شخصيات عراقية ..عميد المجمع الطبي طبيب العيون جلال محمد توفيق غانم
بقلم:خالد العزاوي
ولدَ في محلة سيد عبد الله ـ الفضل ـ جانب الرصافة ـ بغداد عام 1892م، ينتمي للبو عواد/ البو باز, أكمل دراسته في المدرسة الرشدية وتخرج منها وذهب على البغال راكبا إلى بيروت في لبنان واستمر سفره أربعين يوما ثم من بيروت ذهب بالباخرة حتى اسطنبول واستغرقت سفرته من بغداد حتى اسطنبول ثلاثة وأربعين يوما دخل لتعلم الطب في مستشفى حيدر باشا وتخرج منها عام 1914م، اشتغل فترة طبيبا في سكك الحديد في الأناضول ثم اشترك في الحرب العالمية الأولى ضابطا طبيبا في جبهة الحرب في القفقاس.
وكانَ يذكر الكوزاك وكيف كانوا يهاجمون الجيش التركي مسلحين بالطبر ويركبون عربات تجرها الخيول أو غير ذلك وكانوا يضربون الجندي التركي بالطبر وبسرعة وكان على الحدود مع الجيش الروسي حين انسحب الجيش بعد ثورة اكتوبر1917م إلى داخل روسيا, بعد انتهاء الحرب ذهب عبر جورجيا ومن هناك إلى أوربا ثم وصل أخيرا إلى فرنسا حيث أكمل دراسة الطب كتخصصي جراحة طب العيون حيث بقي سبع سنوات في الدراسة بجامعة بوردو عاد إلى بغداد عام 1924م وتعين طبيبا في كربلاء وكانت كل من النجف والحلة تتبع خدماته الطبية وكان يذهب على الخيل وعلى ضوء الفانوس يعمل في كل اختصاصات الطب حيث كان الطبيب الوحيد في تلك المنطقة وفي احد الأيام جاءه أشخاص بان لديهم شخصا مريضا جدا والمسافة شمرة عصا عن كربلاء فأخذوه على الخيل مسافة استغرقت عشر ساعات حتى وصل إلى مضارب عنزة جنوب كربلاء حيث وجد عند الشيخ محروث الهذال التهاب في الزائدة الدودية وكانت حرارته مرتفعة فعمل له العملية على ضوء الفانوس ولم يسمحوا له بالرجوع إلا بعد إن اطمأنوا على صحة الشيخ ثاني يوم العملية وتركوه وقد توطدت العلاقة مع هذا الشيخ حيث أطلق الدكتور جلال اسم هذال على ولده الثالث عاد إلى بغداد ليعمل في المستشفى المجيدي حيث أصبح مساعد طبيب انكليزي في قسم العيون ثم أصبح هو مسؤولا عن هذا القسم وفي عام 1932م عمل أستاذا في الكلية الطبية وبقي فيها حتى عام 1956م ومن مؤسسي جمعية حماية الأطفال عمل عميدا للمجمع الطبي الذي كان يتكون من الكلية الطبية وطب الأسنان والصيدلة ومدرسة الممرضات وقد مد عقد استخدامه لمدة سنتين بعد التقاعد حتى قبل ثورة 14 تموز 1958م وبقي يعمل في عيادته الخارجية حتى عام 19/8/1967م.
عمل في المجال القومي والوطني حيث اشترك مع أعضاء الجمعيات العربية السرية في اسطنبول حينما كان طالبا فيها ثم اشترك في نادي المثنى كعضو فيه وقد وضعه بكر صدقي في قائمة الاغتيالات التي كان ينوي عملها. وقد وصفه الدكتور كمال السامرائي في مذكراته (مذكرات كمال السامرائي / ج1) وهذا الرجل الطيب ذو صفات حميدة متميزة تدفعني إن استذكره كأحد أساتذة كلية الطب وهو البغدادي من عشيرة العزة العربية وحين يوقع في مكاتباته يكتب تحت توقيعه اسمه الكامل جلال الدين ال العزاوي وهو يتصرف دائما بنبرة بغدادية عشائرية دون تعصب حسن الهيئة والقيافة وذو بدن ضخم ووجه ابيض تطوف عليه حمرة خفيفة وكانت محاضراته السريرية ممتعة وخصوصا مع المريضات الفقيرات وهن يحملن على أيديهن صغارهن المصابين برمد العيون فإذا يراها قد تأخرت في عرض ابنها على أطباء المستشفى يلعنها ويلعن أباها وعشيرتها على انه كان عطوفا على هذه الطبقة من المرضى ويطيل التحدث اليهن بالإرشادات والنصائح والتعليمات في طريقة استعمال الأدوية كما كان لا ينسى شراء بعض الأقمشة الرخيصة أيام العيد ليوزعها على الفقراء ممن يراجعون العيادة الخارجية في المستشفى الملكي، وكان من محبي المقالب مع أصدقائه مرحا اجتماعيا وذا أصحاب كثيرين كان يحب الطرب ويأنس للمطربين.
1293 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع