كما كان جميلاً.. وسيبقى !

                                                          

                              عائشة سلطان

القمر العملاق اجتذب اهتمام العالم والإعلام كما أشعل مواقع التواصل الاجتماعي كالعادة، لم يتناول رواد وناشطو هذه المواقع الظاهرة بشكل علمي فقط، هذه ناحية سلطوا عليها الضوء بطريقة مرور الكرام، فتحدثوا نقلاً عن تقارير جاهزة حول الظاهرة وتفسيراتها وكيف ومتى تحدث، الذي تجادلوا حوله هو لماذا يقال إن القمر في هذا اليوم أشد لمعاناً وبريقاً ؟ لافتين النظر إلى أن القمر لا يضيء ولا يلمع من الأساس وأن هذا الضوء ليس سوى انعكاس ضوء الشمس عليه.

إن هذا التفسير العلمي الذي لم تقبله جدتي أبداً حتى توفيت، ولا تقبله أمي أبداً، كان يمكن أن لا يطفو أمام الظاهرة البديعة التي احتفى بها الناس في كل مكان، لكن الجدل واحد من طباع البعض !

لو لم أذهب للمدرسة ولم أدرس المجرات والنجوم والكواكب في مادة العلوم والجيولوجيا، لما قبلت أن هذا القمر بكل هذا البهاء والنور الوضاء يمكن أن لا يكون مضيئاً، وأن كل هالة الضوء هذه إنما يسرقها من الشمس ليسوق نفسه واحداً من أيقونات الرومانسية والجمال والبهاء بينما هو ليس سوى أحجار وتراب كما قال الأمريكان الذين ارتحلوا إلى القمر في تلك الرحلة الأسطورية المحفوفة بالكثير من الجدل والقيل والقال حتى اليوم، فنحن لازلنا نطالع تقارير وشهادات (لا ندري مدى دقتها) حول أكذوبة الهبوط على القمر وأن الحكاية من ألفها ليائها ليست سوى فيلم من إنتاج هوليوود !

في ظاهرة القمر العملاق التي استحوذت على اهتمام الجميع ليلة أمس ظاهرة إنسانية رائعة تستحق التوقف، فالناس وأخيراً رفعوا رؤوسهم للسماء في وقت واحد لينظروا إلى القمر، ليعودوا إلى رومانسيتهم المفقودة، ليقولوا لشيء يتحرك في السماء (الله ما أجملك) شيء ليس ألعاباً نارية ولا فتيات سيرك وليست أطباقاً طائرة ولا أبراج زجاجية عملاقة، إنما واحدة من آيات الله العظمى ومن مفاصل الطبيعة الهائلة التي صحبتنا في طفولتنا طويلاً في ليال حكايات الجدات وسمر الأصدقاء والقصص والأحاديث التي لا تنتهي في أفنية المنازل الترابية!

القمر العملاق سيعود بعد سبعين عاماً كما يقول العلماء، نحن لن نكون هنا، لكن الحياة ستكون وستستمر، الأجمل هو أن يبقى اتصال الإنسان بالسماء مستمراً كتعاقب الليل والنهار، وضاجاً بإنسانية الإنسان الذي لابد مهما ابتعد طويلاً أن يرفع بصره إلى السماء أخيراً ولو بعد سبعين عاماً!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

883 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع