بطل أولمبي عراقي.. من حلم الشهرة الى كشك البقالة

    

بغداد - ا ف ب:لوهلة، ظن العراقي احمد نعاس ان حياته ستتغير الى الافضل، وان المصاعب التي يواجهها يوميا ستنتهي لمجرد فوزه بالميدالية الفضية في احدى مسابقات الالعاب الاولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة.

حلم أحمد بالشهرة في بلاده التي تمزقها الحروب والاضطرابات منذ عقود، وبان تامين مستقبل عائلته اصبح في متناول اليد بعدما ظن انه سيتحول لدى عودته الى منزله الى بطل قومي.
ويقول احمد (20 عاما) في بلدته البطحاء الواقعة في جنوب محافظة ذي قار جنوب العراق "اعتقدت انني ساكون ملك الرياضة في العراق، وظننت انني سوف اعيش كالملك، واكون رمزا للعراق".
ويستدرك "لكنني وجدت الحياة القديمة ذاتها. لم يتغير شيء".
ورغم مجموع الجوائز المالية التي حصل عليها من مصادر حكومية مختلفة وبلغت 33 الف دولار استخدمها لشراء ارض سكنية في البطحاء، وجد احمد نفسه مرغما على العودة للعمل في كشك بقالة، وللتدرب في الظروف الشاقة ذاتها، والعيش مع عائلته الكبيرة.
وحقق نعاس الذي يعاني من قصر القامة، في استاد الالعاب الاولمبية في لندن، رقما قياسيا عالميا في مسابقة رمي الرمح هو 43,27 مترا، قبل ان يهزم على ايدي الصيني وانغ زيمينغ، ليفوز رغم ذلك بالميدالية الفضية.
ويذكر ان هذا الانجاز تحقق رغم ان احمد باشر تمرينه بدوام كامل مطلع السنة الحالية، علما انه توقف بصورة كاملة عن التدرب في العام 2009 عندما اخبره احد مدربيه انه غير لائق جسديا للمنافسة.
وبعد عروض قوية في وقت سابق من العام الحالي في منافسات محلية، تمكن من اقناع الفريق الوطني باشراكه في معسكر تدريبي في شمال العراق وثم تركيا.
وتمثل ميدالية احمد انجازا نادرا للعراق في دورات الالعاب الاولمبية واولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفاز العراق ببرونزية واحدة على مدى عقود من مشاركته في الاولمبياد، وحاز على ما مجموعه 8 ميداليات في دورة الالعاب الاولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة، بينها فضيتان وبروزنية في لندن أخيرا.
وبعد عودته الى الديار فائزا بميداليته، لمس تغييرا طفيفا في حياته اليومية، لكنه لا يزال يعيش مع والده واشقائه السبعة في منزل مؤلف من طابق واحد.
وبقي نعاس يعمل في كشك بيع الخضار 5 ايام في الاسبوع لمدة 5 ساعات في اليوم، يكسب خلالها ما بين 15 الى 25 دولارا يقسمها بينه وبين ثلاثة من اشقائه.
ويقول احمد "اجد صعوبة في التعامل مع هذا الواقع، فبعد كل انجازاتي علي ان اعود الى عملي القديم".
ويضيف "كنت فخورا بنفسي الى درجة شعرت اني استحق شيئا اكثر من العودة الى العمل ذاته".
ويتبع احمد نظاما تدريبيا بدائيا جدا يقوم على ايام متناوبة من التدريبات التي يجريها على سطح منزل عائلته مستخدما كرة صغيرة اهداها له احد المدربين وعصا حديدية وضع على جانبيها صفيحتين من الباطون.
ولا يدرك نعاس وزن الصفيحتين، لكنه يقوم بتمارين رفع الاثقال هذه قبل محاولة رمي الكرة فوق السطح الذي يفترشه الغبار واطباق الاقمار الصناعية وصناديق البلاستيك.
ويسير بعد ذلك حوالي نصف ساعة على ارض يصفها بميدان التدريب، وهي في الواقع ارض ترابية تقع بين خط لسكك الحديد وطريق رئيسية، قبل ان يطلق العنان لرمح اهداه اياه مدرب ايضا، ويستعيده مجددا بمساعدة احد اشقائه.
ويسأل أحمد "هل هذا كله يليق ببطل؟ كلا. البطل لا يعمل في كشك، ولا يبيع الخضار. لا بد من خيار آخر".
ويشير الى انه رغم التجاهل الرسمي، احتفلت به بلدته لثلاثة ايام واستقبل زوارا قدموا له التهنئة على انجازه.
ويختم "بعد اليوم الثالث، انتهى كل شيء. رجعت الى العمل، وعدت الى احمد القديم".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1114 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع