قام رجال دين وعشائر بإغلاق المقاهي الشعبية في منطقة الكرادة في وسط بغداد وأعلنوا أنها أماكن "فاسدة". وأثار الإغلاق ردود فعل غاضبة بين العراقيين الذين طالبوا بتوضيحات متسائلين عمّا حلّ في المدينة التي تخلصت من الديكتاتورية.
إيلاف/ عبدالجبار العتابي/بغداد: فوجئ البغداديون بلافتات معلقة في منطقة الكرادة في وسط بغداد تعلن إغلاق العديد من المقاهي الشعبية.
وجاءت ردود الافعال الغاضبة من كثير من الشباب بالقول بسخرية مرة (هلت أيام الخير) فيما حاول البعض أن يخاطب رجال السياسة والأمن في العراق مطالبين اياهم بتفسير لما حدث من قيام رجال عشائر ودين بغلق مقاهٍ للشباب بالقوة متسائلين في الوقت ذاته: هل هذه بغداد التي حلمنا بها بعد أن تخلصنا من الديكتاتورية؟
وجاء في اللافتات التي علقت على الجدران في شتى انحاء المنطقة: قال رسول الله (ص): "من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده - بهمة شباب الكرادة الشرفاء تم اغلاق عدد من الكافيهات المخالفة للدين والاخلاق والاعراف الاجتماعية وسلمت التواقيع التي جمعت من قبل (هيئة انصار الزهراء) وبلغت اكثر من 1500 توقيع من اهالي الكرادة الكرام وهي تؤيد اغلاق هذه الاماكن الفاسدة الى قيادة الشرطة الاتحادية وقيادة شرطة المنطقة لاتخاذ الاجراءات القانونية".
كما كتب على هذه الاماكن "اغلقت من قبل عشائر وشباب الكرادة بعد أن اصبحت المسألة شعبية قانونية وسنفضح ونواجه كل من يفتح هذه الاماكن اللاأخلاقية" وذيلت اللافتة بتوقيع "شيوخ عشائر ووجهاء وشباب الكرادة الشرقية".
وفي مواجهة ذلك، كتب الأستاذ جمال جصاني على صفحته على فايسبوك يقول: "وكأن طيف ابن الأثير كان ماراً بمنطقة الكرادة ودون مشاهداته عن فزعة عشائرها الأخيرة. هذه قصة فتنة الحنابلة في بغداد في سنة 323 هـ كما رواها ابن الأثير في الكامل في التاريخ، وفيها عظم أمر الحنابلة، وقويت شوكتهم، وصاروا يكبسون من دور القوّاد والعامّة، وإن وجدوا نبيذاً أراقوه، وإن وجدوا مغنيّة ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، ومشى الرجال مع النساء والصبيان، فإذا رأوا ذلك سألوه عن الذي معه مَن هو، فأخبرهم، وإلاّ ضربوه وحملوه إلى صاحب الشرطة، وشهدوا عليه بالفاحشة، فأرهبوا بغداد".
وقال الصحافي علي السومري: بغداد أيها السادة هي مدينتنا الوحيدة التي نعيش فيها ونتلمس أوجاعها، نحن الفقراء، الأغنياء بحب العراق، لا نمتلك جوازاتكم الديبلوماسية، لا نمتلك طائراتكم الخاصة لنسافر فيها إلى دول العالم، ما نملكه فقط، حب هذه المدينة وهذا الوطن،أجيبونا، هل تريدون منا أن نهاجر ليشمت بنا هناك كل البعثيين الذين غادروا العراق بعد سقوط صنمهم؟ أيها السادة أنتم مطالبون اليوم بالدفاع عن حقوق أبناء الوطن في حق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية... رجاء (حللوا لقمتكم).
أما وعد الله الحميد، موظف في وزارة التربية فقال: "هذا هو الاسلام السياسي وهذه هي المأساة، لم نسمع من قبل أن عشائر عراقية تدخلت في غلق المقاهي، وكان على هذه العشائر التي تمنع اماكن اللهو البريء في منطقة مهمة ومركز في بغداد أن تتظاهر ضد الفساد الذي ينخر البلد وضد عدم وجود كهرباء وانقطاع الماء وضد مفردات الحصة التموينية الغائبة عن الناس، لا أن يجتمعوا ضد مجاميع من الشباب تريد أن تعيش، الكافتريات ليست حراماً ولا تقدم شيئًا محرمًا، فلماذا هذا الاتحاد ضدها، اعتقد أن وراء ذلك تخطيطاً من الاسلام السياسي لتدمير المدنية في البلد".
وقال محمود موسى، طالب دراسات عليا: هذا أول الغيث لخادم بغداد.. انتظروا القادم، نعم فمحافظ بغداد الجديد (من التيار الصدري) وبالاتفاق مع البعض اوعز بهذا لمنع الشباب، يبدو أن البداية هذه لجعل بغداد قندهار فعلا، انا غير مطمئن للمستقبل ابدًا، فالكرادة التي هي قلب بغداد النابض يتم التصرف بمدنيتها الجميلة بهذا الشكل فأنا اعتقد أن النار ستسري في هشيم المدن لتتحول الى مدن ترتدي السواد واللحى والجلابيات.
فاضل علي، من أهالي الكرادة قال: "اذن ما عمل الدولة اذا كانت العشائر تتصرف بما يعجبها، أليس من المفروض أن يكون التعامل بالقانون، وهو الذي يحدد المخالفات من عدمها، هذه التصرفات ستدمر البلد وانا على يقين أن هناك مخططاً لا نعرفه لتدمير مدينة بغداد، كان عليهم أن ينظروا إلى الفوضى التي تعم شوارع المدينة والارصفة والاوساخ وأن يحافظوا على نظافة المنطقة وأن يخرجوا باحتجاجات ضد هذه الفوضى لا أن يغلقوا المقاهي التي تعتاش عليها العوائل، والتي يجلس فيها الشباب لقضاء اوقاتهم".
وقال جواد شرهان، سائق سيارة تاكسي: "والله من العار أن نرضخ لهؤلاء اين الدولة المدنية، هل أن الـ 1500 يمثلون اهالي الكرادة التي يبلغ تعدادها ربع مليون مواطن ؟ إن الكرادة المتحضرة الجميلة الانيقة بريئة من المتخلفين، انا لا اعتقد أن شباب الكرادة المتحضرين يفعلون هذا ابدًا فهم ابناء المدينة ويعيشون فيها ويجلسون في المقاهي ولا يمكن أن يتصرفوا بممارسات لا تليق بهم".
وقال سمير عادل من اهالي الكرادة: "هذه هي النتيجة الحتمية والمنطقية حين تسيطر احزاب دينية على بغداد فتجعل منها مدينة نائمة لا تنهض الا وقت الصلاة، انا اعتقد أن في الأيام المقبلة سنشهد الاسوأ في ظل الصمت الحكومي الخائف أو ربما المشجع لهذه التصرفات التي ربما تبررها الحكومة بالقول إنها تخاف على الناس من المفخخات والعبوات الناسفة، إن الحكومة والاحزاب الاسلامية يريدون لبغداد أن تنام مبكرًا وأن تتشح بالسواد".
وأضاف: "لا اعتقد أن شباب الكرادة لهم علاقة بذلك بل هي احزاب اسلامية أو منظمات منبثقة من احزاب اسلامية تريد أن تسيطر على المدينة، وانا اعرف أن اغلب المقاهي يعمل فيها شباب الكرادة، ثم أن الكرادة ليست مدينة مغلقة بل مفتوحة ويأتي الينا الناس من كل مكان للتسوق والتنزه والاستمتاع".
في الاخير سألت موظفًا يعمل في أمانة بغداد عن هذه الاجراءات فقال: "بصراحة انا فوجئت مثلما فوجىء الكثير من الناس بهذا الاجراء حين علمنا بمسألة اللافتات واغلاق المقاهي، لا اعتقد أن للامانة علماً بهذا بل أنه يتعلق بمحافظ بغداد حصرًا، وكنا قبل نحو شهر قرأنا عن لافتات تدعو الى غلق المطاعم التي تقدم الخمور أو النوادي الليلية التي اغلبها تقع في منطقة المسبح وبعيدة عن الاحياء السكنية".
وأضاف: "الظاهر أن رجال الدين الذين سيطروا على منطقة (الجادرية) يريدون السيطرة على منطقة الكرادة الشرقية والمسبح وعرصات الهندية لانها مناطق راقية جدًا ولأن هؤلاء لديهم منافع كثيرة واموال ويريدون عن طريقها أن يحولوا المنطقة كلها الى شبه جزيرة إسلامية لا يدخلها الا جماعتهم".
- See more at: http
1011 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع