الدولة الإسلامية "داعش" وفصل جديد من كتاب الحرب

                                   

                        د.سامان سوراني

بعد إعلان الرئیس الأمريكي باراك أوباما يوم الجمعة ٥-٩-٢٠١٤ في قمة الناتو في ويلز بأن حکومته سوف تتحالف بشكل أساسي و رسمي مع كل من كندا، تركيا، إيطاليا، بريطانيا، بولندا، الدنمارك، فرنسا، أستراليا، وألمانيا في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ،

رغم إستمرار واشنطن حالياً في تنفيذ ضرباتها الجوية ضد مواقع داعش ، يمکن أن يقال بأن فصل جديد من كتاب الحرب قد بدأ وأن الغرب ينوي بكل جدية في ملاحقة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق من أجل القضاء علی قادتها وتدمير هذه المنظمة بشکل كامل في كل من العراق وسوريا. إذن تحشيد الجهد من قبل أمريکا هو لضمان عدم إستمرار تهديد الدولة الإسلامية الإرهابية للمنطقة وتحطيمها.  
الدولة الإسلامية بإرهابها وعنفها يجب أن تفسر كحدث جسيم و خطير وفريد من نوعه ، فهو بوحشیتە وبربریته يستجمع كل سمات الحدث الإرهابي الحديث، حیث أصبحت الأجندة الجديدة لهذا الحدث تحطيم الدول والنظم وتدمير البنى التحتية والفوقية والقضاء على مقومات الحياة للشعوب بجميع تكويناتها وانتماءاتها.
هذا التنظيم الإرهابي بمشروعه الإسلامي ، الذي تُرجم صراعات وحروب طاحنة علی المشروعية والذي يشحن النفوس ويحشد البشر ويعسکر المجتمع ويخترع الأعداء لشن الحروب والنزاعات الوحشية ، يمارس اليوم عنف مبرمج وعنف أعمی ، لا يميؔز بين مذنب وبريء ، يحارب الجوامع والکنائس والمراقد ، يمزؔق أجساد الأبرياء ويفجر كل بناية أو مقر لە صلة بالمدنية. وما ممارسة داعش من عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد أهالينا الكورد الإيزديين في سنجار (شنگال) إلا دليل علی طغيان صورة العنف المبرمج للتنظيم وسط المشهد التراجيدي.  
الواقع هو أن الدولة الإسلامية تمكنت من مدؔ نفوذها في العراق وتحويل قسم كبير من العراق وسوريا الی بٶرة لممارسة العنف وخوض الحروب. والسياسات الطائفية المتعمدة ، التي مورست من قبل المالكي منذ اكثر من ثماني سنوات جعلت قطاعاً واسعاً من العراقيين السنة يشعرون بالاستهداف السلطوي من خلال ممارسات ذات طابع فئوي تجاههم ، مما جعلت وجودهم الآمن في مناطقهم الجغرافية محل شك وتساؤل، فضلاً عن تجاهل حكومة المالكي لمطالبهم حول الشراكة في السلطة مما أدی الی إحتقان المناخ السياسي والإجتماعي في تلك المناطق، و باستثمار أرضية الغضب الشعبي تمهد الطريق لتنظيم داعش التكفيري القادم من خارج الحدود العراقية ليركب بسهولة موجة الاحتجاجات الشعبية والثورية، التي امتدت لأكثر من عام وسط قمع سلطوي وبالنتیجة صار العراق جحيماً لايطاق.  
أمريكا أخذ الآن ماحدث في العراق بجدية وقام بتشكيل تحالف قوي ضد داعش ، رغم أنها أكتفت في السابق بما  کان يرددە المالكي من أن داعش هو الفاعل الوحيد وأنه لابد من التدخل العسكري. المالكي قام في الماضي بخدع الغرب واستطاع من خلال دعمه تنفيذ أجندة طائفية بغيضة ، لكن الآن إنكشف سحره. إنە من الصعب تصوّر قيام حل سياسي قابل للاستمرار دون حدوث تحسن في الوضع العسكري وعلی إدارة الرئيس باراك اوباما القيام باضعاف وتدمير تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" واجتثاث هذا التنظيم  ليس فقط من العراق ، بل أيضاً من سوريا.
السياسة الأمريكية تسعی الآن على كسب العراقيين السّنة في الحرب ضدّ ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية. وموضوع الكسب هذا بالتأكيد سوف يقلص من قوة تواجد دولة داعش اللقيطة في المناطق السنية من العراق ، إذا لم يٶدي الی زوالها. تنظيم داعش لايملك عناصر الحياة التي تكفل البقاء والنماء ، مهامه الأول والأخير هو جمع ونشر عناصر الموت الحقيقي والمعنوي.
نحن نری بأنه من الضروري أن يكثف المجتمع الدولي كل إمكاناته السياسية والإنسانية لحماية التجربة الديمقراطية لإقليم كوردستان المحافظ علی روح التعايش السلمي ، فتنظيم داعش هو اليوم دولة إرهابية متسلحة ليس لديها أي مبادئ للتسامح الإنساني وهو لا يمثل فقط على كوردستان والعراق خطراً  بل هو خطر علی المنطقة والعالم أجمع.
وختاماً: "إن التحدي الأكبر ليس في الهدم بل في البناء".  

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

730 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع