بدري نوئيل يوسف
حدثتنا جدتي:أنه كان هناك عجوز يعيش مع أبنه وزوجة وحفيده، أصبح العجوز متقدماً جداً في السن، لم يعد يقوى على الأكل بشكل طبيعي حيث أصبحت يداه ترتجفان، مما يؤدي إلى إسقاط الطعام من يده أحياناً، وذات يوم سقط طبق الطعام من يدي العجوز وانكسر، عندها غضبت زوجة ابنه من ذلك الموقف، وطلبت من زوجها أن يجد حلاً لوالده، فكر الابن في الأمر وخطر له أن يصنع لوالده طبقاً من الخشب حتى إذا وقع لا ينكسر، وتجنباً لسكب الطعام على المائدة، تم إجبار والده العجوز على تناول طعامه وحده بعيداً عن العائلة، كان العجوز يشعر بالحزن لإحساسه بأنه بات منبوذاً من ابنه وزوجته في أيامه الأخيرة، حين أجبر على الأكل وحده بينما يستمتع بقية أفراد الأسرة بتناول الطعام على المائدة مجتمعين.
مع مرور الأيام، أصبحت المزيد من ظروف العزل تفرض على العجوز المسكين، من قبل ابنه وزوجته اللذان لم يطيقاه وأساءا معاملته، وبعد مرور عدة أشهر على هذا الحال توفي العجوز، وأقيمت مراسم التشييع والدفن .
وبعد الانتهاء من تلك المراسم أراد الابن وزوجته التخلص من متعلقات وأغراض العجوز، بإعطائها للفقراء أو إتلافها، جاء حفيد العجوز الراحل راكضا وأخذ الطبق الخشبي، فسأله أباه: لماذا أخذت هذا الطبق وماذا تريد أن تصنع به ؟ عندها أجابه الطفل الصغير قائلاً: أريد أن أحتفظ به كي أطعمك أنت أو أمي به عندما تكبران مثل جدي. أنها حكمة بليغة تناقلها الناس قديما، فالجزاء من جنس العمل، والحصاد من جنس البذرة، واعمل ما شئت فكما تدين تدان، تعلموا كيف تحترمون الاباء والأمهات، فقد اوصى الله بهما.
نعود لحكايتنا الاسبوعية يا اولادي: كان في احد الأزمان رجل يعمل حطاب، متزوج يخرج الى عمله كل صباح حاملا الشبكة والفأس، وذات يوم صاد طيرا ريشه مطعم بالذهب، ففرح به وعزم على تقديمه هدية للسلطان لينال هدية منه، وقبل ان يدخل على الملك شاهده الوزير فطلب الطير منه، لكن الحطاب لم يعطه الطير وقال له: انه هدية للملك، فامتعض الوزير لذلك ، وحينما دخل الحطاب على الملك فرح الملك بالهدية، وأمر وزيره بتقديم هدية للحطاب كيسا من فضة وكيسا من ذهب، لكن الوزير أبدل كيس الذهب بكيس مملوء بالحنطة، وكيس الفضة بكيس مملوء بالشعير، ومع هذا فان الحطاب فرح كثيرا لهذه الهدية، أعجب ابن السلطان بالطير كثيرا فقال الوزير للملك: ان الطير وحيدا وربما سيموت من حسرته، لهذا لنطلب من الحطاب ان يجلب أنثاه، فوافق الملك على ذلك وكلف الوزير أن يتصل مع الحطاب ويطلب منه جلب انثى الطير خلال يومين، فتألم الحطاب لذلك وهام على وجهه في الصحراء، وصدفة شاهد شبكة منصوبة وتأتي انثى الطير وتقع في الفخ، فامسك بالعصفورة وعاد مسرعا لكن الوزير حاول ان يقتل الحطاب بتهمة عدم تلبية أوامر الملك، سمع الملك صرخات الحطاب، وعرف ان الحطاب جاء بأنثى الطير فأطلق سراحه وفرح الملك لذلك، وأمر وزيره بان يعطي الحطاب عشرة اكياس ذهب وعشرة اكياس فضة، لكن الوزير همس في آذان الملك وقال له: ان من له طيور نادرة لابد ان يحصل على أقفاصها، أمر الملك الحطاب من جديد بان يجلب قفص الطير خلال ثلاثة ايام، فظل الحطاب يبكي مع زوجته فترة طويلة حتى انشق الحائط شقين، وخرج منه عبد اسود الذي رق لحال الحطاب، وجلب القفص الى الحطاب وأعطاه ثلاث شعرات، يقدح واحدة كلما شعر بحاجة أو خطر، قدم الحطاب القفص للملك لكن الوزير استطاع ان يقنع الملك، بأن يطلب من الحطاب ان يجلب له (حصان الهواء)، فلم يجد الحطاب أمامه ألا ان يقدح شعرة فيأتيه العبد الاسود وهو يقول (لبيك لبيك ،أنا عبد بين يديك اطلب وتمنى) فيخبره الحطاب بطلبه، طلب العبد من الحطاب ان يشتري سرج ومقود، ذهب الحطاب للسوق واشترى ما طلبه العبد، بعدها قدح الشعرة الثانية جاء العبد وأخذ الحطاب الى غابة كثيفة حيث استطاع أن يمسك الحصان ويعود به الى المدينة، وقدمه للملك وحصل على رضاه وحاشيته أما الوزير فما زال يحقد عليه . وحينما اراد الملك ان يزوج ابنه استشار وزيره عن المرأة التي تكون مناسبة لابنه، قال الوزير له: انها (سعاد) ابنة ملك الجان، سأل الملك: ولكن كيف الوصول الى ابنة ملك الجان ؟ أجاب الوزير: بان الحطاب هو الذي يقدر ، بلغ الوزير الحطاب ما يريد الملك فما عليه الى ان يقدح الشعرة الثالثة وحضر العبد وطلب الحطاب منه ابنة الجان (سعاد) ،غاب العبد وبعد بطولات كثيرة مع العمالقة السبعة الذين هم حراس قصر ملك الجن يعود العبد الاسود بابنة ملك الجان(سعاد)، ثم اخذها الحطاب للملك.
تتزوج ابن الملك سعاد ابنة ملك الجن، وعرف الملك ان الوزير حاك ضده كثيرا من المكائد وأراد الايقاع بالحطاب ، فأمر عملاقه المصارع ان يضعه في مقلاعة ويقذفه نحو الجبل، فتحطمت أضلاعه ومات، نصب الملك الحطاب كبيرا لوزرائه وسكن في قصر الوزير الخائن.
4754 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع