حوار بين الشيخ وجارته

                                                

                        بدري نوئيل يوسف ـ السويد

كنت في ضيافة صديقي الشيخ وفاجئني بكرم ضيافته على الغداء ، تصعب الحروف صياغتها في حق هذا الشيخ الجليل والوقور وتعجز الكلمات وصفه ، كنت على موعد معه ويحدثني حول حديقة الحرية (بارك آزادي) ، الحامية العسكرية التي استشهد بداخلها عشرات الشهداء على يد النظام السابق وتحولت بعد الانتفاضة الى حديقة (منتزه ) لكنه طلب مني تأجيل حديثه عن بارك آزادي .

قلت له : لا مانع لدي ولكن ما ذا نريد ان تقول .
قال بنبرة هادئة : اتصلت معي جارتي ( ...) تلفونيا امس وطلبتْ مني أن تزورني ولا اعرف السبب . فتواعدنا ان نلتقي في الشقة  عصرا بحضور ابنتي (...) ، وكانت متحمسة تخفي حماسها ببعض الكلمات الجميلة ، لكنها ومن كلامها ولهجتها عرفت أنها عصبية منفعلة ، من شيء ما أثار أعصابَها وهيّجَها ، واعتقد سمعت أو قراءة خبرا ضايقها ، حاولت تهدئتها وسألتها هل هناك سببا لهذه العصبية والزيارة فأجابت ستعرف بعد ما نلتقي .
قلت له : كيف تتواعد ولا تعرف ما تصبو اليه جارتك .  
قال : اسمع صديقي . جارتي اعرفها ، فهي طيبة القلب عاطفية جداً ومشاعرها جياشة لكنها عصبية  .
قلت له مستغربا : هل زارتكم سابقا .
قال : لا هذه المرة الاولى ، لقد ألحت على لقائي غمرتها سعادة عندما وافقتُ على لقاءها  ، لكن اكثر من مرة نلتقي خلال الاسبوع امام العمارة وفي الشارع والمصعد ونتبادل السلام والتحية .
سألته مستغربا :كيف عرفتَ مواصفات شخصيتها .
ابتسم وقال : فقد شاهدتها عدة مرات في لحظة معينة تثور وتفقد اعصابها على اطفالها ثم تراجع نفسها بعد ذلك وتندم على ما فعلته .
استرسل الشيخ بالحديث قائلا : جلستُ في غرفة الضيوف في الموعد المتفق عليه ، أشعلت سيجارةً وأنهيتها ،وقدمت  لي ابنتي فنجان قهوة و أشعلتُ سيجارتي الثانية و لم تأتي جارتي بعد ، هكذا أمضيتُ نصف ساعة في انتظارها حتى ضجرت وهَممتُ بالخروج من الشقة ....

  

وأنا خلف الباب سمعت صوت كعب حذائها ينقر ارضية الممشى بين الشقق ، فتحت باب الشقة لاحت لي قادمة اعرفها فهي سيدة جميلة في العقد الرابع وجهها مستدير وردي اللون وعيناها سوداوان واسعتان مكحلتان ، وجنتان ورديتان وشفتان ممتلئتان وشعرها الاسود المنثور على كتفيها ، وأنا أحدق اليها تتمايل في مشيتها كفاتنة ترقص تحت ضوء القمر الساطع حتى وصلت ، تقدمت نحوي ، مدتْ لي أناملها الملساء و ما كان مني إلا أن صافحتها دخلنا لغرفة الضيوف وجلسنا ، جاءت ابنتي ترحب بها احسن ترحيب وتسألها ماذا تريد ان تشرب ، رفعت خصلة شعرها من فوق عيناها ونظرت نحوي بهدوء ، تأملتُ وجهها الجميل المطلي بالدهان ، قلتُ لها
اطلبي سيدتي ما ترغبين فيه ابنتي مستعدة لتحضير طلبك ، ضحكت ملء شدقيها وقالت لي أطلب أنت ما تريد ،  أنت أكبر مني سنا ،...

                

لن اكسر خاطرها طلبت فنجان قهوة للمرة الثانية وطلبت جارتي ما طلبت ، أحضرت لنا ابنتي ما طلبنا ، اعجبتني نظرتها المتمردة ، وبحة صوتها الثوري ، ينتاب حاجبها الأيسر حركة لاإرادية ،  شجاعتها اكتسبتها من عصبيتها ، والغريب فيها انها تبدأ بالعدوانية لا تناقش ، سألتها مستغربا :

كيف عرفت رقم تلفوني الجوال .
أجابت مبتسمة وهزت كتفيها على انها ذكية ونبيهة : سألتُ ... !
سألتها باقتضاب وحذر : استطيع اعرف سبب هذه الزيارة ، وماذا ترغبين في الحديث .
أجابت بثقة عالية : لقد كَتبَ صديقك المهندس موضوعا عن لسانك وقسوت بعض الشيء على المنتحلين صفة طبيب أو صيدلي ، فهم يكسبون قوتهم من هذه المهنة والموضوع شوارع المدينة .. خليها على الله .
رصدتْ وجهي بنظرة متنمرة وصمتت لحظات تلقفت منديلا ورقيا من فوق الطاولة مسحت قطرات العرق التي تجمعت على جبينها ، ثم ابتسامتها قطعت الصمت وأكملت حديثها بصوت خافت قائلة : كيف يستطيع رب اسرة إعالة عائلة بهذا الوضع  ، يقبل ضميرك الناس تبقى بدون راتب  .
قلتُ لها بهدوء وابتسامة خافتة : اذن سبب زيارتك لأنني تحدثت الحقيقة ، أليس هذا ما موجود في المدينة ؟  وأنا لا اتكلم مع صديقي دون أن يكون معي وثائق وصور ومستمسكات تثبت كلامي ، أليس هذا المنتحل له مهنة خاصة به فلماذا لا يمارس مهنته ، ثم مشكلة تأخير صرف الراتب وقتية ، ونقرأ في الصحف المسئولون يحاولون ايجاد حلا لهذه المشكلة بشتى الطرق ، وتعرفين البلد يمر في ظروف صعبة استثنائية.  
تفحصتْ وجهي قليلاً واستطردت بصوت يقاوم الانهزام : ممكن يكون متقاعد وله خبرة تؤهله معالجة المرضى . شعرتُ انها ضجرت وانزعجت وبدأت بفرك يدها من عصبيتها ثم سألتْ : ماذا يعمل هؤلاء فالراتب لا يكفي وأسعار البضائع بازدياد ، وتربية الاطفال ومدارسهم تحتاج مصاريف .
 سألتها هل لديك من شمله حديثي اقصد من يعمل منتحل صفة طبيب أو صيدلي .
تلعثمت بالحديث وتردد في الاجابة وهزت رأسها وقالت : لا .
عرفت من لغة جسدها وحركاتها أنها تخفي شيء عني ، فأنا مقتنع ان شخصاً من اقرب المقربين لها يعمل بهذه المهنة فشخصيتها تشهد على أن اندفاعها الذاتي واهتمامها التلقائي لها مصلحة بهذه المهنة .
سألتها : لماذا انتم تراجعون الاطباء الاختصاص وتسافرون الى مدن ودول للعلاج في ارقى المستشفيات ، هل هناك فرق بينكم و الفقراء المحتاجين الذين لا يقدرون ان يعملوا مثلكم .
مسحت قطرات العرق تحت عيناها بحذر وأجابت بثقة وجدية : الكثير من الامراض المستعصية والسرطانية تحتاج  لأطباء مختصين وعليه نراجعهم ، ولكن ما يقدمونه هؤلاء الاشخاص الذين وصفتهم منتحلين علاج بسيط ممكن اي شخص ذو خبرة بالأمور الطبيبة يقوم به .
 أدركتُ أنني أمام حالة فريدة قلت لها : من ينتحل مهنة فإنها استهانة بحياة الناس وبالدرجات العلمية ، وهذا ينطبق على من ينتحل مهنة المحامي أو ضابط شرطة وأي مهنة اخرى . جارتي العزيزة أين نحن اليوم من المداواة دون استشارة الطبيب ، ظاهرة قديمة جديدة اصبحت عادة تنتشر من جيل إلى جيل اخر وتنمو ، هي الاستهتار بالصحة أو عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الذات ، خلل في التصرف والاعتقاد انتشرت بين مختلف شرائح المجتمع والمثقف الاقل معرفة ، انها مداواة الذات بلا رقيب يقدم المرء غالبا ما يكون شخصا منتحل صفة التبحر في الامراض والعلاج ويقدم استشارته الطبيبة للآخرين لقاء مبلغ زهيد او خدمة لوجه الله ، في حد ذاتها تصرف فردي غير مسئول ، وخاصة الان في زمن العولمة والحاسوب ، يقوم المنتحل بالاستعانة بالانترنيت ويطلع على كل انواع الادوية ويختار الدواء أو الفيتامين ويصفه لمراجعيه ، ولا يعلم ما يحتاجه الجسم من الدواء الذي ربما ينقلب داء ، هناك مصادر عديدة للمعالجة الذاتية فمنها ما موروث من الاجيال السالفة من تقاليد علاجية ووصفات ليس لها علاقة بالعلم فهي حالة من ضرب التنجيم والشعوذة ، او قيام شخص مشتري دواء بوصفة طبيبة له يمنحه لشخص اخر اعراضه المرضية مشابهه لمرضه ، ومنهم من يجدد شراء وصفه مضى عليها عدة سنوات دون الحصول على وصفة حديثة وهناك حالات حدثت عندما يصاب طفل بسعال فتقوم الجارة أو الصديقة بتقديم دواء السعال الذي استعملته لابنها مخزون في الثلاجة مضى عليه فترة زمنية وقد يتعرض الطفل لسعال حاد ربما يتعرض لاختناق ويتوقف النفس .
رفعت سبابة يدها اليمنى وقالت : صحيح ، لقد ادخل المستشفى ابن صديقتي (...) البالغ من العمر اربع سنوات بعدما طلبت امه الدواء من جارتها لأنها ليس لديها ثمن اجرة الطبيب ، وبعد اعطاء الدواء للطفل اصابته نوبة سعال قوية نقلوه للمستشفى وضع تحت المراقبة لان الدواء كان منتهي الصلاحية ولا يصلح لسعال الاطفال ، وماذا يعمل الذي لا يستطيع مراجعة الاطباء ودفع اجورهم .
تركتها تتكلم بحماس ، تخفف من عبء عصبيتها وهيجناها وما تخفيه في ذاكرتها ، تحكي عن باعة الادوية والمنتحلين فتمر سريعاً على الاحداث كأنها شريط سينمائي ينتابها حركة لا ارادية في جفنها الايسر وفي عينها لمحة حزن .
قلت لها : نظرا للأوضاع المعيشية الصعبة والمتقلبة بدء من سنوات الحرب وتدني مستوى دخل الفرد وارتفاع مستوى المعيشة وكثرة متطلبات الحياة ، ادت الى اللجوء الى هذه الوسائل ، وهذا ليس سببا من عدم مراجعة المستشفيات الحكومية التي تقدم العلاج . هذا ابن صديقتك انقذته المستشفى لو ذهبت امه لأول مرة لما وقع في نوبة السعال .
علت على شفتيها ابتسامة وقالت : صدقني يا جاري الشيخ لم يكن قصدي اهانة اي شخص عندما كلمتك ، لكن ماذا يعمل من ليس له مصدر للرزق . قل لي ماذا يفعل الإنسان عندما لا يجد موردا من الرزق ، ثم يأتي من يسلبه هذا القليل من الرزق والكرامة ، ضع نفسك مكان الإنسان الذي سيغلق محله ، سيكون بنظره مظلوم ، تعال نجرب ونتخيل مشاعره وأحاسيسه ، نتفهم انفجاره وسخطه وغضبه عندما تقطع السبل به ويصل إلى مرحلة اليأس ، لا فائدة وقتها من التحليل والفلسفة ، فالقهر والظلم لا يداويهما إلا شيء واحد فقط العدل فالإنسان اليائس لا يفهم لغة الحروف والكلمات ، والإنسان المقهور لا تنفع معه كل المسكنات .
ارتحتُ قليلا لهذا الحديث كونها تسرد قصتها ، ورغبتها في الكلام كأنها تضغط على مواضع الألم .
قلت لها : جارتي العزيزة ما تقولين صح ولن نرضى ظلم اي انسان ، لنتحدث عن الانتحال هل تعرفين يا سيدي إن انتحال الشخصية سلوك إجرامي يحاول من خلاله الشخص المنتحل الوصول إلى منافع خاصة ويعتقد المتعامل معه دون شك انه يتعامل مع شخصية حقيقية.
قالت بهدوء وذكاء : عندما تصل الافكار التي تكتب على أي موضوع للمسئولين فليس المطلوب منهم وهم الاقوياء ان يتخذوا قرارا دون دراسته إنما أن يجدوا الحل ويضعوا الفقراء بحماية ورعاية الدولة حتى ايجاد الحلول المطلوبة ومن دونهم لا وجود للمسئولين .
قلت لها بتوضيح : أنا اتحدث عن شخص منتحل مهنة اخرى لا يحق ممارستها ، فمهما حاول المنتحل الاطلاع على شخصية وعلى المواصفات المتوافرة في صاحب المهنة لا يجيدها ويمكن تصنيفه انه مرض نفسي ، على سبيل المثال لو ابنك تخرج من كلية الطب بعد كل هذه السنين من الدراسة وتخصص في احد الامراض لو حسبتِ عدد السنوات التي قضاها بالدراسة ستكون اثنا عشر حتى يدخل الكلية وستة سنوات دراسية يقضيها في دراسة الطب ، وبعدها بضع سنوات للتخصص ، عدا التعب والسهر والمصاريف ثم يقضي بضع سنوات قرى وأرياف حتى يستطيع فتح عيادة . هل تقبلين ان يقوم شخص في الدراسة المتوسطة أن يحل محل ابنك .؟
هزت رأسها نافية وقالت بجدية : لا . لن اقبل بهذا العرض لان الطبيب حصل على شهادته العلمية بعد كل هذه السنوات الدراسية وممارسته المهنة في مؤسسات صحية .
قلت لها :هذا بيت القصيد ، كل شخص يمارس مهنته أو عملا أو نشاطاً التي حصل عليها يبرز فيه إنتاجه الشخصي من علم أو معرفة أو فن أو خبرة  وأن ينتمي الى نقابة ولا يمارس مهنة غيرة بقصد الربح . ويشترط لمزاولة المهن الصحية الحصول على المؤهل المطلوب للمهنة من أي كلية طبية أو كلية صيدلة ٬ أو الحصول على شهادة من الخارج تعترف من قبل الدولة ، وأن يكون قد أمضى مدة التدريب الإجبارية المقررة للمهنة ٬ وأن تتوافر لديه اللياقة الصحية ويزاول المهنة لمصلحة الفرد والمجتمع في نطاق احترام حق الإنسان في الحياة وسلامته وكرامته مبتعًدا عن الاستغلال .
لذلك يستحسن القيام ببرامج للتوعية والتثقيف الصحي ، وتزويد المواطنين بالنصائح والإرشادات الصحية للتوعية في العديد من الاختصاصات الطبية وقيام وزارات الدولة المختصة ونقابة الأطباء والهيئات الصحية بالتركيز على الأمور الصحية الوقائية والابتعاد عن تناول الأدوية ذاتياً ودون مراقبة طبية ، والعمل بشكل دائم وجدي لتأمين الأمن الصحي من خلال الرعاية الصحية لجميع المواطنين وتحت إشراف الوزارات المختصة ، يقول ابن سينا (المريض هو نصف الطبيب) قول مقتضب فيه الكثير من المعاني التي ترمي إلى قيام المريض بتطبيق العلاج والنصائح التي أسداها إليه الطبيب بهدف الشفاء من الداء .
صمتت لحظات وارتسمت على وجهها ابتسامة هادئة وذهبت بعينيها بعيدا كأنها تسبح بخيالها في ذكرى وقالت بجدية : جاري العزيز ، اعتذر لاني استعجلت في الحكم على الكاتب وعليك ، فقد اقتنعت بأنه لا يحق لشخص أن يقوم بمهنة اخر ، تذكرت حادثة عندما شيد والدي منزلنا استعان بصديق له يدعي أنه يفهم بالهندسة والخرائط وبالأصل هو  من سلك التدريس . وأثناء تشييد المنزل ظهرت مشاكل جعلتهم يستعينون بمهندس وخسر والدي مبلغ من المال نتيجة عدم فهم الشخص بالإعمال الهندسية .    
قلت لها : بعد قناعتكِ بان لا يحق لشخص انتحال مهنة غير مهنته ، هناك ما هو مهم ايضا هو الحق في حرية التعبير باعتبارها حقاً قائماً بذاتها لأنها ضرورية إذا ما أريد تحقيق حقوق الإنسان ، ويمكن للمسئولين أن يفهموا ما يحيط بهم من خلال تبادل الأفكار والمعلومات بحرية و يشعر الناس بالأمن أكثر وتساهم في تحسين جودة الحكومة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي . وحرية التعبير لا تعني الخروج عن حد اللياقة والأدب لها حدود وضوابط خُلُقية ودينية أيضاً فنحن محاسبون على كل كلمة نقولها ولا تعني الإساءة والتجريح والتشهير ، هناك من يريد تجريح الأشخاص والإساءة إليهم بقصد وعمد ، نراه يقدح ويذم وينتقص من يريد الشخص الذي يخالفه الرأي ، وهناك من يريد ان يكون استاذ وذو معرفة في كل العلوم ، يقول ما شاء ، وفي الذي يفهمه ويعنيه والذي لا يفهمه ولا يعنيه ، نريد نقد الفكرة والسلوك التي تحتاج إلى وسيلة تعبير وتغيير راقية نظيفة بما يرتقي الغايات السامية .
قالت لي : اشكرك على ما قدمته لي من افكار كنت اجهلها وأنا مقتنعة على الجميع احترام القانون والالتزام ببنوده ... تسمح لي ان ازورك مرة ثانية .
قلت لها : اهلا وسهلا .. لكن اريد ان اقول لك شيئا لا تستعجلين في اتخاذ القرار . اعملي بالمثل (رحم الله امرؤاً عرف قدر نفسه)  .
توقفت عند باب الشقة ودعتها بعد أن اقترحت استضافتي مع ابنتي في شقتها ولو بفنجان قهوة شكرتها مودعاً على أمل زيارتها .
بعد أن انهى الشيخ حديثه سألته بنبرة تميل للطلب : صديقي الشيخ تسمح لي اكتب ما رويت لي ولقائك مع جارتك هز رأسه موافقا ، ودعت الشيخ على امل ان نلتقي في الاسبوع القادم والحديث عن بارك ازادي .

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

504 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع