وبلغ السيل الزبى

                                          

منصب الولي الفقيه، الذي هو بموجب نظام ولاية الفقيه الذي وضعه الخميني بناءا على بعض الاراء الفقهية غير المعتد بها و التي ليس هناك من إجماع واضح عليها، منصب حساس و خطير لأنه يعتبر نائبا للأمام المهدي المنتظر"ع"، في فترة غيابه و بالتالي فهو مخول بإمتلاك الصلاحيات و السلطات المفوضة له شرعا.

هذا المنصب الذي کان مصانا في عهد الخميني بصورة خاصة و الى سنوات قريبة بصورة عامة، لايبدو ان الهالة المقدسة التي أحيطت به بالاستناد الى طروحات نظرية الفقيه، ستستمر على سابق عهدها، بل وأن هناك دلائل و شواهد تؤکد بأن هذا المنصب قد بات في الصورة و بات عرضة للنقد و الامتهان و التناول من مختلف الجوانب.

عندما قضى الخميني نحبه في 3 يونيو حزيران 1989، بدأت حرکة غير عادية في اوساط النظام الايراني قادها و أشرف عليها هاشمي رفسنجاني و کانت تهدف للإعداد لنصب علي الخامنئي خلفا للخميني، خصوصا وان هناك الکثير من القواسم المشترکة العظمى بين هذين الشخصين السياسيتين ولاسيما في موضوع الاطاحة بنائب الخميني آية الله المنتظري الذي کانت له آراء عقلانية و منطقية و معتدلة فيما يتعلق بالکثير من الامور و المواضيع المهمة و الحساسة کالموقف من منظمة مجاهدي خلق و من أهل السنة و المجتمع الدولي، ولاريب من أن الخامنئي لم يکن يمتلك المؤهلات و الصفات و الشروط التي تؤهله لکي يحوز على هذا المنصب، لکن و تماما مثل الذي جرى بعد وفاة حافظ الاسد و المسرحية المفضوحة التي جرت من أجل تنصيب ابنه بشار الاسد، فقد جرى أمر مشابه لذلك، والحق أن الذي جرى في دمشق بعد وفاة الاسد الاب کان مستوحى و مأخوذا و مستنسخا من الذي جرى في طهران بعد موت الخميني.
منصب الولي الفقيه الذي کان الخميني يشغله حتى وفاته، لم يکن من الهين أن يشغله شخص مثل الخامنئي، فهو لا يمتلك شخصية و لا خلفية و لا ماضي شبيه او حتى قريب من الخميني، ولذلك فقد کان واضحا ومنذ البداية أن خامنئي لم يشکل أمام أرکان النظام حصنا حصينا او منيعا و لا قلعة لايمکن الوصول إليها بسهولة، لکن الخامنئي و بالاستناد على الصلاحيات و السلطات المطلقة المفوضة إليه بموجب منصبه"الاسطوري"، قاد المعرکة ضد مناوئيه أو کل من يتربص به کيدا او شرا، ولذلك فإن خصومه او المختلفين معه إضطروا لکي يلتزموا جانب الصمت او القبول على مضض للأمور في إنتظار تطوارت و تداعيات الاوضاع.
لاغرو ان مختلف المراقبين و المتابعين و المختصين بالشأن الايراني، کانوا يتوقعون أن يکون الشخص الوحيد المؤهل لقيادة حملة الرفض و المخالفة بوجه خامنئي، هو هاشمي رفسنجاني فقط دون غيره لأسباب مختلفة أهمها أن کلاهما قد إشترکا في مختلف ألاعيب و دسائس و مکائد النظام، لکن، ولأن خامنئي قد تمکن من الامساك بتلابيب رفسنجاني عندما نجح في جمع حصيلة کبيرة من نقاط الضعف المسجلة ضده، ولذلك فإنه لم يکن أمام رفسنجاني سوى الرکون للصمت و القبول بالعيش في ظلال صديقه و خصمه في آن واحد، لکن هذه الصورة الوردية المخملية لم تدم طويلا لخامنئي ذلك أن أوضاع و ظروف إيران غير المستقرة و الحرجة و المتغيرات الدولية و التداعيات الناجمة عنها، قد دفعت بالاوضاع في إيران الى مفترق حساس و استثنائي بحيث إشتبك حابل النظام بنابله و إنقلب عاليه على سافله مما دفع بالولي الفقيه لکي ينزل من عليائه و يکون طرفا من تلك الاطراف المتصارعة في سبيل تحديد صورة المشهد الايراني خلال المستقبل المنظور.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

378 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع