يوسف عبود..القريب من حدود السرد

  

           يوسف عبود..القريب من حدود السرد

 

  

      بغداد / الگاردينيا - عبدالرضا غالي الخياط *

  
صدر حديثاً عن دار الجواهري للنشر والتوزيع – بغداد – دمشق، للقاص والناقد يوسف عبود كتابة الموسوم بعنوان ( قراءات نقدية في الرواية العراقية الحديثة )، بواقع 141 صفحة من القطع المتوسط والذي يجمع بين دفتيه قراءات لثلاثين رواية عراقية حديثة، تقترب من هامش الواقع المعاش الذي يختزن الوجع العراقي الصادم، بواقعه السياسي والاجتماعي والنفسي، تناولها بالدرس والتحليل كاشفاً مضامين المضمر في المتن السردي للروايات الآنفة الذكر كل على حدة.

حيث يقول المؤلف مبيناً منهجه النقدي في دراسته للروايات العينة المختارة ( أنني وجدت المنهج الواحدي هو منهج لم يعد يفي بالغرض المطلوب، إذ ان هذه المناهج تظهر الجانب السلبي من النص الأدبي ). وتهمل الجوانب المضيئة، مثل جمال النص، وروح النص، ووحدة النص، وإيقاع النص، ورؤية النص كاملاً، كما يذكر في تقديمه لهذه القراءات النقدية منهج موحد، يقوم على استخدام ( الأدوات النقدية كلها حيث ما اقتضت الضرورة لذلك، دون ان يطغي منهجاً نقدياً على أخر)، وقد راعى في دراسته للروايات،( موقف الروائي منها والغاية المتوخاة من كتابة الرواية ). وقد أختار عينه لبعض الكتّاب العراقيين الكبار ممن لهم باع طويل في مجال السرد والقص، الذين خرجوا من أطار السرد التقليدي المتعارف عليه، إلى فضاءات أوسع مما كانت عليه الرواية العراقية سابقاً، متجاوزين للحداثة بعض الشيء ومجاورين لما بعدها، وكل ذلك جاء نتيجة المتغيرات الكبيرة التي انعكست أثارها على واقعنا المعاش، مع سعة المساحة للسارد اليوم وما يتمتع به من انفتاح على الفضاءات الأخرى و بكل حرية ويسر. فالروايات التي اختارها الناقد للقراءة تعبر عن تجربة خلاقة، كسبت القبول والنجاح من قبل النقاد والقراء على السواء. وهي تعبر عن موجة جديدة لما يسمى ب ( تيار الرواية العراقية الجديدة ). ففي كل رواية تناولها الناقد يوسف عبود نجد لها خط سردي مستقل لوحده. كما نرى هنالك اختلافا مغايرا في الثيمات، والأحداث والحكايات. وقد قام الناقد بإظهار مواطن القوة والضعف، والمتانة والجمال في الروايات التي تطرق إليها في دراساته النقدية في ضوء المنهج الموحد. والذي حسب ما نرى، ان صح التعبير، هو أقرب ما يكون منه إلى المنهج التوظيفي - التكاملي. ففي كل دراسة قدمها لرواية تقدم رؤية إبداعية تضاف إلى الروائي العراقي ومنجزه الإبداعي. ولعل من ابرز مهام النقد واشتراطاته اليوم في تناوله للمنجز الأدبي، سواء كان رواية أو قصة أو شِعر، هو قراءته بعين نافذة مبصرة، معرفاً بقيمته الإبداعية ومعطياته الفنية والجمالية، وذلك من خلال الكشف عن بنيته السردية والصورية والوقوف عند لغته التي كتبت بها. ويأتي ذلك من خلال وظيفة الناقد الحاذق وقراءته للنص الأدبي، قراءة واعية ترتكز إلى منهج مُسلم به؛ فالنقد يساعد الأدباء على تحسين ابداعهم ويسهم بشكل فاعل في تطوير الأدب، ويرتقي بأذواق القراء على السواء. وللنقد أهمية كبيرة؛ لأنه يوجه دفة الإبداع، كما يساعده على التقدم والازدهار. مثلما يعد مختبراً للتجريب وللاكتشافات الجديدة، بعد ان كان فيما مضى يخضع لأحكام صارمة تدخل فيها الذوقية والقواعد المعرفية الفرعية. وكثيراً ما نجد الناقد يوسف عبود مواكباً ومتابعاً للنشاط الأدبي وفعالياته الأسبوعية سواء في ( نادي السرد) في اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، أو في الجلسات السردية التي تقام في البيوتات الثقافية البغدادية. وأحيانا يفاجئنا بتقديم قراءة نقدية لرواية حديثة، أو عن مجموعة قصصية جديدة، أو لديوان شعر مازال للحظته أخضر، قبل خروجهما من المطابع بشهر أو يزيد عن ذلك التاريخ  قليلاً، ويأتي هذا من باب حرصه الشديد واهتمامه الكبير بالمنجز الأدبي. كل ذلك يقدمه بقراءات ومعالجات نقدية ترتقي إلى مستوى الوعي والإبداع في الاقتراب من روح المتن السردي والقصصي وبأسلوب واضح بعيداً عن التعقيدات والمماحكات اللفظية.

*مدير مكتب الگاردينيا في بغداد

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

867 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع