قلبي يا كنز المواويل
عبدالرضا غالي الخياط / خاص - الگاردينيا
الشعر احد اهتمامات الإنسان، واحد نوافذه المطلة على الحقيقة، فضلاً عن مكانته الخاصة في دائرة الاهتمام الإنساني به. كما ان الشعر في أصوله وأن اختلفت صوره وإشكاله، هو البحث عن القيم السامية وإلقاء الضوء عليها، لتأصيلها في فكر الإنسان ووجدانه، كما انه يتغلغل فيما وراء الصور والمعاني الروحية ويجعل من الإنسان يسمو بروحه ويرتفع فوق الواقع والماديات. فالشعر أذن تجسيد حي لمعاني الحياة الإنسانية الكبرى. وقد كان وما يزال للشعر دور فعال في الحياة الثقافية وصنع الجمال لغرض التغلب على صعوبات الحياة..هذا وقد صدر للشاعر والإعلامي عبدالكريم سلمان اللامي، ضمن سلسة إصدارات مجلة البيارق، مجموعته الشعرية الثانية الموسومة بعنوان ( قلبي يا كنز المواويل)، التي تظم بين دفتيها 94 قصيدة نثر، تتوزع نصوصها بين القصيرة والقصيرة جداً. وقصة هذه القصائد تحاكي الآلام التي يعاني منها العشاق المطرودين من مملكة الفردوس مثلما يصرح هنا.
لست شاعر وكلماتي تنسكب على صفحتي
أغازل بها حلوة المذاق..
كل شيء فيها يقودني للاحتراق..
لست شاعراً..
ولكني أشعل حروفي بخوراً..
تنير صفحتي.
تشد قلب حبيبي بوثاق.
والشاعر هنا لايطرح غير تجربة واقعة بكامل ثقل معاناته وانفعال كلمته، وبكل يسر الحقيقة يضع يده على محبة الآخر. ما يعرف عن الشاعر اللامي أنه يرفض الأوامر ولم يكن شاعر مناسبات ومحافل بل أنه يكتب الشعر لأنه يريد بذلك مداوة جروحه. ويوزعه بين صحبه وخلانه، وهو في هذه المجموعة شاعراً مزدوجاً، فهو ناقد ساخر وشاعر حب بكل ما تعنيه من معاني ودلالات. ولم يتخذ الشعر حرفة وهو ليس أنانيا في حبه لذاته ونتاجه بل نراه يشعر بالمسؤولية الإنسانية إزاء الناس. وهذا ما نراه في أول صفحة عبر الإهداء الذي تصدر الديوان، إذ يقول مخاطباً الجميع ( ليس شرط أن تكون قصائدي مهداة إلى حبيبة فقط.. قد يكون المعشوق وطن أو أم أو زوجة.. وكل من ترك محبته بين الضلوع..) فهو يكتب حسب مزاجه الرائق ويختار تبريرات موجبة لوجودها الفعلي. فقصائد حبه محاولات وتوضيح وإقناع يقودنا عبرها بمنطق سليم ومقارنات كثيرة ويستدرجنا بالتالي لنقر معه ما يريد والتؤكيد عليه ولعل عاطفته الخصبة وما يملك من قدرات غنائية وأسلوب واضح يجعلنا نقف عند بعض الصور المكتنزة، وبالرؤى التي يرسمها بلغة تتسم بالجمال، حيث نجده يصف حبيبته.
تمشي كشعلة لهب امرأة من ذهب..
قلادة.. تغازل الشمس.
أو حينما نراه يتمثل صورة أخرى من صور الحب.
بعض الحب ينخر القلب..
مثل نقار الخشب
كعصف قذيفة عمياء..
توزع شظاياها في بقايا الروح.
أو كما يعبر في نص أخر.
هي أنثى بين عينيها يسكن حزني..
ويحلو الغناء
والبحر يمتد بعمق عينيها..
وها نحن اليوم نحتفي بصدور مجموعته الثانية، كما سيكون لنا في قادم الأيام أن شاء الله الاحتفاء بمجموعته الثالثة ( وطني يا كنز المواجع )، والتي ستصدر عما قريب في بغداد. وهي قصائد باتجاه الوطن وحدة فقط ، مختلفة في مضامينها الشعرية وبنيتها الصورية، تتوزع همومها على أوجاع وطن ما زال يصارع الحياة..
926 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع