( التفتيش الدولي في العراق يضوء قرار مجلس الأمن المرقم 687 وما تلاه من قرارات بذات الصلة في العراق مهمة مهنية أم استخبارية ايضا )
تماشيا مع نظرية التاريخ يتوجب علينا مراعاة كشف الحقيقة له، فارتئينا ان ندون حقيقة مهمة الا وهي دخول عنصر مهم كان له تاثير مهم في اجراءات نظام فني بني وفق اتفاقات دولية بحيث غير مسارات العمل واصبح فعالا ويؤخذ به حاليا بموجب البروتوكول الاضافي لنظام الضمانت الا وهو العمل الاستخباري.
من المعلوم بأن طرائق واليات التحقق (التفتيش) كانت ولازالت تخضع لالتزامات دولية مبنية على اتفاقات وفق معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية وهذه الالتزامات فقط للاطراف المشاركة فيها ولهذ فأن أسرائيل والهند والباكستان لا تنطبق عليها هذه الألتزامات لأنها غير طرف في المعاهدة.
التحقق (التفتيش ) يعتمد على اعلان الدولة لنشاطاتها النووية وحسب المادة النووية )المؤثرة وتحسب بالكيلوغرام،uranium effective kilogram( بموجبها يحسب عدد مرات التحقق(التفتيش) في السنة للمواقع التي فيها هذه المادة ومخازنها فقط ، وبعد تجربة العراق اضيف البروتكول الاضافي الذي اطلق عمليات التفتيش لكل الاماكن المعلنة وغير المعلنة وفي اي وقت بالاضافة الى الاعتماد على العامل الاستخباري .
ان ماحدث للعراق وفق البند السابع وقرارات مجلس الامن ابتداء من فرض الحصار وما تلاه قلب موازين الاجراءات ودخل العامل الاستخباري الذي لم تنص عليه ولاية تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولذكر الحقيقة وباعتراف الدول صانعة حرب الخليج لم يستطيعوا تجنيد اي من العاملين في انشطة العراق النووية وغيرها داخل العراق او خارجه رغم الاغراءات الكثيرة، لكنهم استطاعو في منتصف التسعينات وبعد تحديد معالم الخارطة النووية والانشطة الاخرى، تبرع خضر عبدالعباس باعطائهم معلومات اكثرها تفتقد الى الموضوعية والمبالغ فيها وليس فيها مصداقية، فباع نفسه وبلده بدولارات جعلت منه مشهورا بنظرهم ولا يمثل شيأ بنظرنا.
تتحمل الوكالة الدولية بفريقها النووي واللجنة الخاصة مسؤلية الابتعاد عن ولايتها ومهنيتها عندما سمحت للاجهزة الاستخبارية الامريكية والبريطانية بدراية او اغفال بدس عناصر مخابراتية على انهم مفتشين كذلك من خدم المخابرات والتزم وعمل بتوجيهاتم امثال ديفد كي وروبرت كالوجي وما الاتصالات التي يجرونها مع رؤسائهم في البيت الابيض دون الوكالة الا دليلا عن عدم مهنيتهم كما يدلل استخفافهم بالاجراءات المفروض التعامل بها، وقد حذر العراق من هذه الممارسات التي تضعف من عمل الوكالة وتفقد مصداقية عملها فاستفادت من ذلك كوريا الشمالية وايران.
في بدايات التفتيش كان التوغل الاستخباري لمعرفة برامج العراق المحظورة حيث تم زج عناصر من المخابرات في فرق التفتيش لهدفين الاول امكانية استقطاب وتجنيد بعض من اللذين يعملون في البرامج والثاني استطلاع وتحليل لمايرونه اومايحصلون عليه بحيث بستطيعون استنباط طرق اخرى للتعامل ، لم ينجحوا في الهدف الاول,والثاني اصبح متاحا.
وعندما برزت الحالة الاستخبارية بتحليلاتهم لما وجدوا عن طريق غطاء التفتيش شهدت المرحلة تطورا وتقدما ليس بالاشخاص فقط وانما ادخلوا عنصرا اخر الا وهو استخدام اجهزة ومعدات للتصوير والتنصت الالكتروني ناهيكم عن اجهزة المسوحات الجوية والارضية والمائية، وأصبح هدفهم معرفة الجوانب العسكرية والاقتصادية والعلمية والهدف الوصول الى امكانية اسقاط النظام السياسي العراقي الذي اتعبهم كثيرا، ولابد ان نذكرأبرز من قدم خدمة لذلك اضافة لما ذكرناه في مقالاتنا السابقة:
1_ ريشارد بتلر: دبلوماسي استرالي عمل سفيرا في جنيف ونيويورك، اعرفه عند ما كنا نشارك في اجتماعات مراجعة اتفاقية الحد من الاسلحة النووية في جنيف بمعية المرحوم الدكتور رحيم عبد الكتل، عام 1997 عين باقتراح من امريكا رئيسا للجنة الامم المتحدة( يونسكوم) وندرج ماذا كان يمتاز عمله وحجم اذيته للعراق:
أ- في زمن عمله زاد التوغل الاستخباري بشكل مكثف تحت غطاء اللجنة الخاصة لجمع المعلومات الاستخبارية عن العراق وهو الذي اوعز الى سكوت ريتر بوضع اجهزة التنصت في بغداد وتحت سيطرة واشنطن.
ب- يؤمن بضرورة بقاء الحصار حتى ينفذ العراق كافة التزاماته ولا يؤمن بالحل الجزئي مع ضرورة استخدام القوة نتيجة الخرق المادي وفق مايقررون.
ت- سحب بتلر المفتشين دون التشاور مع الامين العام السيد أنان بناء لتعليمات اصدرها له السفير الامريكي بيتر برلي وعلى اساس انها تعليمات واشنطن وكان نتيجتها حملة قصف بالطائرات والصواريخ لمدة سبعون ساعة بعد تقريره لمجلس الامن، فاصبحت اللجنة الخاصة لعبة سياسية.
ث- كذب عندما ادعى بان موقع الرئاسة العراقية كبير مثل واشنطن .
ج- بدأ ينفضح امره عندما برزت مؤشرات في وسائل الاعلام الامريكية بابراز تورط الولايات المتحدة لاستخدام اليونسكوم لنشاطات استخبارية تستهدف النظام السياسي العراقي، وذكرت صحيفة الوشنطن بوست عن مقربين في الامم المتحدة ان انان كان قد حصل على دليل مقنع بان بتلر ومفتشون من اللجنة الخاصة ساعدوا الولايات المتحدة لجمع المعلومات الاستخبارية في بغداد.
اضطرت فرنسا وروسيا والصين الطلب باستقالته، كتب جيم موغلاند في عموده في صحيفة الوشنطن بوست ان الادارة الامريكية تتهم انان بانه يسعى على القضاء على بتلر، وانها ستقاتل لحماية بتلر، لقد بذل الجهد الدبلوماسي العراقي مع اعضاء مجلس الامن ماعدا امريكا وبريطانيا بالوقائع والادلة بشكل موضوعي ادى في النهاية تخلي أنان لخدمات بتلر.
ومن مفارقات الاقدار وسخريتها انه عارض الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وشاركت فيه استراليا ودعا في تموز 2003 الى استقالة جون هوارد ووزير الخارجية لانهم ضللوا الشعب الاسترالي خلال الحرب.
اصدر كتابا بعنوان(صدام يتحدى) .
2- ديفد كاي: أمريكي كان مديرا لتقيم مشاريع التعاون الفني في دائرة التعاون في الوكالة، شهادته الأكاديمة في العلاقات الدولية بعيد كل البعد ن العمل العلمي وليس له دراية في التفتيش والضمانات، الحق بالتفتيش في فريق عمل الوكالة المكلف بتنفيذ متطلبات قرار مجلس الأمن لأغراض تنظيمية وأدارية، ولكن الحقيقة أن جهاز المخابرات الأمريكي أراد نقل المعلومات من خلال كاي ليتصرف فريق الوكالة بناء عليها، ويقول البرادعي في كتابه(سنوات الخداع والذي أصدره2011) كنا قد سافرنا معا إلى نيويورك أثناء مناقشة تطبيق القرار (687). وبغير تشاور معى أو إبلاغى قام «كاى» بتحديد مواعيد للقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين مما يعد مخالفة وخروجا على الأعراف المعمول بها فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن البرادعي لم يكن بعيدا عن هذا الملف، فهو كان مستشار الوكالة القانوني ثم مسؤول العلاقات الخارجية فيها، وكانت تقارير فرق التفتيش تمرّ عليه منذ عام 1991 وهو يعرف تفاصيل إستخدام الولايات المتحدة لأعمال التفتيش عبر ديفد كاي وأمثاله، ترأس ثلاث عمليات تفتيش منها عمليتين حساستين من عمليات التفتيش التي كان العنصر الأستخباراتي هو السائد وكان ديفد كاي يتصرف بأساليب راعي البقر بعيدا عن المهنية والتصرف العقلاني.
العملية الأولى جائت عندما كان بمعية رئيس فريق العمل البروفسور زفريرو في تموز1991 وبسبب مرض زفريرو ومغادرته العراق ترأس كاي الفريق وبمعلوبات أستخبارية من الصور الفضائية تم رصد شاحنات كانت مخفية في معسكر طارق تحمل مكونات البرنامج النووي لمشروع فاصلات النشاط التخصيبي لفصل النظائر بطريقة كهرو مغناطيسية، كان فريق من مفتشي الوكالة دون سابق أنذار بقيادة كاي قد حضر ومعه معلومات عن الموقع الجديد: معسكر طارق، ورُفض دخولهم لكن اثنين من أعضاء الفريق تسلقا السلم الخارجى لخزان مياه مجاور وشاهدا من أعلى قافلة من الحافلات تتجه نحو الباب الخلفى للمعسكر، وقام عضوان آخران فى الفريق فى سيارة للأمم المتحدة بمطاردة الحافلات وقد حقق إصرارهم نتيجته وبمساعدة العمل الأستخباري للصور الفضائية، فعندما وجدوا القافلة وجدوا أنها بما يبدو أنه معدات نووية، وكان اكتشافها على هذا النحو مما اعتبروه اختراقا لتنفيذ قرار مجلس الأمن، وبضوء ذلك صدر قرار جديد من مجلس الأمن المرقم707 الذي بموجبه اوقف جميع الانشطة النوويه من اي نوع ما عدا استخدام النضائر المشعة في الاغراض الطبية او الصناعية او الزراعية، كما انه لا يسمح للعراق بانتاج المواد النوويه من اراضيه و لا النظائر المشعة، كما يشمل بعدم اعاقة أو تأخير أي تفتيش لاي مكان، لو تمعنا بهذا القرار الفريد من نوعه تترائ لنا بان اي بحث سواء نظري او عملي و حتى اطاريح الدراسات تمنع العراق من الولوج فيها طالما انها تحمل الصفة النوويه ويجدر الاشارة هنا بانه الى الان رغم خروج الاحتلال فأن اعاقة استخدام العراق الطاقة للاغراض السلمية مستمر الا بعد الخروج من البند السابع، فى هذه المرحلة المهمة انتقل العراق من طرف خاضع لضمانات الوكالة الى طرف قد خرق النظام وفق القرار 707، ونود هنا ان نبين بان اساس اخفاء مكونات التخصيب ومكانه وعمله عن فرق التفتيش ليس هدفه العودة للعمل به، وانما الاخفاء والتدمير ماهو إلا لأبعاد العراق عن مزيد من العقوبات والأذى وخشية قرارات جديدة يصدرها مجلس الأمن بحجة عدم إمتثال العراق.
ففي 22\9\1991 وصل الفريق النووي السادس بقياده ديفد كاي يعاونه روبرت كالوجي نائب رئيس اللجنه الخاصة (يونوسكوم) و45 مفتشا بضمنهم عناصر أستخبارية لا يمتلكون صفات علمية مهنية وعلى أساس الدعم اللوجستي والأداري، بدا معلوماً ان ديفد كاي لايأتى الا وفى جعبته مسالتين الا وهي:
1 حامل معلومة استخبارية تؤدى به الى افتعال ازمة وبالتالى جعله بطلا بنظر المجتمع الدولى.
2 عندما لاتكون هناك معلومة يحاول ومن بمعيته ممن يمتلكون نفس صفاته الامعان بالايذاء من خلال الإستفزاز.
عقد الاجتماع مساءا وبينوا انهم يريدون ان يبتدأ التفتيش في الساعه الخامسة صباحا من يوم 23\9 دون تحديد المكان المراد تفتيشه.
كلف الفريق العراقي كاتب المقالة والدكتور سامي مرافقة الفريق غداً في الساعه الخامسة صباحا والظلام لازال يخيم في السماء ووجدنا فريق التفتيش مستعدا للقيام بالمهمه، كاجراء متبع كان من المفروض أعطاؤنا اسم الموقع المراد الذهاب اليه الا أنهم رفضوا ذلك، وأنهم سيقودون الاتجاه لذلك الموقع في منطقه الكرخ.
تحرك الجميع ونحن معهم ووصلوا الى بناية نقابة العمال سابقاً والمشغول من قبل مركز التصاميم التابع لمشروع بتروكيمياء-3 اضافه الى منظومة امن المشروع وكانت المفاجأة الاولى وهي وجود اثنين متسلقين حائط البنايه احدهم نعرفه استرالي الجنسية وظيفته العلنيه المسؤول الاداري لاكثر من فريق قدم الى العراق، ونتيجه الاحتكاك معه سابقا تبين بأنه رجل امن كان يعمل في المؤوسسات الامنيه.
وهنا بدأ الاستفزاز قسم منهم تسلق وقسم اخر يحيط بالبنايه، وابلغانهم بضروره الابتعاد عن الفوضى
، حيث يمكن الدخول بطريقه أصولية من الباب الامامي، لا يمكن أن ترى الا رؤوساً هنا وهناك من متسلق او مقتحم فكان الوضع اشبه باافلام السطوا.
المهم دخلنا الى البناية وبسرعة تم تقسيم الفريق الى مجموعتين مجموعة الى سرداب البناية ومجموعة اخرى للطابق الارضي وبعض لاحاطة البنايه من الداخل، نسقنا عملنا بحيث اذهب مع الفريق المتجه الى سرداب البناية والدكتور سامي مع الفريق الارضي، ولازال الظلام حاكماً فبدؤا باستخدام( ضوء المصباح اليدوي) في سرداب البناية, كان الوضع في فوضى، خرائط، صناديق، اوراق مبعثرة بشكلً غير مرتب يوحي لك بأنها متروكة لفترة طويلة ومن خلال هذه البعثرة شاهدنا صناديق معدنية اربعة، وحاويات فيها المايكروفيش وبدأ المفتشون من بينهم كاي وكالوشى بفتح الصناديق وهنا المفاجأة الثانية، كانت وثائق البتروكيمياء-3 وبدأوأ باستخراجها ( كلها كانت بالعربية) جاء المترجمون وهنا ذهبت مسرعاً لاستدعاء الدكتور سامي وجاء وشاهدنا العملية سوية ولا بد ان اشير ان احد المفتشين من اخواننا العرب الذي يعمل في الوكالة لفترة طويلة واعرفه شخصياً عندما كنت في فينا ابتعد عن مهنيته وكان متبرعاً بحماس لترجمة عناوين التقارير الى كاي وكالوجي بل الاكثر من ذلك كان يؤشر على اهمية عنوان التقرير وهذا السلوك في التصرف ليس فقط هنا بل بعدها ايضا جعلته يحظى بدعم امريكي وترقية في عمله في الوكالة مما حذى بزملاء له في الوكالة بانتقاده على تصرفاته غير المهنية، بل ان قسماً منهم ترك صداقته معه فباع نفسه بثمن بخس وهو نفس الشخص الذي ترجم تقرير تقدم العمل لمشروع الاثير المعني بنشاط التسلح للفترة من 1\1\1990 الى 31\5\1990.
عند دخول ألبناية تم ربط قرص الاتصالات وهو الاجراء الاول دائما لفرق التفتيش بغية اجراء الاتصالات المطلوبة، لازال الفريق يطلع على الوثائق بوجود المترجمين وشاهدنا كيفية حصولهم على تقرير تقدم العمل لمعمل الااثير من كانون الثاني لغاية حزيران 1990
اتصل كالوجي وكاي من ساحة بناية نقابة العمال لاكثر من مرة ولكن تبين انهم يتصلون بوزارة الخارجية الامريكية بدلا من الوكالة والامم المتحدة. طلب ديفيد كاي المغادرة مع الصناديق الاربعة رغم ابلاغهم بانه يمكن استكمال الاطلاع عليها هنا في المركز ولكنهم رفضوا ذلك.
ادعى احد المفتشين باصابته بمغص كلوي مما اضطرنا لطلب سيارة اسعاف وغادرت مصطحبة االمفتش للعلاج وتبين أن المغص كان كذبا وانه أخفى تقرير تقدم العمل لنشاط التسلح داخل ملابسه، مما أعتبروه لاحقاً بالصيد الثمين الذي كان ديفد كاي بالمعلومات الاستخبارية المقدمة له هو من حصل عليها.
لم نسمح لهم بالمغادره واعطونا انذاراً الى الساعة الرابعة عصرا ويتوجب علينا عدم الاعاقة ملوحين بالتهديد على اساس:
*خرقنا لمتطلبات القرار 687.
*خرقنا لمتطلبات القرار 707( الاعاقة و عدم السماح لهم بأخذ الوثائق)
*خرقنا لاتفاقية فينا للحصانة ( الحقوق والامتيازات) .
لم ننفذ تهديتاتهم وهنا يجب الاشارة ان الموقع بدأ تناوله من قبل السي ان ان وغيرها كان نتيجة الاتصالات اللذى اجراها كاى وكالوجى في ساحة البناية، في الساعة السادسة حضر الدكتور جعفر وطلب بان الوثائق يجب ان تجرد من قبل الفريق العراقي ولا يسمح باخراجها بل اكمال الاطلاع عليها هنا, وكانت السي ان ان تبث ذلك مباشرتاً. في الساعة السادسة والنصف انتهت مهلة الانذار المقدم منهم وظل الموضوع كما كان.
استمرت المناقشات بين د. جعفر من جهة وديفد كاي وكالوجي من جهة اخرى لمدة نصف ساعة جرى الاتفاق ان يغادروا على أن تسلم لهم التقارير في الساعة الثانية عشر مساء ليتم جردها من قبل الفريق العراقي، غادر فريق التفتيش في الساعة السابعة مساءاً وقمت بمرافقتهم حتى وصولهم الى فندق الشيراتون حيث يقيمون.
هنا لابد من الاشارة بان هذا الفريق قد استهان بالوكالة والامم المتحدة وذلك بامتثالهم للمراجع الامريكية دون ان يكلفوا انفسهم بالاتصال بالوكالة والامم المتحدة ومن المعروف بان كاي هو موظف وكالة وكالوجى معين نائب رئيس لجنة اليونسكوم في الامم المتحدة، ان هذا التصرف اساء لمصداقية عمل هاتين المنظومتين الامميتين.
في اليوم الثاني المصادف 24/9/1991 في الساعة الثامنة صباحاً كنا هناك لموافقة الفريق لزيارة موقع جديد وهنا اشر لنا احد المفتشين وهو عربي ومهني بعمله طيلة زياراته للعراق بان الموقع هو مقابل في الجهة الثانية من الفندق اي عمارة الخيرات مقر مشروع البترو – 3 مثلما توقعنا يوم امس وابلغنا الموقع بالحال وتوجه الفريق الى هناك مباشرة وبدأ بتقسيم الفريق بطريقة متفق عليها على شكل مجموعات وابتدات الجولة منهم من صعد الى سطح البناية بغية المراقبة، مجموعة اخرى بدأت تفتيش الطوابق، ان اسلوب التفتيش لم يكن مهنياً بل اخذ طابع الاقتحام والانتشار السريع كل واحد له دور يعمل من اجله وارادوا ارباكنا الا اننا كنا مدركين ويقظين لما سيحدث وبدأ قسم بقراءة الملفات، قسم اخر اطلع على الملفات الشخصية لمنتسبي المشروع، ومجموعة اخرى لفتح القاصات المغلوقة، واخرى لتشغيل الحاسبات حتى العاطلة منها وذلك بقراءة محتوى القرص الصلب (Hard Disk) ماذا كانت النتيجة.
1-التعرف على هيكلية البترو 3 ودقة تنظيمه.
2-التعرف على رواتب موظفي المشروع (Pay Roll) منها عرفوا عدد العاملين.
3-ميزانية المشروع واوجه الصرفيات.
4-المشتريات وقنواتها.
اراد المفتشون بعد هذا الكم من الاوراق والوثائق والاوامر الادارية وهيكلية المشروع وتنظيمه... ان يغادرو الموقع مع ما حصلوا عليه، تم منعهم رغم التهديدات فابلغناهم بضرورة جرد كافة ما حصلوا عليه سوية وامكانية حصولهم على نسخ منها لاحقاً، رفضوا ذلك وبنفس صيغ التهديد والانذارات السابقة ليوم أمس، وكان موقفنا ثابت في هذه المسالة.
هم بدورهم رفضوا المغادرة بدون ما حصلوا عليه واصروا على البقاء في الساحة حيث موقع السيارات.
بوجود قرص الاتصالات اصبح المكان ينقل بصورة مباشرة الى العالم عن طريق CNN وغيرها من وسائل الاعلام الامريكية.
في اليوم الثاني اتهمت احدى الصحف العراقية ديفد كاي بانه عميل للمخابرات الامريكية وكنت موجوداً هناك باعتباري أحد أعضاء الفريق النووي العراقي ناداني ديفد كاي متحدثا معي بمايلي ... انت تعرفني من فينا فهل تؤيد ما ذكر في الصحيفة العراقية باني عميل للمخابرات (اي ديفد كاي ) فقلت له بعفوية دبلوماسية وهذا كان يبث مباشرة، صحيح انني اعرفك في فينا ولكن ان كانت حكومتي تملك معلومات بانك عميل فيعني أنها متاكدة من ذلك. وثبت لاحقاً بانه كان يرتبط بجهات اعلى من (CIA) .استمر الحال لمدة اربعة ايام وثلاث ليالي وتم الاتفاق على حصولهم على الوثائق والاوراق على ان تصور من قبلهم.
لقد تعاملنا معهم بمهنية عالية واضعين أمامنا العراق وما يعانيه جراء هذه الممارسات غير المهنية والاستفزازية وثبت بان من عناصره كانو من الاختصاصين في فتح الاقفال والقاصات والحاسبات بل ان المعلومات عن بعض منهم أنهم من ارباب السوابق مع عدد قليل من الفنين والمهنين.
الأحتلال خصصت الإدارة الأمريكية فريقا كبيرا أسمته لجنة مسح العراق مكونا من 1400 شخص بين عالم وعسكري وأستخباري برئاسة ديفيد كي للبحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كان يقال إنها موجودة لدى العراق، وبعد المسوحات وأجراء المقابلات والزيارات المكثفة لكافة المنشآت، رفع ديفد كي في الثاني من تشرين الثاني2003 وهو المسؤول عن أيجاد أدلة تثبت وجود برامج أسلحة دمار شامل في العراق تقريراً عن نتائج التقتيش مفاده(لم يجد فريق مسح العراق ما يدل على أن العراق أتخذ أي أجراءات بعد عام1998 تهدف الى تصنيع أسلحة نووية أو أنتاج موادأنشطارية)، توالت تصريحات متكررة من ديفيد كاي (الرئيس المستقيل للفريق الأميركي المكلف بالبحث عن الأسلحة في العراق) قال فيها انه لا يوجد أسلحة دمار في العراق وأن المعلومات الأستخبارية التي أستندت أليها الحرب مضللة وغير صحيحة وأنهى مهمته بفشل كامل عقب سبعة أشهر من تكليف واشنطن له.
3- روبرت كالوجي: دبلوماسي أكاديمي أمريكي، أصبحفيما بعد نائبا للمدير التنفيذي للجنة الخاصة للامم المتحدة، شارك بصياغة الفقرة ج من قرار مجلس الأمن المرقم 687، لعب دورا بصيغة مقترح ان تكون العلاقة بين الوكالة واللجنة الخاصة علىلتنفيذ متطلبات تنفيذ قرار مجلس الأمن بالصيغة التالية( تقوم الوكالة بمهمتها بمساغدة اللجنة الخاصة وبالتعاون معها هذه الصيغة كانت تضمن أن تكون اللجنة الخاصة على معرفة بما تقوم به الوكالة) لاوهذا يعني أنها يمكن أن تتجسس على عملها في ما يخص العراق، لقد تصرف طيلة بقاءه في اللجنة الخاصة بدور استخباري وبدور أستفزازي مثلما قدمناه عند التجدث عن ديفد كاي وهو كان معه في التفتيشات الحساسة وكذلك بالنسبة للأنشطة الأخرى من برامج العراق الكيمياوية والبيولوجية والصواريخ البلاستية.
4- سكوت ريتر: أمريكي وهو الرئيس السابق لاحدى منشأت البحرية الامريكية وشارك في المفاوضات مع السوفيت للتقليل من الترسانات النووية، انتدب للعمل في اللجنة الخاصة للفترة 1991 _1998 ترأس 14 فريقا، تميز عمله بما يلي:
أ- كان يريد توسيع نطاق التفتيش لتشمل الاماكن الرئاسية والمعسكرات واماكن الحرس الجمهوري مما خلق مشاكل وتوترات مع الجانب العراقي.
ب- الطلب بأجراء مقابلات مع قادة عسكريين لاعلاقة لهم بنشاطات التفتيش بحجة انهم اخفوا معدات البرامج في مقراتهم، وبذلك كان مساعدا للجهد الاستخباري ضد العراق في حينه.
ت - في احدى زياراتي للوكالة شاهدته مع جاك بوت من الفريق النووي لاكثر من مرة مما يدلل بانه كان يطلع على نشاطاتهم ويستغلها لاهداف معينة.
ث - أدعى بان العراق عرقل عمل المفتشين وانه يحافظ على العناصر الاساسية لاستئناف برامج اسلحة الدمار في موعد لاحق.
ج- هو من قام بنصب اجهزة التنصت في بغداد بناء لتعليمات بتلر هذا ما اعترف به لاحقا، كما زار اسرائيل عدة مرات وقيامه مع الخبراء هناك بتحليل الصور وقرائتها والتي تم تزويده بها عن طريق طائرة اليو2 التجسسية والتي لايقودها الا سلاح الجو الامريكي، ماذا يعني هذا؟
تغيرت مواقفه بعد استقالته نهاية عام 1988 وبدأ يركز على الجهد الدبلوماسي وضرورة عودة التفتيش والابتعادعن استخدام القوة لحل المنازعات.
اصدر كتابا بعنوان (نهاية اللعبة) جاء فيه انه يشعر بالاحباط للمحاولات التي قامت بها وكالة الاستخبارات الامريكية التسلل الى اللجنة الخاصة واستخدام المفتشين كوسيلة لجمع المعلومات الاستخبارية بغية مواصلة تغير النظام السياسي في العراق، وهي مخالفة لشروط واطار عمل اللجنة الخاصة.
وكتب مرة اخرى بأن عمليات التفتيش كانت ناجحة في القضاء على قدرات اسلحة الدمار الشامل العراقية الكبيرة، في مقابلة له مع وليم بت قال ليس هناك من شك في ان العراق لم يمتثل امتثالا كاملا لالتزاماته في نزع السلاح لكن من ناحية اخرى العراق منذ 1998 تم نزع سلاحه بشكل اساسي بمقدار95-90 % حيث تم القضاء عليها بشكل يمكن التحقق منه وعلينا ان مقدار 5-10 % لاتشكل بالضرورة تهديدا، انما يشكل اجزاء يمكن التحقق منه ولا يرقى الى التصعيد بأستخدام القوة.
امام لجنة العلاقات العربية والدولية للمجلس الوطني العراقي تحدث قائلا كان من الممكن اعتبارا من عام 1997 من الناحية النوعية(العملية) ان العراق قد تم نزع اسلحته ولم يعد يمتلك اي كميات من المواد الكيميائية ذات مغزى او عامل بيولوجي.... ووسيلة صناعية لانتاج هذه العوامل، والشيء ينطبق على قدرات العراق النووية والصواريخ البالستية، ورجاهم بالتوصية لعودة المفتشين لاكمال المهمة المتبقية.
كانت اللجنة الخاصة اداة امريكية وكانت تحاول دائما المساس بأمن العراق عن طريق مفتشيها وكذلك توريط زميلتها الوكالة بحيث كانت تزودها بمعلومات كاذبة عن وجود انشطة اومعدات محظورة غير معلن عنها مثل ما حدث مع الفريق النووي الذي ترأسه جورج هيلي حين دخل احد الكنائس ودار الراهبات وفي حينها اعتذر من هذه الخطوة الغريبة وعلمنا في ما بعد ان اللجنة الخاصة كانت تقف وراء المعلومات المضللة.
اعترف جارلس دولفر نائب اكيوس في مذكراته التي نشرها قبل سنتين بأن معلومات اللجنة الخاصة كانت مفيدة جدا في اعمال العدوان والغزو الذي تعرض له العراق قبل وبعد نيسان2003
لابد من الاشارة انه في عام 1996 سلم وزير خارجية العراق ايكيوس قائمة بعدد واسماء المفتشين المجندين لصالح المخابرات المركزية الامريكية من الامريكان ومن غير الامريكان، ووعد أيكيوس في حينه بانه سيطلب من الامريكان وقف هذه النشاطات، وكذلك باخذ تعهدات من كافة المفتشين بكتابة اية تقارير الى اية جهة ومن ضمنها بلدانهم غير اللجنة الخاصة الا انه اعترف بانه لا يمكن ضمان تسرب المعلومات الاستخبارية الى الولايات المتحدة لانها البلد الاكثر دعما للجنة الخاصة في المجالات البشرية والفنية والاجهزة والطيران.
هناك أسماء أخرى كانت مرتبطة بأجهزتها الأستخبارية يمكن لزملائنا في البرامج الأخرى والتي يمكن أدراجها بمقالاتهم لكي يطلع عليها من يريد معرفة الحقيقة ولكي يسجلها التأريخ في صفحاته،ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
4242 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع