بزشكيان يرفض تحول لبنان إلى غزة ثانية
العرب/الأمم المتحدة - أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الثلاثاء أن حليفه حزب الله "لا يمكنه البقاء بمفرده" في مواجهة إسرائيل التي أدت ضرباتها الواسعة النطاق على لبنان إلى مقتل 500 شخص الاثنين في أعنف قصف لها منذ 2006.
وقال بزشكيان في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" تُرجمت من الفارسية إلى الإنجليزية، ردا على سؤال حول ما إذا كان سينصح حزب الله بضبط النفس، إن "حزب الله وحده لا يستطيع أن يقف في وجه دولة مسلحة تسليحا جيدا جدا ولديها القدرة على الوصول إلى أنظمة أسلحة تتفوق بكثير على أي شيء آخر. الآن، إذا كانت هناك حاجة، يجب على الدول الإسلامية عقد اجتماع من أجل صياغة رد فعل على ما يحدث".
وتساءل بزشكيان "إذا كنا نتحدث عن حزب الله وحده، فماذا يستطيع حزب الله أن يفعل بمفرده؟ يجب على الدول الإقليمية والدول الإسلامية أن تجلس معا. وقبل حدوث أي شيء أكثر خطورة، أعتقد أن على المنظمات الدولية (أن تجتمع)". مشيرا إلى عقده اجتماعا مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش مضيفا "غدا سنرى مثل هذه المناقشات والموضوعات تجري".
وتابع قائلا "يجب ألا نسمح للبنان بأن يصبح غزة أخرى على أيدي إسرائيل. لا يستطيع حزب الله أن يفعل ذلك بمفرده. لا يستطيع حزب الله أن يقف بمفرده ضد دولة تدافع عنها وتدعمها وتغذيها الدول الغربية والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية".
وكان الرئيس الإيراني قد أكد أن إسرائيل تريد جر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة، وقال في حديثه لصحفيين بعد وصوله إلى نيويورك، الاثنين، لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة "لا نرغب في أن نكون سببا لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، لأن عواقبه ستكون لا رجعة فيها".
وأضاف "نريد أن نعيش في سلام ولا نريد الحرب. إسرائيل هي التي تسعى إلى خلق هذا الصراع الشامل".
واتهم بزشكيان، وهو سياسي معتدل نسبيا انتخب في يوليو على وعد بانتهاج سياسة خارجية براغماتية، المجتمع الدولي بالصمت عما وصفه بأنه "إبادة جماعية" تمارسها إسرائيل في غزة.
وجاءت دعوة بزشكيان لحسم الصراع في الشرق الأوسط عبر الحوار بعد أن نفذت إسرائيل موجة مكثفة من الضربات الجوية ضد حزب الله، الاثنين، ليصبح اليوم الأكثر دموية في لبنان في نحو عام من الصراع بين إسرائيل والحزب المدعوم من طهران.
وقال بزشكيان ردا على سؤال عما إذا كانت إيران ستدخل الصراع بين إسرائيل وحزب الله "سندافع عن أي مجموعة تدافع عن حقوقها وعن نفسها". ولم يسترسل في تفاصيل.
ونزح عشرات الآلاف من الناس من المدن والقرى على جانبي الحدود بسبب تبادل إطلاق النار اليومي بين القوات الإسرائيلية وحزب الله. وتقول إسرائيل إنها تفضل الحل الدبلوماسي الذي يقضي بإبعاد حزب الله عن الحدود.
ويقول حزب الله أيضا إنه يريد تجنب الصراع الشامل لكنه لا يرى نهاية محتملة للحرب إلا بتوقف القتال في غزة. ووصلت جهود وقف إطلاق النار في غزة إلى طريق مسدود بعد أشهر من المحادثات المتعثرة التي توسطت فيها قطر ومصر والولايات المتحدة.
وفي يوليو الماضي، أكد الرئيس الإيراني دعم بلاده لحزب الله، وذلك في رسالة موجهة إلى الأمين العام للحزب حسن نصرالله، مستنكراً "سياسات الحرب والسياسات الإجرامية" التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والشعوب الأخرى في المنطقة.
وقال بزشكيان في رسالته إن "جمهورية إيران الإسلامية، لطالما دعمت صمود ومقاومة الشعوب الإقليمية في مواجهة الكيان الصهيوني اللاشرعي".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قد أعلن في وقت سابق، أن بلاده "لن تتردد في دعم لبنان وأمنه في الوقت المناسب"، مضيفاً أن "على الكيان الصهيوني (إسرائيل) أن يدرك عواقب أي عمل مغامر في المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بلبنان".
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، هددت إيران أكثر من مرة بتوسيع الحرب وبالحرب الشاملة، لكن حركة حماس بقيت تقاتل وحدها في غزة، فيما فتح حزب الله جبهة إسناد من لبنان، مع بعض الدعم من حركة أنصارالله الحوثيين، التي استهدفت السفن التجارية المتوجهة إلى إسرائيل بإيعاز إيراني، لكن إيران لم تدخل الحرب بنفسها، وكانت معظم تصريحات مسؤوليها تؤكد أنها لن تقاتل بنفسها.
وباستثناء الهجوم الذي قامت به، ردا على استهداف قنصليتها في دمشق، في أبريل الماضي، عبر قصف إسرائيل بمسيرات وصواريخ كروز، جرى إسقاط العدد الأكبر منها، لم تقدم طهران سوى الدعم الكلامي في المعركة المستمرة بين "محور المقاومة" وإسرائيل، منذ السابع من أكتوبر.
ولم ترد إيران حتى الساعة، على اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في العاصمة طهران، نهاية يوليو، فيما يمد وزير خارجيتها عباس عراقجي من نيويورك، يده للمجتمع الدولي لبدء مفاوضات نووية.
وفي 9 سبتمبر، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنه لا ضير في "التراجع التكتيكي" أمام "العدو"، مضيفاً أن التراجع قد يكون في الميدانين العسكري أو السياسي.
وأضاف خامنئي أن أحد أسس الحرب النفسية التي يستخدمها الأعداء ضد الشعوب، هي تضخيم صورتهم والإيحاء بضرورة الخشية منهم. وتابع أنه "عندما تتسلل هذه الحركة من الحرب النفسية التي يمارسها العدو إلى الساحة العسكرية، تكون نتيجتها الخوف والتراجع"، مؤكداً أن هناك تراجعاً تكتيكيا كما هي الحال مع التقدم، ولا ضير في ذلك.
وتثير تصريحات المسؤولين الإيرانيين أسئلة ما إذا كانت طهران قد تخلت عن حلفائها وخصوصا حزب الله الذي يعد الحليف الإستراتيجي لها في المنطقة، أم أنها لا تريد الانخراط في الحرب بشكل مباشر وأنها دعت الأمر إلى وكلائها في العراق (الفصائل الشيعية المسلحة) وفي اليمن الحوثيين.
وقالت زينة منصور، الباحثة في الاقتصاد السياسي، في تصريح لقناة "القاهرة الإخبارية"، إن إيران تخلت عن حزب الله، خوفًا من خسارة وفرض عقوبات على إيران بسبب الملف النووي، فالموقف الرسمي الإيراني يعادل الموقف الأميركي.
في المقابل، رأى بعض المدونين أن إيران لن تتخلى عن حلفائها، والجبهة اللبنانية ليست بحاجة إليها حتى الآن، وأن عدم انجرارها إلى الحرب لا يعني أنها تخشاها، ولا يعني أنها ابتعدت عن ساحة المواجهة. مشيرين إلى أن حزب الله ما زال قويا ولم يبدأ المعركة الفعلية بعد.
757 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع