إذاعة العراق الحر/ناظم ياسين:مرةً أخرى، تُسـلّطُ الأضواءُ على مرورِ أسلحةٍ من إيران إلى سوريا عبر العراق مع إقرارِ بغداد بعدم قدرتها على منع عملية النقل.
وفي إعلانه ذلك، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إنه أبلَغ الغربيين أنه في حالِ وجودِ مثل هذا التدفق للسلاح من طهران إلى دمشق فإن بغداد تدعوهم إلى وَقـفِـهِ. وأضاف في تصريحاتٍ أدلى بها في باريس ونشرتها صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية السبت "نحن نرفض وندين نقل السلاح عبر أجوائنا وسنبلغ الجانب الإيراني بشكل رسمي ولكن ليست لدينا القدرة على إيقافه."
وزير الخارجية العراقي التقى أخيراً عدداً من نظرائه في دول الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وقالَ إنه من خلال هذه الاتصالات وغيرها مع أطراف إقليمية وعربية لم يتبين له وجود "أية رؤية واضحة لجهةِ كيفية معالجة الأزمة السورية أو وضعِ حدٍ لنزيف الدم والدمار اليومي. والسبب الرئيس هو غياب الإرادة الدولية للعمل من أجل وقف هذه المأساة"، بحسب تعبيره.
وفي ردّه على سؤال آخر، أشار زيباري إلى أن العراق اليوم هو "في أصعب المواقف ومهمتنا كانت خلال هذه الجولة الأوروبية أن نوضحها وأن نُفهم الأوروبيين أنهم يفسرون مواقفنا من الأزمة السورية بشكل خاطئ." وفي توضيحه لهذه النقطة، قال إننا "واقعون بين ناريْن: نار إيران وهي جارة قوية، حليفة وصديقة من جهة. ومن جهة أخرى، نار الولايات المتحدة الأميركية التي هي أيضاً حليفتنا. ومشكلتنا هي كيفية المحافظة على موقفنا وحياديتنا من غير أن نَـنجرّ إلى هذا الطرف أو ذلك."
هوشيار زيباريهوشيار زيباري
وفيما يتعلق بـ"شـبهات" أن العراق يُسهّل أو يغض النظر عن نقل أسلحة إيرانية إلى سوريا عبر أجوائه، نقلت (الشرق الأوسط) عنه القول إن بغداد تحرّكت منذ أيلول الماضي مع شروعها بعمليات تفتيش اعتباطية للطائرات الإيرانية والسورية، موضحاً أن "المواد التي اكتشفناها ليست فتاكة لأنها كناية عن معدات، أدوية، أغذية.. وبكل أمانة أقول إن هذه الطائرات ربما تحمل غير ما ذكرته. لكن نحن ليست لدينا وسائل ردع وأنظمة دفاع جوي ولا الطيران العسكري الذي يمنع حصول مثل هذه الأمور، أي نقل السلاح. وقلت للغربيين: إذا أردتم منع الجسر الجوي الإيراني فوق العراق إلى سوريا فافعلوا"، بحسب تعبيره.
كما ذكر زيباري أنه أبلغ الغربيين أيضاً أنه في حالِ تصوّرهم أن هذه الرحلات تتناقض مع قرارات مجلس الأمن الدولي التي ترفض حظر السلاح وتمنع خروج السلاح من إيران تحت قرارات الفصل السابع فإنه يدعوهم باسم الحكومة أن يساعدوا العراق على وقف هذه الرحلات فوق أجوائه.
وفي تَـحلـيلهِ للتصريحات وما إذا كان إقرارُ بغداد بعدم القدرة على منعِ تدفقِ أسلحةٍ من طهران إلى دمشق قد جاء متأخراً، قال رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) واثق الهاشمي لإذاعة العراق الحر "هو ليس إقراراً كاملاً لأن زيباري قال في المقابلة - الأسلحة إنْ وُجدت أو إنْ أُرسِلت – وهو تكلم بصراحة كاملة إذ أن العراق هو في موقف العاجز وفي موقف يتعرض فيه لضغط من طرفين كبيرين يتمتع بعلاقات جيدة معهما هما إيران والولايات المتحدة فضلاً عن أن العراق هو فعلاً لا يمتلك تقنيات عسكرية."
وأضاف الهاشمي في مقابلة أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق أن "الوضع في العراق يعاني من مشاكل كبيرة على المستويين السياسي والأمني فضلاً عن ضغط إيراني منه ما هو مُعلَن ومنه ما هو غير مُعلَن، وربما تدخل زيارة السيد أحمدي نجاد إلى بغداد الخميس القادم أيضاً في إطار الضغط الكبير على العراق في هذه القضية"، بحسب رأيه.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري "إن العراق عمل ما في وسعه باتجاه محاولة منع أن تكون أراضيه وأجواؤه جسراً لانتقال أسلحة سواءً إلى النظام أو إلى قوات المعارضة في سوريا" قبل الإقرار بتواضع القدرات العراقية اللازمة لعملياتِ تفتيشٍ فاعلة. وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدث الجبوري عن موضوعات أخرى ذات صلة وعَـلّق على ما قالَه وزير الخارجية العراقي في شأن وقوع بغداد بين نارَيْ الحليفيْن الإيراني والأميركي.
أما مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد الدكتور معتز محيي فقد أشار في ردّه على سؤالٍ عما يُـمكن أن يحتاجه العراق من مساعداتِ حلفائِه الغربيين لمنعِ عبورِ أسلحةٍ من إيران إلى سوريا أشار إلى "أن بغداد تحدثت منذ فترة طويلة عن ضرورة إيجاد سُبل لمساعدة العراقيين في موضوع التدريب وكذلك استيراد التقنيات الحديثة لكشف عمليات التهريب التي تُجرى عبر الأجواء أو الطرق البرية بالإضافة إلى الحاجة إلى أجهزة تفتيش متطورة (سونار) على غرار تلك المتوفرة في دولٍ مجاورة مثل الأردن على سبيل المثال والتي أفادت معلومات بأنها تسلمت أخيراً من القوات الأميركية أكثر من ثلاثين جهازاً نُشر على كافة مناطقها الحدودية لكشف الإشعاعات وكشف المواد المشعّة."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدث خبير الشؤون الأمنية محيي أيضاً عن مصاعب تقنية أخرى تواجه عملية تفتيش الطائرات والمتمثلة تحديداً في وجود أكثر من مطار عراقي يستقبلُ يومياً رحلاتٍ جويةً من إيران وسوريا.
805 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع