نشبت معركة أو مساجلة حامية الوطيس في الملحق الاقتصادي لجريدة «الرياض»، بين اثنين من جهابذة الاقتصاد، وهما مع حفظ الألقاب (أنوار أبو العلا وفهد بن جمعة)، وما زالت تلك المعركة مستمرة منذ عدة أسابيع، وما زلت أتابعها أنا شخصيا باهتمام بالغ، وهي تدور حول البترول ومخزوناته، والذروة في إنتاجه، وكم بقي من الأعوام في عمره.
وسبب متابعتي أو رعبي بمعنى أصح، هو أنني أمتلك حفارا (هيدروليكيا) دوّارا، مع شاحنة رطّامة تحسن الهزهزة، وهي من أجل اكتشاف وحفر مكامن البترول، ولو أنه لم يعد له قيمة في العالم فسوف أذهب أنا مع معداتي في خبر كان، ولا أقول في (خرخر).
عموما البترول قديم جدا، وكان العرب يسمونه (القار)، وكان البدو يداوون به إبلهم (الجربانة)، وقد استخدمه الفراعنة في تحنيط (المومياوات).
وفي عام (1750) في بنسلفانيا بأميركا، اشترى أحد التجار أرضا شاسعة لاستخراج الملح، ولكنه أصيب بإحباط عظيم، فكلما حفر بئرا خرج له بترول، فما كان منه إلا أن يلم معداته ويبيع الأرض (بتراب الفلوس)، أما الذي اشتراها منه فقد فتحت له أبواب الثراء مصراعيها بعد عدة عقود.
وقد علمت أنه في سنة 1924 أنشئت في الولايات المتحدة لجنة لادخار البترول وبحث الوسائل التي يمكن بها إنقاص المستهلك منه، وذلك خشية نفاده قبل أن يُخترع وقود آخر، وجاء في توصيات اللجنة الآتي: «البترول هو الآن وقود الطائرات والسيارات بل والبواخر أيضا، فإذا نفد من العالم قبل أن يخترع أو يكتشف وقود آخر، فإن الحركة التي نراها الآن ستقف فجأة، وقد تعيش البواخر بالفحم، ولكن كيف يمكن للطائرة أو السيارة أن تسير بالفحم؟!».
ويشتغل الألمان الآن باستخراج البترول من الفحم، ويقال إنهم قد نجحوا إلى حد كبير، وإنهم على وشك تقديم بترول صناعي إلى الأسواق قريبا.
وهذا هو ما يبعث الأمل في نفوسنا، لأن العلماء والمحللين يعتقدون أن عمر البترول أقصر مما نتصور، وأنه سينفد خلال أعوام قليلة، ويجب عدم الوثوق به والاعتماد عليه.
وأعظم الأمم استخراجا للبترول هي أيضا أكثرها استهلاكا له، وهي الولايات المتحدة، كما يرى من الترتيب التالي (اسم القطر - المستخرج سنة 1928 بملايين البراميل - النسبة المئوية):
(الولايات المتحدة - 899.7 - 69.8)، (فنزويلا - 104.6 - 8.1)، (روسيا - 80.4 - 6.3)، (المكسيك - 47 - 3.6)، (إيران - 37 - 2.9) (رومانيا - 28.3 - 2.2)، (إندونيسيا - 21.5 - 1.7)، (كولومبيا - 20 - 1.5)، (بيرو - 10.5 - 0.8)، (مصر - 1.3 - 0.08).
والآن وقد مضى على ذلك 88 سنة، فهل لا تزال الكأس (مترعة)، أم أنه يحق لي أن أقول مثلما قال أبو الطيب وهو يخاطب كافور:
أبا المسك.. هل في الكأس فضل أناله
فإني أغني منذ حين وتشرب
951 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع