هادي جلو مرعي
الرئاسات الثلاث في العراق لاتؤدي بشكل طيب وهذا متفق عليه، لكن الأصل في الموضوع هو محاولة إضعاف الرئاسة الأكثر نفوذا وقدرة على التحكم في مجريات الأمور، وتسيير شؤون الحكم.
رئاسة الجمهورية العراقية يغيب عنها الشخص الأول فيها جلال الطالباني الذي يعاني من مرض عضال، ويخضع لعلاج مكثف في مستشفى يقال والعهدة على القائل، إنه في مدينة ألمانية والجميع لايعرف سر وجوده وبقائه، ويقال أيضا، إن صورا بدأ نشرها رويدا للرئيس وهو يعيش نقاهة في مشفاه الألماني بقية دفع المواطنين للتصويت لمرشحي الإتحاد الوطني الكوردستاني الذي يرأسه، لكن المشكلة ليست فقط في مرض الرئيس، والأخطر منها هو الدور التشريفي الذي يلعبه، حيث لاقدرة لديه على التحكم بمسار أي حدث، وليس من شأنه إتخاذ قرارات حاسمة وتاريخية كما يتاح لرئيس الوزراء، ويبقى وجوده من عدمه مثيرا لتساؤلات، وليس لقلق كبير، فالناس تريد معرفة مصير الرئيس من باب الفضول، وليس لشعور بحاجة ماسة له كما قد يتوهم البعض من الذين يريدون إضفاء أهمية على منصبه وتأثيراته المحتملة وغير المنتظرة على الإطلاق.
رئيس مجلس النواب يملك منصبا لايملك منه شيئا في الحقيقة، فهو يرأس برلمانا يضم كتلا منتصارعة ولكل منها هدف محتمل وغاية مرجوة تهون من أجلها الغايات على صعيد القومية والطائفة. فليس من شأنه تشريع قوانين، أو تقديمها للبرلمان كما يعتقد وفقا لدوره ومهمته التي يتيحها الدستور، بل وفقا للتوافقات والمراهنات والإتفاقيات المبرمة بين الكتل مسبقا، ولاتوجد أية قوانين يمكن أن تشرع مالم يسبقها نوع من التفاوض بين المكونات الأساسية للوصول الى نتيجة ترضي طموحات وأطماع الجميع الذي ليس من مصلحته تمرير قانون مالم يكن فيه ضمانات بتحقيق تلك المصلحة، ولذلك فرئيس البرلمان مثل رئيس الجمهورية ولايمكن أن يتقدم خطوة واحدة الى الأمام على الإطلاق.
يتمتع رئيس الحكومة العراقية بصلاحيات واسعة، ليست دستورية بالضرورة، لكنها واقعية على الأرض نتيجة المحورية التي هو عليها في إدارة الدولة، ولأنه يمثل رأس الهرم في السلطة التنفيذية التي تنتهي عندها القوانين والقرارات والأموال، وليس فقط لأن رئيس الوزراء يتمتع بشخصية نافذة وقوية. فهذا وحده غير كاف في ظل الصراع المحموم، ووجود من يتربص للإيقاع به، وقد يرى البعض إن رئيس الوزراء ليس قويا لجهة بناء الدولة بل في إطار صراع القوميات والطوائف، بمعنى وجود رئيس جمهورية كردي ضعيف، يقابله رئيس برلمان سني ضعيف، ورئيس وزراء شيعي قوي، وعلى هذا يتركز الجهد الآن من قبل الكورد والسنة الذين ليس من مصلحتهم وجود رئيس حكومة شيعي قوي، في حين تلتقي معهم أطراف شيعية في الهدف، لكنها لاتريد رئيسا للحكومة ضعيفا ففي النهاية هي تريد المنصب قويا لكنها مضطرة للتحالف مع من يريده ضعيفا، وهو تحالف مرحلي ينتهي بعد مدة نتيجة الطبيعة التي عليها الصراع بين المكونات، وماتريده أطراف إقليمية ودولية من العراق، وما تأمل أن يكون عليه مستقبل الدولة.
463 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع