مشروع سعودي عراقي عبر ثلاث حكومات.. ما مصيره؟

              

شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه


ارفع صوتك - بغداد:قبل أيام، عرضت وسائل إعلام عراقية تقريرا قالت إنه نقلا عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي، يورد أنه "بطريقة غير مدروسة وغير مفهومة أبلغ العراق المملكة العربية السعودية صاحبة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بأنه لن يتمكن من توفير كميات المياه اللازمة للمشاركة في المشروع الذي تكفلت به المملكة، لزراعة نحو ستة ملايين دونم من أراضي الأنبار والنجف والمثنى".

ولم تورد وسائل الإعلام التي تناقلت الخبر رابطا أو أي دلالة لصدور تقرير من هذا النوع عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي.

وردا على ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف، لـ"ارفع صوتك"، أن الوارد أعلاه "عار عن الصحة".

وقال "الجانب العراقي قطع خطوات وسلسلة من النقاشات مع الجانب السعودي طيلة السنوات الماضية وما زال الأمر قائما، ولكن ما يعطل استكمال ذلك الأمر عدم تشكيل حكومة جديدة للمضي بتدشين التعاقدات".

وأضاف النايف أن "الأمر يحتاج إلى ثبات المؤسسات التنفيذية بما يعطيها الغطاء الشرعي والدستوري ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل حكومة تصريف الأعمال الحالية".

وأشار إلى "وجود مخططات لاستثمار الأزمة المائية؛ في محاولة لتقديم البلاد كواحدة من الدول الفقيرة بغية إبقاء العراق حديقة خلفية لاستهلاك البضائع الأجنبية".

ما قصة المشروع السعودي؟
بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين العراق والسعودية في الأعوام القليلة الماضية، وتحديدا خلال فترة ترأس حيدر العبادي لمجلس الوزراء، جرى توقيع مذكرات تفاهم وتعاون في قطاعات الزراعة والتجارة والصناعة.

وفي نهاية فترة العبادي، كان التباحث بين الطرفين جار حول تطوير القطاع الزراعي في العراق، باستنساخ تجارب ناجحة استطاعت خلال مدد قصيرة تحقيق نتائج مبهرة على مستوى سوق الإنتاج الإقليمي والدولي.

ومن ضمن الأفكار المطروحة، استثمار بعض البوادي والصحارى العراقية القريبة من الحدود السعودية، إلا أنها لم تندفع لمستوى الإعلان عن المشروع بشكل رسمي في وسائل الإعلام حتى وصول عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء.

وفي مطلع 2019، كشف الجانب العراقي عن عرض شركة "المراعي" السعودية لإنشاء مشاريع استثمارية في مناطق البادية، تختص بمجالات الزراعة وتربية الحيوانات والصناعات الغذائية.

ويشمل المشروع استثمار 1.7 مليون دونم للأغراض الزراعية في الصحراء جنوب وجنوب غربي البلاد.

إلا أنه توارى عن الأنظار وغاب عن أخبار الحكومة، حتى تقديم عبد المهدي استقالته على أثر الاحتجاجات الشعبية العارمة التي سادت مناطق جنوب ووسط العراق في أكتوبر 2019.

ومع وصول مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الحكومة العراقية في مايو 2020، كانت العلاقات العراقية العربية تشهد مواسم ربيعها بعد جهود كبيرة بذلتها بغداد لتحريك البلاد نحو الفضاء العربي الدولي.

وكانت السعودية بمثابة البوابة التي يمر منها العراق إلى محيطه الخليجي العربي، بعد تبادل للزيارات على مستويات رفيعة جدا، تكللت باتفاقات ومشاريع اقتصادية وتنموية ظهرت تجلياتها في إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي الذي كان مغلقا لأكثر من 25 عاما.

ومع تنامي تلك العلاقات، ظهر مشروع الاستثمار الزراعي السعودي في العراق تارة أخرى، ولكن بخطوات أكبر رسمت على ورق التخطيط تمهيدا للتنضيج والتحضر لمرحلة التنفيذ.

أزمة بيئية أم سياسية؟
تلك التطورات أغضبت بعض القوى السياسية التي قامت بالاعتراض بدءا من التشكيك بنوايا الرياض وليس انتهاء بتوصيفه بأنه "تحرك استعماري ناعم" تقوده السعودية في العراق.

ومن المخطط ضمن المشروع أن يتم استثمار صحراء العراق، بدءا من الأنبار مرورا بالنجف وكربلاء ثم وصولا إلى المثنى، بمساحة مليون هكتار تقريبا، مع توفير أكثر من 60 ألف فرصة عمل.

كما يتضمن إقامة مصدات خضراء عند بوادي العراق عبر زراعة أكثر من 10 ملايين نخلة، وتأسيس مدن سكنية وصناعية ومزارع أبقار.

ويكتسح التصحر العراق منذ سنوات، بالإضافة إلى تقلص المناطق الزراعية والخضراء جراء تقلبات المناخ العالمية وأزمة الجفاف.

وفي نوفمبر 2020، أثناء الحراك الدائر بشأن استثمار السعودية للبوادي العراقية، أكدت وزارة الموارد المائية أن خزين المياه الجوفية في تلك المناطق لا يسمح بوجود استثمارات كبيرة، مما يهدد على حد وصفها "مستقبل ثروة الأجيال"، من ثروة العراق المائية.

وحسب المخططات الأساسية، يتطلب المشروع السعودي ديمومة مائية لمدة 50 عاما، بينما أكدت الوزارة أن كميات المياه الجوفية المتوفرة لا تكفي لخمس سنوات.

ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري، لـ"ارفع صوتك"، إن "اعتراض مشروع الاستثمار السعودي في بادية العراق وما حمل من تفسيرات وتأويلات؛ يأتي بهدف سياسي، الغرض منه الحفاظ على مصالح دول إقليمية معروفة ومشخصة في البلاد خشية أن تتعرض للضرر".

وأضاف أن "التوجه نحو المشروع الذي ولد من رحم مقررات المجلس التنسيقي بين البلدين، يأتي ضمن تحرك العراق كجزء من منظومة الأمن الغذائي الإقليمية، بالتالي يتحرك ضمن نطاق معروف وسائد بما يؤمن قوت الشعب ويوفر الضمانة الاقتصادية للبلاد".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

616 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع