المهندس/أحمد فخري
ان من يدخل على الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) من غير دراية كافية وكأنه دخل على حقل الغام، فاينما يضع قدميه قد ينفجر عليه لغماً يؤذيه واحياناً يدمر حياته. لذلك ساشرح بهذا المقال وبالتفصيل كل الاعيب المحتالين الذين يتحركون بطرق ذكية للايقاع بضحاياهم والانقضاض عليهم بشكل او بآخر.
وبكل الاحوال ساقوم بشرح طرق بسيطة وناجعة تمكن جميع القراء من الابحار بامان دون الخوف من الوقوع بين مخالب هؤلاء المجرمين. ولكي نستكشف الطرق التي يتحرك فيها هؤلاء المحتالون علينا ان نعرف كل فئات الاحتيال.
اولاً الاحتيال عن طريق الرسائل الالكترونية (الايميل)
تستيقض في الصباح الباكر فتجد رسالة في صندوق الوارد من جهة مجهولة تخبرك بانك انسان محظوظ لانك فزت بمبلغ 550 الف دولار وذلك بظهور اسمك في اليانصيب الرسمي بدولة اسبانيا. تغمرك الفرحة والتفائل وتقول لنفسك (ربما يكون ذلك صحيحاً! عسى ولعل! قد يضرب حظي للسماء واصبح بين ليلة وضحاها من الاغنياء). تأخذك نشوة الغنى فتقول لنفسك، دعني ارد عليهم، ماذا سأخسر؟ فتقوم بارسال رسالة تخبرهم بانك تريد تحصيل ارباحك) لانك متأكد من انك ذكي ولانهم ان لم يبعثوا لك بالمال الذي وعدوك به فانك ستعلم بانهم نصابون. الا انك حالما ترسل هذه الرسالة ستكون قد وضعت قدمك في الفخ، لانهم لصوص غير عاديين وانهم متمرسين على عمليات الاحتيال وهم يعلمون تماماً ان جميع الناس حذرون. لذا فانهم سيقومون بطرق ذكية جداً لاستدراجك. هناك شخص اعرفه هنا بالدنمارك عرض علي رسالة من هذا النوع، فقمت بتحذيره بشدة من هذا الاحتيال لكنه كان مقتنعاً تماماً على انه قد فاز بالجائزة الاولى التي قدرها 390 الف دولار. وكلما حاولت اقناعه بعدم الاذعان لهم كان يصدني بحزم واصرار. وبآخر المطاف وصل الامر به ان غلط علي بكلام جارح فاعتذرت انا منه وتركته لحاله وقاطعته تماماً. سمعت بعد ذلك من احد الاصدقاء ان اللصوص قامو باقناعه بارسال 850 دولار كي يفتحوا له حساب باسبانيا ليمكنهم من وضع الارباح بذلك الحساب. وعندما ارسل الاموال على شكل حوالة مصرفية. وكما يقول المصريون (فص ملح وذاب) اختفى كل شيء وضاعت امواله التي ارسلها اليهم. لكنه من فرط خجله مني لم يجد في نفسه الشجاعة الكافية كي يأتي ويعتذر على ما صدر منه من كلام جارح. لذا نصيحتي لكم هي (سوف لن يعطيك اي انسان قرشاً واحداً دون تعب، القرش الحلال هو القرش الذي تتعب به بنفسك وتعرف انت مصدره).
كثرت بهذه الايام رسائل تأتي لتزف لك بشرى اختراع دواء جديد مستخرج من مواد طبيعية يساعدك على تخفيض وزنك بنسب عالية وبفترة وجيزة جداً. واغلب هذه المنتجات لا تنموا الى باستراليا او الهند (لا تفرح كثيراً فهؤلاء نصابون)
كثرت بهذه الايام رسائل تأتي لتخبرك بوجود جامعات تقبلك لاكمال دراستك فيها وعادة ما تحمل اسماء رنانة تبعث الطمئنينة بقلب الضحية ولكن هؤلاء نصابين ايضاً.
وعروض تقول لك اعمل النقود وانت جالس ببيتك بمبلغ قد يصل الى ثلاث الاف دولار اسبوعياً كذلك هؤلاء نصابون.
والكثير من الرسائل التي تبشر بوجود عمليات التجميل اوتغيير ملامح الاعظاء التناسلية، نصب واحتيال.
احدى الطرق الشائعة مؤخراُ هي رسالة تأتيك من شخص مجهول يعرض عليك خطة جهنمية مصحوبة بقصة مؤثرة احداها تقول بانها امرأة سكنت احدى البلدان الافريقية ثم عندما انقلب الحكم هناك القي القبض على اباها وزج بالسجن وبقي فيه حتى وافته المنية. وهي تريدك ان تساعدها في استرجاع اموال والدها التي تصل الى عدة ملايين من الدولارات وتعدك بان تقاسمك ببعض منها.
وقصة اخرى تروي ان الذي يرسل اليك رسالة هو محامي في اندونيسيا كان مسؤولاً عن تركة احد الرجال الاثرياء الاندنوسيين وعندما وافته المنية اتضح للمحامي ان ليس لهذا الثري اي وريث شرعي. وبعد بحث مضني اتضح له ان لقبك يطابق لقب ذلك الثري المتوفي لذا فانه على استعداد ان يخبر السلطات باندونيسيا بانك الوريث الوحيد لذلك الشخص على ان تعده بانك ستتقاسمه المبلغ.
ثانياً الاحتيال عن طريق التسوق وشراء البضائع
هذه الفئة هي الاكثر شيوعاً ويجني المحتالون منها مبالغ طائلة وصلت في عام 2012 الى 11 بليون دولار.
طبعاً التسوق في الانترنيت هو خاصية ممتازة تمكننا من الحصول على امور كانت في السابق حلماً لا يتحقق. الا انه اصبح اليوم حقيقة بفضل الانترنيت. لكننا يجب ان نتبع خطوات تحمينا من احتماليات النصب والاحتيال.
كيف تتم عملية النصب؟
لو فرضنا ان شخصاً ما يرغب في شراء سلعة معينة من احدى المواقع في الانترنيت، فانه يقوم بتحديد السلعة المطلوبة وعند الدفع يقوم بتدوين اسمه كاملاً كما هو مكتوب على البطاقة الائتمانية ثم يشرع بادخال رقم البطاقة الطويل الذي عادة ما يتألف من ستة عشرة رقماً ثم يكتب تاريخ انتهاء البطاقة ويكتب الرقم السري الثلاثي الموجود بخلف البطاقة وعندها تتم الصفقة. ولكن قد يكون هناك شخصاً آخر تابع لمنظمة اجرامية قد تنسط على هذه المعلومات اي اسم المستخدم ورقم البطاقة وتاريخ الانتهاء والرقم الثلاثي بخلف البطاقة. فيحتفض بهذه المعلومات لنفسه، ثم تقوم تلك المنظمات الاجرامية هذه بجمع المعلومات من آلاف المستخدمين الغافلين مثلك ثم يقوموا على جناح السرعة بشراء سلع من الانترنيت مستخدمين المعلومات التي استولوا عليها من ضحاياهم فيستلمون سلع كثيرة تصلهم بالبريد ثم يقومون بالتصرف بتلك السلع لاحقاً.
هذا النوع من النصب لا يسبب سوى قلق بسيط للضحية، وذلك لان المبالغ المسروقة من الحساب يتحمل ارجاعها البنك احيانا واحيان اخرى يتحملها التاجر. بعام 2012 قام التجار بتعويض 63 بالمائة من الخسائر بينما قامت البنوك بتعويض الباقي اي 37 بالمائة من الاموال. والسبب واضح جداً، فهم لا يقومون بتعويض الضحية لسواد عيون الضحية او لطلعته البهية. بل لانهم يجنون مبالغ طائلة من التجارة عن طريق الانترنيت واذا ما تضرر شخص ما ولم يعوض، فانه بلا شك سيقوم بفضحهم في كل مكان وهذا سيسبب خسارة اكبر. لذا فان المبالغ المردة الى المتضررين لا تشكل سوى واحداً ونصف بالمائة من الارباح التي تجنيها المؤسسات المصرفية والتجارية.
اما لو سألنا انفسنا كيف استطاع المجرم التنسط عليك اثناء ادخال المعلومات. فالعبئ يقع على عاتق الشركة المزودة لبطاقتك الائتمانية كأن تكون ڤيزا او داينرز كلوب او اميريكان اكسبريس الخ. فهذه الشركات تقوم بوضع برامج خفية تقوم بتشفير المعلومات التي تكتبها انت بحيث ان من يتنسط عليك يستلم ارقاماً مغلوطة غير ارقامك التي دونتها. اما اذا استطاع المجرم ان يكسر الشفرات فانه سيتمكن من السرقة. وبكل الاحوال فان المسؤولية تقع على عاتق الشركة وليس على عاتقك انت. تجدر الاشارة ان هناك شركات متخصصة لحماية اموالك على الانترنيت مثل شركة پاي پال والتي تتولى عملية التشفير الذاتي والتي تعتبر من اهم شركات الامنية المحصنة ضد التنسط.
في مقالة سابقة على الگاردينيا شرحنا احدى الطرق التي تحد من نشاطات المتنسطين على حركاتك بداخل الشبكة العنكبوتية ونصحنا قرائنا بادخال احدى التطبيقات المجانية التي تقوم بحماية المستخدم تلقائياً من نشاطات القراصنة وسرقة المعلومات اذ اقترحنا عليهم ادخال برنامج (زن ميت) الذي ينزل مجاناً من الموقع الذي يحمل نفس الاسم zenmate
بامكانك قرائة المقالة على الرابط التالي:
http://www.algardenia.com/maqalat/14502-2015-01-15-18-34-37.html
ثالثاً الاحتيال عن طريق مواقع التعارف DATING
هذا الموضوع طويل وشائك ومتفرع. والسبب هو ان الطرق التي شرحتها اعلاه كانت تتضمن قراصنة تتجسس عليك او تبعث لك برسائل الكترونية او تأخذ معلوماتك المصرفية، الا ان هذه الطريقة اي الاحتيال عن طريق مواقع التعارف تتمثل في ان ضحية الاحتيال هو من يذهب اليهم برجليه. لذا فهم يتفننون في الايقاع بفريستهم إذ يقومون بدراسات نفسية للضحية ويبدأون بنشر شباكهم كي يطبقون عليه.
فما هي الطرق التي يتبعونها؟ وما هي انجع السبل لتفادي الوقوع بشباكهم؟
في البداية اود ان اوضح نقطة مهمة جداً وهي ان كل شخص له الحق في اختيار شريك حياته خصوصاً وان الانسان العربي كان دائماً وبحكم العادات والتقاليد الشرقية يعتمد على المرأة (الخطابة) في انتقاء زوجة/زوج المستقبل. وكانت هذه الخطابة عادة ما تكون من السيدات المعروفات بالحي من حيث سيرتها الذاتية المقبولة بالمجتمع. فهي تدخل البيوت بحرية حيث تستقبلها النساء وتعرض عليهن صور فوتوغرافية للبنات ونبذة عن اخلاقهن وتحصيلهن العلمي ...الخ. فتقوم هذه الخطابة بالانتقال الى منازل العوائل التي فيها الرجال المؤهلون للزواج فتعرض عليهم الصور وتبدأ بشرح مواصفات هذا وذاك ومدى توافق الرجل للمرأة مع شرح الحالة الاجتماعية والحالة المادية لكلا الطرفين ومدى توافق العائلتين لهذا وتلك. فترتضي العائلتان على التوافق من حيث المبدأ وتقوم عائلة الرجل بزيارة عائلة المرأة وتبدأ عمليات المقايضة والتفاخر بخواص الاثنين. وعند الموافقة المبدئية على جميع الشروط المقدمة من كلا الطرفين تتم الموافقة النهائية وتبدأ الاستعدادات للزواج ويصبح الرجل والمرأة زوجين يجمعهما سقف واحد.
الا ان هذه الطريقة بقدر ما هي ناجعة باغلب الاحيان الا انها تفتقر الى الكثير من الامور الشخصية التي لا يمكن تغطيتها من قبل العوائل قبل الزواج. لذا فان هذه الاختلافات تشكل المحور الرئيسي الذي تدور حوله الخلافات بين الزوجان في المستقبل اي في فترة ما بعد الزواج.
اما مواقع التعارف على الانترنيت فهي توفر فرصة مثلى لكلا الجنسين كي يتعارفا على بعضهما البعض بشكل منطقي ومفصل دون التعرض لضغوطات العائلتين في الاسراع باتخاذ القرار. فيتوافق الاثنان ويتحدثان عن الاشياء المفضلة والاشياء المكروهة لديهما. فيبدأ كل واحد منهما بمعرفة الآخر بشكل مفصل مما يهيئ حياة زوجية مثالية.
ولكن
البعض من المحتالين صاروا يستغلون هذا الواقع كي يقوموا بطرق ابتزازية ذكية ومبرمجة كي يوقعوا بضحاياهم في فخاخ عادة ما تكون هدفها ابتزاز المال بطرق غير مشروعة. يدفع ثمنها الاشخاص الذين دخلوا تلك المواقع باهداف نبيلة.
فكيف تقع عمليات النصب؟ وما هي الطرق التي يجب اتباعها كي لا يقع الرجل او المرأة في شباك هؤلاء اللصوص؟
هناك مبدأ أساسي ورئيسي يجب اتباعه بكل الاحوال بغض النظر عن الكثير من الاعتبارات الا وهو (عدم ارسال المال للشخص المقابل مهما كانت الحجة ومهما كان حجم المبلغ المطلوب) فبعض الاطراف يقوم بالتباكي عن حالات قاهرة ويطلب المساعدة من الشخص المقابل الذي لم تمر على فترة تعارفهما سوى بضعة ايام. وفي مثل هذه الحالة يجب على الشخص ان ينهي العلاقة فوراً دون سابق انذار. فالشخص الجيد المهذب ينأى على نفسه من طلب المال من الجهة المقابلة لان هدفه من هذا اللقاء هو التعارف بهدف تكوين اسرة وليس للتسول.
اغلب الذين يقعون ضحية لمثل هذا النصب هم من الرجال (تقول الاحصائية ان 87 بالمائة من الضحايا هم من الرجال). فيبهره جمال الصورة التي توضع امامه فيقوم برسم لوحة زيتية جميلة بمخيلته ويبدأ بالتخطيط للمستقبل فيقرر ان الانسانة وراء هذه الصورة هي ما تسمى توأم روحه. الا ان هناك قاسم مشترك اعظم يشترك فيه اغلب النصابين وهو كالتالي:
1. عادة ما تكون خلف الصورة الجميلة المنشورة مجموعة من النصابين يقومون بالدردشة الكتابية وقد يكونوا من كلا الجنسين ويتجنبون التحاور المباشر بالصوت او بالكامرة.
2. اذا ما اصر الرجل (الضحية) فتح الكامرة لمشاهدة السيدة فانهم يأتون بصاحبة الصورة ويجعلونها تظهر امامه وهي تتحدث لكن صوتها لا يصل الى الرجل، متحججين دائماً بردائة الخط.
3. الغالبية العظمى من النصابين يُظهرون فتيات فائقات الجمال وغالباً ما يكونوا من البيض. والقصص الواهية التي يقدمونها عادة، اما انها فتاة امريكية وتسكن امريكا لكنها بالوقت الحالي في رحلة الى احدى البلدان الافريقية لانها اما لاستحصال ميراث تركها لها احد الاقارب، او جائت لاكمال دراستها (تخيلوا امريكية تذهب لنايجيريا كي تكمل تعليمها) او انها عارضة ازياء جائت الى افريقيا ولكن تعرضت لسرقة اموالها فهي تحتاج الى القليل من المال كي تشتري تذكرة الطائرة فتعود الى وطنها... الى آخر هذه الاعذار الغبية الواهية.
وهناك حالة مؤكدة سمعنا بها عن رجل عربي يسكن باحدى البلدان الاوروبية تعرف على فتاة من احدى بلدان شرق اوروبا عن طريق مواقع التعارف، وعندما هم بزيارتها الى بلدها وجد عندها لجنة استقبال بدارها، فقاموا بالواجب وامطروه ضرباً مبرحاً وسرقوا جميع امواله وتركوه على قارعة الطريق.
يجب عليك ان تعلم بان اليوم اصبح هناك مصطلح (فنان نصب) صار يتداول في الاوساط البرمجية وصار "الفنانون" يتباهون بلقبهم وكأنهم حائزون على شهادة الدكتوراه. وان افلام في هوليوود قد انتجت لتعظم قدرة هؤلاء اللصوص كما عظمت من قبلهم رامبو وروكي وجسي جيمس.
في ختام هذه المقالة اود ان اعلم القارئ ان من اتبع الحذر سلم على نفسه وماله ويجب ان نتذكر المثل القائل إن لم تكن ذئباُ اكلتك الذئاب.والى لقاء آخر
2773 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع