الحياة في الحامية الرومانية - سيرة أخرى للمثقف العراقي -
عبدالرضا غالي الخياط / خاص - الگاردينيا
يتناول هذا الكتاب مرحلة أقامت الشاعر والكاتب هادي الحسيني في عمان برفقة فئة من الأدباء والكتاب والفنانين والسياسيين العراقيين الذين خرجوا من العراق أبان فترة الحصار الذي اجتاح البلاد في تسعينات القرن المنقرض، واختاروا المنفى وطناً لهم بديلاً عن الوطن الأم. ومنهم على سبيل المثال دون الحصر، عبدالوهاب البياتي وحسب الشيخ جعفر وجان دمو وسعدي يوسف، وخليل شوقي ومائدة نزهت وسعدي الحديثي وحمودي الحارثي وآخرون كثر. والكتاب أقرب ما يكون منه إلى السيرة الروائية، قدم بسرد جميل وبناء محكم، يجمع بين المتعة والفائدة، بالإضافة إلى أنه يؤرخ لمرحلة في غاية الصعوبة عاشها المثقف العراقي سواءً أكان في عمان أم في بغداد، كما انه يرصد الحراك الثقافي العراقي بتنوعاته وطقوسه على أرض المهجر العربي في " عمان "، ويشتمل على الذين تتعرض العلاقات الثقافية إلى قدر كبير من التغيير ومن الشد والجذب الفكري والأدبي. وهو سفر له طابع خاص حيث البحث عن معاني الحياة والرغيف الأبيض وأشياء أخرى ذهبت مع مرور الزمن وتسارع عجلات الحياة، التي تدهس أشياء جميلة من دون أن نلتفت إليها أو حتى أن نشعر بها. والمؤلف، أختار عنواناً لكتابة " الحياة في الحامية الرومانية "، ذو دلالة ويريد هنا أن ينبهنا إلى ما في صفحاته من أسلوب ساحر أخاذ وقوي جاء محاكياً أو متماشياً مع عنوان أقرب ما يكون منه إلى السيرة الروائية لأزمة المثقف العراقي، جاءت لتؤرخ عن فترة حرجة عاشها المؤلف مع من عاصرهم من الأدباء والشعراء والفنانين ومن طبقات ومستويات مختلفة من المجتمع العراقي الذين تكتظ بهم العاصمة " عمان "، عاشها المؤلف بكل تفاصيلها في المهجر العربي، وما اكتنفها من تصادمات وتقاطعات اقتصادية وسياسية في ظل قسوة الغربة والحصار والتهميش والإقصاء والمطاردة للبعض منهم. وتكمن فائدة الكتاب وأهميته في تصويره وبشكل مجسم حياة المغتربين العراقيين في عمان في منتصف التسعينات، بجميع شرائحه وطبقاته الاجتماعية وعلى جوانب حياة أفراده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كافة دون ان تهمل تأثير التطور والتغيير عليهم جميعاً وبشكل مفصل.. لقد كان أحد أكثر الجوانب التي برع فيها الحسيني، وهو الغور والغوص في عمق التجربة الإنسانية التي عاشها والشخصيات المتواجدة حينذاك، كذلك يمكن القول بثقة تامة من ان الكاتب استطاع تحقيق نجاح فريد عندما رسم ملامح شخصياته، فيشعر القارئ وكأن الكاتب قد نقله في مرحلة ما من مراحل التجربة، إلى الواقع الذي تعيشه شخصيات الحامية، حتى بلغ به مرحلة يظن معها أنه يعيش بينهم ويكاد يشاركهم بعض أحاسيسهم وهمومهم ويتبنى بعض أفكارهم، ربما كان إيمان الكاتب بأن الألم، هو الذي يمنحه القوة والإرادة على المضيء، دفعة واحدة إلى تقديم كتاب، بهذا الشكل والمحتوى مختصراً الواقع بحكايات تخترق فضاءات الألم والمعانات، بحثاً عن بصيص ضوء يمكن من رؤية طريق الخلاص والنجاة. فمن خلال عدة فصول تسلل الكاتب إلى تفاصيل الوطن والحب والفراق والبحث عن الرغيف الأبيض، ليعاود إثبات المحور الذي انطلق منه، فالحسيني استهل كل فصل بعنوان مركزي في محاولة منه تقديم الفكرة التي تدور حولها الحكاية منذ البداية، فكان هو وغيرهم حاضرين في كتابه، ملقين الضوء على المعاني المفعمة التي تحدث عنها في حكاياته، التي تقول إن ابطالها أناس عرفتهم وسمعتهم يشكون قسوة الزمن والحياة والظلم من النظام الذي سرق أحلامهم وأجهض أمالهم و قتل حياتهم وهم في الوجود إحياء.. لذلك حاول من خلال هذه التجربة الإنسانية أن يمسح عن دموعهم ويبكي معهم، من دون تغيير حقائق حياتهم، وإن كانت تغيرت في بعض الأحيان القليل من التفاصيل كي لاتكشف هويتهم المتناثرة في كتب الأدب الحديث. وذكر ما وقف عليه من أخبارهم، ليكون هذا المجموع مادة للدراسة الأدبية واستدراكاً لما يمكن إضافته. وان أول مايلفت الانتباه في هذه السيرة الأدبية البساطة الشديدة والوضوح في تناول المفردات إذ أرادها الحسيني خاصة جداً، يعبر من خلالها عن استكشافه عالما جديداً. الذي يعد رحلة طويلة مريرة، تلك التي قطعها الحسيني من بغداد إلى عمان ولم يكن يملك من المال سوى خمسة دنانير أردني، هذا الشاب البسيط المكافح والمسكون بهاجس الشعر، الذي نشأ في بغداد في ظروف أقرب ما تكون إلى الفقر منها للغنى، لم يكن يعلم هذا الذي ترك بيت أهله إلى الأردن من معرفة ما سيكون مصيره. بقي ان نشير على ان هذا الكتاب الصادر حديثاً عن " دار نينوى " للدراسات والنشر – دمشق، ب 305 صفحة من الحجم المتوسط، وملحق بصور بعض الشخصيات.. والذي تناولت فصوله محاور عديدة أهمها الحوار الثقافي – السياسي – الاجتماعي، الذي يدور بين شخصيات عراقية على أرض عمان، وبذلك يكون هذا الكتاب الأول من نوعه الذي يرصد الحراك الثقافي بتنوعه وتأثيره على أرض المهجر العربي في عمان..هذا وسيكون لنا في قادم الأيام مقالة عن تجربته الشعرية.
وهادي الحسيني، شاعر وكاتب عراقي، من مواليد بغداد 1963 غادر العراق عام 1994، إلى عمان، ومكث فيها حتى نهاية عام 1998. ثم هاجر إلى النرويج وأقام في أوسلو منذ بداية العام 1995.
عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق.
عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب.
عضو اتحاد كتاب النرويج.
فاز بجائزة المكتبة العالمية للشعر والإبداع في شمال أمريكا عام 1998 عن قصيدة بعنوان " تماثيل الموت "، إثناء وجوده في عمان.
صدر له :
1-" فتوحات ألبياتي – قصائد ونصوص مختارة " عن دار الجندي- دمشق 1998
2-" ضباب الأضرحة " شعر عن دار ألواح اسبانيا 2000.
3- " رجال من قصب " شعر عن
4- " الحياة في الحامية الرومانية " عن دار نينوى2015.
5- " قصائد أوسلو " عن دار الشؤون الثقافية بغداد 2015.
وله أيضاً : قيد الطبع
1-" تماثيل الموت " شعر.
2-" الطريق سالكة " شعر.
3-" مذكرات الحرب العراقية الإيرانية " سيرة روائية.
4-" حوارات في الشعر- مع جيل الستينات والسبعينات ".
بالإضافة إلى عشرات المقالات والحوارات في الأدب والنقد والسياسة.
1302 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع