عبدالجبار العتابي/بغداد: اكدت الفنانة التشكيلية العراقية منى مرعي انها في معرضها الحالي تستهدف المستقبل، تنظر الى الغيب فتحاول بتساؤلاتها ان ترسم خطوطا معبرةعنه، مشيرة الى انها تشعر بالسعادة حيث تثير الجدل في نفوس المتلقين.
اقامت الفنانة التشكيلية منى مرعي معرضها الشخصي السادس الذي حمل عنوان (مابعد الاخر) على قاعة حوار بالوزيرية، ضم 23 عملاً، باحجام مختلفة، كبيرة وصغيرة، ولكن الاغلب احجام كبيرة، وقد ركزت الفنانة في معظم لوحات المعرض على مفردات متنوعة في اللون والمساحة المطلقة مع ادخال تكوينات خاصة موحية مثل الكف والقدم واظهارهما بشكل يوحي لمؤثراتها الكتلوية في المضمون والشكل، وقد اشاد عدد من النقاد والفنانين بتجربتها، لاسيما انها سبق ان نوهت عنها بشكل تجريبي في سلسلة معارض اطلقت عليها (تجارب) والذي كان آخرها المعرض الحالي وهو السادس في مشوار تجاربها في عالم التشكيل.
تجربة فنية مميزة
فقد اكد الناقد صلاح عباس،رئيس تحرير مجلة تشكيل، على انه ازاء تجربة فنية مميزة وقال: بادرة جيدة من قبل الفنانة ومن قبل قاعة حوار على حد سواء، ذلك ان الفن النسوي في العراق كاد ان يكون منحسرا الا من بعض المبادرات المتفرقة هنا وهناك،واغلب هذه المبادرات تتجلى في المعارض الجماعية والمشتركة بيد ان عملية اقامة معرض شخصي تعد بادرة يحسب لها الف حساب.
اضاف: تضمن معرض منى مرعي العديد من اللوحات المنفذة بمادة الاكريلك على القماش وتناولت الفنانة مواضيع خاصة بالمراة والمقصود هنا بالمراة العراقية التي غدت رمزا للتعبير عن الانتماء الوطني وعن الحرية ايضا فالمراة وبكل ما تنطوي علية من تفاصيل جسمانية فانها تمثل دولا على المغزى الجمالي وكما هو معروف بان المراة كانت تمثل الهة للخصب والنماء والحب وكانت الحارات الرافدينية المبكرة هي حضارات انوثية الحضارات ولكننا الان بازاء تجربة فنية مميزة حيث ان الفنانة منى مرعي حاولت ابتكار عوالمها من خلال صوغ الاشكال المثيرة للانتباه وبث اعلى درجة من الطاقة الفنية المعبرة عن ذاتها وفنها الرائع.
وتابع: اعتقد بان هذا المعرض يعتبر فتح صفحة جديدة في تاريخ هذه الفنانة التي واجهت جمهورها الفني في بغداد للمرة الاولى، والجميل في هذا المعرض ذلك الحضور الباذخ والافتتاح المهيب وقد التقى فيه الكثير من الاسماء الفنية الكبيرة ومن مختلف الاجيال والاتجاهات الفنية وهذا جزء من النجاح الذي حققته هذه الفنانة المميزة.
الفنانة السندبادية
من جانبها قالت الاعلامية سندس الراوي: الفنانة التشكيلة منى مرعي التي أطلق عليها لقب الفنانة السندبادية لم تتوقف عن أبداعها، فهي تخبئ وراء رسوماتها معاني تعطي للمرأة عالما لن يفهمه أحد كما فهمته هي، فـ (بروزت) مفهومها باللوحات التي تغنت بجسد المرأة وكيف تولد الحياة من هنا معاني عظيمة تذهل كل الحضور.
واضاف: انها اسمت معرضها مابعد اﻷخر ) لكونها لن تتوقف فلها في المستقبل أبعاد أكبر وفرشاة أعظم ﻷعطاء حق كل لوحة معالمها وشروحها لكي تخاطب العقول التي من حولها وأستعملت لفكرتها الوان غزت بها عيون الناظرين.
صناعة صور بصرية
اما الفنان التشكيلي والناقد فهد الصكر ان الفنانة حاولت إيجاد وصناعة صور بصرية بلغة السرد اللوني، وقال: منذ معرضها الشخصي الأول " تجريد × تجريد " الذي اقيم عام 2001 والتشكيلية منى مرعي تحاول ان تؤشر إلى بصمة فنية في مشهد التشكيل العراقي، لتجيء معارضها ( بسمات بغدادية، خفايا، اشباه مغايرة، ظل أخر ؟) تؤكد ذات المعنى والتطور ضمن محطاتها اللونية والموضوعية.
واضاف: في معرضها " ما بعد الأخر " هناك أكثر من لغة تناغم بين ألوانها، هي بعض موسيقى فرشاتها، وهي تدوّن هواجسها أزاء ما تقرأ من واقع يحيط بها، في عالم ضاج بالفوضى.
وتابع: منى مرعي تحاول إيجاد وصناعة صور بصرية بلغة السرد اللوني، لتقتحم عزلة الكائن البشري، سواء كان رجلا أم امرأة، لتعيد تشكيل " الصورة " في تماثلها مع الأمل وهو محض ذكرى وخيال،لذا يجيء نشاطها المتميز في إقامة معارضها من وحي زخم الأفكار التي تتفاعل معها بشكل مكثف، لتوجز كل ذلك على قماشة اللوحة وهي تحفي بالأنسان " امرأة " لتنتصر لها وهي تطرح قضية المرأة ومعاناتها بأعتبار إن المرأة العراقية أستثنائية بكل معنى،وهنا هي تحيط أعمالها بالمدرسة " التعبيريه التجريدية ".
الآتي من الغيب
الى ذلك تحدثت الفنانة منى مرعي لـ (ايلاف) عن معرضها قائلة: هذا المعرض جاء مكملا لتجربة او معرض عمان (ظل اخر)، فارتيت ان اسمه (مابعد الاخر) لاني اعني معنى فلسفيا ورمزيا لما بعد الاخر وهو الاتي من الغيب، المستقبل الاتي، لاني عادة في حياتي عندما يمر بي ظرف سلبي او ايجابي...اقول: طيب وما سياتي بعد؟، اي اني في هذا المعرض ابحث عن القادم، حاولت ان انتظر القادم بالوان ورسوم تعبيرية وعبرت عن فرحه وامل بالقادم وقد بسطت الاشكال.
واضافت: صحيح ان التجربة جاءت مكملة للمعرض السابق ولكنها تختلف، حيث اصبح العمل اكثر ثقلا ونضوجا.
وتابعت: انا موجودة في اغلب لوحاتي، هناك حضور لا واعي لي في كل اعمالي، فاغلب الاعمال هي انعكاس لدواخل الفنانة بشكل لاواعي
وأوضحت: على الرغم من اني استاذة رسم في معهد الفنون الجميلة الا اني ابحث وادرس واجرب باستمرار، وهو وكما تعودت ان يكون في كل معرض رسالة الى العالم ان العراق ما زال يتنفس الابداع والفن والثقافة رغم الأوجاع.
واضافت ايضا: تعمدت ان اجعل الأحجام مختلفة وكذلك المواضيع كي اجعل المتلقي يتنفس ويتنقل في عوالم مختلفة من اللون والتعبير وذلك كي يعيش القصة والحلم في كل لوحة كي اخذه الى عالم اخر بعيدا عن التعقيد الذي يرافقنا الى حياة ابسط فيها امل لفرح قادم، استحدثت هذه المرة الاكف والاقدام وذلك لان اليد دائما ما تكون انعكاس لدواخل الانسان فحركة اليد بمثابة تعبير بحد ذاتها وايضا هي ما يشير الى القادم...اما القدم فهي من تاخذني الى القادم.
وختمت حديثها بالقول: اني افرح دائما حين اثير جدلا او تساؤلا في دواخل المتلقين لاني احس بهذه الحالة اني بلغت الهدف.
860 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع