القضاء العراقي يتحرك لملاحقة حركات دينية منحرفة

مخاوف من تمدد الفكر المنحرف في أنحاء البلاد

العرب/بغداد - أوعز مجلس القضاء الأعلى في العراق، اليوم الاثنين، باتخاذ الإجراءات المشددة بحق الحركات التي تتخذ من الأديان غطاء لممارساتها الشاذة، وذلك بعد حملة شنتها الأجهزة الأمنية لملاحقة وقمع حركة دينية منحرفة ظهرت مؤخرا تطلق على نفسها "جماعة القربان"، وسط تحركات عشائرية للتصدي لهذه الجماعة وغيرها.

ونشطت أخيرا في عدد من المحافظات العراقية، خصوصا محافظة ذي قار الجنوبية، جماعات دينية، من بينها جماعة القربان أو "العلاهية" التي تنفّذ طقوسا قاسية ومتطرّفة تتضمّن تقديم أشخاص قرابين إلى الإمام علي بن أبي طالب من خلال الانتحار بطرق بشعة، الأمر الذي تسبّب في اضطرابات اجتماعية وأمنية بمحافظات جنوب العراق.

ووسط مخاوف من تمدد هذا الفكر المنحرف إلى المحافظات الأخرى في البلاد، سعت القوات الأمنية إلى الحد من انتشارها، وقد نفذت في الشهرين الماضيين حملات ملاحقة لتلك الجماعات في البلاد، واعتقلت العشرات منهم في عدد من المحافظات الجنوبية.

وذكر بيان لمجلس القضاء، أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، أوعز الى المحاكم باتخاذ الإجراءات القانونية المشددة بحق بعض الحركات التي انتشرت مؤخراً بمسميات متعددة والتي تتخذ من الأديان أو المذاهب غطاء لممارساتها الشاذة التي لا تتفق مع مبادئ وقيم وأفكار تلك الأديان أو المذاهب.

وأشار إلى أن بعض هذه الحركات أصبح يشكل خطرًا على حياة المواطنين من أتباع دين أو مذهب معين، مما يستدعي اتخاذ إجراءات قانونية مشددة بحقهم، مع ضرورة إشعار المحاكم الجزائية بذلك.

ويأتي التحرك القضائي بعد مباحثات أجرها رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، مع مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، الأحد، حول الإجراءات القضائية الخاصة بمكافحة التطرف.

وبالتوازي مع التحركات الأمنية أطلقت مديرية شؤون العشائر بمحافظة ديالى العراقية برنامجا هو الأول من نوعه للتصدي لما وصفته بـ"الحركات المنحرفة" ومنعها من نشر أفكارها في عموم البلاد، وسط تأكيدات على أهمية دور العشائر بنشر الوعي والسلام المجتمعي.

ووفقا لمدير شؤون عشائر ديالى العميد علي محمود الربيعي، فإن "مديريته أطلقت برنامجا هو الأول من نوعه على مستوى العراق، يتضمن بنودا وفقرات عدة تشارك بها نخب عشائرية من شيوخ ووجهاء، حول سبل الانتباه لخطورة الحركات المنحرفة التي تحاول زج الشباب في متاهات من خلال الأفكار الشاذة في اتجاهات متعددة".

وأضاف في تصريحات لموقع "بغداد اليوم"، أن "البرنامج سلط الأضواء على حركة القربان وغيرها، وسبل الانتباه لخطورة الأفكار التي تؤدي إلى نهايات مأساوية"، مؤكدا أن "تلك الحركات تحمل في مساراتها ثلاثة مخاطر مباشرة أبرزها خلق الفوضى والإرباك والإساءة للتعاليم المعتدلة".

وأشار إلى أن "نخب ديالى العشائرية تحاول من خلال برنامجها توعية المجتمع بضرورة الانتباه لخطورة أي حركة أو جماعة تحمل أفكارا متطرفة وتأثيرها على شرائح عدة".
وأصبحت "جماعة القربان" أحدث مجموعة دينية تتعرض للملاحقة في العراق، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية مؤخرا، اعتقال عدد من أعضائها بتهم تتعلق بـ"الانحراف".

ولدى المجموعة قنوات خاصة مغلقة على تلغرام يجري فيها الإعلان عن موعد القرعة المتعلقة باختيار الأشخاص الذي سيضحون بأنفسهم"، وفقا لمصدر استخباراتي في محافظة ذي قار.

وسُلطت الأضواء مجددا في العراق على "جماعة القربان" بالتزامن مع إعلان السلطات شن حملة أمنية واسعة لملاحقة أفرادها الذين يقدمون على الانتحار طواعية "تقربا" للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

وتأتي هذه الملاحقات بعد نحو 3 سنوات من أول ظهور علني للمجموعة في مدينة الناصرية جنوبي العراق، وفي حينها نفذت السلطات حملات مشابهة لاعتقال أفراد المجموعة.

ولا تتوفر الكثير من المعلومات عن هذه "جماعة القربان" التي عادة ما تنشط في شهر محرم حسب التقويم الهجري الذي يشهد في العاشر منه إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.

واختلفت الروايات بشأن عقيدة المنتمين لـ"جماعة القربان" فهناك من يقول إنهم يؤلهون الإمام علي بن أبي طالب ويعتبرونه هو الخالق، وبين من يقول إنهم فقط يبالغون في حبه ويقتلون أنفسهم من أجل "الالتحاق به في الجنة".

والغموض الذي يحيط بهذه الجماعة أو ما يشابهها من الجماعات، يعد واحدا من أبرز المشاكل التي تواجه الأجهزة الأمنية المكلفة بملاحقتهم، لأن الجماعة لا تمتلك قائدا معروفا أو مرجعا دينيا يتبعونه ولا حتى مصادر تمويل واضحة، وفقا للمصادر المحلية.

وتؤكد التقارير أن جميع أفراد الجماعة هم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 20 عاما، وعادة ما ينتشرون في أطراف المدن الكبيرة وفي القرى والأرياف والمناطق النائية التي ينتشر فيها الفقر والجهل والبطالة، كما أنه ليس من المعروف الحجم الحقيقي لأعداد هذه الجماعة لكنهم ينتشرون في معظم مناطق وسط وجنوب العراق.

وأول ظهور معلن لهذه الجماعة كان قبل نحو 3 سنوت في منطقة سوق الشيوخ بمدينة الناصرية حيث كانوا يعقدون اجتماعات متفرقة داخل منازلهم ويمارسون طقوسهم ويقيمون قرعة الانتحار.

ويجرّم الدستور العراقي ظهور مثل تلك الحركات، وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء لها إلى المؤبد أو الإعدام وفقا لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.

وتنص المادة السابعة من الدستور على حظر كل كيان أو نهج يتبنى "العنصرية" أو "الإرهاب" أو "التكفير" أو "التطهير الطائفي" أو يحرّض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر له.

ودائما ما تلاحق الأجهزة الأمنية والقضائية، أعضاء هذه الحركات وتنفذ حملات اعتقالات واسعة بحقهم، بناء على أوامر قضائية، وهو ما جرى مع "أصحاب القضية" ومؤخرا مع "جماعة القربان"، وقبلهم مع "جند السماء" وغيرهم.

وبين فترة وأخرى، تظهر جماعة دينية متشددة في العراق، يقودها شخص يدعي أنه رجل دين، وتهدف إلى زعزعة الأمن وهدم المقدسات في البلد، التي يقصدها ملايين المواطنين سنويا، وذلك في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر لمستويات كبيرة، فضلا عن التظاهرات التي تطالب بالتعيين وتوفير فرص عمل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

933 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع