شفق نيوز:يثير استمرار تقارب بغداد مع إيران مخاوف من عودة العراق الى مرحلة تسعينيات القرن الماضي، حيث ان استمرار علاقاته الوثيقة بها يشكل "نقطة ضعف" في وقت تمر فيه المنطقة بمرحلة تحولات جيوسياسية واسعة، تضع مستقبل البلاد تحت الخطر.
وبحسب تقرير لمعهد مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية" الامريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، على الرغم من قرار القوى المتحالفة مع ايران في العراق، بالابتعاد عن حرب الايام الـ12 و"الصمت بشكل غريب"، إلا أن هذه الجماعات ما تزال تتمتع بنفوذ كبير في بغداد، وتتعايش في الوقت نفسه، مع القوات والقواعد الامريكية.
وبينما حاول القادة العراقيون القيام بتحقيق توازن دقيق امام هذه الضغوط على بلدهم الذي يوصف بانه بمثابة "رئتين تتنفس ايران من خلالهما، ويعتبر "منطقة نفوذ استراتيجية وعقدة رئيسية في شبكة ايرانية على مستوى المنطقة من الوكلاء والحلفاء"، الا أن صراع ايران مع اسرائيل ابعد ما يكون عن الحل، ودخل في "مرحلة غير مسبوقة وخطيرة، مما قد يضع العراق في عين العاصفة الاقليمية، وفق التقرير الذي يتخذ من الدوحة مقرا له.
وفي ظل الحضور العسكري الأمريكي في العراق واستمرار دور الميليشيات المدعومة من ايران في اطار الحشد الشعبي، نبه التقرير إلى أن ذلك يجعل العراق "نقطة اشتعال محتملة" في حال سعت الميليشيات الى الحاق الاذى بالاميركيين.
ولم يستبعد التقرير أيضا، احتمال ان تلجأ ادارة دونالد ترامب، على غرار ما فعلته ادارة جو بايدن من قبل، الى استهداف الحشد الشعبي، مشيرا الى ان اسرائيل برغم انها لم تنفذ حملة شاملة داخل العراق، الا انها شنت ضربات في الماضي على اهداف داخل الاراضي العراقية.
وحذر التقرير الأمريكي، من أن انخراط قوات الحشد الشعبي في أي مواجهة مستقبلا، سيؤدي الى رد اوسع من جانب الولايات المتحدة واسرائيل، خصوصا مع توسيع سياسة ترامب المتمثلة في "الضغط الاقصى" على ايران الى العمق العراقي.
وفي حين لفت التقرير إلى أن إدارة ترامب تظهر القليل من التسامح مع النفوذ الإيراني في العراق، ذكّر بسلسة قرارات وضغوط اقتصادية فرضتها واشنطن على بغداد مؤخرا، والتهديد بمعاقبة الدولة العراقية ككل، مما سيكون له عواقب مدمرة على العراق وآثار وجودية على الدولة.
وهذا الضغط، وفق تقرير المعهد الأمريكي، له أيضاً تداعيات سياسية، خصوصا بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي يواجه تحدي إدارة العلاقات المتدهورة مع الولايات المتحدة، وايضا مواجهة المنافسين المحليين، واسترضاء الكتل القوية المتحالفة مع ايران.
وبحسب التقرير، فان السوداني، في ظل هذا الموقف غير المستقر، سيكافح من اجل تجنب التداعيات عليه في حال سعى الحشد الشعبي الى تقويض المصالح الامريكية او استهداف الافراد الامريكيين، مشيرا الى ان السوداني تعرض لاتهامات بانه اما ساهم في تمكين صعود الجماعات المتحالفة مع ايران، او غض الطرف عن قبضتها المتزايدة منذ توليه منصبه.
وعلمت واشنطن مؤخراً، ان السوداني وتحت ضغوط من طهران، لجأ الى معاقبة اقليم كوردستان، ولجوئه في المقابل الى تمكين االحشد الشعبي اقتصاديا، كما يشير تقرير معهد مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية" الامريكي.
وباتت الشروخ العميقة داخل الطبقة السياسية الشيعية الحاكمة، والغموض المحيط بمستقبل الحشد الشعبي ومحاولات الاطاحة برئيس الحشد فالح الفياض، ومحاولات بعض الفصائل دمج الحشد للتقليل من قبضة طهران، ورؤية قوى أخرى من المتحالفين معها، بمثابة تهديد لسلطتهم.
وفي هذا الصدد، رأي التقرير الأمريكي، أن "أي خطا في ادارة هذه التوترات يمكن ان يشعل صراعا داخل الشيعة، مما قد يزيد من تآكل نفوذ ايران ويفتح ثغرات لواشنطن لاستعادة نفوذها في العراق والاستفادة من التدهور الاقليمي الاوسع لايران".
واعتبر التقرير، انه في حال كان السوداني يميل بشدة نحو طهران، فان ذلك قد يجلب ضده عقوبات من جانب الولايات المتحدة، بما في ذلك الضربات العسكرية.
والقول باحتواء الحشد الشعبي اسهل من فعل ذلك، وفق التقرير الذي شدد على ضرورة أن يقدم السوداني ادلة ملموسة على انه ليس من عوامل تمكين الحشد، كما فعل رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الذي نال اشادة في واشنطن لوقوفه في وجه الميليشيات.
وخلص تقرير مجلس الشرق الاوسط للشؤون الدولية إلى القول إن "العراق على مفترق طرق، والاستمرار باسترضاء الحشد الشعبي يخاطر بربط مصير العراق بمصير ايران". معتبراً ان الانسجام بشكل اكبر مع الولايات المتحدة يفتح الفرص للنمو الاقتصادي والتكامل الاقليمي والشرعية الدولية.
وختم التقرير بالقول ان "ايران المستقبلية توفر للعراق تهديدا باعادة البلد الى التسعينيات، عندما تعرض لعقوبات غربية، وكافح من اجل التعافي من الحرب وعانى من الحرمان على نطاق واسع".
918 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع