المخدرات تفتك بهم.. من ينقذ شباب العراق من السموم القاتلة؟

            

بغداد - العباسية نيوز:القلق على المستقبل والمصير المجهول باتا يهددان شباب العراق بالوقوع في فخ الإدمان على المخدرات للهرب من هول الواقع المزري الذي يعيشونه دون أدراك أو وعي منهم بخطورة الطريق الذي يسلكون.

لقد كان العراق وعلى مر تاريخه بعيداً عن شرور آفة المخدرات بل وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ومنظمتها المتخصصة من البلدان القليلة في العالم المحصنة ضد ترويج المخدرات أو انتشارها أو تعاطيها.

وهنا نود أن نؤكد أنه حتى وفي ظل الأنظمة والعهود المختلفة التي مرت على العراق فأن أيام العراقيين لم تكن وردية دائماً بل مرت بالعراقيين اوقاتاً وسنوات عصيبة بل مصائب لا تطاق ورغم ذلك كله لم يلجأ العراقيون عامة والشباب خاصة إلى اللجوء للمخدرات كطريق للخلاص ولو بشكل مؤقت من متاعب وهموم الحياة من خلال خلق عالم وهمي مزيف بفعل المخدرات وتأثيرها الغريب على وظائف الدماغ وتعطيل الأجزاء المسؤولة عن حفظ الأحداث والذكريات.. وهكذا فأن من يتعاطى المخدرات يسعى للانسلاخ عن واقعه وممارسة خداع النفس من خلال الارتباط بعالم لا وجود لع على ارض الواقع والحياة..

وفي جولة لـ(العباسية نيوز) بين مجموعة من الشباب لمناقشتهم عن أسباب إدمانهم على المخدرات كان لقاء مع (حسام فــ ..) الذي قال أن يعيش حياة كلها عذاب في عذاب، فهو خريج جامعي يحمل شهادة البكالوريوس في (الفلسفة)  ومن خريجي عام 2006.. ورغم مرور سبع سنوات على تخرجه فأنه لم يحصل على أية وظيفة في دوائر الدولة لعدم قدرته على دفع رشاوى تصل إلى (5) آلاف دولار أمريكي.. وأوضح أنه تحت ضغط الحاجة مضطر للقبول بأعمال لا تتناسب ومؤهلاته.. أحياناً كنادل في مقهى أو بائع في أسواق للمواد الغذائية.. وحتى هذه الأعمال غير متوفرة دائماً.. ويقول أيضاً ربما أعمل لأسابيع قليلة ومن ثم أترك العمل لأشهر.. وهكذا يتواصل المستقبل المجهول دون وجود بارقة أمل بنهاية سعيدة..

وعلى الرغم من معرفته بأن الإدمان آفة خطيرة تهدم أركان المجتمع وأسسه من خلال تدمير جيل الشباب الذي تقع على عاتقه مهمة النهوض بالعراق وبناءه على أسس العلم والمعرفة والتطور الحضاري الهائل في مرافق الحياة كافة، رغم معرفته فأنه مصر على أن تعاطي المخدرات بات جزءاً رئيسياً من عالمه ومن الصعب عليه التخلي عن عالم جميل يصنعه مقابل ثمن زهيد لا يتجاوز الــ(3) آلاف دينار..

حسام وغيره من المدمنين يشترون بثمن زهيد عالناً من الأوهام مقابل ثمن باهظ يدفعونه من أعمارهم وصحتهم وأخلاقهم وكيانهم الإنساني والاجتماعي..

(حسام) نموذج وجرس إنذار لأنه واحد من مئات الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل والذي يشعرون بمرارة قاتلة كونهم طاقات معطلة ومهمشة في ظل سكوت مطبق من جانب حكومة المالكي التي وبعد أكثر من (7) سنوات على وجودها في السلطة لم تقدم أي مشروع أو خطة لاستيعاب العاطلين وفتح أفاق الحياة العملية أمامهم لأنهم فعلاً جيل البناء والمستقبل..

ولا بد أن نشير أيضاً إلى أن كارثة تفشي المخدرات أصابت أيضاً شرائح أخرى من المجتمع من غير الشباب العاطلين.

فهناك من أدمنوا على المخدرات بسبب ظروف الحياة الصعبة والقاهرة أو بسبب الخوف والرعب من التفجيرات بالسيارات المفخخة وانعدام الأمن والاستقرار، هؤلاء أيضاً يفرون من الواقع المزري إلى دنيا الأحلام المزيفة عن طريق تعاطي السموم القاتلة.

حتى المشاكل العائلية وانعدام الانسجام بين أفراد العائلة أو بين الزوجين تعد أسباب اللجوء إلى المخدرات المهدئة للأعصاب وفي هذا الشأن يقول (صبحي عزت) أنه أنفصل عن زوجته بعد أشهر قليلة على الزواج بسبب عجزه عن توفير المتطلبات المنزلية المادية وعاش أجواء الكأبة الحادة والانهيار العصبي الأمر الذي أضطره لمراجعة طبيب في الأمراض النفسية.. بدأت بتعاطي أقراص (الفاليوم) حتى أستطيع النوم وبمرور الوقت أصبح مدمناً عل هذا النوع من المخدرات.. والمشكلة أنني أخذت اتعاطى الحبوب المهدئة حتى في ساعات النهار الأمر الذي أصابني بالخمول والنحول الدائمين فلم أعد قادراً على مزاولة عملي بشكل اعتيادي.

ويضيف لقد أصبحت مدمناً وأسير المهدئات وقد أثر ذلك عل شهيتي في تناول الطعام وأحس دائماً بأن قواي منهارة تماماً.

أن صورة مأساوية أخرى عن مساوئ تعاطي المخدرات والعقاقير المهدئة للأعصاب الأمر الذي ينذر بانتشار أمراض اجتماعية جديدة بالإضافة إلى الإدمان على السموم البيضاء.

ويقول الدكتور عماد عبد الرزاق الأخصائي في الأمراض النفسية: من خلال ورش العمل لدينا فقد أصبح لدينا تصور بأن الإدمان الدوائي هو الأكثر انتشاراً ومنها الإدمان على (الفاليوم) ومشتقاته والمضادات الحيوية وشرابات السعال وغيرها.

ولكن لوحظ زيادة في الإدمان على مادة (الترامال) وهو مسكن للآلام يستعمل بعد العمليات الجراحية وله تأثير أفيوني كبير.. كما لوحظ زيادة الإدمان على المواد الانفيتامينية وهي مواد محفزة تستعمل في الكريستال تهرب من دول الجوار.

ولكن منظمة مكافحة المخدرات العالمية وفي دراساتها وأبحاثها تذكر بأن هناك في العراق إدمان واسع على الأدوية المهدئة نفسياً والتي تعد من المواد المخدرة المضرة بالصحة والسلوك ويجب تقليص استخدامها وعدم تناولها إلا بمشورة طبية ولكن هذا غير منفذ في العراق، وقد تكون أغلبية صيدليات العراق أن لم تكن جميعها تبيع أقراص الفاليوم لكل من يطلبها.. عليه فأن العراق بات في عداد الدول التي تشهد انتشاراً واسعاً للمخدرات..

ولابد أن نعرف أن هناك ثلاثة أنواع من المخدرات، الأولى طبيعية مثل الكوكايين والهيروين.. والثانية نصف طبيعية مثل الحشيشة وغيرها.. والثالثة صناعية (الإدمان الدوائي) وتشمل طيفاً واسعاً من الأدوية والعقاقير التي يساء استخدامها.

وطبقاً لمعايير المنظمات الدولية والأمنية منها والصحية المعنية بكيفية التخلص من آفة المخدرات بكل أنواعها أنه إذا وصلت مرحلة الإدمان إلى نسبة واحدة في المئة من عدد السكان فأن هذا مؤشر على أن البلد يعاني من الإدمان ولا بد من مكافحته بكل أنواعه.. فيما أعلنت منظمة الشرطة الدولية (الانتربول) في آخر تقاريرها المتعلق بمسألة بيع وتوزيع المخدرات بأن العراق أصبح مركزاً مهماً لتجار ومروجي المخدرات بل تطور هذا القطاع ليشمل أدوية الهلوسة، فالعراق يطل على دول الخليج كالكويت والسعودية حيث يشهد البلدان انتشاراً نشيطاً وواسعاً لسوق المخدرات وكذلك وعم طريق هذين البلدين يتم إيصال كميات كبيرة من المخدرات إلى بلدان الخليج العربي الأخرى مثل الأمارات وعمان وقطر.

ويبقى الموقف القضائي من المدمن طبقاً للقوانين العراقية حيث لا يوجد نص قانوني لإخضاع المدمن للعلاج دون إرادته، ولكن هناك مخرج قانوني إذ بإمكان عائلة المدمن رفع شكوى ضده لدى أي مركز شرطة كونه يشكل خطراً على نفسه وأهله، وعندئذ يحيله القاضي إلى اللجنة الطبية العدلية الأولية التي تتولى فحصه وتقرر بأنه يحتاج للعلاج الإجباري ولا يطلق سراحه إلا بعد أتمام العلاج وبموافقة القاضي.

كما أن قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1965 المعدل يعاقب وفق المادة (14) منه بمختلف العقوبات متعاطي ومروجي وحائزي المخدرات حيث تصل العقوبة إلى الإعدام أو السجن المؤبد على مستورد أو مصدر أو حائز أو زارع بدون أجازة تخوله ذلك خلافاً لقانون المخدرات

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1127 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع