من المعروف أن الأجبان تصنع من حليب الأبقار أو الجواميس أو الخراف أو الماعز أو (الأيائل) أو حتى من (اللاما) في أميركا الجنوبية.
غير أنه دخل في الخط على هذه الصناعة في المدة الأخيرة (جبن الإبل)، ومثلما علمت من أحدهم الذي كان يتحدث عندنا في هذا الشأن وقال إنهم في دولة الإمارات يبيعون حليب الإبل في الأسواق معلبا، وإنهم في المدة الأخيرة أضافوا معه أصنافا من الجبن المستخلص من ذلك الحليب، وهو يعتبر من أجود وأغلى أنواع الجبن. فقطعت عليه استرساله عندما تدخلت في الحديث مصححا معلوماته، قائلا: لا.. هناك نوع من الجبن أعلى سعرا منه.
وسألني بما يشبه التعجيز أو التحدي: ما هو؟!
فقلت له: إنه جبن الحمير.
فاعتقد أنني أتهكم وأهزأ به، لأنني لاحظت أن وجهه بدأ يحتقن، وأخذ (يزوك) وهو ما زال جالسا على مقعدته، ولكي لا أعطيه فرصة للرد علي بما لا يليق، سارعت بالتوضيح قائلا: الحقيقة تؤكد أن أغلى أجبان العالم يصنع من ألبان الحمير فعلا، حتى إن سعر الكيلوغرام الواحد منه قد بلغ 1255 دولارا أميركيا، وهذه الحمير التي يستخلص من ألبانها هذا الجبن الغالي تربت في مزرعة خاصة تابعة لمحمية (راسافيكا) الصربية. وبحسب أصحابها، فإن الحليب الذي يستخرج منها، عالي الجودة، ويبلغ سعر اللتر الواحد منه أربعين يورو(!!). ويطلق على هذا الجبن اسم (بيول pule) الذي يعني (الجحش) بالعربية. أما مدير المحمية (سلوبودان سيميك)، فيصف حليب حميره بأنه طبيعي من دون إضافات - أي (organic).
اللافت للنظر أن هناك امرأة أميركية من أصول أفريقية - وسبق أن أشرت إليها - قد تفتقت قريحتها وأخذت ترتاد مستشفيات الولادة وتسأل كل أم هل تسمح بأن تتبرع بحليبها، وإذا لم يكن فهي على استعداد أن تشتريه منها، ويكون معها دائما جهاز شفط من الأثداء، والغريب أن الكثير من النساء تجاوبن معها إما بالتبرع أو بالبيع، ويظهر لي أن ذلك عائد إلى أن الكثير من النساء يحاولن المحافظة على رشاقة صدورهن، وكانت تلك (الولية) تذهب كل يوم بما جمعته وتحصلت عليه من الحليب الطازج إلى معمل أنشأته في منزلها لـ(بسترته) وتعبئته بزجاجات مختومة ومكتوب عليها جميع العناصر الغذائية النادرة، وكذلك تاريخ الإنتاج والانتهاء.
ولكي تشهر سلعتها، أخذت تعلن عن هذا المنتج في الصحف والمجلات والمحطات التلفزيونية، وتهافتت على شرائه كل الأمهات اللاتي يؤمن بالرضاعة الطبيعية، إلى درجة أن ما تنتجه ينفد يوميا من كثرة الطلب عليه. وبدأت تلك المرأة (العبقرية) تمد أذرعتها التي تشبه أذرع الأخطبوط إلى ولاية تلو ولاية، ولم يعد معمل منزلها يكفي للقيام بالغرض، فاشترت أرضا واسعة أقامت عليها معملا صحيا متكاملا يليق بحليب أطفال الرضاعة.
وبما أننا بدأنا حديثنا عن الأجبان، فقد سمعت أن تلك المرأة، قد لعبت الثروة والنجاح برأسها، وهي تفكر حاليا في أن تصنع جبنا من حليب الأمهات، سواء كان كامل الدسم، أو (light).
وأظن - والله أعلم - أن ذلك الجبن سوف يتفوق على جميع الأجبان، لا من حيث الجودة ولا من حيث ارتفاع السعر. أمنيتي هي أن أكون وكيلا لذلك المنتج، والبيع ممنوع للرجال.
540 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع