها السادة أنا لا أبالغ إذا أخبرتكم بأننا إستطعنا السيطرة على الجانب المقابل من المضيق إلى (خليفان) بإستخدامنا فوج مشاة مع عدد من المتطوعين الكرد .. وكان هجومنا ليلاً ، وبإستخدامنا صباح اليوم التالي فوج مشاة فقط في الجانب المقابل من المضيق إلى معسكر بافسيتان .. وشرحت لهم تفاصيل العملية كما حدثت .. وأضفت أقول .. لقد كان سر نجاحنا في السيطرة على المضيق لفترة أقل من 24 ساعة وبدون خسائر.. هو لأننا طبقنا مبدأ المباغتة ومبدأ السرعة .. وقد حققنا المباغتة بمهاجمة (مضيق كلي علي بك) بعد أربعة ساعات من سيطرتنا على (مضيق سبيلك) وكان هجومنا ليلاً.. فلم يكن لدى المسلحين الوقت اللازم لنقل قواتهم من (مضيق سبيلك) إلى (مضيق كلي علي بك) .. وشكرتهم على زيارتهم وتمنيت لهم سلامة العودة.
عزيز عقراوي و مسعود برزاني
ه. المقدم الركن عزيز عقراوي قائد البيشمركة في مضيق (كلي علي بك)
أفادت إستخبارات الفرقة بأن قائد المسلحين في (مضيق سبيلك) ومضيق (كلي علي بك) هو المقدم الركن عزيز عقراوي (رحمه الله) والذي كان أحد تلامذتي في كلية الأركان ، وقد سبق للموما إليه الإلتحاق بالحركة الكردية ونجح في السيطرة على (مضيق كلي علي بك) وتم له بذلك حصار جحفل لواء المشاة الثالث ، ومن المفارقات التي تستحق الذكر هو أن الموما إليه وبعد أن سيطرت قواته على مضيق كلي علي بك أرسل رسالة إلى آمر جحفل لواء المشاة الثالث العميد الركن عبد الرحمن التكريتي جاء فيها (لقد أصبح لوائك كالعصفور في أيدينا ، فعليك تسليم اللواء بكافة أسلحتة ومعداته وإلا سوف يكون حسابك عسيراً عند وجود أي نقص) ، ولقد أرسل آمر جح ل3 صورة من الرسالة المذكورة إلى قيادة الفرقة وإطلعت عليها، وأبرقت إلى آمر جحفل ل3 أقول فيها (أهمل رسالة عزيز عقراوي وإننا سنفتح المضيق قريباً) ، لقد فات الموما إليه أن يتذكر بأن القوة التي ستفك الحصار عن الجحفل تفوق ما لديه من مقاتلين عدداً وتسليحاً مسندة بقوة نارية هائلة ويقودها أستاذه السابق في كلية الأركان.
قائد الفرقة الثانية مع عدد من ضباط مقره ويبدو المرحوم المقدم الطيار الركن نعمة الدليمي آمر قاعدة كركوك الجوية الأول من الصف الثاني من اليمين والثالث من اليمين الرائد الركن سالم حسين العلي ويقف خلف القائد النقيب ربيعة عامر الحسك
صورة جوية لمنطقة عمليات فق 1 و فق 2
عمليات فرقة المشاة الثانية في منطقة بارزان
12. بالنظر لوجود معظم تشكيلات الفرقة الثانية في منطقة ( رواندوز - بافسيتيان) المحاذية لمنطقة بارزان فقد قررت قيادة قوة الميدان نقل العمليات العسكرية إلى المنطقة المذكورة ولتحقيق هذا الغرض قررت القيادة المذكورة ما يلي:
أ. قيام فرقة المشاة الأولى المرابطة في منطقة الموصل بالتقدم على محور ( عقرة - بيرس - بارزان) على أن يكون جحفل لواء المشاة الرابع المنسوب إلى قيادة فرقة المشاة الثانية بأمرتها لأغراض العمليات
ب. قيام فرقة المشاة الثانية بالتقدم على محور (هاوديان -مازنة -مرگه سور - جامة - شيروانه مازن )
وفيما يلي وصف موجز لعمليات فرقة المشاة الثانية
أولاً. بتأريخ 1 آب 1963 شرع جحفل لواء المشاة الثالث بالتقدم المرحلة الأولى إلى (هاوديان) وقد لاقى مقاومة شديدة طيلة النهار إنسحب بعدها البيشمركة.
ثانياً. بتأريخ 3 آب 1963 تقدم جحفل لواء المشاة الخامس إلى (مازنة) وإشتبك بقتال عنيف لمدة 3 ساعات .. وصل على أثرها إلى (مازنة) وعسكر هناك ، كانت خسائرنا ضابط شهيد برتبة نقيب ، هو النقيب صالح مهدي.
ثالثاً. بتأريخ 10 آب 1963 تم وصول جحفل لواء المشاة الخامس إلى مركه سور بدون حادث.
رابعاً. بتأريخ 16 آيلول 1963 وصلت قطعات الفرقة إلى جامه بعد قتال عنيف.
خامساً. بتأريخ 17 آيلول 1963 تم تأسيس ( رأس جسر) عبر نهر روبار روكجوك بعد معركة عنيفة جداً مع البيشمركة مما إضطر الفرسان الذي عبروا روبار روكجوك وتقدموا بعيداً بإتجاه شيروان مازن على الهزيمة عبر الروبار ، إلا أن الفوج الثاني من جح لواء المشاة الخامس الذي كان قد عبر الروبار وشرع بتأسيس رأس الجسر بقي صامداً بالرغم من كثافة النيران التي إنصبت عليه ونتيجة للإسناد الناري الكثيف الذي إنصب على البيشمركة ما إضطرهم على وقف إطلاق النار والإنسحاب.
ج. رسالة من المرحوم الشيخ أحمد البارزاني يقول فيها بأنه على إستعداد لإيقاف القتال وتسليم نفسه للحكومة
أولاً. في يوم 21 حزيران 1964 وصل إلى مقرنا المتقدم في (جامه) ممثل المرحوم الشيخ أحمد البارزاني وسلمنا رسالة من الشيخ يقول فيها بأنه على إستعداد لإيقاف القتال وتسليم نفسه للحكومة إذا وعدت الحكومة بضمان سلامته وأبناء عشيرته.
ثانياً. ولدى إطلاع قائد الفرقة على الرسالة المذكورة أخبر ممثل الشيخ المدعو ولي والذي كان يتكلم العربية بطلاقة ( سنعمل على ضمان سلامته وسلامة أفراد عشيرته وعلى أن يتعهد بأن يكون مسؤولاً عن أمن منطقة بارزان) وأن يستخدم نفوذه لدى المرحوم الملا مصطفى البارزاني للكف عن القتال وأبرقت إلى المراجع ذات الشأن بذلك.
ثالثاً. وبعد يومين وفي الصباح الباكر جاء الشيخ رحمه الله إلى مقر الفرقة الثانية المتقدم في (جاما) وسلم عدداً من البنادق وأبدى موافقته على حماية أمن منطقة بارزان .. إلا أنه إعتذر بأنه ليست لديه السلطة لإقناع الملا مصطفى الكف عن القتال.
رابعاً. لقد كان المرحوم الشيخ أحمد البارزاني رجلاً مسناً ناهز ال80 سنة من عمره .. وقد رحبنا به وإستقبلته بإحترام يليق بمقامه كزعيم روحي وديني لعشيرة بارزان .. وقد أبرقت بذلك إلى المراجع ذات الشأن بخبر وصوله إلى مقرنا .. وإصطحبته معي بطائرة سمتية إلى كركوك ، وقد طلبت السلطات إرساله إلى بغداد .. وبعد أن ضيفت الشيخ - رحمه الله - أرسلته بصحبة المقدم محمد علي بدر آمر سرية إنضباط الفرقة مع مفرزة حماية إلى بغداد .. وأمرته أن يعتني بالشيخ ويعامله بكل إحترام والبقاء معه في بغداد حتى تأمر السلطات بعودته.
خامساً. ولغرض الإطمئنان على سلامة الشيخ -رحمه الله -إتصلت تلفونياً بالمرحوم الرئيس عبد السلام عارف وأخبرته بأنني تعهدت للشيخ أحمد باسم الحكومة وباسم الجيش أن نضمن سلامته .. وأعطيته كلام شرف بذلك .. ورجوته بأن لا أحرج إذا ما حدث للشيخ حادث ما لا سمح الله .. فوعدني الرئيس رحمه الله - قائلاً - بأنه شخصياً سيستقبله وتعهد بأنه سيعود سالماً إلى كركوك - فقدمت للرئيس شكري وإمتناني .
سادساً. وبقيت في كركوك إنتظر عودة الشيخ .. وقد عاد فعلاً إلى كركوك بعد ثلاثة أيام بصحبة المقدم محمد علي بدر ومفرزة الحماية ، فرحبت به كثيراً .. وإستفسرت منه عما إذا كان مرتاحاً خلال مقابلته للمسؤولين فأجاب بالإيجاب .
سابعاً. وبعد أن إستراح قليلاً إصطحبته معي بطائرة سمتية إلى محل سكناه في (بارزان) .. وبعد أن تناولت فنجان من الشاي في داره ودعت الشيخ وعدت إلى مقر عملي.
13. حقائق مضيئة :
أ. لقد رحبت بالشيخ أحمد البارزاني كثيراً لكبر سنه وكونه الرئيس الفعلي والزعيم الديني لعشيرة بارزان تلك العشيرة التي يتميز رجالها بالشجاعة وبالطاعة العمياء لرؤسائهم .. ولكونه قد عومل في العهود السابقة - كما علمنا - بما لا يليق بشخصيته ومكانته المرموقة ..
ب. لقد إستغرقت العمليات العسكرية في منطقة بارزان مدة خمسين يوماً وهي فترة قصيرة بالنسبة لوعورة المنطقة ولحرصي الشديد على عدم تكبيد قطعاتنا خسائر لا مبرر لها ، ولذلك لم تتجاوز خسائرنا ضابط شهيد وضابط صف جريح فقط.
ج. إن وقف القتال في منطقة بارزان ساعدنا على إعادة قطعات الفرقة إلى منطقة أربيل وكركوك لتنفيذ واجب الفرقة الذي سبق وأن قررته قيادة قوة الميدان .
عمليات فرقة المشاة الثانية 1964-1965
14. حددت قيادة قوة الميدان مهمة فرقة المشاة الثانية بما يلي:
العمل في لواء كركوك (عدى قضاء كفري) ولواء السليمانية (عدا ناحية دربندي خان) وأربيل .. والقضاء على المسلحين وأعوانهم في المنطقة المذكورة.
إجراءات قيادة الفرقة:
أ. لقد كانت المهمة التي ألقيت على عاتق الفرقة كبيرة ، وهذا يتطلب من قيادة الفرقة تحديد عدد من الواجبات يجري تنفيذها بموجب جدول أسبقيات حسب أهميتها وتأثيرها... الأمر الذي يتطلب وضع جدول أسبقية لإنجازه.
أسبقيات واجبات الفرقة:
ب. بعد دراسة المعلومات المتيسرة عن نشاط المسلحين وتوزيع قواعدهم في الألوية الثلاثة (كركوك ، السليمانية ، أربيل) ومدى خطورة تلك القواعد على المناطق الحيوية والحساسة وضعت قيادة الفرقة جدول الأسبقية التالي.
أولاً. إزاحة المسلحين من المناطق القريبة من مدينة كركوك وإبعادهم عن حقول النفط
ثانياً. الإستيلاء على قواعدهم في أغجلر- جم ريزان (لواء كركوك)
ثالثا. الإستيلاء على قواعدهم في (زيوي - وقره داغ) (لواء السليمانية).
رابعاً. الإستيلاء على قواعدهم في منطقة (سنكاو - قادر كرم)
ج. تطهير منطقة السليمانية وجبل أزمر وتطهير جوارته وبنجوين.
د. الإندفاع من هيبة سلطان إلى منطقة رانية وقلعة دزة .
إن طبيعة الواجبات التي تم تحديدها من قبل قيادة الفرقة إستناداً إلى المهمة الملقاة على عاتقها كانت تعرضيه في مجملها ، من أجل الحصول على المبادأة والتمسك بها ،
تصميم العمليات لدى العميد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري
تضمنت في الحروب غير النظامية عادةً ما تكون المبادأة بيد المسلحين إلا أنني صممت منذ أن تسلمت قيادة جحفل لواء المشاة الحادي عشر في العاصي أن تكون المبادأة بيدي ، وعندما كنت في الطائرة في طريقي إلى مقري الجديد كان تفكيري منصباً على كيفية الهجوم وليس الدفاع ، وقد تمسكت بهذا المبدأ طيلة فترة قيادتي الفرقة الثانية التي تجاوزت الخمسة سنوات.
15. العمليات العسكرية في لواء كركوك
أ. في الربع الأخير من سنة 1963 شرعنا بالعمل في منطقة كركوك والتي إستهدفنا فيها أبعاد المفارز المسلحة عن مدينة كركوك والمناطق القريبة من حقول النفط ، وقد حققنا ذلك .. كما تم لنا إبعادهم عن طرق المواصلات الحيوية التي تربط مدينة كركوك بأربيل والسليمانية والطريق العام بغداد - كركوك.
ب. وقد نفذنا عدداً من العمليات التي سيطرنا بنتيجتها على قواعدهم في كل من منطقة (شوان وأغجلر، جم ريزان ، قادر كرم .. وسنكاو والطوز-وهي القواعد الواقعة في لواء كركوك)
ج. لغرض الإختصار فسأوثق بعض المعارك المهمة فقط وبإختصار شديد.
خريطة تبين موقع زيوي والمناطق المحيطة بها
صورة جوية لنفس المنطقة
16. العمليات العسكرية في لواء السليمانية
ماهي قاعدة زيوي ، أين موقعها ، ماهي أهميتها
أ. تقع قرية زيوي التي إتخذها المسلحون قاعدة لهم في منتصف جبل بيرة مكرون الذي يعتبر من الجبال الوعرة في لواء السليمانية.
ب. لقد كان موقع هذه القاعدة يشكل خطورة على القوافل العسكرية التي تمر على طريق (بازيان - طاسلوجة - السليمانية ) وعلى طريق (سرجنار - قاشقولي - سورداش - دوكان) .. وعلى الطرق الممتدة من (مضيق أغجلر وحتى جبل بيرة مكرون).
ج. بالنظر لتلك الخطورة فقد كان لزاماً علينا مهاجمتها والسيطرة عليها.
د. يقدر عدد المسلحين الذين يعملون فيها بين 500- 600 مقاتل حسب ما ورد في تقارير الإستخبارات .. وكان قسم منهم يحتل المرتفعات المسيطرة على مدخل القاعدة كما كان قسم منهم يحتل مواضع دفاعية على جانبي مدخل القاعدة .. كما كان قسم منهم يحتل مواضع دفاعية على السفوح الغربية لجبل بيرة مكرون.
أولاً. وبناء على المعلومات أعلاه قررنا أن جحفل لواء مشاة معزز بسرية دبابات وسريتي مغاوير وعدد من الفرسان قوة كافية للإستيلاء على القاعدة المذكورة.
ثانياً. وقد أصدرنا أمراً إلى جحفل لواء المشاة 4 بعد أن وضعنا بأمرته سرية دبابات وسريتي مغاوير مع عدد من الفرسان بأن يتحرك لوائه من كركوك إلى (كرده بور) ويتحشد هناك وعليه أن ينتظر وصولنا بعد يومين من حركته إلى (كرده بور) لنقوم بعملية الإستطلاع و وضع الخطة اللازمة للسيطرة على تلك القاعدة.
إخفاق جحفل لواء المشاة الرابع بالسيطرة على (قاعدة زيوي)
ثالثاً. لقد شن آمر جحفل لواء المشاة 4 هجوماً على القاعدة بعد يوم واحد من وصوله إلى (كرده بور) ودون أن ينتظر وصولنا ، إلا أن هجومه لم ينجح لأن الهجمات المستعجلة على مواضع مستحكمة ومسيطرة وبدون إجراء إستطلاع مفصّل وبدون خطة مبنية على دراسة الأرض وردود أفعال الخصم المحتملة نادراً ما يكتب لها النجاح.
رابعاً. لقد سبب هجومه الفاشل خسائر لا مبرر لها .. فقد أصيب الملازم الأول أوس الشهابي آمر سرية مغاوير طارق بن زياد إصابة قاتلة في رأسه إستشهد بعدها بيومين .. كما إستشهد 2 من المراتب و10 جرحى من المراتب أيضاً.
17. مقر الفرقة المتقدم يتحرك إلى گرده بور
حال علمنا بما حدث تحركت مع مقري المتقدم إلى (گرده بور) والتقيت بآمر الجحفل العقيد الركن زكي حسين حلمي ، وشرح لي خطته للهجوم وإعتذر لتسرعه بالهجوم ، ولما كان الموما إليه زميلاً لي في كلية الأركان ولعلمي بأنه شجاع ومندفع صرفت النظر عن إتخاذ إجراءات صارمة بحقه وإكتفيت بلومه وتحذيره بأن لا يكرر مثل هذا الخطأ مرة أخرى ، بعد إستطلاع مفصل لمنطقة القاعدة جواً وبراً ، قررت مهاجمة القاعدة من إتجاهين وأقودها بنفسي وكما يلي:
أ. الإتجاه الأول خصصته الى جحفل لواء المشاة 5 ، واجبه التقدم من مؤخرة جبل بيرة مكرون المقابل إلى مصيف سرجنار والمقام على ذرى الجبل حتى قمة باخيان .
ب. الإتجاه الثاني خصصته الى جحفل لواء المشاة 4 واجبه الهجوم على التلال التي كانت تحيط بمدخل قاعدة زيوي.
ج. في فجر يوم 10 آيلول 1964 تمت سيطرة جحفل لواء المشاة 5 على قمة باخيان المسيطرة على القاعدة كما سيطر جحفل لواء المشاة 4 على التلال التي كانت تحيط بمدخل القاعدة ، وبذلك تم لقطعاتنا الدخول إلى قاعدة زيوي إلا أن القطعات وجدت المسلحين البيشمركة قد إنسحبوا منها.
د. شهداء وجرحى
لقد إستشهد كل من المقدم الركن محمود عزيز آمر فوج الثالث جحفل ل3 والنقيب بشير سولاقه مساعد آمر الفوج نتيجة إنفجار لغم تحت أقدامهم ، كما أصيب أيضاً في حادث إنفجار اللغم بجروح بسيطة كل من الرائد الركن عبد الحميد السراج والملازم الأول عبد الجواد ذنون والملازم محمود عبد الله مع إثنين من المراتب. كما كانت خسائرنا في الهجوم الذي شنه آمر جحفل لواء المشاة 4 على القاعدة في وقت سابق وكما أشرت اليه، ضابط واحد شهيد هو الملازم الأول أوس الشهابي آمر سرية مغاوير طارق بن زياد و4 من المراتب مع 11 جريح رحمهم المولى جميعا.
مخطط الهجوم على قاعدة زيوي في جبل بيره مكرون
18. السيطرة على مناطق متعددة في كركوك والسليمانية
بعد السيطرة على (قاعدة زيوي) في 10 آيلول 1964 وحلول موسم الشتاء تم التوقف عن مهاجمة قواعد البيشمركة إلى بداية حزيران 1965 .
وبعد معارك عنيفة إستمرت لمدة ستة أيام إبتدأت من 4 حزيران 1965 وإنتهت في يوم 9 حزيران 1965 تمكنت قطعات الفرقة من
أ. السيطرة على قواعد المسلحين في كل من ( قادر كرم - وسنكاو) في لواء كركوك .
ب. السيطرة على قواعد المسلحين في ( قره داغ - وقوبي قره داغ ) في لواء السليمانية .
خريطة تبين مواقع ( سنكاو- قرة داغ - قوبي قرة داغ)
تحقيق اللواء المتقاعد
فوزي جواد هادي البرزنجي
2004 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع