كل شيء في عراقنا ينقسم حول نفسه.
يختلف حوله الناس العاديون واصحاب الشأن من المعنيين.
اختلاف نادر الحدوث في مجتمعات المعمورة التي نشأت من نفس الاصول او بالاحرى نادر الحدوث بالطريقة التي تحدث في العراق، لان الاختلاف مسالة حاصلة في السلوك البشري. يبدو انه وعلى هذه الارض التي وصفت بالمعطاء، قد بدأ منذ قرون بدوافع الطبيعة التي كونت ظروفها الصعبة عبر الزمن شخصية متمردة، تقاد بالقوة، تختلف مع بعضها في غياب الشدة.
خاصية، تمثلها أهل السياسة جيدا، لتكون أبعاد الاختلاف في مجالها للعقد الاخير من الزمن الذي عاشه العراقيون بحرية منفلتة، أكثر وضوحا وأشد تأثيرا، حتى سمح لنفسه البعض من الباحثين المحدثين، تأكيد آراء من سبقهم على ان أهل البلاد يُسَيّرونَ في المعتاد "رضوخا" بقوة السيف وقبضة السجان، والا أختلفوا مع انفسهم والقريبين منهم، وزادوا على تأكيدهم هذا تأكيدات أخرى:
أولها أن الحاكم الذي لا يحمل سيفا حادا، ولا يملك سجنا باقفال حديد، سيختلف قومه على أبسط الامور، داعمين وجهة نظرهم بمؤشرات عن زمن عاشه الحجاج قديما بسيف لا يرحم، وآخر حكم فيه صدام حسين حديثا بمسدس لم يتوقف عن أطلاق النار بدون رحمة.
وثانيهما أن الحرية المنفلتة التي أوقفت أطلاقات المسدس الذهبي للحاكم بعد 2003، وفتحت أقفال الحديد الصدئة لسجونه داخل النفوس، أطلقت العنان لروح الاختلاف والانقسام التي كانت وكأنها مكبوتة لعقود من الزمان، فاصبح بسببها الاختلاف حتميا في القرار المتخذ وان كان مصيريا، وفي الرأي الاجتماعي المطروح وان دعم علميا.
كل شيء مختلف عليه الا ما يتعلق بالثأر والردة الى الماضي والانتقام، فالجميع متفق على بقائها وسبل التعامل معها كنوع من التراث المميز.
انه اختلاف أنفلات، خطير، قلما أدرك اصحابه النتائج البعيدة لتكرار حصوله، أخطرها انهم بتشظيهم أنقساما واختلافا، يتجهون دون دراية منهم بالسعي الى وأد الحرية الوليدة، أو تجزأة "تقسيم" بلدهم الى أجزاء وربما دويلات، قد يقبلها جل الشعب المرهق هاربا الى الامام من ضغوط الضجر القاسي للاختلاف.
هذا واذا ما استمروا "المختلفون" على نفس الوتيرة، اختلاف داخل الحكومة، وتحت سقف البرلمان وبينهما والاقليم والمحافظات، دون الالتفات الى شعب يأن من وجع الانقسام، سيكون حدوث أحد المحضورين، بوقت ليس بعيدا من الان.
366 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع