أ.د.أكرم عبدالرزاق المشهداني
قصّة ولادة ووفاة الرسول الاعظم في 12 ربيع الأول
في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول (الموافق 571 ميلادية) ولد محمد صلى الله عليه وسلم، وفي مثل هذا اليوم (الأثنين 12 ربيع الأول من عام 11 هجرية الموافق 20 نيسان سنة 632 ميلادية) توفي المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، وهذا على أرجح وأشهر الروايات التاريخية وكتب السيرة النبوية.
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم النبي الرسول الأميّ العظيم، الهادي للبشرية، مستحق التعظيم والتبجيل والصلوات عليه، لا تكفيه عشرات المجلدات لوصف سيرته العطرة من مولده إلى وفاته، مهما بذلنا من الجهد في ذلك، فقد كانت ولادته بشارة خير وهداية وفلاح للبشرية كلها وفخراً لأمة العرب التي شَرّفها الله تعالى باختيارها ليبعث خاتم الرسل وسيد الأنبياء أجمعين من بينها، كما إختار لغتها لتكون لغة أهل الجنة وليكون الكتاب المبين بهذه اللغة المباركة.
ولد الرسول الأعظم في بيت ومن بيت هو أشرف البيوت في قريش، وقد وقد روي الكثير عن منزلة ومكانة جد النبي صلى الله عليه وسلم عبد المطلب فهو سيد قريش وشريفهـا، وسادن البيت وحارس الحرم والمدافع عنه والمحافظ على مصالحه، ولأجل ذلك هيّأ الله له القيام بحفر بئر زمزم بعد أن دفنتها جُرْهُم . وكان أول ما بدأ به عبد المطلب من حفرها، أنه قال: إني لنائم في الحجر، إذ أتأني آتٍ (يقصد بالرؤيا)، فقال لي: احفر طيبة. قال قلت: وما طيبة ؟ قال: ثم ذهب عني. فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني مرة أخرى فقال: احفر برة. قال: فقلت: وما بُرّة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة. قال: فقلت: وما المضنونة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر زمزم، قال: قلت وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبداً ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل.. فلما بُيّن له شأنها ودلّه على موضعها وعرف أنه قد صُدِقَ، غدا ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره، إلى الحفر، ووجد قرية النمل ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين إساف ونائلة. فجاء بالمعول، وقام ليحفر حيث أمر، فقامت إليه قريش حين رأوا جدّه، وقالوا: والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما، فقال عبد المطلب لابنه الحارث: ذُدْ عنّي حتى أحفر، فو الله لأمضي لما أمِرتُ به. فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر، وكفوا عنه، ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج.
ولادة المصطفى:
ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجوف مكّة، وأن مولده كان عامَ الفيل، العام الذي حاول فيه جيش إبرهة هدم الكعبة، فأرسل الله عليهم طيراً أبابيل أهلكتهم ومنعتهم. ولد محمد بالشعب، وقيل بالدار التي عند الصفا. قال ابن إسحاق: (حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن يحيى بن عبدالله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصاري قال: حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال: والله إني لغلام يفعـة، وابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهودياً يصرخ بأعلى صوته على أطمـة بيثرب: يا معشر يهود! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك مالَكَ؟! قال :طلع الليلة نجـمُ أحمـد الذي ولد به، ومن المعلوم أن أصحاب الديانات السابقة وخاصة النصارى واليهود كانت كتبهم تبشر بمبعث نبي يدعى أحمد (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ {الصف/6}) صدق الله العظيم.
إرهاصات البعثة:
وقد روي في السير، أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، ولما ولدته أمه أرسلت إلى جـده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشراً ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له، واختار له اسم مُحَمّدْ – وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون. ومولده رحمة للبشرية فقد جعله الله رحمة للعالمين، وبه هدى الناس من الظلال والشرك إلى التوحيد والهداية.
قصة الوفاة:
قبل الوفاة كانت آخر حجة للنبي صلى الله عليه وسلم "حجة الوداع" وبينما هو هناك نزل عليه قول الله عز وجل:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) فبكى ابو بكر الصديق رضى الله عنه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك في الآية يا أبا بكر؟، فقال: ((هذا نعي رسول الله عليه الصلاة والسلام)).
ورجع الرسول من حجة الوداع وقبل الوفاة بتسعة ايام نزلت اخر آية في القرآن (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ). وبدأ الوجع يظهر على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لصحابته: (اريد ان ازور شهداء احد) فراح لشهداء أحد ووقف على قبور الشهداء وخاطبهم: (السلام عليكم يا شهداء احد انت السابقون ونحن ان شاء الله بكم لاحقون واني بكم ان شاء الله لاحق)... وهو راجع بكى الرسول فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله؟، قال: (اشتقت لأخواني)..
قالوا: (أَوَلَسْنا إخوانك يا رسول الله؟)، قال: ( لا بل انتم اصحابي.. اما اخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولا يروني)...
وقبل الوفاة بثلاث ايام بدأ الوجع يشتد عليه وكان ببيت السيدة ميمونة فقال: (اجمعوا زوجاتي) ... فجمعت زوجات الرسول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أتأذنون لي أن أمرض ببيت عائشة)، فقلن (آذنا لك يا رسول الله).. فأراد ان يقوم فما استطاع فجاء علي بن ابي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي فطلعوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة.
فالصحابة اول مرة يروا النبي محمول على الايادي فتجمع الصحابة وقالوا: مالِ رسول الله مالِ رسول الله .. وبدأت الناس تتجمع بالمسجد ويبدأ المسجد يمتلأ بالصحابة ويُحمل النبي إلى بيت عائشة رضي الله عنها، فيبدأ الرسول يعرق ويعرق ويعرق وتقول السيدة عائشة انا بعمري لم أرى انساناً يعرق هكذا..
تقول السيدة عائشة فأسمعه يقول: لا إله الا الله ان للموت لسكرات، لا إله إلا الله ... ان للموت لسكرات... فكثر اللغط أي بدأ الصوت داخل المسجد يعلو...فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا؟
فقالت عائشة: (ان الناس يخافون عليك يا رسول الله)...
فقال: (احملوني إليهم).. فاراد ان يقوم فما استطاع.. فصبوا عليه سبع قرب من الماء لكي يفيق فحمل النبي وصعد به الى المنبر.. فكانت اخر خطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. واخر كلمات لرسول الله صلى الله عليه وسلم واخر دعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم..
قال النبي : (ايها الناس كأنكم تخافون علي) ...
قالوا: (نعم يا رسول الله)..
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ايها الناس موعدكم معي ليس الدنيا موعدكم معي عند الحوض، والله ولكأني انظر اليه من مقامي هذا....
ايها الناس والله ما الفقر اخشى عليكم، ولكني اخشى عليكم الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما اهلكتهم)...
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ايها الناس الله الله بالصلاة... الله الله بالصلاة ) يعني حلفتكم بالله حافظوا على الصلاة، فظل يرددها ثم قال: (ايها الناس اتقوا الله في النساء اوصيكم بالنساء خيراً)...
ثم قال: (ايها الناس ان عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فأختار ما عند الله)... فما أحد منهم فهم من هو العبد الذي يقصده (إلا أبو بكر) فقد كان الرسول يقصد نفسه وان الله خيّره ...
وكان الصحابة معتادين عندما يتكلم الرسول يبقوا ساكتين كأن على رؤوسهم الطير... فلما سمع ابو بكر كلام الرسول فلم يتمالك نفسه فعلى نحيبه وفي وسط المسجد قاطع الرسول وبدأ يقول له: فديناك بآبائنا ... يا رسول الله ... فديناك بأمهاتنا يا رسول الله... فديناك بأولادنا يا رسول الله .. فديناك بأزواجنا يا رسول الله... فديناك بأموالنا يا رسول الله ).. ويردد ويردد فنظر الناس إلى ابو بكر شظراً (كيف يقاطع الرسول بخطبته، فقال الرسول: (ايها الناس فما منكم من احد كان له عندنا من فضل الا كافأناه به الا ابا بكر... فلم استطع مكافأته فتركت مكافأته إلى الله تعالى عز وجل.. كل الابواب إلى المسجد تسد إلا باب ابى بكر لا يسد ابداً).. ثم بدأ يدعو لهم ويقول اخر دعواته قبل الوفاة (حفظكم الله نصركم الله ثبتكم الله ايدكم الله حفظكم الله)..
واخر كلمة قبل ان ينزل عن المنبر موجهة للأمه من على منبره: (ايها الناس اقرءوا مني السلام علىَ من تبعني من امتي إلى يوم القيامة)..
وحُمل مرة اخرى إلى بيته، ودخل عليه وهو بالبيت عبد الرحمن ابن ابو بكر وكان بيده سواك فظل النبي ينظر إلى السواك، ولم يستطع ان يقول اريد السواك فقالت عائشة: فهمت من نظرات عينيه انه يريد السواك فأخذت السواك من يد أخي، فأستكتُ به (أي وضعته بفمها) لكي أليّنَه للنبي ..واعطيته اياه فكان آخر شي دخل إلى جوف النبي هو ريقي (ريق عائشة رضي الله عنها وأرضاها).. فتقول عائشة: (كان من فضل ربي عليّ انه جمع بين ريقي وريق النبي قبل ان يموت)..
ثم دخلت ابنته فاطمة سيدة نساء الجنة، فبكت عند دخولها. بكت لأنها كانت معتادة كلما دخلت على الرسول وقف وقبلها بين عينيها ولكنه لم يستطع الوقوف لها فقال لها الرسول: ادني مني يا فاطمة فهمس لها بأذنها فبكت.. ثم قال لها الرسول مرة ثانية: ادني مني يا فاطمة فهمس لها مرة اخرى بأذنها فضحكت ... فبعد وفاة الرسول سألوا فاطمة ماذا همس لك فبكيتي وماذا همس لك فضحكتي؟....
قالت فاطمة: لأول مرة قال لي يا فاطمة اني ميت الليلة. فبكيت!
ولما وجد بكائي رجع وقال لي: انت يا فاطمة أول أهلي لحاقاً بي. فضحكت!
فقال الرسول : اخرجوا مَن عندي بالبيت: وقال ادني مني يا عائشة ونام على صدر زوجته السيدة عائشة... فقالت السيدة عائشة: كان يرفع يده للسماء ويقول (بل الرفيق الاعلى بل الرفيق الأعلى..) فتعرف من خلال كلامه انه يُخّير بين حياة الدنيا او الرفيق الأعلى.. فدخل الملك جبريل على النبي وقال: ملك الموت بالباب ويستأذن ان يدخل عليك وما استأذن من احد قبلك فقال له (إإذن له يا جبريل..) ودخل ملك الموت وقال: السلام عليك يا رسول الله أرسلني الله اخيرك بين البقاء في الدنيا وبين ان تلحق بالله فقال النبي: بل الرفيق الاعلى بل الرفيق الاعلى(....
وقف ملك الموت عند رأس النبي (كما سيقف عند رأس كل واحد منا) وقال: (ايتها الروح الطيبة روح محمد ابن عبدالله اخرجي إلى رضا من الله ورضوان ورب راض غير غضبان)..
تقول السيدة عائشة: فسقطت يد النبي وثقل رأسه على صدري فقد علمت انه قد مات وتقول ما ادري ما افعل.. فما كان مني الا ان خرجت من حجرتي إلى المسجد حيث الصحابة وقلت: (مات رسول الله مات رسول الله مات رسول الله)..فأنفجر المسجد بالبكاء...وذهل الصحابة للخبر.. فهذا علي كرم الله وجهه أُقعد من هول الخبر... وهذا عثمان بن عفان كالصبي يأخذ بيده يميناً ويساراً... وهذا عمر بن الخطاب قال: اذا احد قال ان محمداً قد مات سأقطع راسه بسيفي... انما ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه...
ظل المسلمون على هذه الحالة يتمنون صدق كلام عمر، بأن محمداً ذاهب للقاء ربه وسيعود، حتى جاء أبو بكر الصديق ، ودخل مسرعًا إلى بيت رسول الله ، وبيت ابنته عائشة رضي الله عنها، فوجد رسول الله نائمًا على فراشه، وقد غطوا وجهه، فكشف عن وجهه، وفي لحظة أدرك الحقيقة المرة، لقد مات رسول الله فعلاً، بكى أبو بكر الصديق بكاءً مُرًّا، فالرسول كان بالنسبة له كل شيء، لم يكن رسولاً بالنسبة لأبي بكر فقط، ولكنه كان صاحباً، وموطن سرّ، ومبشراً، ومطمئناً، وزوجًا لابنته، ورئيسًا للدولة، وهاديًا لطريقه، ومع ذلك إلا أن الله أنزل على الصّدّيق ثباتًا عجيبًا، ولو لم يكن له من المواقف في الإسلام إلا هذا الموقف لكفَى دليلاً على عظمته، ولكن سبحان الله ما أكثر مواقف الصديق العظيمة!!..
لقد أكبَّ أبو بكر الصديق على حبيبه المصطفى ، فقبَّل جبهته، ثم قال -وهو يضع يديه على صدغي الرسول -: وانبياه، واخليلاه، واصفياه!! .. ثم تماسك قائلاً: بأبي أنت وأمي، طبت حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده، لا يذيقك الله الموتتين أبدًا، أما الموتة التي كتبت عليك فقد مُتَّها.
ثم أسرع أبو بكر الصديق خارجًا إلى الناس ليُسَكن من رَوْعهم، وليثبتهم في مصيبتهم، فوجد عمر يقول ما يقول بأن رسول الله لم يمت، فقال: اجلس يا عمر. لكن عمر من هول صدمة المصيبة، لم يكن يسمع شيئًا، فلقد فقد كل قدرة على التفكير، فتركه أبو بكر ، واتجه إلى الناس يخاطبهم، فخطب فيهم خطبته المشهورة الموفَّقة، التي تعتبر -على قصرها- من أهم الخطب في تاريخ البشرية، فقد ثبت الله بها أمة كادت أن تضل، وأوشكت أن تُفتن، قال الصديق في حزم بعد أن حمد الله وأثنى عليه: ألا من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. ثم قرأ الصديق في توفيق عجيب آية من آيات سورة آل عمران، تبصّر المسلمين بالحقيقة كاملة، وتعرفهم بما يجب عليهم فيها، قرأ الصديق : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية، حتى تلاها أبو بكر -مع أنها نزلت منذ أكثر من سبع سنوات- فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرًا من الناس إلا يتلوها.
لقد أدرك الناس ساعتها أن رسول الله قد مات، لقد أخرجت الآية الكريمة المسلمين من أوهام الأحلام إلى حقيقة الموت، يقول عمر بن الخطاب : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعُقِرْت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي قد مات. ما تحمل عمر العملاق المصيبة، فسقط مغشيًّا عليه، وارتفع البكاء في كل أنحاء المدينة المنورة.
السلام عليك يا سيدي يا رسول الله يوم ولدت، ويوم بعثت رحمة للعالمين، ويوم انتقلت للرفيق الأعلى...فقد أديت الأمانة، وبلغت الرسالة.. ونبشرك أنك تركت الدنيا ولم يكن عدد المسلمين يتعدى بضعة آلاف.. أما اليوم فقد انتشرت رسالتك في الكون كله وأمتك جاوزت المليار والنصف وأتباعك ومحبيك في ازدياد.. بُشراك يا رسول الله.. ونحن على عهدك ووعدك ورسالتك ماضون... حتى يأذن الله بالرحيل، وأملنا بالله رحمة الله، وشفاعتك لنا يا حبيبنا، وكل أملنا ورجائنا أن نلقاك عند حوض الكوثر في الفردوس.. وأنت بعد الله راض عنا يا رسول الله..
740 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع