نادية لطفي
الحياة -القاهرة – هبة ياسين:هناك من يقارن بين صوت محمد عبدالوهاب الرخيم أو عذوبة شدو عبدالحليم حافظ و «غناء المرحلة» الذي يعبّر عنه سعد الصغير، مثلاً، لحناً وكلاماً، وأداءً، فيغلب الحنين إلى موسيقار الأجيال والعندليب الأسمر وأم كلثوم وأسمهان وفايزة أحمد وفيروز ووديع الصافي. وهؤلاء لا يملّون من البحث عن البهجة بالعودة إلى أعمال نجيب الريحاني وفؤاد المهندس وإسماعيل ياسين للسينما والمسرح، في ظل هيمنة «كوميديا» تتكئ على الإيحاءات المبتذلة في محاولة فاشلة لانتزاع ضحكات الجمهور.
على رغم أن أوراق شجرة الفن الوارفة تتساقط بغياب مبدعيها موتاً أو اعتزالاً أو مرضاً، أو بفعل «البراغماتية الفنية» التي أطاحت «الرومانسية الإبداعية»، لا يزال هناك فنانون يقاومون القبح ويعيشون على أصداء ما قدموه ضمن مسيرة نجوم «الزمن الجميل». من هؤلاء، نادية لطفي التي توارت عن الأنظار، وعن أعمال فنية تعتبرها رديئة، وتالياً تحت وطأة التقدم في العمر أو المرض. قالت لطفي لـ «الحياة»: «أتلقى العلاج حالياً في مستشفى المعادي العسكري نتيجة تمزق في الضلوع ومشاكل في الرئة». وأضافت بطلة فيلمي «المومياء» و «الناصر صلاح الدين»: «أنتمي إلى مرحلة شهدت ثراءً في العمل الفني واعتبرتُ الفن أمانة أؤديها لجمهوري». لطفي ليست وحدها التي ابتعدت بسبب المرض الذي نال أيضاً من شويكار (78 عاماً) التي تعرضت لحادث أصابها بكسور جعلتها طريحة الفراش. وفي لهجة لا تخلو من دلالها المعهود، تحدثت شويكار إلى «الحياة»: «ابتعدتُ عن المشهد الفني ولن أتراجع عن قرار الاعتزال. يكفيني ما قدمت من أعمال وسنوات عمري التي منحتها لجمهوري. أرغب في الراحة بصحبة أحفادي وابنتي». وبصوت يفيض بالحب والحنين لذكرى لم تنقطع عن قلبها أو عقلها، قالت: «أعيش على ذكرى فؤاد المهندس. كنت أعيش معه والآن أعيش به». وأكدت أنها تتابع فناني الجيل الحالي بقولها: «أنا معجبة بيسرا وسوسن بدر وهند صبري وغادة عادل وخالد النبوي وشريف منير، وتطربني شيرين وآمال ماهر، لكن موسيقى عمار الشريعي وعمر خيرت هي حياتي فلا يغمض جفني إلا بالاستماع إليها».
وبينما ينجذب البعض إلى أفلام عمر الشريف وفاتن حمامة بحثاً عن رقي يفتقدونه في أفلام أصبحت نسخاً مشوهة من أشرطة أميركية، فإنهم يقارنون أحمد مظهر بمحمد رمضان الذي بات صاحب «أعلى أجر» في السينما والمسرح والتلفزيون بعد سلسلة أعمال تجارية، ويشتاقون إلى الجمال الطبيعي لشادية ومريم فخر الدين المعتزلتين منذ سنوات، في زمن يسوده الجمال المصطنع. حنين إلى زمن كان ارتياد المسارح ودور العرض السينمائي فيه يقتضي ارتداء حُلَّة وربطة عنق للرجال وفساتين تحاكي أحدث الموضات للنساء. ويقول الفنان يوسف شعبان الذي شارك نجمات العصر الذهبي بطولة أعمال لافتة: «أحياناً أشعر بالندم لعملي بالفن. تدنّي العلاقات الإنسانية ينعكس على الوسط الفني وهذا يصيبني بالاشمئزاز وبالرغبة في الانزواء. لكن حبي الفن يتغلب في النهاية». يقر شعبان في حديثه لـ «الحياة» بأنه غير قادر على مقاومة الشعور بالإحباط، «في الماضي، كنا نتعايش كأسرة واحدة، تسود بيننا روح المحبة. تعاملتُ مع زملائي، لا سيما الأصغر سناً، بمنطق الأبوة. الإحباط يلازمني حالياً بتأثير المرض، فكل دور أديتُه في السينما أو المسرح أو التلفزيون وحتى في الإذاعة، أخذ من صحتي».
ووسط هؤلاء النجوم، تبرز الفنانة نبيلة عبيد، بحرصها على متابعة زملائها الذين يحاصرهم المرض: «أشعر بالمسؤولية تجاه القامات الكبيرة فهم أصحاب تاريخ من العطاء ويستحقون الحب والتقدير وأن نظل بجوارهم. يوماً ما سنكون في مثل وضعهم، لذا أحرص على متابعة أحوالهم الصحية وزيارتهم، لا سيما الفنانة مديحة يسري (95 سنة) التي أعتبرها مثل أمي».
490 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع