اعتياد المرأة على الجلوس في البيت يجعلها روتينية وتقليدية تفتقد إلى التغيير وتطوير نفسها
تتعرّض الزوجات من ربات المنزل إلى الكثير من الانتقادات من قبل أزواجهن، سواء على مستوى متطلّبات المنزل والحياة، أو احتياجات الزوج نفسه، حيث يعمل الزوج غالبا خارج المنزل للقيام بدوره المالي التقليدي، “المُعيل”، وتبقى الزوجة في البيت لتدبّر شؤونه وترعى الأطفال، فتقع في دوامات الموازنة بين متطلّبات المنزل واحتياجات الزوج وانشغالها بأبنائها، ما يمثّل أرضية خصبة للكثير من المشاكل والصراعات الزوجية.
العرب محمد رجب:على عكس المتوقع بأن المرأة غير العاملة والمقيمة في المنزل تمتلك الكثير لتعطيه لزوجها وبيتها، فإن الأمر يختلف بمجرد أن تنجب الزوجة طفلها الأول وتصبح أما، وتسيطر عليها عاطفة الأمومة أكثر من أيّ شيء آخر، وتتسع مساحتها على حساب تقلّص العواطف الأخرى، وهو ما يجعلها تنشغل بطفلها على حساب باقي مكونات حياتها، بما فيها زوجها، وربما بيتها أيضا واحتياجاته.
يُفترض بربات البيوت أن يرعين أطفالهن كثيرا، كما يُفترض بهن أن يُطعمنهم طعاما صحيا، ويُقلّلن من الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام شاشات التلفاز وأجهزة الكمبيوتر، وأن تتيح كل منهن لنفسها الوقت لتُعِدّ فيه ثلاث وجبات شهية يوميا من أجل الأسرة، وتنظّف المنزل وترتّبه، وتراعي كل شؤونه، فهذه هي وظيفة ربة المنزل التي إن قصرت أو أنقصت شيئا تنهال عليها الانتقادات من جانب الزوج، وتبدأ المشاكل وأزمات الأسرة.
وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 70 بالمئة من الزوجات “ربات البيوت” يهملن أنفسهن واحتياجات بيوتهن بمجرد أن يتحوّلن إلى أمهات، وترتفع النسبة إلى 75 بالمئة مع إنجاب الطفل الثاني.
بينما تتخطى تلك النسبة الـ80 بالمئة بعد الطفل الثالث، وتصبح الأم متفرغة لرعاية أطفالها على حساب مسؤوليتها تجاه زوجها وبيتها.
وقد خلصت دراسة كويتية إلى أن الزوجات العاملات يتمتّعن باستقرار أسري أكثر من الزوجات غير العاملات، اللاتي يعانين من مشاكل زوجية، وترتفع نسب الطلاق بينهن أكثر من الزوجات اللاتي يخرجن كثيرا.
وأوضح الدكتور مدحت عبدالهادي، المتخصص في العلاقات الزوجية قائلا: اعتياد المرأة على الجلوس في البيت يجعلها روتينية وتقليدية تفتقد إلى التغيير وتطوير نفسها، وهو ما يجعلها عرضة لانتقادات زوجها، الذي يريد أن يراها في صورة تضاهي ما يراه في الحياة من تطوّر وتغيير، خاصة مع الزوجات المنعزلات داخل البيت، موضحا أن الزوجات “ربات البيوت” ينقسمن إلى عدة أنواع، فمنهن الذكية التي تقسّم وقتها بين رعاية الأبناء وترتيب المنزل وتلبية احتياجات زوجها. وفي نفس الوقت تطوّر من نفسها وبيتها، وتلك هي النموذج المثالي والتي تكون الأنجح في علاقاتها الزوجية.
وهناك نوع ثانٍ من ربات البيوت المنعزلات عن الحياة، وهن الزوجات التقليديات اللاتي يقمن بأعمال المنزل ورعاية الأطفال، قد تتحوّل علاقاتهن مع أزواجهن إلى علاقة تقليدية فاقدة للمشاعر والأحاسيس.
أما النوع الثالث فهي الزوجة التي تعطي كل وقتها إلى رعاية الأبناء، على حساب إهمال متطلّبات البيت والزوج، وهذا النوع الأكثر انتقادا وفشلا في الحياة الزوجية.
ويشير الدكتور عبدالهادي إلى أن ربات البيوت غير قادرات بأسلوبهن التقليدي على الحفاظ على استقرار الأسرة، إذا لم تطوّر كل منهن نفسها فإنها تفقد الأسرة روحها وقدرتها على الاستمرار.
أما الدكتورة حنان زين، مديرة مركز السعادة الزوجية، فترى أن غريزة الأمومة عند النساء تتفوق على غيرها من الأحاسيس والمشاعر، فحتى إذا كانت المرأة تحب زوجها، فإنها مع إنجاب الطفل الأول يأخذ الكثير من وقتها ويشغل الحيز الأكبر من فكرها واهتمامها، وهو ما يجعل الزوج يشعر بالاختلاف، فبعد ما كان يدخل البيت يجده في أفضل حال وزوجته تنتظره، أصبح وجوده غير مؤثر، ولا يلفت انتباهها واهتمامها قبل أن تصبح أما.
وتنصح الدكتورة حنان الزوجة بضرورة الموازنة بين احتياجات البيت ورعاية الأطفال وزوجها الذي يُعتبر جزءا أساسيا من مكونات حياتها، وأن تحرص على تطوير نفسها وتغيّر نمط الحياة باستمرار، مما يشعر الزوج بأنه مازال محل اهتمام وحب من زوجته، فتتبدّل انتقاداته لها إلى ثناء وحب، تأخذ الأسرة إلى الاستقرار والنجاح
ومن جانبها، توضح الدكتورة هبة العيسوي، أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس، أنه لا يبدأ نقد الزوج لزوجته عادة سوى عندما يعتقد الرجل أنه يجب على الزوجة أن تتعامل بصورة أفضل مع الأمور وتسيطر على حياتها أكثر، فكلما كبر الأطفال ازداد غضب الرجال عندما يبدو لهم أن زوجاتهم لا يتولين الأمور بصورة متماسكة، لافتة إلى أنه عندما ينتقد الرجال زوجاتهم، يؤدي ذلك غالبا إلى انزواء الزوجات في ألم وغضب، وهو ما يولّد المشاكل والشجارات الزوجية.
وتضيف العيسوي: أن سبب انجذاب الرجل لزوجته هو إذا كانت هادئة ومحبة، وتستمع له عندما يتحدّث عن نفسه كثيرا، كما أنها إذا كانت مرنة على الأرجح وتنظّم جدولها وفقا لجدوله، ومع اختلاف تلك المرونة يشعر الرجل بالضيق ويزداد غضبه، فيتحوّل ذلك إلى انتقادات ورفض لزوجته.
1469 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع