تخيّل بابل مدينة الشرق القديمة وحصيلة مئتي عام من الأبحاث

                                       

                           أمين منار

تخيّل بابل
مدينة الشرق القديمة وحصيلة مئتي عام من الأبحاث
كتاب تاريخي علمي

 

 

يأتي كتاب "تخيّل بابل" الفائز بجائزة الشيخ زايد في دورتها السابقة، ضمن روائع الأعمال التاريخية التي حرص "مشروع كلمة" على تقديمها للقارئ العربي. وهو كتاب تاريخي يتناول بالتحليل والنقد سائر الأبحاث والنظريات وأعمال التنقيب المتعلقة بمدينة بابل. فهو عملٌ قلّ نظيره، إذ لم يسبق أن ظهر كتاب عن بابل بهذا العمق المعرفي والمنهجية العلمية وتناوَلَ تاريخ المدينة بهذا الشمول. الكتاب هو من تأليف المؤرخ وعالم الآثار الإيطالي ماريو ليفِراني وترجمة الأستاذ الجامعي التونسي عزالدين عناية.
بوجه عام يتمحور هذا المصنّف حول نواة صلبة، ألا وهي منطقة وادي الرافدين أثناء الفترة الممتدة بين (3500 و 500 ق.م). وكما يذكر مؤلّف الكتاب فقد قضّى السنوات الطوال من عمره منكبّا على تاريخ الشرق، حبّر خلالها عشرات الدراسات، وصنّف مصنّفات بأكملها حول نقاط محددة بعينها، إلى أن قرّر في النهاية الاشتغال على هذه المسألة، أي بابل. في الواقع جرى تناول حضارة بابل من جوانب عدة في كثير من اللغات، لكن مجمل الكتابات خالطها الأسطوري والوهمي، إلى درجة أن باتت المدينة خيالية في أذهان الناس. مع ليفِراني تغادر المدينة ذلك الموضع، لتكتسي حلّةً واقعية، تتأسس على حوادث وبقايا ورُقُم ونُظُم ومعالم.
وحديث البدايات عن بابل مع ليفِراني يستدعي بالضرورة حديثا عن أنظمة الحكم التي شهدتها المدينة. فليس "الطغيان الشرقي" وليد بابل فحسب، كما يروج عادة، بل صنوه "الديمقراطية البدائية" أيضا كما بيّن ثوركيلد جاكوبسون (1943) المختص بالسومريات. إذ يُعيد ليفراني النظر في تلك الأطروحة متحدثًا عن ديمقراطية نسبية، ليست ديمقراطية صلبة، قائمة على مؤسسات، "لأن وظائف الحكم لم تتفرّع بعدُ، وبنية السلطة ليست جلية، وآلية التنسيق الاجتماعي لا تزال في طور التشكل".
يأتي المؤلَّف الحالي ضمن مشروع شامل اشتغل عليه ماريو ليفراني، تناول إعادة قراءة التاريخ القديم للمشرق العربي. نحا فيه باللائمة على المؤرخين المهتمين بتاريخ المنطقة، كيف أن المنطقة التي صنعت التوراة باتت ضحية رؤى التوراة؟ ولن يتيسر ذلك التصحيح لتاريخ المنطقة، وفق ليفراني، سوى باكتشاف التاريخ السابق للتوراة، وبابل على حد رأيه إحدى أعمدته القوية. من هذا الباب توجّب عليه تخصيص مؤلَّف لهذه المدينة التي تتوارى خلفها حضارة محورية في بلاد المشرق.
مؤلف الكتاب ماريو ليفراني هو مؤرخ إيطالي من كبار المتخصصين العالميين في تاريخ الشرق. كما أنه عضو في العديد من المجامع العلمية. سبق وأن أصدر جملة من المؤلفات العلمية نذكر منها: "أصل المدينة" (روما 1986)، "العلاقات الدولية في الشرق القديم 1600-1100 ق.م" (نيويورك 2001)، "ما وراء التوراة: تاريخ إسرائيل القديم" (روما 2003)، "الأسطورة والسياسة في بلاد المشرق" (لندن 2004)، "أوروك: أولى المدن على وجه البسيطة" (أبوظبي 2011).
أما مترجم الكتاب عزالدين عناية فهو أستاذ تونسي في جامعة روما (إيطاليا)، سبق أن أصدر جملة من الأعمال والترجمات منها: "رسالة إلى أخي المسيحي" دار نون 2015؛ "الاستهواد العربي" منشورات الجمل 2006؛ "نحن والمسيحية في العالم العربي وفي العالم" توبقال 2013؛ "الأديان الإبراهيمية" توبقال 2014؛ "أوروك. أولى المدن على وجه البسيطة" كلمة 2011؛ "علم الأديان" لميشال مسلان، المركز الثقافي العربي 2009، "علم الاجتماع الديني" لإنزو باتشي كلمة 2011؛ "الفكر المسيحي المعاصر" صفحات 2014؛ "العقل الإسلامي" دار الطليعة 2012.

الكتاب: تخيّل بابل. مدينة الشرق القديمة وحصيلة مئتي عام من الأبحاث
المؤلف: ماريو ليفِراني
المترجم: عزالدين عناية
الناشر: كلمة أبوظبي 2011
عدد الصفحات: 619ص

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1009 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع