حين يتكرر الوقت يتوقف!!!...سعد ناجي علوان
(حين يتكرر الوقت ....يتوقف ) عنوان لنصوص الشاعر سعد ناجي علوان توليفة اختزال لكآبة شرقية مؤثثة بجبروت حاكم , مسلسل رزايا , زيف علاقات ,أحلام مؤجلة واستصعاب تحقيق الذات , يصبح الوقت عندها لزجاَ كحلزون يلتصق بسنين العمر , وتلوح بوادر تقحل حياة من معناها فيتوقف الزمن معلناً النهاية بأكبر الخسائر
اما الأهداء فلقد دلق سعد ناجي علوان الحزن فيه وكأن القارئ امام مزمور حزين تعزفه هذه الجملة الغارقة بالمرارة ..... الى أمي التي رحلت دون وداع
على مدى ( ٥٧ ) نص شعري ستجد نفسك امام نصوص ومغامرة شعرية مختلفة عن مثيلاتها , نصوص لاذعة كنبيذ معتق , تآسرك بنسق اختزالها , تفهم معناها بلا ريب ولكنك تلذذ بالتفكير فيها وكأن الشاعر هنا يجبرك على لعبة تنشيط الذاكرة والذائقة
بعض نصوصه لا تتجاوز ثلاث الى اربعة كلمات لوحدها هي حكاية كما في باكورة الكتاب نص بعنوان ( بدء ) يقول فيه ( الكلُّ يكذب / حين يتسع الوقت / للصدق ) ونص اخر بعنوان ( مقهى ) حيث يقول ( نادلُ ابيض كالقبلة / وزبائن كالأعصار
يخرج سعد ناجي علوان عن المألوف في نتاجه وكأنه كان ينتظر سنين طويلة ليلملم افكاره ويسجلها ثم يصوغها بحرفة صائغ ذهب بنقش الفكرة و اختيار المفردة وجمالية التقديم وإن غلب على نصوصه صفة الترميز والتشفير وكأنه نصوص سياسية كتبت عن غفلة عيون زوار الفجر , واحياناً يكتب باسماء صريحة لاصدقاء او اناس يعرفهم فيرفع قناع الرمزية هنا ويخاطب شخوصه في النور
فلسفته الغريبة باعطاء مسميات وتعاريف تشعر القارئ بأنه إما امام بحّار عجوز جاب الدنيا وخرج علينا بزبدة المعرفة او صاحب حانة عتيقة تسكن على اطراف البحر المتوسط , زبائن الحانة ومعاشرتهم جعلت من صاحبها حكيماً , وهذا ما تتلمسه في نص بعنوان ( تعريف ) حيث يقول ( الليلُ / أيقونة لصٍ / حكاياتُ عاطلةُ / زورق امرأةٍ / غرابٌ ) وكأنه ينثر خبرة سنين بحكمة معّمر ويلقيها على القارئ
وللتشفير متكأ في نصوصه حيث يقول ( إذ يرحلون دون وداع الأمهات /والصباح يأفل على خشب البنادق / أحتاج لكثير من الجرأة.../ لأنظر إلى شجرة /لدهر من النسيان كي أفكر فيك لكذبة أخرى كي أقول... أحبك ) كل هذه الرمزية في نص بعنوان وجع
كما يوثق الشاعر سعد ناجي علوان ابن مدينة الديوانية , تلك البقعة القصية عن عجلة الزمن المنسية هموم مدينته حين يوصفها في نص ( ذات ) ويقول ( كرة البلور/ لا قلب لها / فقط / جدار موشوم بالهزائم /التي تتسع
المجموعة الكاملة من نصوص الشاعر سعد ناجي علوان , مغامرة شعرية تستحق القراءة للأرتقاء بالاسلوب والفكرة المتضمنة بهذا العمل الجريء والأبتعاد عن رتابة قوالب الشعر ومعالجاته وكأنك عزيزي القارئ وانت تقرأ هذه النصوص تشعر بأن اسلوب حديث قد تسرب اليك من خلال كيفية طرح الفكرة واختزال الكثير بكلمة واحدة لا غير قادرة على ان تبقى قابعة في الذاكرة ولها في كل استحضار حلاوة حضور
حين يتكرر الوقت ...يتوقف هي باكورة اعمال الشاعر ونأمل ان تتبعها محاولات اخرى لها نفس المحاكاة والأسلوب وأن ينال استحقاقه العادل من هذه الحياة , فقد قيل قديماً (أصنع المعروف مع الشيطان ....يعطيك الجحيم مكافأة ) فهل سعد ناجي علوان عاش وقضى حياته في زمن مع من هم اسوأ من الشيطان نفسه
في آمان الله
922 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع