عبدالكريم الحسيني
هذا العنوان لاغنيه غنتها المطربه الكبيره الفنانه شاديه قبل اكثر من نصف قرن ورددها الكثير منا لنغمها الجميل وكلماتها الرائعه ولكننا لانعرف قصة هذه الاغنيه واسباب الطلب من عين الشمس ان لاتزيد حرارتها لكي لايصاب الحبيب بضربة شمس واليكم القصه لهذه الاغنيه الرائعه ..
لقد سمعت هذه الاغنية مرارا وتكرارا ولعقود طويلة، وكلنا نتذكر كلماتها او موسيقاها الرائعة اذ غالبا ما تقتحم هذه الاغنية تفكيرنا وعواطفنا عندما نفارق او نودع احد احبائنا من العائلة او الاصدقاء لسفر طويل، ولكن لم يدر في خلدي ان اصل هذه كلمات الأغنية ودافعها الحقيقي كان لتمجيد احد الشباب الاحرار المصريين الذي استشهد شنقا حتى الموت لتصديه للأحتلال الانكليزي لبلده وذلك في بداية القرن العشرين، وكذلك لعلاقتها ايضا بواقعة قرية دنشواي المشهورة والمظالم العظيمة التي تعرض لها فلاحو القرية من المحتل الانكليزي والحكومة التابعة له.
وملخص القصة هو ان قاضي المحكمة المصرية وهو بطرس غالي المعروف بتعاونه وعمالته للأنكليز انذاك وهو جد الامين العام الاسبق للامم المتحدة بطرس بطرس غالي تولى اصدار الاحكام الجائرة بحق فلاحي وسكنة قرية دنشواي والتي تراوحت بين اعدام اربعة من الفلاحين في قرية دنشواي وسجن عدد كبير لفترات مختلفة وجلد عدد اخر منهم والسبب هو موت احد الضباط الانكليز الذي كان يمارس الصيد قرب القرية لتعرضه لضربة شمس ولكن اهل القرية اتهموا بقتله. ومكافأة لما قام به بطرس غالي فقد اوكل الانكليز اليه حقيبة وزارة (العدل) ومن ثم اصبح رئيسا للوزارة المصرية عام 1910.
وتم تنفيذ الحكم بحق الفلاحين من قرية دنشواي بطريقة وحشية زادت من فظاعة وظلم المحاكمة، وفاقت كل ما يتصوره العقل، من وسائل الانتقام والتعذيب، وكان التنفيذ في اليوم التالي لصدور الحكم في المكان الذي مات فيه الضابط الانكليزي، وفي مثل الساعة التي وقعت فيها الواقعة.
اما موجز سبب الواقعة باختصار فهي ان ضباط انكليز كانوا يصطادون الطيور قرب دنشواي اصابوا فلاحة وأحرقوا كوما كبيرا من الحنطة المحصودة، فلما احتج الفلاحون على ذلك ورموا الانكليز بالحجارة حصل هرج ومرج واطلاق نار على الفلاحين وهروب الضباط وموت احدهم نتيجة لضربة شمس في مكان يبعد ثمانية كيلومترات عن دنشواي.
ولذلك نظر الشعب المصري الى القاضي بطرس غالي ومحكمته الصورية نظرة استهجان وأحتقار بأعتباره عميلا للمحتلين الأنكليز ولأنه اصدر احكاما جائرة بكل معنى الكلمة، مما دفع احد المصريين الشباب الشرفاء وكان عمره في حينه 24 سنة ووهو حامل شهادة الصيدلة من سويسرا الى قيامه بأغتيال بطرس غالي بخمس رصاصات أطلقها هذا الشاب المسيحي وهو إبراهيم نصيف الورداني على رئيس وزراء مصر المسيحي بطرس غالي لترديه قتيلا أمام ديوان وزارة الخارجية فحكم عليه بالاعدام. وقد تبين اثناء المحاكمة ان محكمة دنشواي وأحكامها الجائرة وقيام بطرس غالي بتوقيع تمديد اتفاقية الامتياز لقناة السويس حتى العام 1968 كانت هي الاٍسباب التي دفعته لأغتيال بطرس غالي. وقد رأى أبناء الشعب المصري في هذا الشاب نظرة كلها
وفي ليلة 18/5/1910، وهي ليلة تنفيذ حكم الاعدام بحق البطل ابراهيم الورداني انفجر المصريون في عرس جماعي، ليودعوا بطلهم الشاب المسيحي، القاتل النبيل، الذي اغتال ابن جلدته درءا للفتنة الطائفية وثأرا للأبرياء من قرية دنشواي وتعبيرا عن رفض الشعب المصري للأستعمار وعملائه، مرددين في إيقاع فريد أخرجوه من جراب تراثهم الشعبي: «قولوا لعين الشمس ما تحماشي لحسن غزال البر صابح ماشي» لأن الانكليز اصدروا قرارات مجحفة بحق كل من يعترض او يهتف لصالح الوطنيين بشكل عام او بسقوط الحكومة العميلة وأسيادهم المحتلين.
"غزال البر – البطل أبراهيم الورداني" كان يخطو بكل شجاعة خطواته الجبارة إلى حبل المشنقة وهو يهتف عاليا من على منصة الأعدام مؤكدا صلابته وبطولته وأيمانه العميق بقضية شعبه ووطنه " الله أكبر...تحيا مصر..مصر سيحررها أبناؤها الشرفاء المضحون بدمائهم ".
ثم حورت كلمات القصيدة في منتصف الستينات من القرن الماضي لتغنيها شادية وهي تشدو"قولو لعين الشمس ما تحماشي لأحسن حبيب القلب صابح ماشي" لتصبح اغنية عاطفية بحتة.
رحم الله ذلك البطل الجسور "غزال البر" الذي فارق شعبه فجرا ليسافر الى عالم المجد والكرامة وهو يقدم درسا لكل الاجيال والشباب على وجه الخصوص عن كيفية التضحية ومكانتها وعن الشجاعة ومواجهة الظلم والاستبداد وتجاوز الطائفية المقيتة فهو مسيحي ورئيس الوزراء الذي تمادى في عمالته وخيانته مسيحي ايضا لكن ذلك لم يثنه عن الاقدام بدافع وطني بحت ليأخذ بثأر الشباب الابرياء الذين اعدموا وسجنوا من قرية دنشواي...
وعندما ننظر الى حالنا السيئ الذي نعيشه اليوم في العراق وعلى الرغم ان الاغتيال السياسي مرفوض كليا الا اننا مع ذلك طالما نتساءل في دواخلنا ودون حرج كم "ورداني" نحتاج ليوقد في نفوسنا الامل ومتى تتوقف المظالم التي يتعرض لها شعبنا الصابر المغلوب على امره والتي لم يشهد التاريخ مثيلا لها لا في مصر ولا في غيرها من بلاد الله... فكل يوم هناك مجزرة ترتكب بحق الابرياء والعزل ولا "ورداني" الا ما ندر...وكل يوم يعدم الابرياء من قبل الميليشيات...وكل يوم يخطف الامنون ويلقون في الشوارع جثثا هامدة ولا احد يودعهم ليلة فراقهم ومغادرتهم هذه الحياة البائسة...
هل مات شعب العراق
هل ماتت ضمائرنا
هل اصبحنا عبيدا للاجنبي
هل صدق المرحوم عزيز علي عندما قال الزلم لبست عبي
هل ماتت الوطنيه فيكم
وهل وهل وهل ..... متى يصحى الضمير ياعراقيين
شكرا للاخ ابو احسان من سلطنة عمان
1195 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع