بغداديات - تاريخ النقود العراقيه ايام زمان
تعتبر النقود بمثابة وثيقة دلاله على البلد الذي تعود اليه وتمثل قوته ومتانة اقتصاده واحترامه بين اقرانه من دول العالم ولذلك كانت الكثير من دول العالم تربط نظامها النقدي بدول كبرى وكان اشهر هذه الدول هي المملكه المتحده ( بريطانيا ) التي اعتمد الكثير من الدول نظام الاسترليني والذي كان العراق احد هذه الدول ..
ولغرض التعرف على تاريخ العمله العراقيه منذ نهاية القرن التاسع عشر ووصولا الى القرن الحادي والعشرين وكيف كانت اسمائها وانواعها وانتمائها لحين اصدار اول عمله عراقيه بانواعها المعدنيه والورقيه والتغيرات التي حصلت عليها خلال هذه الحقبه الزمنيه مقرونة بتوضيح قدرة العمله الشرائيه ومتانتها في داخل وخارج القطر .
نبذه تاريخيه
منذ عام 1900 كانت العملة العثمانية هي السائدة والمتداولة واعتبرت ( الباره ) اصغر عملة عثمانية تليها ( البقجه )ثم تأتي ( الوركة ) وتساوي عشر بارات أي خمسا وعشرين بقجة ووجدت النصف وركة وتساوي خمس بارات ثم القمري والقرش الصاغ والقرش الجرك .
بعض العملات التركيه التي كانت متداوله في العراق بولاياته الثلاث ( الليره دهب – نص ليره – ربع ليره – مجيدي – جهادي – اشرفي – قران – قمري – قرش – متليك – نقشلي – الجرك – باره – بقجه) ..
اما المجيدي والليرة الذهبية تعتبر من اشهر العملات العراقية القديمة وقد أصدرت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى اوراقا نقدية قيمتها ليرة واحدة وخمس وعشر ليرات وبعد العملة العثمانية جاءت العملة الهندية وكانت جميعها من سبائك النحاس او الصفر باستثناء الروبية المسكوكة من الفضة .
في عام 1917 احتلت بريطانيا العراق وانتزعته من سيطرة الدولة العثمانية بعد اربعة قرون من الحكم العثماني . فرضت السلطات البريطانية بعد الاحتلال استخدام العملة الهندية في العراق المتمثلة بالانة والروبية المعدنية واجزائهما ومضاعفاتهما والصادرة عام 1914 والتي تحمل على وجهها صورة الملك (الامبراطور) البريطاني جورج الخامس..
اول عمله عراقيه
صدر أول دينار عراقي اثناء الاحتلال البريطاني عام 1917 .
وفي عام 1921 صدر الدينار العراقي بقانون من وزارة المالية وقد حددت فئاته وألوانه وعرضه وطوله وصورته التي تحمل صورة فيصل الأول مع آثار بابل .
كما حددت العملة المعدنية وهي الفلس والفلسان والأربعة والعشرة والخمسون والمائة ، اما الريال فكان مائتي فلس .
لقد وضع الملك فيصل الأول صورته على الدينار ـ أسد بابل والملك غازي وفيصل الثاني .
في عهد عبد الكريم قاسم أصدرت عملة لا تحمل صورته ورسم الشعار بيده وهو عبارة عن صورة تاريخية وما حدث في ذلك الوقت أن الأربعة فلوس تحولت الى خمسة والغي الفلسان وكان ذلك بداية لانتهاء قيمة الفلس وعدم تداوله في الأسواق .
وفي زمن احمد حسن البكر لم يتم وضع صورته على العملة اما الرئيس صدام فقد وضع صوره على العملات والغيت الصور على العملات بعد سقوط العراق بيد الاحتلال الامريكي .
قيمة العمله ايام زمان
لايختلف اثنان من العراقيين من بلدهم كان فقيرا ومتخلفا عند الاحتلال البريطاني وانه بدأ مشوار نهضته بعد استلام الملك فيصل الاول رحمه الله وبدا مسيرة التطور ولذلك كان للعمله العراقيه الاثر الكبير في نمو الدوله ورفاهية المجتمع ولذلك نلاحظ ان العمله كانت من فئات صغيره ( فلس – فلسين – 4 فلوس – 10 فلوس –عشرين فلس – درهم 50 فلسا – مائة فلس – الريال 200 فلس – ربع دينار- نصف دينار – دينار واحد ) ثم تلاحقت اصدار عملة اكبر ( خمسة دنانير – عشرة دنانير )..
ثم تم اصدار ( نوط 100 دينار ) وكان يعتبر من اكبر الفئات النقديه في ذلك الوقت وبامكان حامله ان يشتري عقارا بهذا المبلغ ..
لقد كانت لكل هذه الفئات قيمه في السوق وقدره شرائيه ويمكن لمبلغ القران ( عشرين فلسا ) ان يجلب مسواك بيت بسيط في الخمسين من القرن الماضي وكان الطفل يتمكن من شراء حلوى بفلس واحد او اثنين وكانت الاسعار متدنيه بما يوازي هذه الفئات.. وعلى سبيل المثال ومن ما خزنته الذاكره :
اللحم غنم 80 فلس
اللحم عجل 60 فلس
الخيار والطماطه 4 فلوس
رغيف الخبز بالسوق 4 فلوس
الدجاج الحي 120 – 200 فلس للواحده
ايجار بيت صغير 1 – 1,5 دينار شهريا
الشاي في المقاهي 4 فلوس
كانت الملابس غاليه نسبيا ولذلك كانت الناس تلجأ الى الملابس المستعمله وتحتفظ بالملابس من جيل الى جيل ولم يؤخذ الموديل بنظر الاعتبار المهم ان تقي جسم الانسان وتستره وكان الحذاء الكلاصي وهو نوع جيد 1,250 فلسا ..
كان معظم الناس فقراء الحال واكثرهم من العمال الذي يعتمدون على اليوميه والتي كانت بحدود 250 - 300 فلس يوميا وهي تكفي لسد احتياج عائله متوسطه عدا الايجار والعلاج الطبي ولذلك كان من المعتاد ان تسمع اسماء العملات الصغيره بين الناس مثل:
( العانه – ابو الفلسين – فلس احمر ) او ربع دينار ونص دينا ونادرا ما تسمع الدينار لانه كان عزيز وكان راتب الوظف خلال الحرب العالميه الثانيه لايتجاوز من 6 - 10 دنانير ..
كان معظم الاطفال يتقاضون اليوميه وهي لاتتجاوز في احسن الاحوال القران ( عشرون فلس ) والقران كان يضرب به المثل وخاصة للفقير جدا ويبحث عن مورد او عمل اذ يوصف ( يركض ورا التفله عباله قران) وعند وصف حالة الافلاس وعدم وجود امكانيه كانوا يقولون ( هذا فلس احمر ماعنده ) وتدخل العانه في مضرب الامثال حيث يقال للاحتقار وعدم الاهميه لشخص ما ( عانه ميسوه) وكان الشخص المهم والمراه الممدوحه يقال (هذا نوط ابو العشره) .
واذكر ان احد اقربائنا كان قد وعد زوجته بهديه ووظلت تنتظرها اكثر من سنه وهي ( دينار ابو الكفشه وهو دينار اصدار جديد فيه صورة الملك فيصل الثاني وهو صغير وشعره واضح بكثافه ) والمكروده يوميه ادك وتشتغل بانتظار ابو الكفشه ..
كل ذلك كان يتأتى من قيمة هذه العمله القويه بالرغم من صغرها وكانت الناس تعيش بعافيه وقناعه وستر حال ولم تجد من يشتكي حال لانه مقتنع ان هذا هو رزقه وقدره وكانت عجله الحياة تسير بهدوء ولم ينظر الفقير الى الغني نظره حسد او كره ولا العكس بالتعالي والاحتقار فكان الوزير والامير والفراش يتحادثون وينكتون ويضحكون والقصص كثيره عن هذا والامثله كثيره ايضا
نتمنى لو كان العراق باقيا كما كان فقيرا قانعا وهادئا ومتآخيا ومتآلفا يحب بعضه بعضا ويساند بعضه بعضا .
عبد الكريم الحسيني
446 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع