ايلاف/بغداد: يتعرض الشاعر ابو نؤاس الى انتهاك تاريخي صارخ من خلال الاساءة اليه، وقد تعرض تمثاله القائم في حدائق الشارع الذي يحمل اسمه الى (التعرية) وازالة اشعاره المنقوشة على قاعدة التمثال او التي قربه، لذلك ظلت طوال خمسة اشهر عارية فيما كأسه ينتظر الحكم عليه بالكسر ومن ثم يتوارى التمثال خلف مزاجيات البعض الذين يجدون في ابو نؤاس مثالا صارخا للمجون والخمر !!.
اثارت محاولات تهديم تمثال الشاعر العباسي الشهير ابو نؤاس ضجة كبيرة في الوسط الثقافي العراقي ونالت هذه المحاولات تنديدا شديد اللهجة، مستغربين ان يتم التعامل مع الرموز التاريخية بهذه السذاجة حتى ان البعض قال (الشعراء يتبعهم الغاوون ويهدّم تماثيلهم المؤمنون..)، فيما راح البعض يتندر مما يجري لتمثال ابو نؤاس، بأن ما تقوم به امانة العاصمة هو ترميم للتمثال، بنزع مرمره وتركه عاريا منذ خمسة اشهر، ولم يؤثر نفي الامانة من انها لا تريد ازالة تمثال ابو نؤاس شيئا عند الاخرين، بل اعتبروا ذلك تبريرا غير مقنع خاصة ان مدة خمسة اشهر ليست قليلة لترميم قاعدة تمثال اكد البعض ان الامانة تقصد بالترميم ازالة الاشعار وربما الكأس ايضا، وطلب البعض من الناس المحبين للشعر والادب والفن في بغداد و المدن القريبة التوجه الى تمثال ابي نؤاس لالتقاط الصور التذكارية لأحتمالية رفعه وتبديل اسم الشارع، فيما قام بعض المثقفين بوضع لافتة على التمثال مكتوب عليها مخاطبة للنحات الذي عمل التمثال (اسماعيل فتاح الترك،وطنك لم يستطع الحفاظ على تمثالك).
تهديم بطيء متعمد
ان ما يجري الان هو تهديم بطيء متعمد لمرمر قاعدة التمثال الذي صار آيلا للسقوط،والغاية من ذلك ليست سرقة المرمر، بل حذف بيت شعر ابو نؤاس منقوش عليها: (ألا فاسقني خمراً وقلْ لي هي الخمرُ ولا تسقني سِرّاً إذا أمكنَ الجهرُ)، وقد نجحوا بإزالة البيت الشعري من قاعدة التمثال وتركوها عارية قبيحة مقززة مشوهة، فيما ابو نؤاس لا يزال يمد يده بكأسه الذي سيغيظ بها الذين يريدون تحطم تمثاله والاساءة اليه.
مهانة واذلال
فقد اكد الكاتب حامد المالكي انهم بحجة الترميم يردون ازلة التمثال، وقال: لم يتعرض شارع الى الإذلال والمهانة مثلما تعرض شارع ابو نؤاس في بغداد، الرئة الخضراء الوحيدة في جانب الرصافة، قبل، كان مغلقا لانه يشرف على قصور الطاغية، ولأنه فارسي، تم تغير اسم الشارع الى شارع العباس، وما فاد، بقى ابو نؤاس، لان الذاكرة الجمعية لا تمسحها قرارات مجلس قيادة الثورة، واليوم، لان ابو نؤاس ارتبط شعره بالمجون والخمر، تتم عملية منظمة منذ خمسة أشهر (بحجة الترميم) لإزالة هذا التمثال المهم للفنان المرحوم إسماعيل فتاح الترك، لقد تم رفع اللوحات التي تشير الى المُمَثل واسم ناحته، بعد ايام لن تجدوا له أثرا.
وختم بالقول: زين.. على الاقل تذكروا قصديته في مدح الامام الرضا؟
شاعر لا بديل له
اما الشاعر الدكتور حسين القاصد، فقد اكد ان بغداد ان خلت من جماليات ابي نواس ستبدو شاحبة الوجه، وقال: كان ـ رحمه الله ـ شاعرا ماجنا، ولم ينفعه التجديد في الشعر، ولم ينجه من اعدائه، حتى تطاول عليه جهال القوم، وأخذوا يحرّمونه ويجرّمونه !!،وقال الشيعة: انه شاعر شيعي موالٍ لآل البيت، وما كانت قصائده الماجنة الا نوعا من اسلحة الدفاع عن النفس وقناعا ظاهرا يدفع به الاذى عن نفسه..،ولم يسكت العربانيون والقوميون على سلوك ابي نواس، بل كان بودهم اعدامه حتى وهو ميت، ذلك لأنه من ام فارسية !!
واضاف: على كل من يفكر بتغيير اسم شارع ابي نواس أن يذكر لي مدينة واحدة او شارعا واحدا تغير اسمه، وصار ينادى باسمه الجديد.. !!،وحسبي انكم لو اطلقتم اسم احد الانبياء على سوق مريدي لقام أهل (الثورة ) بتسميته سوق مريدي عليه السلام دون ان يذكروا اسم النبي المفترض !!
وتابع: الذاكرة الجمعية لا علاقة لها بما تخططون، وابسط مثال انكم لم تستطيعوا التخلص من اسم مستشفى الشهيد عدنان خير الله !! في مدينة الطب !! لأنكم لم تحسنوا البديل، فكيف لشاعر لا بديل له؟؟
وختم بالقول: اتركوا ثقافتنا بعيدا عن متناول امراضكم النفسية، ليس دفاعا عن رمزنا الثقافي والفكري، بل دفاع عن بغداد التي ان خلت من جماليات ابي نواس ستبدو شاحبة الوجه، مثل امرأة نيئة، لا أحد يراها، ولا أحد ينكر انه رأها صفراء لاتسر الناظرين، فتركها وولى وجهه للجحيم هربا منها، لخلوها من ابي نواس شاعرا وشارعا.
الشجرة الخبيثة
فيما اكد الشاعر أحمد عبد الحسين، ان من يريد ازالة التمثال داعشي، وقال: إذا صح ان الجهلة التافهين الذين يحكمون بغداد ينوون إزالة ثمثال أبي نؤاس وتغيير اسم الشارع فهذا يؤكد ظني الشخصي ان الإسلاميين كلهم أعني المنتمين للأحزاب والحركات الإسلامية أصحاب جوهر ظلامي وأنهم بسنتهم وشيعتهم داعشيون مع وقف التنفيذ.
واضاف: مؤكد ان الإسلام السياسي يسير الى حتفه سريعا فهو نبت شيطاني. هذه عندي سنة الهية كونية. هم الزبد الذي سيذهب جفاء. مؤكد أيضا ان شعر أبي نؤاس سيعمر أطول من أدبيات هذه الأحزاب التافهة التي لم تنتج إلا لصوصا وقتلة.
وختم بالقول: لي يقين اننا نعيش آخر أيام السفلة على الأرض. إرهابهم وحيوانيتهم واستعجالهم في النهب والسلب يشير الى قرب زوال هذه الشجرة الخبيثة المسماة بالإسلام السياسي.
ما الذي جناه؟
من جانبه استغرب الشاعر والناقد جمال جاسم أمين ما يتعرض له الشاعر وتمثاله، قال متسائلا: ما الذي جناه ابو نؤاس؟ هل اشترك في حملة بيع الاسلحة للارهاب و تستر على سقوط الموصل؟ هل هرّب السجناء من ابو غريب لتعزيز صفوف القتلة مقابل اعادة طبع ديوانه؟ ! هل سرق الميزانية وأعلن التقشف؟ هل منح هوية نقابة الصحفيين للسواق و عمال المطاعم؟ هل اقام مهرجانات ثقافة لاغراض تجارية؟ هل شوّه المناهج الدراسية بحجة تغييرها؟ هل سرّب اسئلة البكلوريا؟ هل اشترك مع مافيات التلاعب بالعملة و تصعيد الدولار؟ هل هجّر الايزيدين من ديارهم؟ هل استولى على عقار بطريقة وضع اليد؟ هل حوسم يعني؟ هل طلب رتبة دمج تصل الى فريق ركن او بدون ركن؟.
واضاف: ما الذي جناه ابو نؤاس لتهدموا تمثاله؟ لم يكلفكم حتى مظلة تحميه من رصاصكم الطائش، لم يطلبها خوف ان تحرمه من المطر ! ظل عرضة للموت حفاظا على صداقته مع المطر !.
975 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع