لمسة أميركية ساخرة في العديد
الدوحة/ العرب: – عكس حديث رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عن رفض بلاده السماح بشن هجمات على أيّ دولة من قاعدة العديد رغبة في تبرئة مبكرة للنفس من تطورات الصراع في المنطقة، والذي قد يصل إلى صدام مباشر بين إسرائيل وإيران.
ولم يذكر الشيخ محمد بن عبدالرحمن، في مقابلة أجراها مع التلفزيون الرسمي القطري، اسم الدولة المقصودة في كلامه، والتي يرفض استهدافها، مع أن المقصود هو إيران، في حين يرى مراقبون أن ما كان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري يريد قوله بصيغة التعميم -أي عبر استعمال الاسم الموصول “أيّ”- إنما هو موقف مرتبك من مضي الولايات المتحدة قدما مع إسرائيل في مشروعها لضرب إيران.
وتجد الدوحة نفسها في امتحان صعب بشأن قاعدة العديد؛ فالتعميم الذي لجأ إليه الشيخ محمد بن عبدالرحمن لن يرضي إيران لأنها تعرف أن العديد ستكون مقرا إقليميا للعمليات ضدها إذا قررت الولايات المتحدة التدخل، وذلك حتى لو لم تنطلق الطائرات من القاعدة نفسها، فالإيرانيون سيتعاملون مع قطر على أنها مساهم في الحرب.
ولا يرضي الموقف القطري الملتبس، أيضا، إسرائيل التي ستقول للقطريين “كفّروا عن دعمكم حماس وتمويلها واستضافتها بفتح القاعدة لضرب إيران”، وأي رفض أو تردد من شأنهما أن يوسعا دائرة الغضب الإسرائيلي على الدوحة ويشرْعنا اتهامها من قبل حكومة بنيامين نتنياهو ويدفعاه إلى تنفيذ تهديداته.
ولا يقف ارتباك الموقف القطري عند إثارة غضب إسرائيل، فلا شك أن قرار رفض استخدام قاعدة العديد لن يعجب الأميركيين الذين شيدوا القاعدة وفق مقاربة إستراتيجية للأمن الأميركي، وهم يرون أن القاعدة موجودة هناك لتقوم بدور وليست مجرد منشأة تخزين للمعدات والطائرات.
وخلال المقابلة قال الشيخ محمد بن عبدالرحمن “لا تقبل دولة قطر أن تُشن منه (العديد) أي هجمات أو حروب على دول وعلى شعوب سواء كان (ذلك) في المنطقة أو خارجها”.
وأكد أن “العلاقة مع الولايات المتحدة هي شراكة إستراتيجية وتتسم بالتعاون على مستويات متعددة، مع التأكيد على أن كل طرف يتمتع بالسيادة الكاملة، ولا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر”.
ولم يقل رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري على أي أساس قد بنى كلامه عن السيادة في ما يتعلق بأمر القاعدة، وقد لعبت أدوارا مختلفة في السابق من دون أي تدخل معلن من الدوحة برفض مهماتها.
وسبق للجيش الأميركي أن استخدم القاعدة لسنوات في ضرب العراق وأفغانستان، ولا يمكن أن يقبل أي التفاف قطري على استعمالها.
وتعد قاعدة العديد الجوية أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، بحسب شبكة “سي إن إن” التي قالت إنه يمكنها أن تضم أكثر من 10 آلاف جندي أميركي.
وفي بداية عام 2024 توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق يقضي بتمديد وجودها العسكري في قاعدة العديد لعشر سنوات أخرى. وخصصت قطر المليارات من أموالها الخاصة لتطوير مرافق الطيارين الأميركيين في القاعدة.
وتهدف تصريحات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، في هذا التوقيت، إلى طمأنة إيران وتبرئة الدوحة من أي استهداف عبر أجوائها، وهو ما يخفي خوفا من رد فعل إيراني انتقامي ضدها بعد التلويح الذي صدر قبل أيام من “مصادر” أو من “مسؤولين كبار” بأن رد طهران سيشمل كل دول الخليج في حال تم الهجوم عليها عبر أراضي أي دولة وأجوائها.
وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز قبل أيام “أوضحت إيران أن أي تحرك لأي من دول الخليج الفارسي (العربي) ضد طهران، سواء باستخدام المجال الجوي أو قواعد عسكرية، ستعده طهران فعلا صادرا عن المجموعة بأكملها، وسترد طهران وفقا لذلك”.
وحذر من أن “أي مساعدة لإسرائيل، مثل السماح باستخدام المجال الجوي لأي دولة في المنطقة من أجل تحركات ضد إيران، غير مقبولة”.
لكن المراقبين يحذرون من أن استشعار الدوحة لخطر التهديد الإيراني لن يكون أكثر أهمية من توقعها ردا إسرائيليا قويا بالتزامن مع ما يظهر من مطالبة لدى حكومة بنيامين نتنياهو بوقف الوساطة القطرية واعتبار الدوحة وسيطا منحازا لحركة حماس.
ومنحت إسرائيل قطر الكثير من الوقت من أجل التأثير على حماس ودفعها إلى القبول بمبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن الهادفة إلى تحقيق وقف لإطلاق النار لفترة تتم خلالها زيادة المساعدات لغزة وفي الوقت نفسه إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة والإفراج عن فلسطينيين معتقلين في سجون إسرائيل.
وعكس كلام رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري وجود أزمة في وساطة بلاده بشأن غزة، حين قال “أكثر من عام ونحن نعمل على الوساطة في ملف غزة ولكن للأسف الاتفاق يحتاج إلى طرفين”.
وتابع “لن نُرهق طالما هناك توقع بحدوث نتائج، ونجحنا في نوفمبر الماضي من خلال صفقة تحرير ووقف إطلاق النار ومع الأسف لم يتم استكمال هذا الأمر، ومع ذلك أصررنا على استمرارية الحصول على صفقة أخرى”.
وفشلت قطر بما تمتلكه من نفوذ على حماس في دفعها إلى مراجعة شرطها القاضي بوقف تام لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل الثامن من أكتوبر 2023 بعد بدء هجوم انتقامي إسرائيلي ضد حماس.
1118 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع