المدى برس/ بغداد:يعرب تجار وباعة، في بغداد عن خشيتهم من تأثير التداعيات الأمنية على الوضع الاقتصادي، لاسيما بعد عزوف تجار المحافظات عن التسوق من العاصمة بنحو بات يهدد عملهم جدياً ويدفعهم للتفكير بنقل أعمالهم إلى إقليم كردستان، ويتوقعون ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية، معتبرين أن الوضع الراهن يذكرهم بسنوات العنف الطائفي، في حين يحذر خبير اقتصادي من أن يؤدي استمرار التردي الأمني إلى إصابة الاقتصاد بالشلل وتراجع الاستثمارات.
اصحاب محال جملة: الزبائن يعزفون وقد ننقل عملنا إلى كردستان
فخلال أكثر من ساعة من الانتظار بين محال الجملة في سوق الشورجة، الذي يعد "قلب بغداد الاقتصادي"، لم يأت أي من متبضعي المحافظات، وهي حالة تتكرر منذ بدء موجة العنف الجديدة في بغداد، بحسب أصحاب المحال.
ويقول المواطن علي حيدر، وهو صاحب محل لبيع مستحضرات التجميل بالجملة في سوق الشورجة وسط بغداد، في حديث إلى (المدى برس)، إن "حركة التسوق شهدت تراجعاً كبيراً منذ أكثر من عشرة أيام"، مشيراً إلى أن "أصحاب محال المفرد في المحافظات احجموا عن المجيء إلى بغداد والتبضع منها بسبب موجة التفجيرات الأخيرة".
ولم يستبعد حيدر، أن "يستمر هذا التراجع في حركة التجارة في بغداد"، مستدركاً أن "المشهد اليوم أشبه بذلك الذي شهدناه بداية عام 2006 واضطررنا لإغلاق محالنا"، ويلفت التاجر إلى أن "الكثيرين من تجار الشورجة يفكرون بنقل عملهم إلى إقليم كردستان".
ويؤكد أبو علي، وهو تاجر آخر بالشورجة، ما ذكره زميله، قائلاً في حديث إلى (المدى برس)، إن "الكثير من زبائننا من المحافظات الجنوبية والغربية باتوا يعزفون عن المجيء إلى بغداد للتسوق خشية التفجيرات والسيطرات الوهمية"، مبيناً أن "التواصل يتم معهم عن طريق الهاتف فقط".
في حين، يحذر صاحب محل بيع المواد الغذائية، محمد جبار، في حديث إلى (المدى برس)، من إمكانية "ارتفاع أسعار المواد الغذائية لاسيما الطحين والرز والزيت، من جراء الركود الذي تشهده السوق في معظم مفاصلها"، معللاً ذلك إلى "إقبال المواطنين على شراء المواد الغذائية وتخزينها تحسبا للظروف المجهولة".
بائع جوال: الوضع يذكر بسنوات البطالة الطائفية
ويقول أركان علي (29 سنة)، يعمل بائعاً جوالاً في حي الشيخ عمر الصناعي، وسط العاصمة، في حديث إلى (المدى برس)، إن "ما أجنيه الآن لا يصل إلى نصف ما كنت أجنيه سابقاً"، عازياً ذلك إلى "الاضطرار للعودة إلى المنزل قبل الساعة الثانية ظهراً كي اسبق الاختناقات المرورية التي تشهدها نقاط التفتيش مع انتهاء دوام الموظفين".
ويلفت علي، إلى أن "معظم التجار والباعة ينهون عملهم قبل الثانية ظهراً بعد أن كانوا يستمرون حتى الساعة الخامسة عصراً، بسبب تداعيات الوضع الأمني"، معتبرا أن "الوضع الحالي يذكر بسنوات العنف الطائفي التي شهدتها البلاد سنوات 2006-2008".
صاحب بسطة: العمل أو الموت جوعاً
بدوره يقول حيدر علي، وهو صاحب بسطة في سوق الشورجة، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الأمور تسير نحو مزيد من التوتر"، مستطرداً "ليس باليد حيلة لأن البقاء في البيت يعني الموت جوعاً".
ويبدي علي، وهو من أهالي مدينة الصدر، شرقي العاصمة، "الخشية من المرور بالمناطق التي كانت تشهد توتراً طائفياً في السنوات الماضية كالفضل"، موضحاً أن "الجميع يخشون من عودة العنف الطائفي الذي إن سلمنا فيه من الموت فلن نسلم من الجوع".
اقتصادي: السوق مهددة بالشلل
ويبدي الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان تشاؤمه مما تمر به البلاد، ويقول في حديث إلى (المدى برس)، إن "الأحداث الأمنية المتفجرة وتفاقم حدة الأزمة السياسية تنذر بشلل الاقتصاد العراقي"، مضيفاً أن "المراكز التجارية المهمة في بغداد بدأت تغلق أبوابها مبكراً كما عمد الكثير من المواطنين إلى سحب أرصدتهم من المصارف ووضعها في منازلهم".
ويوضح انطوان، أن "التوتر الأمني يقلق أبناء بغداد الذين أصبحوا يغادرون محلاتهم مبكراً"، متسائلاً "كيف نتوقع أن يأتي تجار المحافظات للتسوق من العاصمة في ظل الظروف الحالية".
ويتوقع الخبير الاقتصادي، أن "يؤثر التوتر الأمني على رأس المال المحلي والجانب الاستثماري الذي يبحث عن بيئة آمنة"، مؤكداً أن "الوضع الحالي سيقلل من الاستيراد ويرفع الأسعار، وربما سيحول الكثير من العمال إلى عاطلين".
يذكر ان بغداد تشهد منذ أربعة أيام عشرات التفجيرات بالسيارات المفخخة التي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات، إذا شهدت العاصمة امس الخميس، سبع تفجيرات بسيارات مفخخة أسفرت عن مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 200 شخص، كما سقط الأربعاء،ر(الـ29 من ايار الحالي)، ما لا يقل عن 108 أشخاص بثلاث تفجيرات، في حين سقط الثلاثاء، (الـ28 من أيار 2013)، ما لا يقل عن 100 شخص بين قتيل وجريح في ثلاثة تفجيرات في الدورة ومنطقة الشعب ومدينة الصدر، فيما كانت بغداد شهدت الاثنين الماضي، (الـ27 من الشهر الحالي)، 11 تفجيراً في مناطق مختلفة من العاصمة، أسفرت عن مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 315 شخصاً.
يذكر أن معدلات العنف في بغداد شهدت منذ، مطلع شباط 2013، تصاعدا مطردا وذكرت بعثة الأمم المتحدة في العراق، في (الثاني من أيار الحالي)، أن نيسان 2013، كان الأكثر دموية منذ حزيران 2008، وأكدت أن ما لا يقل عن2345 عراقيا سقطوا بين قتيل وجريح في أعمال عنف طالت مناطق متفرقة من البلاد، لافتة إلى أن محافظة بغداد كانت الأكثر تضرراً إذ بلغ مجموع الضحايا من المدنيين697 شخصا (211 قتيلا 486 جريحا)، تلتها محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك ونينوى والأنبار"، مشيرة إلى أنها اعتمدت على التحريات المباشرة بالإضافة إلى مصادر ثانوية موثوقة في تحديد الخسائر بين صفوف المدنيين.
وتتوقع مصادر طبية وأمنية، أن يكون أيار الحالي، أكثر دموية من نيسان الماضي، من جراء ما شهده من أعمال عنف متفاقمة على مدى أيامه.. وكانت الأمم المتحدة جددت، اليوم، إبداء مخاوفها على مستقبل العراق وأكدت أنه بات على "مفترق طرق خطر"، كما دعت الاتحاد الأوروبي التدخل بقوة من أجل حل الأزمة السياسية في العراق.
وعلى الرغم من كل هذه السوداوية فإن رئيس الحكومة نوري المالكي أعلن اليوم الجمعة في بيان صدر عنه أن حكومته "قادة على استيعاب الهجمة الحالية كما استوعبتها في السابق"، مؤكدا أن "الإرهاب بات محاصر في نينوى والأنبار".
1223 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع