من حكايات جدتي ....الحكاية الخامسة

                                       

                       بدري نوئيل يوسف

           

الحيلة والمكر عند النساء

من طرائف الاساطير الهندية القديمة هذه الاسطورة تقول خلق الله مخلوقا قويا سماه الرجل وسأله هل انت راضي ، فأجاب الرجل: كلا .

قال الرب: وماذا تريد؟ فأجاب الرجل: اريد مرآة انظر فيها مجدي، وعلبة اضع فيها حلاي، ووسادة اتكئ عليها، وقناعا أختبئ وراءه وأنا تعس، وألعوبة أفرح بها، وتمثالا أملأ عيني بجماله، وفكرة تستفزني، ومنارة أهتدي بها، فخلق الله المرأة .
لم تخلو الحكاية الشعبية عن أهم حيل الرجال مع المرأة وبالعكس رغم انها وسادة يتكئ عليها ومنارة يهتدي بها، وكأنهما يلعبان لعبة القط والفأر، فمرة تخدعه بحيلة وتارة يكذب الرجال على النساء، ومن ثم يقعون من خلال زلة لسان في الجلسة ذاتها، والمعروف بأن المرأة تكره أن يكذب عليها الرجل في الأمور العاطفية، لأن ذلك يجرحها كثيراً، ويتصور بعض الرجال أن المرأة مخلوقة ضعيفة، ولكن الحقيقة أن المرأة تستطيع من خلال نظرة واحدة، اكتشاف ما إذا كان الرجل يحاول ان يخدعها، وهذه الحكاية تحكي دهاء ومكر وحيلة المرأة .
تقول جدتي: في احد الايام اراد رجل يراهن زوجته وهما من سكان البادية الرعاة الرحل الذين يسكنون الخيام ويعيشون على رعي الإبل والماشية ويتنقلون طول السنه من مكان لآخر طلبا للماء والكلأ، قال الرجل لزوجته: ان الحيله للرجال وان المكر للنساء، ازعجت هذه الجمله الزوجه وحملت في صدرها وقالت مع نفسها بسيطة يا زوجي اصبر عليّ  وستعرف من هي المرأة، وكانت تنتظر الفرصة لتثبت لزوجها ذكائها وحيلتها ومكرها، مرت أيام واقترب قافلة البدو من قرب النهر وهم في طريقهم نحو الصحراء حيث قلة الماء، نصبوا الخيام واستراحوا عدة أيام قبل الرحيل، ملئ البدو جرارهم والقِرْب وهو (وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ الماعز يُوضَعُ فِيهِ الْمَاءُ) لسد حاجتهم من الماء مدة الاقامة في الصحراء، عند ملئ الزوجه قُرَب الماء ووضعت في داخل احدهم سمكه صغيرة، وبدأت تضع لها الطعام كل يوم، بعد عدة اسابيع  وهم في البادية اخرجت الزوجة السمكة من القربة وقد كبرت ووضعتها في سلة من خوص النخيل الذي يستعملها عرب البادية والسمكة تتقلب داخل السلة ونادت على زوجها وقالت له: زوجي العزيز سأطبخ هذه السمكة اليوم على الغداء، فرح الزوج كثيرا بالسمكة ولم يسأل من اين جاءت السمكة وهما في الصحراء ولا يوجد نهر او واحة ماء، ومن فرحه نسى كل شيء وقالت له زوجته: اذهب وأدعو صديقك المقرب عليك بالخيمة المجاورة لخيمتنا يتناول طعام الغداء معنا فالسمكة كبيرة تكفي وسأطبخ معها طعام اخر، فرح الرجل بفكرة زوجته وأسرع يعزم صديقه ولم يذكر له نوع الاكل لان المتعارف عندهم لا يقال نوع الطعام المطبوخ .
خرج الزوج وأخذ ماشية للرعي مع صديقه الذي دعاه لتناول الغداء معه، قامت الزوجة شوي السمكة وحضرت
طعام أخر مكمل للوجبة وأخفته في مكان في بيت الشعر(الخيمة)، وفي العصر عاد الزوج من الرعي وادخل ماشية في محلها وغسل وجهه ويداه وانتظر صديقة عند باب الخيمة، استقبله بفرح وسرور وجلسا ينتظران الزوجة تقدم لهما الطعام ، مضى مدة والزوجة لم تحضر ولم تقدم شيء يؤكل .
 استأذن الزوج من صديقة ونهض متوجها الى خارج الخيمة يسأل زوجته أين السمكة التي طلبتي مني أن ادعو صديقي لتناول طعام الغداء معنا، صرخت الزوجة بصوت عالي وانفعال حتى يسمع الضيف، قائلة له: عن أي سمكة تتكلم يا زوجي المسكين لقد مضى علينا اكثر من شهر في الصحراء، تعصب الرجل وبدأ يصرخ بعصبية وهستريا قائلا: اين السمكة التي كانت في السلة، أنا رايتها تتحرك وأنتِ طلبتي مني أن ادعو صديقي، واشتدت بينهم المشاجرة والرجل ينفعل ويزداد غصبا وصراخاً كلما كذبته ورفع يده لكي يضربها، تدخل الضيف وفك المشاجرة بينهم سائلا عن السبب، فأجابت الزوجة: وقصت له الحكاية أن زوجها رأى سمكة في السلة تتحرك و يطلب مني أن اقدمها للغداء، ضحك الضيف علية واستهزئ به كيف شاهد سمكة في السلة وهم في الصحراء، وكان الزوج على حق ومقتنع ان شاهد السمكة انفعل الزوج وزاد غضبه بحيث بدأ يصرخ كالمجنون مما التم حوله بعض رجال الخيام القريبة، ولما شاهدوا يهدد زوجته بالضرب ويطلب منها اظهار السمكة وأين اخفتها اقتنع الرجال انه اصابه مس الجنون وهم في الصحراء ومن أين وصلت السمكة الى زوجته، طلبت الزوجة من الرجال ربطه بعمود الخيمة لأنه فقد عقله وهي تخاف منه ان يضربها، قام الرجال بربطه بالعمود وخرجوا من الخيمة يضحكون قائلين مسكين جارنا فقد عقله، ولا يعقل ان يتهم زوجته بأنها قالت له اليوم سيكون الغداء سمك وهم في الصحراء.
بعد ان وصلت الزوجه لغايتها تقربت لزوجها وهمست في اذنه وقالت له: كيف الصحة ابن عمي تريد الرجال كلهم يقولون انت مجنون وتبقى مربوط بعمود الخيمة لو تعترف انتم الرجال غير محتالين، وإذا تعترف سوف اطلب من صديقك الضيف والرجال فك رباطك وترجع الامور على ما هو عليه، وإذا تصر على انكم محتالين تبقى مجنون ومربوط، اقتنع الرجل المسكين واستسلم قائلا لها: انتم معشر النساء لكم الحيله والمكر وللرجال لاشيء .
خرجت الزوجة من الخيمة ونادت على الرجال وطلبت منهم فك رباط زوجها وقصت لهم الحكاية وكيف تراهنت معه وكان يعاندها ان الرجال محتالين اكثر من النساء، وبهذا العمل ارادت تثبت ان الرجال لا يعرفوا فنون المكر والحيلة . ضحك الجميع وقدمت لهم طعام الغداء والسمكة المشوية، بعدها شربوا الشاي وهم فرحانين سعيدين.
نلتقي الاسبوع القادم وحكاية جديدة

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

836 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع