تغريبة يهود البلاد العربية: سفر الخروج الثاني

                                                         

                              د.عزالدين عناية*

أولا: ذكرى الأمس وواقع اليوم
شهدت أوضاع اليهود في البلاد العربية منذ مطلع القرن الفائت تبدلات جذرية، خلّفت آثارا عميقة على مصير تلك الشريحة الاجتماعية.

ولا يخفى ما للصراع العربي الإسرائيلي من أثر مباشر على أتباع تلك الديانة؛ لكن المسألة تبدو أعمق من ذلك، فقد حصل تصدّع في بنية الاجتماع العربي، جراء تخلّف عميق ألمّ بالبلاد العربية، انعكس سلبا على تلك المجتمعات في احتضان مكوّناتها الدينية وشرائحها الاجتماعية. إذ تكشِف وقائع المجتمعات العربية، التي هجَّرت يهودها أو هجَرها يهودها، بحسب القراءتين المتناقضتين الإسرائيلية والعربية، عن عجز عميق في توفير أجواء الاحتضان الاجتماعي، وعن قصور بيّن في تنزيل مبدأ التعارف المستند إلى المنظومة الخُلقية الإسلامية في الواقع.
فبموجب الصراع العربي الإسرائيلي المستفحل طيلة القرن الفائت والممتد حتى عصرنا الراهن، بات المخيال العربي المعاصر تحت وطأة أشكال شتى من التداخل والتضارب تجاه اليهود واليهودية، ما جعل النظر إلى أوضاع تلك الجماعة يأتي مشوبا بتلك الأجواء. إذ ترافقت القطيعة التي حصلت بين الشعوب العربية وشرائحها الاجتماعية اليهودية، مع تردّ لافت في النظر إلى أتباع تلك الديانة وإلى أصول تلك الديانة، استعاض فيها الفكر بأحكام مرتبكة، غالبا ما أتت مسكونة بالهاجس السياسي .
وفي مستهلّ حديثنا عن هذه المسألة سنتابع العوامل التي ولّدت ذلك الاضطراب. لقد مثّل عجز الدولة العثمانية، عن تحقيق الاستيعاب السلس لمللها وطوائفها، منطلقَ اهتزاز تعايش الطوائف اليهودية مع المجتمعات الحاضنة. فكان أن هلّلت تلك الطوائف لمقدم الاستعمار الغربي إلى الحواضر العربية، على أمل أن يحصل تغير في أوضاعها الاجتماعية الرثّة، بعد أن أرهقتها طويلا مؤسسة أهل الذمة المتقادمة، التي تحوّلت من مؤسسة احتضان اجتماعي للآخر إلى مؤسسة جور وإذلال أضرّت بصورة الإسلام السمحة. كما شاعت العديد من المواقف تجاه اليهود تناقض قيم الدين الإسلامي تناقضا فاضحا، بما يفيد أن الثقافة السائدة ما عادت متأتية من قيم الدين بل من رؤى متلبسة بالدين. في تلك الأجواء، مثّلت وعود عالم الأنوار الغربي لليهودي العربي أملا كبيرا للخروج من وضعية "الذمي" التي طالما أرهقته. وسيتفاقم ذلك التناقض الاجتماعي لتلك الشرائح مع بنية الاجتماع العربي ببسط الاستعمار الغربي نفوذه على مجمل الأقطار العربية، بما سيزيد من تأزم البناء الاجتماعي ويرسّخ عجزه عن استيعاب شرائحه.
ففي مستوى أول، شكل تولي القنصليات الأجنبية مهام حماية اليهود في الدولة العثمانية، وما تبعه من منح امتيازات لفائدتهم، أملتها الدول الغربية، سببا في إحداث شرخ بين اليهود وباقي مكونات المجتمعات العربية؛ فضلا عما تبعه، في مرحلة لاحقة، من إلحاق تلك الجماعة بالدول الاستعمارية، بعد منح أفرادها جنسية الدولة المستعمِرة. فكان كلما احتدّ الصراع بين الدول الاستعمارية والشعوب الرازحة تحت نيرها، طلبا للاستقلال والحرية، إلاّ وزاد تعمّق الهوة بين الأكثرية المسلمة وجموع الذين هادوا، بسبب انخراط اليهود في تحالف مصيري جنب المستعمِر، شايعوا فيه سياساته وأقرّوا له بالدور الفاعل في تحضير الأقليات وتحريرها.
وإن حصلت بعض المشاركات المحتَشَمة، من جانب اليهود، بالانضمام إلى التنظيمات اليسارية والنقابية العربية، زمن الحقبة الاستعمارية، فإنها لم تعبر عن الثقل الأكبر داخل تلك التجمعات، بل أتت معبرة عن خيارات ظرفية ومصلحية معزولة، على غرار ما حصل في المغرب، حيث كان مؤسس الحزب الشيوعي يهوديا، إلى جانب ضم الحزب في صفوفه خلال العام 1948 خمسمائة يهودي من جملة ستة آلاف من أعضائه؛ وفي تونس بمشاركة 46 يهوديا ضمن الكوادر النقابية التونسية البالغ عددها 497 عضوا، ما بين الفترة الممتدة بين 1920 و 1956، وهو ما حصل أيضا في مصر والعراق بشكل مشابه. ولكن في العموم لم يتحمّس اليهود إلى ثورات تلك البلدان وانتفاضاتها، عندما كانت تتطلع إلى نيل حريتها واستقلالها، وهو ما جعلهم يرافقون المستعمر عند رحيله. ورغم ذلك لم تشهد البلدان نزوحا تاما ليهودها وإن تقلصت الأعداد إلى بضعة آلاف، سنأتي على أسبابها لاحقا.
لقد ناهز عدد اليهود في البلاد العربية عشية تأسيس دولة إسرائيل 850 ألف نسمة. حيث بلغ العدد نحو 210 آلاف في المغرب الأقصى الواقع تحت الاحتلال الفرنسي، و 50 ألفا في مراكش الإسبانية وطنجة، و 140 ألفا في الجزائر، و 110 آلاف في تونس، و40 ألفا في ليبيا، و 130 ألفا في العراق، و 80 ألفا في مصر، و 50 ألفا في اليمن وعدن، ونحو 20 ألفا في سورية ولبنان، بينما توزع نحو خمسة آلاف يهودي بين حضرموت والبحرين والسودان. لكن تبقى أعداد أخرى من اليهود أغفلها الإحصاء تُقدّر ما بين 15 و 25 ألفا، إلى جانب تجمع هام من اليهود استوطنوا بفلسطين بلغت أعدادهم مع انتهاء فترة الانتداب البريطاني 625 ألفا.
وإذا استثنيا أرض فلسطين المغتصبة، فإنه لم يبق في الوقت الحالي سوى 6160 نفرا من يهود تلك البلدان، يتواجد السواد الأعظم منهم في المغرب (3050) وتونس (2200)، ويتوزع الباقي بين اليمن (350)، ومصر (150)، وسوريا (250)، والإمارات العربية المتحدة (70)، والجزائر (50)، والبحرين (30)، والكويت (10)، في وقت يبلغ فيه العدد الجملي لليهود في أرجاء العالم 13.428.300 .

ثانيا: أثر التحولات التشريعية والاقتصادية
ساهم انتصاب الاستعمار والانتداب في أكثر من دولة عربية في انتعاش أوضاع اليهود الاقتصادية والاجتماعية، بعد رفع العديد من الضوابط التشريعية والسياسية، التي كانت تحد من أنشطتهم. ما جعلهم يتساوون قانونيا مع نظرائهم المسلمين في الفرص الاجتماعية والاقتصادية المتاحة، وينالون حظوة المستعمر وثقته مقابل ما أسدوه له من خدمات. ففي عدن مثلا، ألغى البريطانيون إبان العام 1893م ضريبة الجزية التي كانت تثقل كاهل اليهود، وذلك على إثر انتصاب سلطة الاحتلال في هذا البلد. وعلى غرار ذلك، منحت سلطة الانتداب البريطاني في العراق امتيازات لليهود خوّلت لهم بمقتضاها التحكم بمقاليد اقتصاد البلاد. حيث تولى اليهودي ساسون يحزقيان مهام وزارة المالية أثناء قيام حكومة الانتداب، كما سيطر اليهود على ما يربو عن تسعين بالمائة من حركة الواردات وأعمال المقاولات العراقية. وشغل اليهود أيضا خمسين بالمائة من حجم الوظائف الحكومية، وعمل شقٌّ واسعٌ منهم في مجالات التدريس والطب والصيدلة والصحافة والمحاماة، ولعبوا دورا بارزا أيضا في الحياة الفنية والأدبية . والجلي في هذا التحول الذي شهده اليهود، مِن وضع المستضعَف إلى وضع المتنفِّذ، أنه لم يأت نتيجة تطوّر اجتماعي داخلي، بل حصل جراء المحاباة والإملاء من قبل القوى الاستعمارية، ما أجّج النقمة عليهم في الأوساط الاجتماعية. وقد تدعّم ما عُرف بـ"تساوي الفرص" بين الفئات الاجتماعية، في سائر الدول العربية الواقعة تحت نير الاستعمار، بخطوات تشريعية أخرى، على غرار حثّهم على التجنّس، كما حصل في تونس والمغرب، أو إسداء الجنسية آليا إليهم، كما حصل في الجزائر، ما حوّلهم إلى رعايا فرنسيين. فمنذ الرابع والعشرين من أكتوبر سنة 1870 أصدر وزير العدل الفرنسي إسحاق أدولف كريميو اليهودي الديانة، حزمة من القرارات بشأن يهود الجزائر كان أبرزها إسداء الجنسية آليا إليهم.
وكان من آثار تلك التبدّلات التشريعية والاقتصادية على التجمعات اليهودية الأهلية، إلى جانب مزايا التمازج والاحتكاك بين يهود البلاد العربية وجاليات وافدة من أوروبا، متعلمة ومتحضرة، على غرار يهود ليفورنو، المسمّين بيهود "ﺍﻟﭭﺮﺍﻧﺔ" في الدارجة التونسية، أن ترقّت الأنظمة التعليمية وتكثفت الأنشطة الإعلامية والجمعياتية بينهم، التي ساهمت في خلق شخصية يهودية حديثة نقلتها من طور هامشي إلى دور فاعل. فقد ساهم يهود "ﺍﻟﭭﺮﺍﻧﺔ" الوافدون إلى تونس والجزائر مساهمة فعّالة في بثّ روح عصرية بين يهود بلاد المغرب، بعد أن صاروا نموذجا محتذى، وقد تأتى ذلك الدور جراء المقام المتقدّم الذي مُنح لليهود في تلك المدينة التوسكانية عقب إعلان الليفورنينا الصادر خلال العام 1593م، الذي خوّل بمقتضاه دوق توسكانا الأكبر فرديناند الأول (1587-1607) للأجانب، و لليهود خصوصا، حقوقا لم تكن معهودة قبله.
ولعل الدور الأهم في مسيرة التحديث تلك كان للتحالف الإسرائيلي العالمي (Alliance Israelite Universelle) في تثوير النظام التعليمي اليهودي التقليدي، الذي كان يحاكي نظام الكتاتيب المنتشر في بلاد المغرب، بإنشائه مؤسسات تدريس تعتمد أنظمة تربوية غربية وعصرية تولي اهتماما كبيرا للغات الأجنبية، في شتى أنحاء بلاد المغرب، لعبت دورا بارزا في فرْنَسة الشخصية اليهودية وإدخالها في الثقافة الغربية من الباب الواسع. فقبْل حلول الاستعمار بالمغرب الأقصى بنصف قرن (1862)، كانت مدارس الآليانس حاضرة بين الجالية اليهودية، ومع توالي السنين ازداد سحب البساط من التعليم التقليدي اليهودي.
وفي أعقاب تلك التبدلات التي طرأت على أوضاع مجمل يهود البلاد العربية، حصل تطور جديد داخل التجمعات اليهودية، لاسيما الشبابية منها. غدا الوعي السياسي معلَّقا بالحركة الصهيونية، مع احتداد الجدل في الأوساط الغربية عن سبل إيجاد وطن بديل لليهود، وما عاد الأمل مقتصرا على التطلع المسيحاني الصوفي، لما مثّلته الصهيونية من سبيل فعلي لتحقيق مطامح التحرّر والانعتاق لجموع واسعة من اليهود. ما زاد من حدة الشرخ بين اليهود العرب وبين الواقع العربي، وقد ازداد ذلك الشرخ تفاقما مع الأيام، دافعا باتجاه ردود فعل عنيفة تجاه اليهود.
في تلك الأجواء مثلت زيارة الزعيم الصهيوني النمساوي المجري تيودور هرتزل إلى ليبيا، في أول جانفي من العام 1904، حدثا بارزا زاد من تسريع وتيرة الحراك السياسي داخل التجمّعات اليهودية في شمال إفريقيا. حيث قام الرجل بجولات واسعة في مدن طرابلس والزاوية وغريان وتغرنة، داعيا اليهود إلى تبني الخيار الصهيوني، باعتباره السبيل الأوحد إلى تحقيق حلمهم الأثير القائل بـ"العام القادم في أورشليم" .
يفيد المؤرخ موريس روماني أن التعامل الإيطالي مع اليهود، وعلى خلاف التعاطي الألماني، كان متقلبا ومراوغا. التقى موسوليني عديد القادة الصهاينة، مثل حاييم وايزمان وزئيف جابوتنسكي وناحوم غولدمان وناحوم سوكولوف، وأُبرمت الاتفاقيات بين الطرفين لتيسير هجرة اليهود نحو فلسطين. ودائما ضمن مناورات موسوليني، فقد طمأن أثناء زيارته ليبيا بين 12 و 21 مارس 1937 اليهود، وفي خطوة مماثلة أعلن نفسه مدافعا عن الإسلام، تلقى حينها "سيف الإسلام" هدية من قادة إحدى القبائل الليبية. ويأتي قرار إسداء الجنسية لليبيين ومنعها عن اليهود، في التاسع من يناير سنة 1939، ضمن سلسلة من المناورات السياسية التي اتخذها موسوليني.
كانت سنوات ما بعد صدور "القوانين العنصرية" عصيبة على يهود ليبيا، وتبعا للمستجدات الجارية انسحبت الإجراءات الجديدة على الطائفة اليهودية، زادها حدّة تحول شمال إفريقيا إلى حلبة للصراع بين قوات المحور والحلفاء، انحاز فيها اليهود إلى قوات الطرف الأخير .
يورد التقرير السنوي للإدارة العسكرية الإنجليزية، بشأن الأوضاع في طرابلس، والعائد إلى العام 1945: "تتكثف الأنشطة اليهودية ويزداد الإفصاح عن تبني الخيار الصهيوني بروزا، في وقت تعج فيه الأندية والمنظمات الشبابية بالأفكار الصهيونية؛ ففي غمرة هذه الأجواء تم استجلاب أدبيات صهيونية من فلسطين، كما جرى اختيار مرشّحين للهجرة إلى فلسطين وتكوينهم في العمل الفلاحي. هذا علاوة عن حضور وحدات يهودية قدمت من فلسطين إلى التراب الليبي، كانت سبيلا آخر لحثّ الناس وتحريضهم. لقد زادت فظاظةُ اليهود، من معتنقي الأفكار القومية، من حدة تدهور علاقات الصداقة والتسامح مع العرب" .
والواقع أنه بحلول العام 1937 حصل تحولٌ في السياسة الإيطالية انعكست على المستعمرة ليبيا، وبدأت حملة تستعر ضد اليهود في الصحافة والإعلام. ولم تأت سنة 1938 حتى صدرت "القوانين العنصرية" التي حظرت على اليهود ارتياد المدارس العمومية في إيطاليا وليبيا والجزر الإيجية، تبعها منع الزواج على الإيطاليين من غير الجنس الآري. وعلى مستوى سياسي تم طرد المنتمين اليهود للحركة الفاشية، وفي التعليم تم عزل كافة المدرّسين اليهود شمل المرسَلين إلى المستعمرات. بلغ التوتر أوجه أواخر الثلاثينيات ومطلع الأربعينيات بإقامة محتشدات لليبيين ضمّت كذلك عددا من اليهود في جادو. خلّفت تلك الأوضاع ضغوطات دولية لعبت فيها المنظمات اليهودية العالمية دورا للسماح لليهود بالهجرة خارج ليبيا. ولم تأت سنة 1941 حتى حلّ بطبرق الفيلق اليهودي التابع للجيش البريطاني، مصحوبا بمدرّبين يهود. تمثّلت أعمالهم في افتتاح مدارس لتعليم العبرية وإسداء خدمات صحية واجتماعية وإنشاء معسكرات تدريب. ولعبت منظمات دولية يهودية مثل "المؤتمر اليهودي العالمي" و"الوكالة اليهودية" و"اللجنة اليهودية الأمريكية" و"الجمعية الإنجليزية اليهودية" و"التحالف الإسرائيلي العالمي" أدوارا مهمة في تبني قضايا اليهود الليبيين دافعة إياهم للهجرة نحو إسرائيل.
في الثالث والعشرين من يناير 1943 وعلى إثر دحر الإيطاليين من ليبيا حلّ محلهم البريطانيون. فعلى مدى قرابة نصف قرن شهد يهود ليبيا تبدل ثلاث سلطات: العثمانية والإيطالية والبريطانية كل لها قوانينها وسياساتها معهم. لكن مع مقدم البريطانيين بات في صف اليهود حليف موثوق سواء في الداخل الليبي أو في طريق الهجرة نحو فلسطين. في البدء كانت الهجرة مبادرة فردية ثم تحولت بين 1949 و 1952 إلى حملات منظمة وقانونية بوصفها تجري تحت مراقبة الانتداب البريطاني، وأثناء تلك الفترة هاجر معظم يهود ليبيا تقريبا باتجاه إسرائيل وإيطاليا، لقيت أثناءها الجالية اليهودية عقب سقوط الفاشية ترحيبا. لكن الفترة البريطانية في ليبيا تخللتها أحداث بين اليهود والأهالي مثل واقعة 1945، أوقعت انخراما في العلاقة بين مكونات المجتمع الليبي، تلتها أحداث 1948 التي جاءت تحت تأثير إعلان قيام دولة إسرائيل .

ثالثا: دور الصحافة والجمعيات
لقد لعب بعث الصحف وإنشاء الجمعيات دورا بارزا في بلورة الوعي السياسي، وفي نشر الإحساس بوحدة المصير بين يهود ليبيا. حيث صدرت مجموعة من الصحف، جلّها بالدارجة الطرابلسية ومدوّنة بأحرف عبرية، بلغ عددها 12 مطبوعة بين الفترة 1908 و 1942. وكانت أهمها صحيفة "الدردنيل"، وصحيفة "دغيل صهيون" (علم صهيون)، وصحيفة "هاهيثوراروث" (اليقظة)، وصحيفة "البريد اليهودي". كما تشكّلت العديد من الجمعيات، مثل "النادي الصهيوني"، و"النادي المكابي"، و"نادي الشبيبة اليهودية الطرابلسية"، و"منتدى أليعازر بن يهوده"، و"نادي بن جويد"، و"جمعية أغودات توراه"، و"الجمعية النسائية ليهود إيطاليا"، و"الجمعية النسائية اليهودية"، و"جمعية المعمل النسائي اليهودي" .
وبالمثل في الجارة تونس تكاثرت المطبوعات اليهودية، حيث بُعثت مجلة "النجمة اليهودية" في مدينة سوسة سنة 1920، التي تابعت الصدور حتى العام 1961، وكانت آخر منبر صحفي يهودي يصدر في شمال إفريقيا. كما صدرت بالفرنسية أيضا صحيفة "Le Reveil  Juif" -اليقظة اليهودية-، لسان التيار التصحيحي، التي لاقت قبولا واسعا بين اليهود خلال العشرينيات والثلاثينيات في بلدان الشمال الإفريقي. في حين صدرت بعد الحرب العالمية الثانية باللغة الفرنسية صحيفة "La Gazette d’Israel" –جريدة إسرائيل-، وهي صحيفة ذات منحى صهيوني تحريضي مباشر.
وبالمثل نشطت في القاهرة طيلة الثلاثينيات والأربعينيات صحيفة "الشمس" اليهودية، كما كانت "مجلة إسرائيل" التي صدرت ما بين 1919 و 1923 من بين أبرز المجلات اليهودية الناطقة بالفرنسية في مصر. وفي المغرب أيضا كانت مجلة "L’avenir illustre" -المستقبل الواعد- التي أسسها يوناثان طورشر مندوب الاتحاد الصهيوني العالمي، في منتصف العشرينيات من القرن الماضي، من أبرز المجلات ذات المنحى الصهيوني.
وبشكل عام، شهد التحمّس للحسّ القومي اليهودي وللفكر الصهيوني بين يهود تونس وليبيا تطورا فاق نظيره في الجزائر، ويعود ذلك الخفوت في الجزائر إلى ربط اليهود مصيرهم بمصير الدولة الفرنسية، ما جعل الهيئة الحاخامية في جزيرة جربة في تونس تعرب عن تعاطفها مع الأفكار الصهيونية .

رابعا: مصائر اليهود عشية الاستقلال
قبل حلول القرن التاسع عشر، كان مجمل يهود البلاد العربية ممن احتضنتهم الحضارة العربية الإسلامية، أكان مأتاهم من الأندلس، أو ممن كان مقامهم في بلاد المغرب، أو في المشرق العربي، أو في أرض اليمن. فعلى سبيل المثال، كان يهود دمشق في بداية القرن التاسع عشر ثلاث طوائف: الربّانون والقراؤون والسامرة ، يتحدّرون من أسر معظمها من أصول عربية، وما تبقى منها تعود في أصولها إلى مدن ومناطق عثمانية، أو نالت تسمياتها من الحِرف التي عملت بها، والقليل منها كانت من أصول سيفاردية أو أشكنازية . وقد كان يهود البلاد العربية خلال العصر الحديث غالبا ما ينقسمون إلى ثلاثة أصناف: يهود أهليون من رعايا الممالك والدويلات العربية، ويهود مقيمون انتسبوا إلى جنسيات مختلفة عادة ما رعتهم القنصليات والممثليات الأجنبية، وصنف ثالث قدم في مرحلة متأخرة مع المستعمر.
هذه الأصناف المتنوعة، وجدت نفسها تواجه قدرا متشابها مع أفول عصر الاستعمار، بعد أن تقلصت التمايزات بينها وغدت تواجه مصيرا مشتركا. ففي الرواية الرائجة بين المؤرخين الصهاينة، تُصنّف دواعي خروج اليهود من البلاد العربية ضمن ثلاثة مبررات:
-صنف البلاد التي اعتمدت الإبادة المنظمة، مما أجبر اليهود على الفرار والبحث عن موضع آمن، على غرار العراق (عقب عملية الفرهود 1941)، وسورية (عقب حوادث 1944)، وليبيا (عقب أحداث طرابلس 1945)، واليمن (عقب ما جرى في عدن 1947).
-وصنف البلاد التي اعتمدت التجريد الناعم لليهود من ممتلكاتهم وثرواتهم، عبر الضغط والتخويف، مما أجبرهم على البحث عن فضاء آمن ومورد رزق آخر في الخارج، على غرار ما حصل في مصر والمغرب وتونس.
-وأخيرا البلاد التي أضفت على النضال التحريري بعدا عرقيا دينيا مصبوغا بطابع ديني إسلامي، واقتصر على المكوَّن الأمازيغي العربي، ما جعل اليهود يُصنَّفون في عداد الأطراف المعادية فيلجأون إلى مغادرة البلد رفقة فرنسا، وهو ما انفردت به الجزائر .
وبشكل عام كان يهود البلاد العربية بعد الاستقلال متنوعي المصائر متشابهي الحصائل. ولكن ينبغي ألا نغفل أيضا، أن خروج اليهود من البلاد العربية لم يكن حادثا دائما جراء تشكّل ثقافة طاردة، أو بموجب آثار الصراع العربي الإسرائيلي،  كما قد يتبادر إلى الأذهان جراء الدعاية الصهيونية، بل حصل أيضا في نطاق سعي جموع واسعة من تلك الشرائح اليهودية لتحسين أوضاعها المعيشية، خصوصا من عامة اليهود وبسطائهم. فكانت الطائفة اليهودية، التي تربطها أواصر دين وأوهام عرق جامع مع أبناء ملتها في الخارج، أكثر قدرة على الإقدام لخوض غمار تلك التجربة. في وقت صارت فيه المجتمعات العربية، وبشكل عام، لا تتيح لأبنائها بيسر فرص الحياة الكريمة، وهو ما انعكس على الأقلية العبرية أيضا. وفي نطاق معالجة مظاهر التناقض الحاصل بين اليهود والمجتمعات العربية، سنقتصر ضمن هذا العرض على ثلاث عينات (الحالة الجزائرية، والحالة التونسية، والحالة الليبية):
* عشيّة استقلال الجزائر وجّهت "جبهة التحرير الوطني" في الجزائر نداءات متكررة إلى الجالية اليهودية، كان أولها النداء الموجه إلى قادة الجالية، وذلك في الثالث عشر من أكتوبر 1956، دعتهم فيه إلى مناصرة الجبهة من أجل استقلال الجزائر، غير أن النداء لم يلق آذانا صاغية. في وقت كان فيه يهود الجزائر ويهود بلاد المغرب عامة، الذين مثلوا الثقل الأكبر بين يهود البلاد العربية، قد سايروا الواقع الغربي وانساقوا في ثناياه، ما جعل العودة على أعقابهم أمرا غير مطروح. فضلا عما دب من تخوف بينهم كون الدخول في مرحلة التخلص من آثار الاستعمار -décolonisation- ستعقبها عودة إلى وضعية الذمة مجددا . ومما زاد من افتقاد لغة التفاهم بين حركة المجاهدين في الجزائر ويهود البلاد، تقلص الفوارق بين اليهود الأهليين واليهود الوافدين مع فرنسا جراء عملية التمازج الحاصلة، بعد أن غدا جميعهم مواطنين فرنسيين.  
فبعد أن تعلّق يهود الجزائر وجودا ومصيرا بفرنسا، كان من الطبيعي أن يرتبط قدرهم بقدر المستعمر. ومنذ أن مُنِحوا حق المواطنة الفرنسية بمقتضى "قرار أدولف كريميو" واحتدام حرب التحرير في الجزائر زادوا من ربط مصيرهم بمشيئة فرنسا، وهو ما جعل الجزائر مع حصول الاستقلال توشك أن تخلو من يهودها الأهليين والوافدين على حد سواء. حيث انطلقت بُعيد عقد اتفاقية إيفيان -مارس 1962- هجرة يهودية مكثفة سبقت إعلان الاستقلال، ولم يبلغ شهر جوان منتهاه من العام نفسه حتى كان قرابة 142 ألف يهودي قد غادروا الجزائر باتجاه فرنسا، ففي أكتوبر من العام نفسه لم يبق في الجزائر سوى 25 ألف يهودي، ستة آلاف منهم في الجزائر العاصمة بصدد شدّ حقائبهم استعدادا للرحيل .
* يحاول المؤرخ موريس روماني في كتابه "يهود ليبيا.. من التعايش إلى الرحيل" تسليط الضوء على الدور الرئيس للاستعمار الإيطالي في ذلك الخروج، مشفوعا بتتبّع ما كان يعتمل في الساحة الدولية من صراعات انعكست آثارها على مختلف الشرائح الاجتماعية. ذلك أن رحيل شقّ واسع من يهود بلاد المغرب حصل تحت ضغط الفاشية والنازية لا سيما في تونس وليبيا. وضمن هذا الإطار يستحضر المؤرخ سلسلة من الوقائع لدعم فرضيته التاريخية. حيث يركز اهتمامه في الحقبة الفاشية في ليبيا، متتبعا السنوات الممتدة بين 1938، تاريخ صدور ما يُعرف بـ"القوانين العنصرية" في إيطاليا، و1967 تاريخ اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية وما خلّفته تلك الأحداث من اضطراب في أوساط الجاليات اليهودية. مبرزا كذلك الدور الذي لعبته المنظمات اليهودية الأوروبية والأمريكية في تهجير يهود ليبيا، وحشد الحالمين للـ"عاليا" (الهجرة) نحو إسرائيل، ناهيك عن الإجراءات التنظيمية والتعليمية والصحية التي رافقت الترحيل .
أما في ليبيا الخارجة من ربقة المستعمر، فقد كان التلاعب بالملف اليهودي، إبان الحكم السنوسي، ورقة ضغط في وجه المعارضة الداخلية والقوى الخارجية على حدّ سواء. حيث لم تكن هناك سياسة واضحة أو تشريعات ضامنة تتعلق باليهود، وفق ما يشير إليه المؤرخ الإيطالي رنزو دي فيلتشي، ما جعلهم عرضة للمدّ والجزر . فمنذ العام 1953 استشعر يهود ليبيا تضييق الخناق عليهم. كان إلغاء خدمات البريد مع إسرائيل، ثم تبعها غلق مكاتب وكالة العاليا، التي ترعى شؤون الهجرة نحو إسرائيل، وطرد ممثل الوكالة اليهودية مير شيلون. لتتصاعد التضييقات بمقاطعة إسرائيل مقاطعة شاملة بحلول العام 1957، وما تبعها من تلويح بتسليط عقوبات تمتد إلى ثماني سنوات وغرامة مالية، على كل ليبي يثبت اتصاله بإسرائيل، أو بمؤسسات إسرائيلية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
زاد من حدة تلك الأوضاع إبان حقبة الستينيات، ما ترافق مع اكتشاف البترول في ليبيا من تراجع لدور اليهود في التجارة الخارجية، بعد أن كانوا خلال العقد السابق يمسكون بما يضاهي تسعين بالمائة من التجارة الخارجية. اُستعيض عن وساطتهم بصادرات البترول التي ترعاها الدولة، ما جعل دورهم في المجتمع يتراجع بشكل ملحوظ . بات اليهودي الليبي مدفوعا دفعا نحو خيار الهجرة، بعد فقدانه مجمل الامتيازات التي تحققت إبان فترة الاستعمار الإيطالي التي تواصلت مع السنوات الأولى من استقلال ليبيا. وكما كانت هجرة يهود تونس لا تتمّ نحو إسرائيل مباشرة، بل باتجاه فرنسا أولا، كانت هجرة يهود ليبيا أيضا تتم عبر محطة إيطاليا ليليها مقصد إسرائيل.
* وعلى غرار الدول العربية الأخرى غادر تونس عشية إنشاء دولة إسرائيل أكثر من خمسة وعشرين ألف يهودي باتجاه إسرائيل. وقد كانت الهجرة في متناول العائلات المتوسطة الدخل، لا سيما وأن الوكالة اليهودية للهجرة كانت تأخذ على عاتقها تكاليف السفر والإقامة الجديدة، وتتكفل بمصاريف العاليا –الهجرة- إلى إسرائيل .
لم يكن قادة الحزب الدستوري ينظرون بعين الرضا إلى أنشطة الهجرة الصهيونية في تونس، لكن لم يحركوا ساكنا بقصد ثني اليهود عن مغادرة البلاد. تُورد جريدة "لابراس" الناطقة بالفرنسية، بتاريخ التاسع من سبتمبر 1954، حديثا مع الحبيب بورقيبة، زعيم الحزب الدستوري حينئذ، سئل فيه عن موقف حكومته من هجرة اليهود التونسيين، فأجاب: "من مصلحتنا أن يبقى يهودنا في تونس، لكن كافة المواطنين أحرار في مغادرة البلاد وقتما شاءوا"، وقد كانت الهجرة إلى إسرائيل لا تنطلق مباشرة من تونس بل عبر فرنسا.
ولم تشفع عمليات التحديث التشريعي المبكّرة التي خاضتها تونس في ثني اليهود عن الهجرة، وبالمثل لم تُجْد نفعا كافة الإغراءات في شدّهم إلى مواطنهم. رغم أن السياسة الجديدة في تونس بعد الاستقلال، قطعت مع التعامل معهم كطائفة على حدة وعاملتهم كمواطنين متساوين مع غيرهم من التونسيين. تواصل نزيف الهجرة، وتبين أن التحديث لم يخرج اليهود من حماية حكامهم إلى احتضان مجتمعاتهم.
في ظل تلك التحولات، قلّة من اليهود أبت أن تلتحق بإسرائيل أو بفرنسا واختارت المكوث في تونس. لكن من اختاروا البقاء لم تكن دواعيهم متماثلة، كان البعض منهم من البرجوازية، وقد كانت لهم ممتلكات ومصانع وعقارات، دفعتهم للتشبث بتونس؛ وكان آخرون ينتمون إلى الطبقة الوسطى، وكانوا على يقين أن النظام الجديد سيسمح لهم بمتابعة أعمالهم في الظروف نفسها؛ وهناك فئة ثالثة ممن ينتمون إلى الكوادر المتعلّمة خيرت البقاء في تونس، كشأن العديد من القانونيين والأطباء والصناعيين ورجال البنوك والإداريين والمدرّسين.
وما إن نالت البلاد استقلالها حتى تم انتخاب يهودي تونسي في المجلس الوطني التأسيسي سنة 1956، وآخر في المجلس التشريعي الأول سنة 1959 والثاني سنة 1964. كما سبق أن ضمت الحكومة التي تشكلت عشية الاستقلال الداخلي -جوان 1955- وزيرا يهوديا، وبالمثل الحكومة التي تشكلت عقب إعلان الاستقلال  في مارس 1956. وللمرة الأولى في تاريخ تونس الحديث، ترشح يهودي تونسي بملء إرادته ولم يسقط عليه المنصب إسقاطا، إلى منصب هام، حصل ذلك بعد ثورة 14 جانفي 2011، حين تقدّم يعقوب للّوش، وإن لم يفز، إلى عضوية المجلس التأسيسي المكلف بصياغة الدستور وقيادة البلاد.

مكوث رغم عوادي الزمن
لم يبق من يهود البلاد العربية، في الوقت الحالي، سوى بضعة آلاف يتواجدون في المغرب وتونس وبضعة مئات متناثرين بين عدة دول. وفي الراهن الحالي يتوزع يهود تونس بين العاصمة (800 نفر) وبين الحارتين الكبيرة والصغيرة في جزيرة جربة (900 نفر)، حيث يوجد معبد الغريبة الذي يعود تاريخه إلى ما قبل الميلاد، يتولى تسيير شؤونه حاليا رئيس الطائفة اليهودية بيريز الطرابلسي؛ في حين يقطن الباقون في مناطق الساحل التونسي بين مدن جرجيس وسوسة والمنستير والحمامات.
ويسهر على الشأن الديني ليهود تونس حاييم بيتان كبير الأحبار، يعضده أربعة كهنة، يسهرون على شؤون باقي الجماعات اليهودية. كما يملك يهود تونس إحدى عشرة بيعة، البعض منها لا تفتح أبوابها لزوارها إلا في الأعياد والمناسبات، على غرار كنيس الغريبة الصغير بمدينة الكاف. ويتركز جلّ النشاط التربوي والتعليمي بين جربة وتونس العاصمة. توجد في جربة محضنة يؤمها الأطفال إضافة إلى مدرستين ابتدائيتين وثانويتين، ويشيفا –مدرسة دينية- يُلقَّن فيها الصبية مدونتي المشنا والجمارا. كما تتواجد مدرسة ابتدائية وبيعة في مدينة جرجيس الساحلية القريبة من جزيرة جربة. وتملك الجالية اليهودية دارين للمسنّين. لكن تركّز العدد الأكبر من مؤسّسات التعليم يبقى في العاصمة تونس: ثلاث مدارس ابتدائية وثانويتان ويشيفا. وأما لغة التدريس الأساسية فهي الفرنسية إلى جانب دور ضئيل للعبرية والعربية.
الحالة في المغرب اليوم شبيهة بالحالة في تونس، فمنذ فجر الاستقلال حرصت الحكومة المغربية الأولى والثانية على ضم وزير يهودي إلى صفوفها، تولى تلك المهمة حينها بن زاكين، وتتابع ذلك التقليد عبر تقريب يهود مغاربة من الدائرة الضيقة للحكم، حيث تولى سيرج برديغو مهام وزارة السياحة وانتخب سيمون ليفي، الأستاذ سابقا في كلية الرباط، عضوا في مجلس النواب. كما شغل أندري أزولاي منصب مستشار الملك محمد السادس في الشؤون الاقتصادية. اتخذ المغرب قرارا مهما سمح لليهود بحق استعادة الجنسية المغربية وتخلّى عن إسقاط الجنسية عمن يلتحقون بإسرائيل.
في الراهن الحالي يتوزع اليهود المغاربة على كبريات المدن: الدار البيضاء ومراكش والرباط بعد أن كانت مدينة الصويرة تضم أكبر تجمع يهودي في المغرب، أين كانوا يتوزعون بين الملاح القديم والملاح الجديد. غدت أحياء الملاح في المغرب والحارات في تونس معالم سياحية لا غير بعد أن كانت تعجّ بساكنيها. ولم يبق من جملة البِيَع اليهودية المنتشرة في المغرب، حوالي 33، سوى عشر منها تفتح أبوابها لروادها وتقام فيها الشعائر. كانت إقامة متحف الثقافة اليهودية المغربية في الدار البيضاء سنة 1996، على تواضعه، من المبادرات الرمزية الفارقة في العناية بالثقافة اليهودية في البلاد العربية. هذه المبادرات التي اتخذها المغرب لم تشفع إلى حد الآن في استرداد ثقة اليهودي، أو في إغرائه بالإقامة الدائمة، وإن نجحت في دغدغة رغبة التسوّح لديه.
لمتابعة ضافية للتطورات الديمغرافية لليهود في العالم، يمكن الاطلاع على التقرير الإحصائي العام الصادر عن جامعة كونكتيكوت الأمريكية خلال العام 2010:
Arnold Dashefsky - Sergio Della Pergola - Ira Sheskin, World Jewish Population 2010, Berman Institute – North American Jewish Data Bank - University of Connecticut.


*أستاذ جامعي تونسي مقيم بإيطاليا
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 . حاولنا في مؤلفنا: "الاستهواد العربي في مقاربة التراث العبري" (منشورات الجمل، بيروت 2006)، التعرض إلى العوائق التي حالت دون ظهور علم يهوديات في الثقافة العربية الحديثة. فبمقتضى الانخراط القسري لهذا المبحث، ضمن ثقافة المواجهة والصّراع مع الصّهيونية والدّولة العبرية الناشئة، جاءت المقاربة العربيّة مصبوغة بالتضارب ومسكونة بالهاجس السّياسي، الذي كان وقعه كبيرا على مصداقيتها وعلميتها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

709 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع