قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تختار ظهورها في البرامج بعناية
القاهرة: منة عصام:لقَّبها الجمهور بـ«نجمة مصر الأولى»، بعد توهجها السينمائي في ثمانينات القرن الماضي، عبر أدائها أدواراً مهمة وصعبة لا تزال حاضرة بقوة في أذهان الجماهير المصرية والعربية، لكن الفنانة المصرية الكبيرة قررت الانصراف عن الساحة الفنية لعدم وجود أدوار وسيناريوهات تناسب تاريخها الفني، وفق ما قالته في حوارها مع «الشرق الأوسط». وأوضحت عبيد أيضاً، أنها لا تمانع الظهور أمام نجوم الجيل الحالي، بشرط وجود دور يناسبها، وأوضحت أنها تختار ظهورها في البرامج التلفزيونية، وحفلات التكريم بعناية شديدة؛ حفاظاً على «تاريخها الفني». وإلى نص الحوار...
> في البداية... حدثينا عن سبب ابتعادك عن الساحة الفنية حالياً؟
- لم أجد السيناريو المناسب اللائق بي، للعودة من خلاله إلى الساحة الفنية، فأخيراً شاهدت فيلماً قصيراً عن حياتي الفنية على قناة «نايل سينما» المصرية، وشعرت بالفخر الكبير عند مشاهدتي له، وهذا التاريخ المهم الذي صنعته يحتمّ عليّ انتقاء الأعمال المناسبة لي، وعند ظهوري ضيفة شرف في مسلسل «لهفة» كان دوري عبارة عن «نجمة العرب»، حيث كانت دنيا سمير غانم تؤدي دور فتاة تحب التمثيل وجاءت لبرنامج اكتشاف المواهب كي تصير نجمة، فحتى ظهوري في هذا الدور الصغير كان في إطار مناسب لي؛ ولذلك أبحث عن سيناريو يعيدني بشكل يحبه الجمهور، ولا يجعل أحداً يقول: «إيه اللي بتعمله ده»، والحمد لله تاريخي السينمائي كله مشرف وأغلب أفلامي في ذاكرة السينما، وحتى البرامج التي أظهر بها، والتكريمات أختارها بعناية، ولا أقبل أي عرض لمجرد الظهور أو التكريم.
> معنى ذلك أن الابتعاد كان باختيارك؟
- نعم، هذا صحيح، فأنا وضعت خطة لنفسي كي لا أقلل من التاريخ الذي صنعته، فالظهور حالياً محسوب، وليس لمجرد التواجد فقط.
> قدمتِ أدواراً ناجحة كثيرة على مدار تاريخك الفني... هل هذا يُصعّب عليك عملية الاختيار؟
هذا صحيح إلى حد كبير، فمثلاً شخصية الراقصة قدمتها بأكثر من شكل ومعالجة، سواء في أفلام «الراقصة والطبال» و«الراقصة والسياسي» و«سمارة الأمير»، ويستحيل أن تجدي وجه تشابه بين الشخصيات الثلاث، وكلها أعمال لمؤلفين كبار، وعندما أختار بين سيناريوهات معروضة عليّ فإن عيني تكون صوب الشخصية وطريقة معالجتها وخلفيتها، أما في باقي أفلامي فكنت حريصة على اختيار موضوعات لكتاب كبار، أمثال نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، ومصطفى محرم، ومحمود أبو زيد، وكلهم كتاب أثروا تاريخي السينمائي، وجعلوه غنياً بالشخصيات التي أفتخر بها، ووقتها كنا كفنانين نعمل من أجل الموهبة والفن بحق؛ لأننا لم نتقاض ملايين الجنيهات، مثلما يحدث الآن، فأجورنا كانت «ملاليم» مقارنة بالآن، وصرفناها على الملابس وغيره، وكنا سعداء جداً بالأدوار الرائعة التي قدمناها ودخل أغلبها في تاريخ السينما.
لو ظهرت الآن بشكل لا يليق بتاريخي، فسوف يحاسبني الجمهور حساباً عسيراً، وحتى الظهور العادي محسوب عليّ أيضاً، فأنا ملك الجمهور، وأذكر في هذا الصدد أنني في شبابي ذات مرة شاهدت هند رستم، في محل من المحال العريقة فدخلت وراءها وتأملتها طويلاً لدرجة أنني لامست ملابسها، ولم أصدق أنني أقف أمامها، وكنت أشعر قبل هذه اللحظة بأنها إنسانة قادمة من عالم آخر لا ننتمي نحن إليه؛ فالفنان زمان كانت له هيبة ومقام كبير للغاية.
> لكن مع كل ذلك، لن تستطيعي منع نفسك من النزول إلى الشارع؟
- أنا كفنانة أحسب خطواتي جيداً لدرجة أنني أنتقي المحال والمطاعم التي أتردد عليها، وكل هذه القيم المهمة عرفناها من الأجيال السابقة لنا كفاتن حمامة وهند رستم، وماجدة.
> وما حقيقة أنك فكرت في الإنتاج السينمائي لنفسك؟
- هذا الكلام كان منذ فترة طويلة جداً، بل إنني فكّرت فيه في بداياتي الفنية، فوقتها كانت أمامي الفنانة ماجدة، وهي معروفة طبعاً أنها منتجة مهمة، وكانت بالنسبة لي مثلاً عظيماً للفنان المنتج، وكانت حرة نفسها لأنها من تختار الروايات التي تمثل فيها وتنتجها، وأذكر أنها اختارت رواية «أين عمري» وتعتبر من أعظم وأهم ما قدمت.
أما الآن، فلا أفكر مطلقاً في الإنتاج لأسباب كثيرة أولها أين سأجد الرواية والسيناريو التي أجازف وأفكر في إنتاجها لنفسي، فضلاً عن أن الإنتاج نفسه مهمة كبيرة جداً ومغامرة تحتاج إلى مجازفة، وأنصح زميلاتي ألا يقدِمن على خطوة مماثلة أبداً.
> هل توافقين على الظهور بمرافقة فنان من الجيل الحالي، سواء أحمد السقا أو كريم عبد العزيز، وغيرهما؟
- أوافق فوراً، بشرط وجود دور مناسب لي، بل أجد أن مشاركتي أنا وجيلي معهم أمر ضروري للغاية ولصالح الفن، فأنا شاهدت مسرحية «3 أيام في الساحل»، بطولة محمد هنيدي، وكنت سعيدة جداً بها، فكل الأجيال لا بد أن تترابط وتتواصل معاً في أعمال فنية، فكلنا فنانون لا بد أن يحدث تواصل وتكامل بيننا، كما أن جيل هنيدي مثلاً ظهر بالمجهود والعمل الشاق، ولم يصبحوا نجوماً من فراغ.
> وهل توافقين كذلك على تحويل أحد أفلامك السينمائية إلى مسلسل الآن مثلما حدث مع أعمال فنية أخرى؟
- لا أحب هذا إطلاقاً، ولا أحبّذه، لسبب مهم، وهو أن الفيلم قد حقق نجاحاً لدى عرضه، وترسخت عنه صورة ذهنية معينة في أذهان الجمهور بالطريقة التي قُدم بها، ولو تمت إعادته فهو أمر يعود للفنانين الذين شاركوا فيه ويتحملون مسؤوليته بالكامل.
> وما هو تقييمك لما يتم تقديمه على الساحة السينمائية حالياً؟
- كما يقول المثل «كل وقت وله آذان»، فجيلي أنا أمر، وما يقدم الآن أمر آخر مختلف تماماً، فما يتم تقديمه الآن يستهدف الجيل الحالي من الشباب، الذين بالطبع لهم أفكارهم ومعتقداتهم المختلفة عن جيلنا تماماً، وبالتالي فإن صناع السينما يخاطبون الشباب الحالي، وكل جيل يظهر له نجومه وكتابه ومؤلفوه ومخرجوه أيضاً، وفي النهاية الحياة مراحل وكل مرحلة لها ما يناسبها.
> من أكثر فنان تحبين مشاهدته من الجيل الحالي؟
- أنا لا أنظر لشخصية الممثل، لكن أنظر لما يقدمه في عمل ما، فعندما مثلاً أشاهد فيلماً لأمير كرارة، لا أحكم عليه كإنسان في حد ذاته، لكن على الشخصية التي يقدمها في العمل، وكذلك تامر حسني، وأحمد السقا، وكريم عبد العزيز.
> حياتك الشخصية دائماً محط أنظار الجمهور المصري والعربي... كيف تقيّمين ذلك؟
- الكثير من الأخبار التي تتردد عن حياتي الشخصية مجرد إشاعات، مثل الإشاعة الأخيرة حول خطوبتي من شاب يبلغ من العمر 30 عاماً، وكل ذلك كذب طبعاً، مثلما يحدث مع إشاعات الوفاة التي طالت كثيراً من الفنانين أخيراً، والكذبة تكذّب نفسها وتنتهي، وتعلمت من كل أساتذتي ألا أرد على أمور سخيفة مماثلة، لكني تعودت على مثل هذه الإشاعات التي تموت بمرور الوقت.
890 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع