مثلما بدأت السينما المصرية تاريخها في نفس توقيت السينما العالمية تقريبا، ظلت أيضا البدايات متقاربة إلى حد كبير سواء في نوعية الأفلام، أو حتى الموضوعات المتقاربة، بل والمدهش تقارب شكل النجوم والنجمات، وتركيباتهم بنفس تصنيفهم فيما يقدمونه من أفلام: الرومانسي والاجتماعي والبوليسي والكوميدي، ربما حتى نهاية الأربعينيات، حتى إنه يمكن أن يختلط الأمر على البعض إذا ما شاهد شريطا سينمائيا أميركيا أو مصريا، دون شريط الصوت، فربما لا يستطيع أن يفرق بينهما إلا إذا دقق في شكل وملامح نجوم هذه الفترة هنا وهناك.
اعتمدت بدايات السينما في اختيارها على من يطلق عليهم «نجوم شباك» سواء فتى أول، أو فتاة أولى، على عدة معايير، من بينها الموهبة، غير أنها لم تأت غالبا في المرتبة الأولى، على عكس ما يتصور البعض، حيث كانت هناك معايير أخرى، رأى القائمون على صناعة السينما في بدايتها، أنها لا تقل أهمية عن الموهبة، وربما تزيد، خاصة لدى النجوم والنجمات، من بينها المظهر العام من وسامة ورشاقة، وما يتقنه النجم أو النجمة من لغات أخرى إلى جانب العربية، بل إنه كان يمكن استثناء العربية في بعض الحالات، مثلما فعلوا مع الفنانة راقية إبراهيم، التي كانت تتحدث العربية، لكنها لا تكتبها ولا تقرأها، فكان يتم كتابة الحوار لها باللغة الفرنسية لتنطقه عربيا، أما شرط الموهبة فكان يتم التغلب عليه بكثرة التدريبات قبل الوقوف أمام الكاميرا، فضلا عن الاستعانة بعدد كبير من فناني الصفين الثاني والثالث، خاصة هؤلاء الذين يملكون ميراثا مسرحيا كبيرا، لمساندة بعض النجوم ضعيفي الموهبة، خصوصا هؤلاء الذين يتم اكتشافهم من الصالونات التي تقيمها الطبقة الارستقراطية، أو الحفلات الخاصة والعامة، وأحيانا تكون الصدفة وحدها هي التي تضع أحدهم أو إحداهن في طريق أحد المخرجين أو المنتجين الذين يبحثون عن وجوه جديدة، دون الالتفات إلى جنسياتهم أو دياناتهم، وهو ما حدث تماما مع «ليليان فيكتور ليفي كوهين»، التي ساقتها أقدارها للالتقاء بالمخرج والمنتج والفنان أحمد سالم، ليصنع منها «النجمة كاميليا» ابنة حي «الأزاريطة» أحد أشهر أحياء الإسكندرية، وأعرقها ليس فقط لموقعه الجغرافي المتميز والذي يقع في منتصف المدينة، بل لأنه أيضا من أقدم أحياء الإسكندرية حيث يظهر الفن الروماني ممتزجا باليوناني القديم، الذي ينتشر في جميع انحاء المدينة، غير أن نشأتها الحديثة تعود إلى عهد محمد علي باشا، عندما ضرب مرض الكوليرا البلد، فأنشأ بها مجلسا صحيا، إلا أنه بعد انتشار مرض «الكوليرا» بين الجاليات الأجنبية، فكر في إدخال نظام «الحجر الصحي» المعمول به في أوروبا، فجمع قناصل الدول وشكل منهم لجنة، وأصدر بعدها قرارا بإنشاء أول حجر صحي يقع بجانب الميناء الشرقي الذي ترسو به سفن الجاليات الأوروبية والأجنبية، وأطلق عليه اسم «لازاريت» Lazarette نسبة إلى أول حجر صحي تم بناؤه في جزيرة «سانت ماري دو نازاريه» بفرنسا، ثم حول سكان الحي فيما بعد الاسم إلى «الأزاريطة».
بداية ونهاية
تحول حي الأزاريطة» إلى حي «كوزموبوليتاني» كأغلب أحياء الإسكندرية، ضم بين سكانه العديد من الجاليات الأجنبية المختلفة، من اليونانيين والإيطاليين والفرنسيين، أغلبهم من أصحاب الديانة المسيحية، وقليل منهم من أصحاب الديانة اليهودية، فضلا عن عدد كبير من أهل منطقة الشام من سورية ولبنان وفلسطين، وفي هذا الحي تحديدا ولدت قصة حب بين الفتاة «أولجا لويس ابنور» مسيحية كاثوليكية مصرية من أم إيطالية، و»أفرو كوستانيو» تاجر أقطان مسيحي كاثوليكي، من أصول إيطالية، يضارب في بورصة القطن بالإسكندرية، غير أنه ما إن شاهد «أولجا» في «البنسيون» الذي تديره والدتها في «الأزاريطة» كنزل للتجار الأجانب الذين يفدون إلى الإسكندرية، حتى أعجب بها، وتبادله «أولجا» الاعجاب، الذي يتطور سريعا، ويتحول إلى حب وعشق، لم تستطع والدتها أن تمنع هذا الحب، حتى أثمرت العلاقة عن جنين بدأ يتحرك في أحشاء أولجا، ولم يكن ذلك يمثل مشكلة من أي نوع بينهما، خاصة مع وعد «أفرو» بإتمام الزواج في أقرب وقت، غير أن الرياح تأتي أحيانا بما لا تشتهي السفن، ومع اندلاع ثورة المصريين في جميع أرجاء القطر في مارس 1919، حيث راحت المظاهرات تطوف شوارع القاهرة والإسكندرية، ما أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية في مصر، لتكون بورصة القطن على رأس المؤسسات التي تدهورت أحوالها بشكل سريع، ليخسر «أفرو» كل أمواله، ما كان سببا في اصابته بحالة اكتئاب، قرر على إثرها العودة فجأة إلى إيطاليا، دون أن يخبر أولجا أو يودعها.
عاشت أولجا أياما عصيبة، لم تجف دموعها، ليس فقط على فراق «أوفر» وما سببه لها من مشكلة كبيرة، خاصة مع والدتها، لكن الأهم ذلك الجنين الذي ينمو يوما بعد يوم في أحشائها، فكانت الفرصة سانحة للصائغ اليهودي «فيكتور ليفي كوهين» الذي يعيش بشكل شبه دائم في «البنسيون» ولفت نظره جمالها الفائق، فاقترب منها، ليجفف دموعها، ويقترب منها محاولا إخراجها من أجواء الحزن والندم، فوجدت الأم الفرصة سانحة لحل مشكلة ابنتها:
= مش فاهمة تقصدي إيه ماما
- اللى اقصده واضح... ودي فرصة مش لازم تضيعيها
= أيوا ماما يعني أقوله تعالى ارتبط بيا
- من غير ما تقولى... كلامه وتصرفاته وعينيه بتقول كل حاجة
= طيب افرض أفرو رجع فجأة... أعمل إيه؟
- أولا أفرو مش هايرجع تاني... افرو قضى يومين مع بنت جميلة ورجع على بلده... وزمانه ارتبط بواحدة تانية... ومين عارف ما يمكن يكون له زوجة وأولاد في إيطاليا... وبعدين حتى لو رجع مالوش حاجة عندك... ولو حب ياخد اللي في بطنك بعد ما يتولد ياخده
= لا... اللي في بطنى ده ابني ومش ممكن افرط فيه
لم تجد أولجا أمامها سوى قبول الارتباط بالزوج الاحتياطي فيكتور ليفي كوهين، غير أنها اشترطت عليه أن تظل على ديانتها المسيحية، ويظل هو على ديانته اليهودية، فوافق على الفور دون تردد، ليتم الزواج في 23 أكتوبر 1919، وبعد ما يقرب من خمسين يوما من الزواج، وتحديدا في 13 ديسمبر 1919، وضعت أولجا حملها، وجاءت أنثى، ليس في جمال والدتها، لكنها تفوقت بمراحل، طفلة بارعة الجمال، بشرة شديدة البياض، شعر أصفر شديد الصفار، عينان عسليتان بلون قرص الشمس، وشفتان كحبتي كريز، فكان جمالها يثير دهشة كل من يرى تلك الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها عدة أيام، حتى إنها كانت موضع حسد الفتيات والنساء، ليس فقط في «البنسيون» بل في حي الأزاريطة كله، وربما في الإسكندرية بأكملها.
ابنة الإسكندرية
اختارت الجدة اسم «ليليان» لحفيدتها الجميلة، ورحبت الأم بالاسم، لكنهما وقفتا حائرتين أمام استكمال بقية الاسم، فهما تعرفان والد الطفلة «أفرو كوستانيو» والطبيعي أن تكتب الطفلة باسم والدها، غبر أن أولجا راودها هاجس أن يعود أفرو فجأة، ويطالب بحقه في ابنته، فاقترحت الجدة أن تكتب باسم الجد «لويس ابنور» غير أن فيكتور فاجأهما:
- وليه ليليان ما تنكتبش باسمى
= اسمك انت
- ايوا... إيه اسمي وحش
= لا يا حبيبي مش قصدي.. أنا بس ماكنتش عايزة أعملك مشكلة
- ولا مشكلة ولا حاجة... البنت بنتك وأنا جوزك وليليان مولودة على ايدي... يبقى إيه اللي ناقص علشان تبقى بنتي... شهادة الصحة؟ بسيطة
= صدقني مش عارفة أقولك إيه
اصطحبت أولجا وفيكتور طفلتهما ليليان إلى مكتب تسجيل المواليد، لإثبات ميلادها ونسبها، ووقفا أمام موظف التسجيل:
- ماشاء الله بنت زي القمر... اسمها إيه
= ليليان
- والمحترم يبقى والدها
= ايوا ياحضرة الأفندي... والدها
- واسم المحترم إيه... واسم الست والدتها إيه؟
= فيكتور ليفي كوهين... واولجا لويس أبنور
بدأ الموظف يكتب بيانات المولودة في السجل الذي بين يديه:
- الاسم ليليان... اسم الأب فيكتور ليفي كوهين... اسم الأم أولجا لويس أبنور... والجنسية
= مصرية
- وطبعا الديانة يهودية
= أيوا طبعا
هنا نطقت أولجا بشكل تلقائي لفت نظر الموظف وفيكتور في آن:
ـ لا الديانة مسيحية... مسيحية مصرية
- طب مصرية وعرفناها... إنما ازاي مسيحية وأبوها فيكتور ليفي كوهين؟
لم تكتف أولجا بمجرد تسجيل ليليان كمسيحية في السجلات الرسمية، وقامت بتعميدها في كنيسة «القديس يوسف» بالأزاريطة، بل حرصت أيضا على أن تغرس بداخلها تعاليم الدين المسيحي، وتصطحبها صباح كل أحد إلى الكنيسة، ما كان سببا في نشوب العديد من المشاكل بين أولجا وزوجها فيكتور ليفي كوهين، بسبب محاولاته لغرس مفاهيم وتعاليم يهودية بداخل الطفلة التي لفتت أنظار كل من حولها، حتى أن الأمر اختلط على كثيرين من المحيطين بهم، فمنهم من اعتقد أنها تدين بالمسيحية مثل والدتها، ومنهم من اعتقد أنها تدين باليهودية مثل فيكتور كوهين زوج والدتها، والذين ظنوا في الوقت نفسه أنه هو والدها الحقيقي، وزاد من تأكيد هذا الاعتقاد كتابتها باسمه، ما كان سببا مباشرا في قرار انفصال أولجا عن فيكتور.
أصرت أولجا على أن تلحق ليليان بواحدة من أفضل المدارس الإنكليزية بالإسكندرية، رغم تواضع حالتهم المادية، إلا أنها اعتبرت أن ليليان هي مشروع عمرها، فقد قررت أن تعلمها في أفضل المدارس، حيث استشعرت أن التعليم مع الجمال، سيفتح لها الأبواب المغلقة، وينتقل بهم إلى مستوى اجتماعي أفضل، معتمدة في ذلك على ما يحققه لهم البنسيون من إيراد.
طموح وأمل
أصبحت ليليان واحدة من أجمل بنات الإسكندرية، وفي الوقت نفسه أكثرهن فقراً، غير أنها تمتلك طموحا جامحا، أكبر كثيرا من عمرها ومن وضعها الاجتماعي، كفتاة فقيرة لم تنل حظا وافرا من التعليم، غير أنها تمتلك جمالا صارخا، فضلا عن «كاريزما» خاصة بها، فلم يتحدث إليها إنسان إلا وتعلق بها، ولم تضع على جسدها ثوباً إلا وظهر كما لو كان قد صنع لأجلها فقط، حتى لو كان متواضعا فقيرا، ما إن تحل بمكان، حتى يمتلئ بالحيوية والمرح، ويلتفت إليها كل من في المكان، مهما كان فيه من نساء أو فتيات، تكون هي البطلة فيه، ورغم ذلك ظل فقرها حائلا بينها وبين أن تحقق ما تصبو إليه من أحلام.
لم تكن تمتلك سوى فستانين فقط، وحذاء واحد رث المظهر، ترتدي ملابسها صباح كل يوم لتخرج تبحث، ليس فقط عن عمل، لكن عن فرصة للحياة، فإن لم يكن هناك عمل، فربما لفتت نظر أحد الأثرياء لينتشلها من الفقر الذي تعيش فيه، ترافقها في رحلاتها اليومية صديقتها المقربة راشيل موسى، تمران على مكاتب المحامين والمحاسبين، وشركات التجارة والتأمين، بحثا عن فرصة عمل، أو لعل القدر يسوق إليها صاحب شركة أو مدير مكتب ليكتشف جمالها، غير أن الرحلة اليومية تنتهي دائما بالفشل وخيبة الأمل، يزيد منها رحلة العودة مشيا على الأقدام في شوارع الإسكندرية الراقية، ومشاهدة البيوت والسيارات الفارهة، كانتا أقرب ما تكون إلى بنات الشوارع المتسكعات، ثم تقفان أمام واجهات المحلات الكبرى وتتمنى فستاناً مما تراه معلقا في الفاترينات... ليتضاعف إحساسها بالفقر والقهر، ثم تنتهي الرحلة بوجبة غداء هي وراشيل من «الذرة المشوي» على كورنيش الإسكندرية:
* ياه بصى بصي ياراشيل العربية دي أد إيه... متهيألي لو دخلت شارعنا تسده
= ولا البيه اللي نازل منها... ياروحي عليه... وعلى شياكته وجماله
* ياسلام ياراشيل لو تصبح العربية دي ملكي
= العربية بس... طب والبيه اللي راكبها ده تسيبيه لمين
* ده أسيبهولك انت... لايميني بس على العربية وشوية فلوس أجيب بهم كام فستان
= ياه... هي دي أحلامك
* أحلامي؟! يا بنتي أنا أحلامي مالهاش حدود... أنا بس بقول دول كده بشكل مؤقت... انما لو على أحلامي ما تعديش... من أول العربية الباكار والفساتين آخر موضة من باريس... لحد العيشة في قصر رأس التين... قوليلي انت بقى أحلامك إيه؟
= أنا يا حسرة... نفسي المتعوس اللى اسمه راؤول يتحرك شوية... ويتقدم بقى لبابا... تلات سنين بيحوش علشان يقدر يتقدم... وكل ما أكلمه يقوللي خلاص هانت
رغم فقر ليليان والمحيطين بها، فإن طموحاتها وأحلامها كانت تحلق بعيدا عن هذا العالم، لم تكن لترضى بأي حلول وسط من هذا العالم البسيط الذي تعيش فيه، غير أنها لم تكن تعرف الطريقة التي يمكن أن تصل بها إلى تحقيق هذه الأحلام، والعالم الذي تحلم به... غير أنها وجدت طوق نجاة قدمته إليها والدتها، عندما قررت أن تسافر إلى جزيرة قبرص، عندما علمت أن والد ليليان الحقيقي «أفرو كوستانيو» موجود هناك، فقررت أن تسافر للبحث عنه.
(البقية الحلقة المقبلة)
نبوغ وجمال
أظهرت ليليان براعة فائقة في تعليمها، فقد كان ذكاؤها أكبر من سنها بعدة مراحل، فأتقنت اللغة الإنكليزية بسرعة، ولم يتجاوز عمرها الثانية عشرة، كما تفوقت في بقية العلوم، فإذا قرأت صفحة من كتاب مرتين، حفظتها عن ظهر قلب، وهو ما سبب في شهرتها في المدرسة، إلى جانب شهرة جمالها وشقاوتها وخفة ظلها، غير أن الحياة لم تسر كما تخطط أولجا، حيث انعكس تدهور الأحوال الاقتصادية في البلاد على إيراد البنسيون، ولم يعد ما يحصلون عليه منه يكفي قوت يومهم، فاضطرت أولجا لأن تخرج ليليان من المدرسة الإنكليزية، مكتفية بالقدر الذي نالته من التعليم وإتقان اللغة الإنكليزية، وتقرر أن تستعين بها في البنسيون لخدمة النزلاء، وهو ما رفضته ليليان بشدة:
* بس أنا لازم أكمل تعليمي ماما
= أنا كمان كان نفسي انك تكملي تعليمك لكن نعمل إيه
* أنا نفسي أكون مضيفة طيران زي البنات اللي بشوف صورهم في مجلة المصور
= صدقيني يا ليليان أنا كان نفسي اكتر منك وكنت بحلم باليوم ده
* خلاص... لكن أنا مش هاشتغل في البنسيون... أنا أخدم الزباين دي؟ دا المفروض أنهم هم اللي يخدموني
= وده اليوم اللي عايشة علشانه
وافقت ليليان على مضض على أن تساعد والدتها وجدتها في أعمال البنسيون، غير أنه لم يمر عام على عمل ليليان، حتى اضطرت والدتها لأن تطلب منها أن تبتعد عن خدمة زبائن البنسيون، لا لشيء سوى أنها لاحظت أن الطفلة الصغيرة تحولت فجأة إلى شابة يافعة مكتملة الأنوثة، وأن سهاما نارية تنطلق من أعين نزلاء البنسيون تجاه جسد طفلتها، فآثرت أن تضحي بعملها على أن تحافظ على ابنتها، خاصة أن جميع نزلاء البنسيون من أبناء الطبقة الفقيرة، الجائعين للجمال والأنوثة، من غير القادرين على الإقامة في الفنادق الفاخرة، التي تمتلئ بها مدينة الإسكندرية، ويبحثون عن متعة تائهة في مثل هذه البنسيونات الفقيرة:
* يعني إيه؟... هاتحبس هنا في أوضتي في البنسيون
= أنا ماقولتش كده... لكن أنا خايفة عليك
* من إيه؟
= من عيون الناس
* هي عيونهم هاتعضني
= أكتر
* إيه الكلام ده يا مامي... المدرسة وقلتي احنا مش قد مصاريفها... وكمان شغلي في البنسيون بقى فيه مشكلة
= صدقيني يا ليليان أنا خايفة عليك... أصل انت... انت
* أنا إيه... أنا مليش حظ... هو أنا مش زي البنات اللي عايشين دول
= أحسن منهم... بس ما تستعجليش
* ما استعجلش إيه يا مامي... هو العمر فيه أد إيه
= هاهاها.. عمر إيه اللي انت بتتكلمي عنه... انت يا دوب سبعتاشر سنة ليليان
* وده سن كفاية أني أخرج للدنيا وأعيش حياتي
= خلاص أنا من بكره هادورلك على شغل... بس اللى في سنك ده ممكن تشتغل إيه؟
* طب أنا عندي فكرة صاحبتي راشيل بنت موسى الساعاتي اتعلمت تربرايتر (آلة كاتبة) ودلوقت بتشتغل في مكتب محامي كبير وبتاخد أربعة جنيه في الشهر... إيه رأيك يا مامي اتعلم تربرايتر وأكيد هالاقي شغل في مكتب أو شركة
= فكرة هايلة.. أنا موافقة
تصمت أولجا قليلا... وتفكر في الأمر... وكأنها راجعت نفسها وتذكرت ما يمكن أن يحدث لليليان بسبب جمالها وأنوثتها الواضحين، فصرخت فجأة:
= لا لا... ترابرايتر لا... لا
* حيرتيني مامي
المصدر:الجريدة
الكاتب:ماهر زهدي
829 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع