سنوات صدام مذكرات بقلم المترجم الخاص سامان عبدالمجيد ـ الحلقة الخامسة

   

     سنــوات صــدام مذكرات ـ الحلقة الخامسة...

                      

عبد حمود.. ظل صدام، «أبو القلم» يشق طريقه إلى المرتبة الرابعة في قائمة المطلوبين..

                                  


كان عبد حمود، رجل الرئاسة الذي كنت على تواصل معه في غالب الأحيان، شخصاً يلفُّه غموض كثيف، فقد كان مكتب الصحافة تابعاً له، وكذلك فريق المترجمين. وقد كانت المذكرات التي نحرّرها تمرّ عن طريقه، قبل أن تصل إلى الرئيس. كان قريب صدّام هذا، البالغ من العمر أربعين عاما، والتكريتي الأصل مثله، رجله التابع المخلص الأمين. وكان عبد حمود إذا طلبنا في الهاتف لا نعرف إن كان يتحدث باسمه أو باسم صدّام، فقد كانت الثقة بينهما كاملة مطلقة.

      

فقد عاشا معاً منذ ثلاثين عاماً. وكان الرئيس العراقي يُقدّر استقامته وكتمانه وحبّه للنظام. وكان عبد حمود يدعوه «سيدي» لما في هذه الكلمة في العربية من احترام وتوقير، وقد حرص على أن يحتفظ بعلاقات طيبة مع أعضاء الأسرة بما فيهم عُدَيْ.

وقد روى لي مازن الزهاوي، مترجم الرئيس السابق عن الإنجليزية، الذي كان يعرف الرجلين حق المعرقة، أسباب إخلاص عبد حمود لصدام وتفانيه. فذات يوم، وهو في الخامسة عشرة تقريباً، لمح الشاب عبد حمود صدام بزي بدويٍّ، وهو يقود قارباً في نهر دجلة ليس بعيداً عن تكريت، فاقترب الصبي من الضفة وقال لقريبه:

- سيدي نائب الرئيس.. إنني أرغب في خدمتك كحارس شخصي.

- عليك أوّلاً بإنهاء دراستك، بعد ذلك ستجدني بانتظارك.

وعمل عبد حمود بنصيحة صدّام، فالتحق بالمدرسة العسكرية في بغداد قبل أن يبدأ حياته المهنية بالرئاسة، كعضوٍ أوّلاً ثم كقائد لوحدة المرافقّين وسكرتير خاص للرئيس صدام.

وكان الشائع عنه أنه كان يحمل شهادة في العلوم السياسية حول الاستراتيجية الإسرائيلية إزاء العالم العربي، وأنه ناقش أطروحة دكتوراه خصّصها لتحرير جزيرة الفاو من قبل الجيوش العراقية أثناء الحرب على إيران. على أي حال تلك كانت الصورة الرسمية لمسار هذا الرجل، غير أنني أتساءل أمام جهله للّغات الاجنبية ورداءة لغته العربية، إن كان لهذا الإدعاء أساس من الصحة.

الرجل الثاني

كان عبد حمود، المتزوج من قريبه مهندسة، أباً لستة أطفال أعطى لذكورهم الأربعة أسماء الخلفاء الراشدين: عمر وعلي وعثمان وأبو بكر. وكان له إخوة كان أحدهم مديراً لفندق بابل، إحدى أكبر منشآت العاصمة العراقية في الجادرية ما بين ذراعي نهر دجلة.

وكان يمتلك شقة بالقصر الجمهوري وقصراً صغيراً على ضفتي النهر - استولى عليه أحد الأحزاب الكردية بعد سقوط النظام - يقع إلى جانب قصر حلا، الابنة الصغرى لصدام، ليس بعيداً عن قصور قُصي وعُدي الباذخة. وكان يعشق الديكورات البراقة اللماعة من كورنيشات مغربية وحنفيات الحمامات الذهبية وصفائح من المرمر.

             

لقد ظل هاوي رياضة الكاراتيه هذا في خدمة الرئاسة منذ أكثر من عشرين عاماً، وقد طوّر حقاً وظيفة السكرتير الشخصي لرئيس الدولة. وقبل تعيينه عام 1991 كان يشغل هذا المنصب حامد حمادي وزير الثقافة حتى تاريخ قيام الحرب، الذي كان يدير على الخصوص بريد صدّام وأجندته.

في الإجتماعات كان عبد حمود، على عكس سلفه، يقف دائماً خلف الرئيس وكأنه حارسه الرئيسي. كان يحمل مسدساً بشكل دائم حتى برفقة صدّام، وهو الامتياز الذي يتقاسمه مع قصي الذي كان يخفي مسدساً تحت سترته. وكثيراً ما كنت أقول لنفسي إنهما الوحيدان القادران على إبطال مفعول صدّام لفرط اقترابهما منه.

                                                                       

في داخل الديوان كانت العلاقات الشخصية مع الرئيس أهم من العلاقات التي يحكمها السلّم الإداري. فمن وجهة نظر إدارية، كان عبد حمود يحتل مرتبة أدنى من رتبة أحمد حسين، لكن عملياً كان يمثل، إن صحّ القول، الرقم الثاني في النظام، وهو وصف في غير موضعه طالما لم يكن ثمة رقم ثانٍ حقاً.

وقد كان هذا الوضع مصدراً لتنافس خفي ما بين الرجلين، لكنّ هذا التنافس لم يؤدّ قط إلى أي صراع مفتوح، لأنّ كلاً من الرجلين كان يدرك أن الرئيس لم يكن يحب التدخل في هذا النوع من الخلافات ما بين مرؤوسيه.

كان عبد حمود مفتاح الوصول إلى الرئيس. فقد كان الوزراء يهابونه وعلى شبه استعداد لإطاعة أوامره. فالفريق عبد، أو الجنرال عبد، طالما أن تلك كانت رتبته في الجيش، لم يكن يتردّد في مخالفتهم الرأي..

                   

فبمناسبة احدى الزيارات لأحد القصور الرئاسية التي دعاني إليها عام 1998، لم يتردّد في توجيه إنذار لوزير البترول، الفريق عامر رشيد، الذي كان يريد أن يحلّ محلّي في ترجمة محادثاتنا مع مفتشي نزع السلاح التابعين للأمم المتحدة، ولم يذهب عبد حمود إلى هناك إلا ليكون عين صدام على ما يجري من محادثات.

فصدام كان يعرف على هذا النحو أن المعلومات، كل المعلومات، ستعود إليه بشكل مباشر في فترة حاسمة من العلاقات ما بين العراق ومنظمة الأمم المتحدة. فقد كان الرئيس يحترس من رفاق الطريق الآخرين الذين لم يكن معظمهم من عشيرة التكريتيين.

وفي أثناء زيارة أحد القصور الرئاسية، قال عبد حمود لشارل ديولفر، أحد المستشارين الرئيسيين في نزع السلاح في الأمم المتحدة:

- انني بمثابة مستشار للأمن القومي لدى الرئيس العراقي.

وفي المروحية التي كان يقودها ما بين تكريت والموصل شبّه عبد نفسه ب(زيغنيو بريجنسكي) المستشار السابق للأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر، وقد أضاف قائلاً:

- إذا كان لديك ما تريد قوله يمكنك مناقشته معي.

كانت الرسالة واضحة: فقد كان الوسيط المباشر والوفي لصدّام. فشارل ديولفر، كما نعّرف، كان ينتمي لمصالح الاستخبارات الأميركية (سي. أي. إي)، لكنه رفض المساعدة التي عرضها عليه عبد حمود.

وعلى مدى الوقت الذي استغرقه تفتيش القصور الرئاسية، ظل الفريق عبد حمود يبدو واثقاً بنفسه. هل كانت الأسلحة المحظورة مطموسة الأثر إلى الحدّ الذي تعذّر معه العثور عليها؟ أم إنه كان ببساطة يعرف أن العراق لا يملك تلك الأسلحة؟ على أي حالٍ كانت القضية بالنسبة إليه قضية مفروغاً منها، بل وكان يمزح مع ديولفر - فقد كان رجلاً مزّاحاً - أثناء فترات الاستراحة.

- هل تعتقد حقاً أنكم ستعثرون على أسلحة محظورة بهذا الأسلوب، هل وجدتم أسلحة في القصور الأخرى؟

لكنّ ديولفر كان يكتفي بالقول:

- سوف نرى.

لم يكن الحوار بينهما يذهب بعيداً إلاّ عندما يتحدثان في الرياضة.

- إنني ألعب كرة المضرب! يقول عبد حمود متفاخراً، فيرد عليه ديولفر:

- أما أنا فإنني ألعب الكاراتيه.

- يا لها من فرصةٍ مناسبة؟ أنا مثلك لاعب كاراتيه جيد! هل تريد أن نبدأ المباراة في الحال؟

وبينما كانا يحلّقان في أجواء العراق على متن المروحية، وبينما كان ديولفر يمدح قدراته في القيادة أجاب حمود:

- ومع ذلك، فأنا لم أَقُدْ منذ العام 1990، لكن كنّ مطمئناً!

كان عبد حمود يهتم بكل شيء، بشؤون الرئيس الشخصية، وباستبدال أجهزة الكمبيوتر القديمة، فكثيراً ما كان صدّام يقول:

- راجعْ الأمر مع عبد حمود!

«أبو القلم»

كان عبد حمود يدوّن الأوامر التي يصدرها صدّام أثناء مقابلاته- منح التأشيرات ، الهبات المالية... الخ. ومن هنا لقّب عبد ب«أبو القلم». وقد كان الرجلان يتحادثان بصراحة، فحين كنت أسمعهما وهما يتناقشان، كان حديثهما يجري هادئاً مرتخياً في معظم الأحيان، فكان من الواضح أنّ صدّام كان يهتم بآرائه.

كان عبد حمود يعمل أربع عشرة ساعة في اليوم على الأقل، فقد كان حجم بريده هائلاً. وفي المساء كثيراً ما كان يحمل معه حقيبة مليئة بالملفات ليشتغل عليها في البيت. كان شاربه الكثيف، الذي يقطع وجهه، يمنحه مظهراً من القساوة والعبوس. لم يكن يحتمل أي خطأ من الأخطاء، فقد كان يغضب أيّما غضب لمجرد رسالة لم توضع في مكانها الصحيح. كان شديد الانضباط وحريصاً على أن يحذو معاونوه هذا الحذو، ولم يكن يتردّد في أن يفصل في الحال الكسلاء أو من ليس لهم كفاءة في إدارة العمل.

                 

وقد جعلته خبرته الماضية، كحارس سابق، مرهف الحسّ لأي خطر، فقد كان على أهبة الإستعداد لأن يموت من أجل رئيسه. يذكّرني هذا بالزيارة التي قام بها لبغداد حسن جوليد رئيس جيبوتي عام 1988، فعند وصوله دعاه صدّام للقيام بجولة في العاصمة. وقد ركب صدّام وضيفه السيارة على الرغم من البروتوكول الذي لم يكن يتوقع تلك المبادرة الرئاسية.

كنت أجلس في المقعد الخلفي لمرسيدس صدّام إلى جانب عبد حمود، وما إن خرجنا من المسار المؤمَّن حتى أخرج مسدسه من حزامه، وظل إصبعه على الزناد، متوارياً وراء زجاج السيارة الملوّن أثناء تجوالنا في حي الكرادة. في تلك الفترة كان صدّام يسعه أن يتجول في العاصمة، ولكنه لم يكن ليجرؤ على مثل تلك الجولة بعد الحرب على الكويت.

كان عبد حمود يدعوني بـ «الدكتور سمان»، وظني أنه كان يقدّرني أحسن التقدير. فقد كنت ألجأ إليه أحياناً لكي ألتمس مساعدته في تحسين أوضاعي المهنية اليومية، فهو الذي قبل بأن أعمل بنصف دوام على مدى ثلاثة أعوام ما بين 1994 و1997، حتى يتسنى لي متابعة الدراسة، فقد استأنفت دروسي سعياً لإنهاء الدكتوراه في علم اللغة والترجمة.

كنت أحدث نفسي بأن عملي في الرئاسة قد لا يدوم إلى ما لا نهاية، ولذلك فمن الأفضل لي أن أُؤمِّن خلفياتي تحسباً للمستقبل، وقد كانت وظيفته كسكرتير شخصي للرئيس تسمح له بأن يعالج أكثر الأوضاع إرباكاً وتعقيداً. وفي يوم امتحاني الأخير تلقيت في حدود الساعة الثامنة صباحاً.

وفي اللحظة التي كنت أتأهب لمغادرة البيت مكالمة من الرئاسة، فقد كان الرئيس في حاجة إلى مترجم. ومن حسن الحظ أنه كان مستعجلاً في ذلك اليوم، فلم يدم الانتظار قبل المقابلة طويلاً حيث انتهى كل شيء في حدود العاشرة والنصف، وما لبثت أن عدت للتو إلى عبد حمود وشرحت له الوضعية. قلت له:

- لا يزال أمامي الوقت لاجراء الامتحان، لكن مبدئياً لا يُسمح بالتأخر عن الموعد، فردّ عليّ قائلاً:

- لا تحمل همّاً، سنحلّ هذه المشكلة.

واتصل أحد معاونينا بمركز الامتحانات لكي يخبر المسؤولين بأن غيابي كان بطلب من الرئيس شخصياً، وعند وصولي إلى الجامعة وجدتهم في انتظاري عند باب القاعة، وقد أمكنني أن أنهي الامتحان في حينه.

             

رابع المطلوبين

تُرى من كان يعرف عبد حمود في الخارج؟ فعلياً لا أحد كان يعرفه على الإطلاق ، ومع ذلك فالأميركيون لم يخطئوا التقدير حول سعة سلطته وحجمها، فقد وضعوه في الرتبة الرابعة على قائمة الشخصيات الخمسة والخمسين المطلوبين على الخصوص بعد سقوط النظام، فقد كان عبد حمود ينسّق بالفعل مع قصيّ شؤون الأمن الخاص بصدام، فهما وحدهما اللذان كانا يعرفان على الدّوام كيف وأين يتصلان به.

لقد ألقي عليه القبض في السابع عشر من يونيو 2003 بالقرب من تكريت، غير أنني أشك في أن يكون قد أذاع أسراراً مهمة. فعلى عكس ما كان ينتظره الأميركيون فلم يتح لهم القبض عليه القبض على صدّام، فقد كان يعرف أسرار النظام قبل الحرب وبعض مخابئ الرئيس الهارب، ولكنّ وفاءه لعشيرته حال دون إفشائه لأي سرّ.

كان باقي رجال الرئاسة الرئيسيون يعملون إمّا في الظل وإمّا بعيداً عن عبد حمود، فقد كان أحمد حسين، الذي كان رئيساً للديوان منذ منتصف التسعينات، تحت إمرة الفريق، وكان صدّام يثمّن مواصفاته في التسيير، فقد كان لفترة طويلة وزيره للمالية.

أما نحن الموظفون، فقد كان تقديرنا له أقل من ذلك بكثير، إذ كان أحمد حسين الآتي من بلدة قرب تكريت، رجلاً وسيماً معروفاً بصرامته وبتقشفه المالي، فقد كان يُدير الديوان كما يُدير عطارٌ حريص على مصالحه دكانه، وكثيراً ما كان يُعطل الطلبات من أجل تحسين سير هذا المكتب أو ذاك من المكاتب. وأكثر من ذلك، فحتى الزيادات في الأجور، على الرغم من اعتماد الرئيس لها، كانت تظل على مكتبه لأسابيع كاملة قبل دخولها حيّز التطبيق.

مثال آخر: كانت سيارات مصلحتنا قديمة، لكن أحمد حسين كان يعترض مبدئياً على احلال سيارات جديدة محلها. كنا مع ذلك نعرف أن الرئاسة تمتلك مرآباً كبيراً مليئاً بالسيارات الجديدة التي دخلت العراق عن طريق التهريب. ففي قرار الأمم المتحدة المسمى ب»النفط مقابل الغذاء« لا شيء كان مرصوداً لمصالح صدّام، فهذه المصالح لم يكن حق لها الاستفادة من أي إيراد من مبيعات النفط العراقي لشراء تجهيزاتها.

كانت الاستثمارات تذهب أولاً لوزارات الصحة والنقل والتربية، لكنّ صدّام كان يتدبّر أمره في الاحتيال على المحظورات، فغرف من مخزونات بيجو 406 وتويوتا والبيكاب المخصصة لوزارة التجارة. فنحن لدينا اذن ألوف السيارات الجديدة القابعة في الكاراجات، لكن أحمد حسين يرفض السماح لنا باستعمالها. فقبل الحرب كلّ هذه السيارات نقلت إلى مطار المثنى القديم في بغداد، ليس بعيداً عن المخابئ الأرضية التي أخفيت فيها بعض طائرات الجيش، وقد تعرضت هذه الطائرات للقصف واستحالت السيارات الجديدة إلى رماد.

في الديوان كانت بعض النساء يرتدين ملابس على الطريقة الأوروبية. وقد طالب أحمد حسين بأن تقوم لجنة خاصة بتحديد الطول المسموح به للفساتين، فقيل له إنّ الأمر مستحيل، إذ لم يكن يُعقل أن يقيس أحدهم بالمسطرة كل صباح فساتين الموظفات في الديوان! فتراجع أحمد حسين عن فكرته، لكنه على الرغم من ذلك نشر مذكرة تدعو النساء إلى «ارتداء ملابس محتشمة». فلم يكن يرغب في إغاظة الرئيس في أي شيء من الأشياء ولا أن يثير أي ردّ فعل من قبله، فقد كان شديد الحذر.

كان أحمد حسين يسكن في مجمع الوزراء بالقرب من حي المنصور، وهو مجمع مسوَّر يضم نحو مئة من البيوت الفاخرة للمسؤولين الكبار في العراق. وقد انتقل هذا المكان إلى ايدي أحد الأحزاب الكردية منذ سقوط بغداد. كان أحمد حسين رجلاً نظيف اليد، ولم يتعرض للأسر من قبل الأميركيين.

رجال الرئاسة الأقوياء

كان روكان الرزوقي رجلاً آخر من رجال الرئاسة الأقوياء، وكان يُدير بكثير من الرصانة والسرية مكتب العشائر الذي أنشأه صدام، الذي حرص على أن يكون قريباً من العشائر بعد هزيمة العام 1991. كان هذا المسؤول السابق عن وحدة المحاربين، وهم الحرس المقرب من الرئيس، يُنظّم لقاءات مستمرة مع رؤساء العشائر، وقد كان تعاونهم ضروريّاً للحفاظ على الأمن في البلاد.

وكان روكان يُدير القضايا الحسّاسة التي يطرحها هؤلاء الشيوخ من ذوي الشهامة. وفي العراق الكثير من هؤلاء الشيوخ لكن لا تشهد أيّ وثيقة على صفتهم. لذلك كان لا بد من التدقيق في ملفات كل واحد منهم أو السهر على أن تكون كل مقابلة متلفزة لرئيس من رؤساء العشائر متبوعة في اليوم التالي بمقابلة أخرى.

وكانت تلك فرصةً أيضاً لمكافأة أكثرهم وداعةً، ممّن يقبلون طواعية لعبة تقاسم السلطة مع نظامٍ كان في أمس الحاجة لاستعادة أنفاسه، فقد كان روكان نفسه سليل عشيرة صدام، لكن فرعه، وهو فرع الغفور، كان من فرع صهريه حسين وصدّام كامل. أما أخوه، وهو نقيب في الجيش، فقد قُتل في المواجهة التي جرت وفقاً للعادة البدوية بين الخائنين وبين عشيرتهم الأصلية.

وبعد إصابته الدماغية التي عالجها في باريس، لم يتماثل روكان للشفاء تماثلاً كاملاً. وقد لجأ أثناء الحرب إلى الرّمادي، على بعد مسافة مئة كيلومتر شمالي بغداد عند صديق قوي وهو رجل أعمال من كوكبة صدّام، وكان ينزل بفندق «ريتر» في باريس حين كان يذهب إليها لإبرام العقود، ويقال إنه مات تحت القصف. وقد كانت نهايته صورة للمصير المأساوي الذي لقيه البعض من المقربين من صدّام.
للراغبين الأطلاع على الحلقة الرابعة:

http://algardenia.com/fereboaliraq/9011-2014-02-20-20-57-02.html

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1026 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع