في الصباح الباكر يكون على الرئيس الأمريكي أن ينظر الى واحدة من الجهات التي تذكره بإلتزامات مهنية وأخلاقية تجاه وظيفته الرئاسية التي تحدد علاقته بالشعب وتعرفه بطبيعة مسؤولياته التي عليه أن يؤديها وقد أقسم على ذلك حين توجه الى المحكمة العليا وكان مراقبا من جهات عدة كلها تحاسبه وتناظره وتصرخ في وجدانه بصرخات الإلتزام وأداء الواجب دون تردد أو تفكير بمصالح شخصية على حساب المجموع العام بإستتثناء ماكفله له الدستور كمواطن أمريكي يؤدي خدمة يحاسب عليها في حال لم يؤد ماعليه .
الرئيس الأمريكي ينظر من مكان ما في البيت الأبيض الى ثلاث أماكن تاريخية مهمة تبعث له برسائل حاسمة لايمكنه تجاهل قرائتها ،ويكرر ذلك كل صباح الى نهاية مدته الرئاسية وعليه أن يحتفظ بصورها في ذاكرته حين يكون بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية أو يغادر في مهمة الى مكان ما وكلها تمثل بالنسبة له أو لأي رئيس دخل البيت الأبيض شكلا من الرقابة الرسمية والأخلاقية،وتمثل للشعب الأمريكي ضمانة لمنع الرئيس من التنصل عن مسؤولياته أو للخروج عن الدور المرسوم له بعناية منذ الأيام الأولى لتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية.
يفتح الرئيس عينيه في الصباح على منظر المحكمة العليا والى جوارها الكونغرس وكذلك مكان يمثل موضعا يشبه الى حد بعيد مقبرة رمزية لرؤساء حكموا أمريكا عند مدخلها نقش جميل لأسماء الولايات التي تشكل أمريكا بكل قوتها وجبروتها ونفوذها المتعاظم الى ماشاء الله ،وكل واحدة من هذه الرمزيات تمثل للرئيس نوعا من الرقابة والحوار الوجداني أو هكذا يخيل للزائر والمتطلع للبيت الأبيض ومايقابله من مبان حاكمة لإمريكا وموجهة لإدارتها.
في البيت الأبيض يكون وجوده وحكمه وفريقه الوزاري ومكاتب المستشارين والقيادات العليا ومنه يصدر المراسيم التي تغير في كثير من الأحيان سياسات وتؤدي الى مصائب أو إلى إنقلابات وقد يوقع فيه إتفاقيات مع زعماء تعلي من شأن أمريكا وتحط من منزلة الطرف الآخر الموقع معه على نفس الإتفاقية وربما كانت المنفعة للفريقين..تشكل المحكمة العليا قدرا ( ليس أحمق الخطى ) للرئيس فهي التي تنهي الجدل في حال وصل الخلاف في أمر ما الى حد التخاصم كما حصل في مناسبات عدة وعلى الرئيس أن يهابها ويحسب لها مليون حساب..بينما يتوجس خيفة من الكونغرس الذي يطالع بنايته العظيمة والفخمة ويفكر في نوايا النواب خاصة في الأوقات التي لايكون لحزب الرئيس الأغلبية سواء في مجلس الشيوخ أو النواب.في المقبرة الرمزية وماتضم من تماثيل تتجسد قوة أمريكا حين تحتفل بصانعي مجدها والذين تقدموا بها بخطوات جبارة الى المستقبل وهذه نهايتهم كرموز ،فهل يرغب الرئيس أن يكون من بينهم ليخلد ،أم يكون مجرد سياسي يقضي مدته الرئاسية ويمضي؟.
عندنا تختلف الأمور فالرؤساء يفتحون أعينهم على زوجات طامعات بالمال والثراء والمتعة والسفر ،وعلى مستشارين كذابين لاتهمهم مصلحة الوطن أبدا وعلى وزراء كل يمثل طائفته وقوميته ومصالحه الخاصة ، وعلى شعب لاتلبى مطالبه ويهان في الغالب ويقمع بلا رحمة ولاشفقة ولايهاب الرئيس شيئا ولايخشى لأن السلطات كلها بيده لوحده ولايشاركه فيها من أحد .
ربما بإستثناء الزوجة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
832 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع