وزير الداخلية يتنقل بسيارة بريد الشرطة ومتصرف كربلاء يتنقل بـ(الربل)!!
ذكريات ومشاهدات حيّة عن العهد الملكي في العراق
بقلم: عميد الشرطة المتقاعد/ عدنان محيي الدين عبدالرحمن
زياره الشيخ عبد الله السالم الصباح امير دوله الكويت وعلى يمينه المرحوم مكي ال جميل متصرف لواء كربلاء وعلى يساره سادن الروضه الحسينيه عباس الكليدار اثناء زيارتهم المرقد يرحمهم الله جميعاً
في سنة 1952 كان متصرف لواء كربلاء هو المرحوم مكي الجميل (استلم منصب متصرف لواء كربلاء لمدة سنة وتسعة أشهر ما بين عام 1950 الى عام 1953) وكان رجلاً عفيفاً نزيهاً،
وفي وقته لم تكن هناك سيارة حكومية مخصصة للمتصرف، فكان يذهب الى المتصرفية بعربة (ربل) أهلية بأجرة شهرية يدفعها من جيبه الخاص إلى صاحب العربة. ويتذكر أهالي كربلاء أنه في عام 1953م تم تذهيب قبة سيدنا العباس عليه السلام في عهد المرحوم (مكي الجميل) متصرف لواء كربلاء حينها.
الملك فيصل وولي العهد عبدالاله في زيارة لكربلاء وبجانبهما متصرف لواء كربلاء مكي آل جميل الصورة من الخمسينات
كان بعض وجهاء لواء كربلاء وشيوخها ممن يكنّون الود والاحترام للمتصرف، ينظرون الى هذه الحالة باستغراب، فكيف يتنقل المتصرف بالربل؟، فعرضوا على المتصرف أن يرسلوا له سياراتهم لنقله، أتذكر منهم السيد/ علي الددة والشيخ محروث الهذال شيخ عشيرة عنزة المقيم في كربلاء، وعلي خان ورئيس البلدية محمود الاسترابادي، ولكن المتصرف رفض هذه الدعوة المخلصة وقال لهم: (هذا سيكون استغلال للوظيفة لا أرضاه لنفسي). وبقي المتصرف على حاله بالانتقال بالربل ما بين داره والمتصرفية.
وفي أحد الأيام جاء الفرج حيث قررت مديرية البلديات العامة في بغداد صرف سيارة حوضية (تانكر) الى كل لواء وحين استلم مدير بلدية لواء كربلاء السيارة ذهب الى المتصرف وقال له: لقد انتهت المشكلة، فهذه السيارة حكومية وتابعة لمتصرفية اللواء، وتخرج صباح كل يوم لسقي الشتلات الزراعية في شوارع كربلاء ثم تعود للسقي من بعد الظهر، فهل لديك مانع من ركوب هذه السيارة لإيصالك بعد انتهاء الدوام؟، فوافق السيد المتصرف على هذا الحل، وشكر مدير البلدية على هذه الفكرة، وفعلا بدأ المتصرف يركب السيارة الحوضية.
سلطان بيك أمين مدير شرطة لواء بغداد
وقصة اخرى من بغداد 1954 وزير الداخلية:
في سنة 1984 التقيت مع المرحوم سلطان امين في نادي العلوية وكان صديق والدي المرحوم العميد محيي الدين عبدالرحمن ، وقد حكى لي المرحوم سلطان امين انه كان يشغل منصب مدير شرطة لواء بغداد سنة 1954 وكان يشاهد المرحوم سعيد قزاز يحضر الى مقر وزارة الداخلية بسيارة أجرة (تكسي)، ويقول:
(لقد تاسفت لهذا الوضع فقمت بمقابلة مدير الشرطة العام الفريق علوان حسين وحكيت له ما رايته فسالني عن مقترحي بهذا الشأن)،
فقلت له:
(سيدي عندنا سيارة شرطة تخرج صباح كل يوم لتوزيع البريد على مراكز الشرطة فيمكن ان نكلف السائق بنقل معالي الوزير الى الوزارة وبعد الظهر وبعد عودته من توزيع البريد يعيد معالي الوزير الى داره).
المرحوم / سعيد قزاز
فقال لي السيد مدير الشرطة العام الفريق علوان حسين: (اذهب انت لمقابلته ومفاتحته حول هذا الاقتراح وحاول اقناعه). وحين قابلت معالي وزير الداخلية وعرضت عليه المقترح فانه تردد في بادئ الامر من قبول الفكرة، ثم وافق بعد ذلك على مضض.
وقال لي المرحوم سلطان أمين:
(حين هممت للخروج من مكتب المدير العام ناداني من جديد مخاطباً اياي يا سلطان بيك هل في هذا الامر اي مسؤولية تقع على عاتقي)، فقلت له (سيدي لا توجد اية مسؤولية في هذا الامر وكن مطمئناً)، فشكرني على اهتمامي بموضوع تنقله بين الدائرة والبيت. هكذا كان المسؤول في العهد الملكي يحترم ويقدّس المال العام...
الملك فيصل الثانوي الأمير عبد الاله السيد صالح الكليدار سادن الروضة الحسينية المطهرة وبجانبه مكي جميل متصرف لواء كربلاء والسيد سعيد زيني رحمهم الله جميعا
المرحوم علوان حسين مدير الشرطة العام يصافح الملك عبدالله ملك الاردن الذي يبدو ماسكا بيد ولي العهد عبدالاله في مناسبة احتفالية بزيارة الضيف الاردني للعراق اول الخمسينات
1166 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع