أحمد الملا
الضربات الموجعة التي تلقتها إيران بشكل كبير في الشهرين الأخيرين جعلت منها تفقد السيطرة وزمام الأمور حتى أصبحت كالثور الهائج في المنطقة العربية وخصوصاً في العراق, فبعد أن تلقت الضربة الأولى والموجعة بخسارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في ريف حلب في سوريا, وبعد ذلك تلاها كسر أنفها من قبل دخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية بإتفاق مع الحكومة المركزية, والغرض من تواجد هذه القوات هو تدريب أبناء السنة وتزويدهم بالسلاح من أجل تحرير مناطقهم المحتلة من قبل داعش وهذا ما لاتقبل به إيران لذلك حاولت جاهدة ومن خلال أذنابها في العراق بان تطرد تلك القوات التركية لكن كل مساعيها باءت بالفشل.
الضربة الموجعة الأخرى هي فقدان القيادة الروحية, إذ تعيش إيران الآن حالة من الفراغ القيادي وعدم وجود قيادة موحدة, وذلك بسبب موت أو سوء حالة علي خامنئي, وهذا ما جعل القرارات الإيرانية صادرة من أكثر من جهة, فهناك قرارات تصدر من المتشددين كقيادات الحرس الثوري ومجلس الخبراء, وهناك قرارات تصدر من المعتدلين كحسن روحاني ومن يؤيده, وهذه ضربة أخرى جعلت إيران تعاني وتفقد توازنها, الأمر الذي اضطرها إلى اللجوء لإجراء انتخابات في شهر شباط القادم من هذا العام لإيجاد بديل لخامنئي الذي غاب عن المشهد السياسي الإيراني منذ أسابيع, ولم تنقل له صورة حية من خلال أي وسيلة إعلام مرئية وإنما بدأت وسائل إعلام إيران بتصدير بيانات من خلال المواقع الالكترونية.
الضربة الموجعة الأخرى هي إعدام " نمر النمر " احد أهم وأبرز عملائها في السعودية والذي كانت تعول عليه كثيراً في إيجاد ثغرة في المملكة لكي تسد أو تستغل هذه الثغرة, وكانت هذه الضربة هي شبه القاضية, بحيث جرت على إيران الويلات, فبسبب ردت فعل إيران السيئة جدا حيال إعدام النمر, وإقدامها على حرق السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد, تعرضت إيران لسلسة من العقوبات التي شلتها بشكل كبير وقطع كل خيوط تواجدها في اغلب الدول العربية الخليجية, حيث أدى ذلك إلى سحب البعثات الدبلوماسية لأغلب الدول العربية من إيران مع طرد السفراء الإيرانيين من تلك الدول, وكذلك إصدار جملة من القرارات العربية التي تدين بشدة التدخلات الإيرانية, وإعلان اغلب الدول العربية مساندتها ودعمها للسعودية, كما جاء في مقررات مجلس التعاون الخليجي ومقررات الجامعة العربية.
ولم تكن الضربات التي تلقتها إيران عربية فحسب, بل كان للمجتمع الدولي وبالخصوص الأوربي نصيباً واضحاً, حيث أعلنت مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوربي (( بأنه ليس لدينا سقف زمني لرفع العقوبات عن إيران )) ولا شك بأن هذا التصريح كردة فعل طبيعية من المجتمع الدولي الذي بدأ يتعكسر ضد إيران, وهو بمثابة ضربة قاصمة وجهتها أوربا للإتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الدول العظمى.
وبقي أمر أخر ومهم وهو إن تواجدها في العراق – وهو المهم الآن حسب رؤيتها التوسعية - والذي يتمثل بالمليشيات والأحزاب الموالية لها بدأ بالإنهيار شيئاً فشيئاً, وذلك من خلال إنقلاب بعض القيادات السياسية " العبادي " والدينية " علي السيستاني " ضد تلك المليشيات وبدأت تلك القيادات بالركون الى الجانب الأمريكي وتمضي تواجده بحجة محاربة داعش, هذا الأمر ويضاف له ما تقدم من ضربات, دفع بإيران بأن تستخدم سلاحها الوحيد وهو إثارة الفتنة الطائفية في العراق بشكل أوسع واكبر, وهذا بالفعل ما قامت به قبل أكثر من يومين في العاصمة العراقية بغداد ومحافظة ديالى, حيث أقدمت المليشيات التابعة لها على القيام بعملية إرهابية تستهدف تجمعات شيعية في بغداد, وبعد ساعات من تلك العملية شهدت محافظة ديالى سلسلة تفجيرات للجوامع التابعة لأهل السنة, وكذلك تهديد تلك المليشيات لأهل السنة بترك منازلهم ومحال سكانهم, في محاولة منها لصب الزيت على نار الطائفية الموقدة الآن بسببها.
ولن تتوقف إيران وأذنابها ومليشياتها من هكذا أفعال وممارسات إجرامية طائفية مادام لها تواجد وأذرع في العراق, ولا خلاص من هذا الإجرام الإيراني إلا بخروجها من اللعبة في العراق كما يقول المرجع العراقي الصرخي في معرض توضيح لبيان مشروع الخلاص الذي تبناه حيث قال ...{{ ... طالبنا بإخراج إيران من اللعبة كي ننفي وننهي كل المبررات التي جعلت الشباب الإخوان والأبناء يضطرون لحمل السلاح فلابد من أن نزيل أسباب اضطرارهم ولابد من أن نوجه لهم الكلام والنداءات والنصح كي يعودوا إلى رشدهم والى أهليهم كي تنكشف الأمور وتتميّز كل طائفة مقاتلة عن الأخرى وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بخروج إيران من اللعبة , وخروج إيران من اللعبة يعني خروج كل عملائها ومليشياتها ...}}.
وإن لم تخرج إيران ومليشياتها وعملائها من العراق, فإن العراق سيبقى مشتعلاً بنار الطائفية الكسروية الفارسية التي أوقدتها من أجل حرق أبناء العراق خدمة لمشروعها الإمبراطوري التوسعي في المنطقة, فلا خلاص ولا إخماد لهذه النار في العراق إلا بخروجها, وإلا سيكون الوضع أسوأ وأسوأ أكثر مما هو عليه الآن, وستمتد تلك النار الطائفية لتلتهم الوسط والجنوب العراقي بل ستحرق العراق كله, خصوصاً بعدما أحست بأن تواجدها في العراق أصبح مهدداً.
1018 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع