شادية: دلوعة الشاشة في عيد ميلادها الـ86

      

العربي الجديد/ حنين عمر:في الثامن من فبراير/شباط العام 1929، ولدت تلك الفنانة المختلفة في كل شيء، من أول رفضها للروتين في حياتها اليومية إلى رفضها للنمطية الكلاسيكية في أعمالها السينمائية التي جسدت فيها ببراعة تلك الشخصيات التي لا تنسى، وقدمت خلال مسيرة دامت 37 عاما أكثر من مائة عمل فنيّ، كان أغلبها علامة فارقة في تاريخ السينما.

بدأت حياة شادية السينمائية بالصدفة عام 1947، ولحسن حظها شجعها والدها منذ بداياتها كما شجّع أختها عفاف التي سبقتها لعالم الفن، فسمح لها أن تشارك في مسابقة لاختيار الوجوه الجديدة، وحازت على إعجاب المخرجين أحمد بدرخان وحلمي رفلة، وهما من غيّرا اسمها من "فاطمة" إلى "شادية"، وذلك لجمال صوتها، كما تميّزت بخفة ظلها التي كانت سبباً رئيسياً في جعلها تنحصر داخل نموذج الفتاة المدللة المغامرة التي تمتاز بالذكاء وروح الدعابة، مما جعل الوسط الفني يطلق عليها لقب "دلوعة الشاشة"، إضافة إلى لقبها الثاني "معبودة الجماهير" الذي اكتسبته لاحقا إثر قيامها ببطولة فيلم يحمل نفس الاسم مع الفنان عبد الحليم حافظ.

غنّت شادية عام 1947 في فلم "أزهار وأشواك"، لكنها ظهرت كممثلة في نفس السنة من خلال فيلم "العقل في إجازة" الذي قام ببطولته كل من محمد فوزي وليلى فوزي، ثمّ شاركت في فيلم "عدل السماء" ووضعت صورتها لأول مرّة على الأفيش.

بعد عام واحد من دخولها المجال، أصبحت شادية نجمة أولى، وقدّمت مع محمد فوزي دور البطولة في أفلام كثيرة، أولها فيلم "الروح والجسد"، لتحافظ بعد ذلك على تصدرها الواجهات طوال حياتها.

                                  

هكذا، تواصلت مسيرة شادية الفنية وتهافت أشهر المخرجين على منحها البطولات غير أن دورها في فلم "المرأة المجهولة" عام 1959، أثار جدلاً واسعاً حول موهبتها الفذة، فقد كانت في الثلاثين من عمرها فقط، وقدمت دور عجوز في السبعين خرجت من السجن لتنتقم ممن ظلمها. وهكذا برعت في الأدوار الخفيفة والصعبة في آن واحد، وقدمت بنجاح الكوميديا والدراما.

على صعيد الحياة الشخصية، أحبت شادية شابا وهي في الـ19 من عمرها، وتمت خطوبتهما، غير أنه توفي في حرب فلسطين عام 1948، كما ارتبطت شادية بقصة حب شهيرة مع موسيقار الأجيال فريد الأطرش، عقب طلاقها من "عماد حمدي" الذي كان يكبرها بأكثر من عشرين عاما، ولكن عبثية الحياة التي كان يعيشها فريد الأطرش، وحبه للسفر وميله لعدم الاستقرار، جعلا شادية تتخلى عنه لأنها كانت تبحث عن حياة مستقرة.

بعد ذلك تزوجت شادية من الفنان عزيز فتحي، وكان خبر زواجهما مفاجأة حقيقية، فقد كان زوجها أصغر منها ولم تزد فترة تعارفهما على أسبوعين، لينتهي الزواج بالطلاق أيضاً. ثم ارتبطت بالفنان صلاح ذو الفقار وكونت معه ثنائياً سينمائياً ناجحاً قبل طلاقهما عام 1969،  إلا أن أجمل ثنائي سينمائي في تاريخها كان مع الفنان كمال الشناوي الذي قدمت معه 25 فيلماً.

والجدير بالذكر أن شادية لم تترك مسيرتها الغنائية إلى جانب مسيرتها في السينما، وتركت أكثر من 1500 أغنية، حيث استطاعت أن تكون نجمة في المجالين، كما أنها لم تقدم مطلقاً أي عمل درامي تلفزيوني لكنها قدمت 10 مسلسلات إذاعية، ولم تقف على خشبة المسرح سوى مرّة واحد طوال مسيرتها، إذ قامت ببطولة مسرحية "ريّا وسكينة" التي نجحت نجاحاً أسطورياً، وبعد ذلك بعام واحد قررت شادية الاعتزال بعد إصابتها بسرطان الثدي وسفرها للعلاج، وكان آخر عمل سينمائي لها فيلم "لا تسألني من أنا" عام 1984.

غابت شادية إذن قبل أكثر من ثلاثين عاماً عن الشاشات، ولكنّها ما زالت إلى يومنا هذا اسماً لامعاً من الأسماء الكلاسيكية النادرة، وما زالت وهي تحتفل بعيد ميلادها السادس والثمانين حاضرة بكامل ضوئها في سماء النجومية والخلود وفي ذاكرة الزمن الجميل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

556 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع