أبطال رواية العراقي المغترب نعيم عبدمهلهل يتأملون الجنوب البعيد من خلال دربيل المطربة العراقية عفيفة اسكندر وأغنيتها الشهيرة 'يا يمه انطيني الدربيل'.
الأندبيندت/عدنان الفضلي:لا أدري لماذا تختلفُ أمطارُ الغربةِ عن أمطارِ المكانِ الذي هناك، حيثُ يشعرُكَ المطرُ في قرى الأهوارِ وبيوتِ الطينِ والقصبِ أنَّهُ لا يبحثُ عن نخلةٍ عطشى وسنبلةٍ تناجيه ليرويها، بل يهطلُ ليتأرجحَ بأجفانِنَا ونحنُ نفكِّرُ في البدايةِ الجميلةِ لرسالةِ الغرام التي سنكتُبُها لأميراتٍ مصنوعاتٍ من ضوءِ ذلكَ الشّرقِ الذي أتخيَّلهُ الآن محنةً لشهرِ تموز الملتهبِ وعطشَ المكانِ وموتَ غاباتِ القصبِ وفرحَ القصَّابين، فبسبب عودة الجفاف إلى الأهوار سيبيعُ أهل الأهوار جواميسَهُم للمسلخ، وسيبدأُ الرَّحيلُ الآخرُ في تغريبةٍ أخرى لم تخلِقها مدافعُ أفواجُ ألوية الأهوار والحرسِ الجمهوري ولا حربُ داحسَ والغبراء، بل خلقتها عولمة نظر إليها بول بريمر بطرف أجفانه يومَ ركبَ المشحوف وجاء إلى الأهوار ليقول للناس: أسقطنا طروادةَ هذه المرة ليسَ بخدعةِ الحصان الخشبي بل بالدبابات وصواريخ الكروز وبساطيل المارينز، ولا فضلَ للساسةِ الذين ترونَهُم معي في الاجتماعات بكلِّ هذا.
هكذا تبدأ الرواية الجديدة التي كتبها الروائي العراقي المغترب نعيم عبدمهلهل والتي هي بعنوان "دربيل عفيفة اسكندر" والصادرة عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في بغداد / المركز العام .
والرواية هي مدونة سومرية يضفي عليها وجع الطين والشظايا وذكريات أزمنة قرى القصب شيئا من عاطفة الخيال عندما يحمل أبطال رواية نعيم عبدمهلهل عوقهم وغربتهم ويتأملون الجنوب البعيد من خلال دربيل المطربة العراقية عفيفة اسكندر وأغنيتها الشهيرة "يا يمه انطيني الدربيل".
يكتب مهلهل كما في كل اشتغاله السردي بروايات تجاوزت الخمسة عشر، يكتب بلغة شعرية وتفصيل سينمائي لأحداثه السردية كي يجسد لنا تفاصيل عالم يصنعه هو ويتخيله هو ويؤسطره ليجعله قريبا من وقائع أيامنا.
ورواية دربيل عفيفة اسكندر يقع ضمن هذه الدائرة من الحدث المعاش الذي ينقل لنا نعيم عبدمهلهل تفاصيله بكاميرا السرد وعاطفة الشعر وحروف تشعر انه يأخذها من أزمنة سومرية سحيقة ويجيء بها إلى واقعنا المتأثر بحزن الحروب ومحطات الاغتراب و"ماسنجر" العولمة وأغاني المذياع وذكريات المعلمين في مدارس الاهوار .
الرواية سجل روحي لحياة اثنين من أبناء قرى أهوار ميسان، أحدهما ينتمي للهور والآخر ينتمي إلى قرية ريفية وبذات الرقعة الجغرافية، يعرفان بعضهما عبر محطة اغتراب العراقيين في ساحة الحجيرة بمنطقة السيدة زينب في ريف دمشق . وقد حملا معهما آثار الحرب وفواجعها بسيقان مبتورة .وسوية يذهبان بعكازيهما إلى مقر الأمم المتحدة في منطقة دوما بريف دمشق .لتذهب بهم منافي اللجوء كل واحد بجهة ولتبدأ خواطرهما ورسائلهما المشتركة في هذه الرواية وهما يتذكران العراق وأيام دربيل عفيفة اسكندر.
524 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع