شهد الشرق الاوسط حروب المغامرة الامريكية وانهيار معادلة التوازن الرباعية بعد غزو العراق , وتعاظم الدور السياسي والشبحي الايراني منذ عام 2001 وحتى عام 2011 حيث صنعت ايران موجات سياسية ومليشيات طائفية مسلحة تشابه في التنظيم والتسليح والأدلجة مليشيا حزب الله اللبناني , لتساعد الولايات المتحدة في غزو العراق وأفغانستان كما صرح بذلك " أبطحي" عام 2004 عندما قال ( لولا ايران لما تمكنت امريكا من غزو العراق وأفغانستان) لتكون تلك الاوراق الضاغطة روافع للتغول والنفوذ الايراني في العراق ومنه للعالم العربي , وقد منحت بطاقة مرور اميريكية للقيام بدور الشرطي الشرير القبيح بالمنطقة كفاعل مارق يصنع الرعب والاضطراب المجتمعي والسياسي والأمني بالمنطقة .
حرب بالوكالة
اسهمت ايران بشكل فاعل في خلق الاضطراب الصادم والتفكيك المجتمعي وعسكره الاسلام في عدد من الدول العربية ويمكن توصيف هذا الدور بـ "حرب الوكالة " بطابعها الطائفي الذي يرتكز على ايديولوجيا التشيع السياسي والمسلح , وتعاظم بشكل اخطر في ظل ادارة الرئيس الاميركي الاسمر "بارك اوباما" حيث عقد الاخير صفقة الانسحاب الفوضوي من العراق مع ايران والقبول بالتسهيلات العسكرية والقواعد العسكرية الاربع , مقابل اطلاق يد ايران بالعراق بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام ضمن (استراتيجية الاقتراب الغير مباشر) والتي تمنح الوكيل مهام الاصيل الحربية والسياسية .
تفاهمات سرية
بالرغم من اتمام الصفقة وتغول ايران عبر العراق الى الجوار العربي لترسيخ تجربة تصدير الثورة الفارسية الا ان ما يطلق عليه الربيع العربي قد بدد احلام الملالي وأدواتهم بالوصول السياسي والمسلح , خصوصا بعد نخر الرئة الايرانية على المتوسط وراس الجسر العابر للنفوذ في سوريا وتورط النظام السوري بعسكره الاحتجاجات من خلال زيادة جرعة الارهاب التي يتحكم بها ضد الشعب وتحويل سوريا الى دمار وساحة حرب اقليمية طائفية مستعرة مما ارهق النظام وفكك مخططات ايران المتنافسة على المنطقة مع اسرائيل وفق تفاهمات سرية تغطي عليها شعارات الممانعة والمقاومة والتي استهلكت لدرجة كبيرة وفضحت ابعادها بعد تحول المقاومين الى قتلة وحشيين للشعب السوري والعراقي , وهنا بدء العد العكسي للدور الايراني الدموي والذي يعيش هستريا دموية استخدم فيه ولأول مرة حشد من المليشيات الطائفية العراقية واللبنانية واليمنية وحرسه في حرب اقليمية طائفية ضد شعوب العالم العربي.
تسليح يبحث عن حرب
تفوقت إيران تسليحا على الدول العربية بالأسلحة الاستراتيجية كالأسلحة النووية ,أسلحة الدمار الشامل , القدرة الصاروخية , الالكترونية , المعلوماتية , الفضائية , البحرية,وبدعو روسي واضح , كذلك امتلاكها القدرة الأكثر خطورة في العالم ( المليشيات الارهابية ) مما جعل منها قوة سائبة مارقة تمارس البلطجة السياسية باستمرار , وقد حققت تمدد كبير في البر العربي , وترجم على شكل نفوذ ليبرالي سياسي واقتصادي وعسكري في لبنان وسوريا واليمن والصومال والسودان , ونفوذ إقليمي اخطر في العراق والكويت والبحرين , وتمارس إيران بحريا الجس والتوغل في حرب المشاطئة عبر الخليج العربي والبحر الأحمر والمتوسط وأعالي البحار , ولو استعرضنا المسارح البحرية سنجد أن مناطق الجس والنفوذ متعددة وكثيرة واتسعت مؤخرا بعد غزو العراق وقد وصل نطاق حركاتها البحرية الى السودان , وأضحت تسيطر بقوة على ساحل لبنان وتنشر غواصاتها عبر الأحمر وتمارس التواجد في المتوسط بذرائع مختلفة , ناهيك عن التهديدات المزمنة بغلق مضيق هرمز وضرب المصالح الدولية.
تقاطع مصالح
يعتقد الباحث ومن خلال تطويع المعطيات أن هناك تخادم وتقاطع مصالح أيراني أمريكي إسرائيلي في رقع تلتقي فيها مصالح الأطراف[1]، وتجسد بشكل واضح في لبنان وسوريا والعراق والسودان واليمن ,وتسعى إيران وبشكل حثيث إلى لبننه العراق من خلال المليشيات وأطواق السلطة المتعددة التي زرعتها منذ تشكيل العملية السياسية بعد غزو العراق , ويعد نفوذ إيران في العراق أكثر خطورة وتأثير لأنه الممر البري العربي ضمن خارطة التصدير للثورة الإيرانية , وقد أصبح العراق الممر الحربي ونقطة الانطلاق والقاعدة المحورية للاختراق الأطلسي والخليجي العربي , وكشفت الأحداث الأخيرة عن شبكات تجسس في الكويت وعمليات ارهابية في البحرين والسعودية بدعم ايراني واضح معلن تعبر عنه وسائل الاتصال وتصريحاتهم.
المسرح الاخطر
يعتقد الباحث أن مسرح العمليات العراقي الإيراني من اخطر المسارح في خط الصدع العربي الإيراني , وتكمن خطورته القصوى كونه الممر البري الأسرع والأقرب لشروع القطعات البرية الإيرانية في حالة غزو العراق والتقرب لدول الخليج العربي والأردن ولا وجود لحسن النوايا والعاطفة في قراءة التهديد , ويبدوا أن الخطورة الحالية تكمن في انتشار القدرة المكتسبة ومزاوجتها مع القدرة الحربية الإيرانية المتعاظمة ناهيك عن توظيف أسطولها المسلح من الخلايا العاملة والنائمة والمليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية لزعزعة الاستقرار وفرض الاضطراب الأمني والسياسي الذي يسبق أي عمل عدواني محتمل , ويبدوا أن هيمنتها على السلطة السياسية والاقتصادية والعسكرية والمسلحة في العراق[2] ضمن تحالف طائفي معلن بات يحقق غايتها الاستراتيجية , ويؤمن اختراق المسارح العربية بالتوالي وباستخدام شبكات الحرس الإيراني العاملة في خارطة الاهتمام العربي , وشهدنا تشكيل محور طائفي اقليمي وتأمين جسر جوي وبري وبحري مشترك بين إيران ولبنان وسوريا والعراق لإدامة عمليتها [3] .
نعم انها خطيئة غزو العراق وتجاوز المحظورات الاستراتيجية لأمن المنطقة , وبات من الواضح غياب التحسب العربي وممارسة الهروب الى الامام وتجاهل خطورة المد الايراني , ويبدوا جليا ان الانفتاح الزاحف ارهق كاهل المخططات الايرانية الشبحية ناهيك عن العقوبات الاقتصادية التي بات مفعولها يسري بشكل واضح , مما يؤكد نهاية العقد الايراني الشرير الذي انهك الدول العربية وشعوبها واسهم في تفكيك التوازن العربي الاقليمي وهو يقدم خدمة مجانية لإسرائيل لتكون القوة الوحيدة بعد غياب العراق العربي عنصر التوازن العربي الصلب.
*مفكر عربي من العراق
الأربعاء، 07 تشرين الثاني، 2012
http://www.saqrcenter.net/?p=3688
[1] . تتعاون إيران مع إسرائيل سراً لأسباب اقتصادية وبراغماتية وما حصل من فضيحة (إيران غيت) حيث كانت تتلقَّى إيران من الولايات المتحدة الأمريكية إبَّان حربها مع العراق الأسلحة المتطورة والصواريخ بعيدة المدى، وكذلك اعتراف رئيس إيران في عهد الخميني(أبو الحسن بني صدر) على قناة الجزيرة بتلقيه دعماً عسكرياً من (إسرائيل) وبعلم الإمام الخميني! وتحاول إيران مد جسورها لتتواصل مع بعض حركات المقاومة في فلسطين لمحاولة تحقيق نوع من توازن النفوذ، ووفقا لما ذكرته «أ.ف.ب»،فقد تم الكشف عن الفضيحة التي تصدرت الصحف والنشرات الإخبارية،عندما قررت الولايات المتحدة الأميركية،إدراج مجموعة «عوفربراذرز»وفرعها «تانكرباسيفيك» على قائمة سوداء لتعاملهما مع إيران بما ينتهك العقوبات المفروضة عليها. وفرضت هذه العقوبة على المجموعة الإسرائيلية لبيعها سفينة صهريجا بقيمة 6.8 مليون دولار في سبتمبر (أيلول) 2010 لشركة خطوط الشحن البحري الإيرانية،منتهكة بذلك الحظر الدولي المفروض على طهران بسبب برنامجها النووي وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن ما لا يقل عن 13 ناقلة نفط تابعة لمجموعة «عوفر» قد رست في مرافئ إيرانية خلال السنوات العشر الأخيرة. وسمحت وثائق مستمدة من «ايكواسيس»،وهو بنك معطيات حول حركة الملاحة في العالم، بالعثور على أثر هذه الناقلات التي تزودت بالوقود في مرفأي "بندر عباس"و"جزيرة خرج" الإيرانيين, وقد أسهمت إيران وبشكل مباشر في غزو العراق وأفغانستان.
[2] . تمكنت إيران من إيصال كافة التنظيمات السياسية المؤدلجة والمرتبطة بها عقائديا إلى السلطة في العراق (حزب الاتحاد الكردستاني – حزب الدعوة- المجلس الأعلى للثورة الإسلامية- حزب الفضيلة – التيار الصدري - منظمة بدر ) وجميع تلك التنظيمات ترتبط بها مليشيات مسلحة تدربت في إيران , وبرزت مواقف طائفية متشددة تساند النظام الإيراني في عمليات التوغل والمشاطئة والقضم الجيوبوليتيكي لخط الصدع العربي الإيراني, إضافة إلى جعل العراق ساحة اقتصادية بديلة للعقوبات المفروضة عليها , وتعمل باستمرار على تصدير أزماتها الداخلية إلى حروب الصدع ضد الدول العربية , وقد حققت خروق واضحة في اليمن والكويت والبحرين والسعودية ومصر والمغرب .
[3] . أصبحت إيران مركزاً عملياتياً لهجمات إرهابية بأهداف إستراتيجية كبرى.وأكثر من ذلك وحال اكتشاف الأستخبارت الغربية لمقرات الإرهاب الأمامية تلك ،وهناك تنسيق الطويل بين الباسدران والاستخبارات الإيرانية وأسامة بن لادن – وقد نظمت هذه العلاقة منذ 1996 أي مع بداية تشكيل حزب الله وتوسيع نشاطه كثيراً وعلى نطاق دولي وفي صيف 2000. وبعد أحداث 11/أيلول و غزو أفغانستان ،ساعد الإيرانيون القاعدة في أصلاح العديد من شبكاتها وتسهيل عملها, وقرر الحرس الثوري الإيراني أدامه الصلة بالقاعدة واحتضان العديد من أعضاءها بعد فرارهم من أفغانستان ,وحمى الحرس الثوري الإيراني العديد من قادة المنظمات ؛بل وأوى العديد من قادتها البارزين ووفر لهم التسهيلات لدخول إيران والخروج منها وغض النظر عن الكثير من المخالفات الحدودية ’’,وسمحت السلطات الإيرانية للقاعدة بإقامة العديد من المجمعات في طهران ومشهد وزاهدان انظر .. يوسف بودانسكي, التاريخ السري لحرب العراق, ترجمة سليم الامام2012
665 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع