الشلغم المطبوخ طاقة حرارية لا يستغنى عنها فـي السليمانية

   

السليمانية / سركار يوسف:لا يفوّت شرطي المرور (بشدار عمر) يوماّ واحداّ اثناء أداء واجبه في شوارع مدينة السليمانية دون ان يتناول الشلغم المسلوق المحلّى بالدبس أيام الشتاء الباردة هذه والذي تقدمه عربات الباعة المتجولين المنتشرة هنا وهناك وخاصة في شارع مولوي وسط المدينة ، وفي الوقت الذي يؤكد فيه الاطباء الاخصائيون أهمية وفائدة الاكلات الشعبية التي تباع في المدن العراقية خلال فصل الشتاء ، يطالب مهتمون وباحثون ضرورة الحفاظ على هذه الموروثات الشعبية والتراثية وتوفير كل مستلزمات بقائها بعد ان انقرض بعضها.

ويتجمع العديد من المواطنين على عربات الاكلات الشعبية الساخنة في شوارع السليمانية المعروفة بمناخها البارد هذه الايام وهي أطعمة خفيفة ولذيذة تدفئ الجسم من برد الشتاء كما انها متوارثة منذ عشرات السنين كالشغلم المحلّى بالدبس والباقلاء والحمص ( اللبلبي ) ، في شارع مولوي وقرب جامع السليمانية الكبير اصطفت العربات التي تقدم هذه الاكلات ومنها الشلغم المسلوق تتصاعد منه الابخرة وتفوح رائحته الطيبة التي تجذب الزبائن وعابري الطريق الذين اعتادوا تناوله بعد ان ذاقو طعمه اللذيذ ، ويقول شرطي المرور بشدار عمر اعتدت تناول طبقاً من الشلغم يوميا اثناء العمل لأنه يبعث الحرارة في جسمي ويساعدني على تحمّل البرد والوقوف لساعات في الشارع فضلا عن كونه شهياً كما ان العديد من زملائي يتناولون هذه الاكلة الشعبية المحببة اضافة الى الاكلات الاخرى التي تباع على العربات المتجولة لكن عندي ملاحظة اوجهها حول اماكن توقف عربات الباعة المتجولين واصحاب البسطيات خاصة في ساعات ما بعد الظهر اذ تتجمع الواحدة قرب الاخرى في الشارع وعلى الارصفة ما يسبب الازدحامات والإرباك احيانا في انسيابية سير المركبات والسابلة لذا نتمنى منهم الالتزام بالتعليمات وعدم الوقوف في مناطق وأماكن غير مناسبة وتتسبب في حدوث ازدحامات وتعطيل للسير . اما صاحب محل بيع الألبسة الرجالية ( شيروان كامل ) فقد قال محلي قريبة من السوق في شارع مولوي واثناء فترات الاستراحة اليومية نذهب انا وجيراني من اصحاب المحال لتناول هذه الاطعمة الخفيفة خاصة وانها مفيدة للجسم وتحصنه من امراض الشتاء فضلا عن اسعار بيعها الزهيدة اذ لا يتجاوز سعر الطبق الصغير منه ( طبق استكان الشاي ) 500 دينار فقط ، غير ان ما يقلقني احيانا هو عدم امتلاك هؤلاء الباعة لإجازات صحية للعمل رغم نظافة وجودة بضاعتهم المقدمة الا ان الوقاية من الامراض والتزام الشروط الصحية ضرورية وتستوجب من الدوائر والجهات الحكومية إلزام هؤلاء باستحصال اجازات اصولية لممارسة المهنة سواء من الدوائر الصحية او البلدية او السياحية وغيرها خاصة وان السليمانية مدينة سياحية يقصدها السياح والزوار من داخل وخارج العراق . ولا يقتصر تقديم الاكلات الشتائية السريعة على الباعة المتجولين فقط في السليمانية وانما تتخصص مطاعم واكشاك بذلك في مناطق متفرقة من المدينة الا ان للعربات المتجولة ميزة خاصة فبعضها مزين بورود اصطناعية وبالونات ملونة وانارة وفرش سطحها بنايلون سميك ملون ، واخر يطلق اغاني وموسيقى تجذب الزبائن لتناول المأكولات على صوت هذه الانغام ، ( شامال رفيق ) صاحب عربة لبيع الشلغم المسلوق في شارع مولوي تتحرك اصابعه بمهارة كبيرة فيقطع حبات الشلغم الى قطع صغيرة ويقدمها للزبائن بعد ان يسحبها من القدر الكبير المثبت في العربة والذي تشتعل النار تحته لضمان سخونة الشلغم الذي تصطف بعضا من روؤسه على اعواد وبشكل دائري حول القدر بمنظر يزيد من شهية الزبون ، تمكنا من اخذه بعض الوقت من زبائنه الذين يتجمعون حول عربته حال وصولها لمكانها المعتاد يوميا ، يقول شامال عندي زبائن دائميين يتنالون الشلغم المحلى يوميا كما ان بعضهم يأخذه ( سفري ) بأكياس نايلون الى عائلته في المنزل يشجعهم على ذلك طعمه اللذيذ ونظافة اعداده فضلا عن اسعاره المناسبة وانا اقوم يوميا باعداد الشلغم وطبخه بعد شراء حباته من السوق واختار النوعيات الجيدة الطازجة وبعد تنظيفها وغسلها جيدا من الرمل العالق بها ثم نضعها في قدر كبير ونطبخها على النار بشكل متوسط ونضيف عليها الدبس او التمر للتحلية ولتخفيف مرارة الشلغم ثم نضع الشلغم بعد ذلك في القدر المخصص له على العربة وتحته نار موقد نفط هادئة حتى يكتمل نضوجه ويقدم ساخن ومقطع بقطع صغيرة للزبائن بأطباق زجاجية كاطباق الشاي الصغير مع شوكة الى جانب زجاجة الدبس او زجاجة ملح لان بعض الزبائن يحبه محلى واخر مملح خاصة وان اضافة الدبس او التمر عليه أول مرة عند الطهي لا يكسبه حلاوة بقدر ما يخلصه من مذاقه المر فقط لاسيما اذا لم تتعرض حبات الشلغم في الحقل الى حبات المطر ، مضيفا نحن لا نتمكن من الوقوف والبيع في الشوارع خلال فترة الدوام الرسمي منذ الساعة الثامنة صباحا وحتى الثانية بعد الظهر لمنع البلدية ذلك تجنبا لحدوث ازدحامات في الشوارع لذا نتمنى ان يسمحوا لنا بذلك بحيث نجد اماكن خاصة تقف فيها العربات دون ان تؤثر على حركة الشارع ، وايضا نطالب بمنحنا تراخيص واجازات رسمية من مختلف الدوائر الحكومية ذات العلاقة وخاصة من الصحة والبلدية والسياحة لممارسة هذه المهنة بشكل اصولي ورسمي حسب قوله .
وللشغلم فوائد صحية عديدة يستفاد منها جسم الانسان خاصة اذا تناوله مسلوقا بعد تنظيفه واعداده بشكل جيد لأنه غني بمواد وعناصر الكالسيوم والفسفور والبوتاس والمغنيز والكبريت واليود كما يقول الطبيب الاخصائي ( علي احمد ) مضيفا بالقول ، من اهم هذه الفوائد انه يجدد نشاط الانسان بتنشيط الدورة الدموية ويلين ويفتت الحصى يعالج ضعف البصر وهو مهدئ للسعال والنزلات الصدرية وامراض البرد ويسهل الهضم وينصح المصابين بالبدانه بتناوله لأنه عامل مساعد في تخفيف الوزن الزائد حسب قوله .
وتعد هذه الاكلات من الموروثات الشعبية التي تهتم الدول بالمحافظة على بقائها واستمرارها لانها ارث تراثي وحضاري واجتماعي لذاكرة المدن وتاريخها ، ويقول الباحث الاجتماعي ( انور طه ) على الجهات المعنية العمل على المحافظة على هذا الارث وتوفير كافة مستلزمات بقائه قبل انقراض بعض هذه الاكلات بفعل التطور وايقاع الحياة السريع فضلا عن قلّة الاهتمام وعلينا حذو ما يحدث في دول العام الاخرى وخاصة المتقدمة منها التي تضم متاحف تعرض المهن والعادات والاكلات الشعبية لتلك البلاد لتوثيقها والحفاظ عليها ، فضلا عن دعم وتوفير احتياجات المطاعم التي تقدمها في الشوارع بدل اهمالها وانقراضها تباعا لذلك حسب قوله .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

709 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع