سياسة أردوغان هي التي إغتالت الدبلوماسية وأنعشت التطرف

                                                      

                                 بقلم: سالم إيليا

عندما نأتي على ذكر تركيا الحديثة يُذكَر معها مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك (أبو الأتراك) الذي جهد بعد الحرب العالمية الأولى وبعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية وإستسلامها الى تحديث الأنظمة والقوانين للجمهورية التركية الفتية بحلتها ورقعتها الجغرافية الخالية من المستعمرات التي كانت تئن تحت وطأة الإستعمار العثماني وحيثُ بقي جاثماً على صدور شعوبها لأكثر من خمسمئة عام، لذا فقد أدرك هذا القائد العسكري أهمية موقع بلده الجغرافي الذي يربط ما بين الثقافات والأمم بتنوعها الأثني والديني، فعمل على تحديث تركيا بنظامها العلماني لتهيئتها للعب دوراً سياسياً دولياً كبيراً ما بين الشرق والغرب عبر بوابات عديدة، خاصة وأن تركيا بأراضيها المنقسمة بين القارتين الأوربية والأسيوية وطبيعة شعبها وتاريخه العميق يؤهلها للعب هذا الدور.

ولقد نجح أتاتورك في إقناع الدول الغربية عموماً بإصلاحاته الجذرية للمجتمع التركي وبتغييره له (ولو مرحلياً) من مجتمع منغلق الى آخر منفتح يتعايش مع الدول الأوربية على أساس المباديء الإنسانية المتعارف عليها دولياً، وذلك من خلال تشذيبه للقوانين القسرية التي كانت سائدة في زمن الإمبراطورية العثمانية، وتغييره لنظرة المجتمع من المرأة وتهذيبه للقوانين الوضعية المتخلفة والغاء الكثير منها، وفصله للشأن الديني ومستحقاته عن الشأن المجتمعي العام، وتحييده للمؤسسة العسكرية في الصراعات السياسية الداخلية ومنعه لأعضائها من ممارسة السياسة وتركيزهم فقط على مهنيتهم، وإنفتاحه على الحضارة الأوربية التي إنتهل من منهلها بصياغتهِ للدستور التركي على منوالها وحيثُ إقتبس من القانون الجنائي الإيطالي والقانون المدني السويسري معظم فقرات الدستور التركي.
وعلى الرغم من تمسك أتاتورك المطلق بالفكر الذي حدده الميثاق القومي التركي، إلاّ أنه بقي متمسكاً بالمعاهدات الدولية وأهمها معاهدة لوزان/1923م الموقعة بين تركيا من جهة ودول الحلفاء من الجهة الأخرى.
غير أن هذا الأمر لم يدم طويلاً بعد وفاة أتاتورك بعقيدته المؤمنة بمبدأ الحزب الواحد الذي كان يقود من خلاله البلد (1923ـ1938م)، فمرت تركيا بفوضى سياسية ما بين التمسك بالسياسة الأتاتوركية (الكمالية) وبين الدعوة الى كسر الإحتكار للسلطة من قبل (الحزب الواحد) وتوسيع قاعدة الديموقراطية بصعود أحزاب أخرى الى سدة الحكم، مما أدى الى عودة الجيش للتدخل بالسياسة من خلال الإنقلابات العسكرية للسيطرة على الوضع الداخلي المتردي، فزاد تدخل العسكر الأمر سوءاً بعدم إستقرار الوضع السياسي في ظل حكمهم.
ومن خلال هذا المخاض السياسي والضبابية السياسية التي بدأت بالزوال والوضوح بتوجهاتها أكثر مع بداية الثمانينات للقرن المنصرم برزت الأحزاب الدينية بتنظيماتها وأفكارها المتعددة التي لاقت المعارضة الشديدة من العلمانيين واليساريين وقادة الجيش، لكنها إستطاعت أن تتغلغل بأفكارها التي لم يتخلى عنها المجتمع التركي بشكلٍ كلّي ونهائي في مرحلة الإنفتاح الحضاري على الغرب بسبب تجذرها في داخله وحيثُ أصبحت جزءاً لا يتجزأ من موروثه القومي والمجتمعي بتفاصيله الحياتية، إضافة الى تمسكه المطلق بموروثه الديني ومعتقداته الدينية والتي جاءت في غالبيتها من التراكمات التاريخية لهيمنة الإمبراطورية العثمانية وحكمها السياسي وتسويقها لأعراف بعيدة كل البعد عن جوهر الدين لفرض سيطرتها السياسية على المستعمرات (وخاصة المستعمرات العربية) تحت يافطة الخلافة الإسلامية والبعيدة كل البعد عن الخلافة الإسلامية الحقيقية أبان فترة الخلفاء الراشدين!!!، وبعد أن فشلت في محاولاتها لإنعاش التوسع (الفتوحات) بإتجاه الغرب من خلال تلك الأفكار.
ففي عام 1997م تغيرت بوصلة القادة العسكر في تركيا (ربما بتوجيه خارجي!!) مئة وثمانين درجة من مضاد الى مؤيد للأحزاب الدينية والتي جاءت متزامنة مع التغيير الذي حصل لإستراتيجية الدول الغربية بمساندتها للأحزاب الدينية أيضاً في الدول الإسلامية للسيطرة على الحكم وبمختلف الوسائل المتاحة وإنتفاء حاجتها للدكتاتوريات العسكرية الفردية في غالبيتها والتي كانت تقف معها بوجه المد الشيوعي وتبديلها بدكتاتوريات كتلوية متطرفة من الأحزاب الدينية لحاجتها اليها لتنفيذ مخطط المرحلة المقبلة (عن طريق العصيان المدني ومن ثمّ إجراء الإنتخابات كما حصل في مصر وتونس وحتى تركيا أو عن طريق العصيان المسلح وبدعم جوي من حلف الناتو والولايات المتحدة كما حصل في ليبيا والعراق ويحصل الآن في سوريا) ولغاية مبيتة ستظهر نتائجها لاحقاً وحيثُ يظهر هذا التوجه جلياً بعد أن إنتهت هذه الدول (الغربية) من مهمتها في تحييد الأيديولوجية الشيوعية ومعسكرها الشرقي المتمثل بالإتحاد السوفيتي السابق ودول الكتلة الشيوعية الأخرى (نلاحظ وقوف الدول الغربية مع الحكومة العراقية المحسوبة على طائفة معينة ضد التنظيمات الدينية المتطرفة والمحسوبة على طائفة أخرى ودعمها للحكومة العراقية بالقصف الجوي لأماكن تواجد تلك التنظيمات وتبريرها لتشريد مئات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلك الطائفة والإنتهاكات الصارخة التي تحدث لهم، في حين تقف تلك الدول الغربية مع نفس التنظيمات المتطرفة في سوريا وإن إختلفت تسمياتها وتدعمها بنفس الطائرات التي تقصفهم بها في العراق ضد نظام الحكم السوري وتتباكى على تهجير المدنيين السوريين هنالك، وهذا الدليل كافي لتوضيح سياسة تلك الدول وغاياتها في المنطقة)!!.
ولو بحث المتابع السياسي لمراحل تشجيع الدول الغربية وبطريقة غير مباشرة لتطرف الأحزاب اليسارية (الشيوعية) بطريقة حكمها لمجتمعاتها وحيثُ أفضى في نهاية الأمر الى حالة الغليان الشعبي ضدها والإنقلاب عليها في ليلةٍ وضحاها دون تدخل فعلي (عسكري) من الدول الغربية لكن بدعم سياسي دولي تحت مسميات الديموقراطية للشعوب الثائرة، فإنه بكل تأكيد سيصل الى نتيجة حتمية من أن السيناريو يتكرر الآن مع الأحزاب الدينية في البلدان الإسلامية أو الحركات السلفية المتطرفة التي إستطاعت فرض إرادتها على مجتمعاتها بالدعوة الى إقناع المجتمع للرجوع الى عصر الخلافة الإسلامية تارة أو عن طريق فرض أفكارها الغريبة عن العصر بالقوة العسكرية والعقوبات التي تدعي بشرعيتها  تارة أخرى!!.
من بين كل هذه الأحداث ظهر رجب طيب أردوغان بحزبه السياسي ـ الديني في المنطقة الذي أطلق عليه "حزب العدالة والتنمية" المنشق عن "حزب الفضيلة الإسلامي" والذي سوق نفسه على أنه حزب إسلامي ـ علماني (لاحظوا التناقض) ساعياً بهذا الوصف للإنضمام الى الإتحاد الأوربي ومحاولاً إعطائه صبغة الإعتدال الديني ومشجعاً لرأسمالية السوق (التي تتناقض أيضاً مع المبادئ الدينية) وحيثُ وفرت له هذه الشعارات الغطاء الكافي للنمو المرحلي للإقتصاد التركي إضافة الى عوامل عديدة منها: إستغلاله لأزمة اللاجئين العراقيين والسوريين بشكلٍ بشع، وإبتزاز كابينته الحكومية للمنظمات الإنسانية الدولية ودول الإتحاد الأوربي لتقديم الأموال الطائلة لهم، وإلا فإن تركيا ستفتح الطريق للاجئين في الهجرة الغير شرعية والغير منظمة والتي يتسرب من خلالها الإرهابيين لتلك الدول لإرتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين، وما تهديد أردوغان الذي تناقلته وكالات الأنباء قبل أيام إلا تأكيداً لمنهجه هذا، والرابط أدناه يؤكد إنصياع الإتحاد الأوربي لتلك التهديدات بالموافقة على منح تركيا ثلاثة مليارات يورو (أي بحدود خمسة مليارات دولار أمريكي)، وهذا المبلغ يعادل ميزانية دولة صغيرة من دول العالم الثالث، فهل سيصرف أردوغان جميع هذا المبلغ على اللاجئين حقاً؟، أعتقد من أن الجواب ستجدونه عند اللاجئين الذين يفترشون العراء في المرتفعات الحدودية وحيثُ يعانون من زمهرير البرد شتاءاً:
http://aa.com.tr/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%A8%D8%B5%D8%AF%D8%AF-%D9%85%D9%86%D8%AD-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-3-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D9%8A%D9%88%D8%B1%D9%88-%D9%83%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D9%8A%D9%86/480868
كما وأنّ الإتحاد الأوربي وحسب البيانات والأخبار الواردة من داخل تركيا وخارجها يساهم بمنظماته الإنسانية الدولية بأغلب المساعدات على مدار السنة للاجئين لأهداف سياسية واضحة للجميع.
كذلك فإنّ إزدياد عمليات الهجرة الغير شرعية للاجئين من تركيا الى دول الإتحاد الأوربي في فترة حكم أردوغان أضعاف مضاعفة عما كانت عليه قبلها أدت الى إنتعاش سوق المافيات المحلية وأوجدت سوقاً أخرى في تسريب المتطرفين الى سوريا والعراق، وحيثُ نشطت مافيات التهريب بشتى الطرق وبتغاضي واضح من السلطات التركية وهي منظومة متكاملة تبدأ بالمهرب وتنتهي بخفر السواحل والجميع يبتز اللاجيء المسكين الذي تكلفه رحلة الموت هذه ما بين (16 ـ 19) الف دولار أمريكي للشخص الواحد للوصول الى محطته النهائية في إحدى دول اللجوء الأوربية أو عودته بتابوت الى بلده الأصلي، وهذا المردود المالي الغير منظور والمدوّر داخل الإقتصاد التركي قد أنعش السوق التركية، وهي أموال قادمة من خارج تركيا بواسطة اللاجئين الهاربين من جحيم الحروب الذين باعوا ممتلكاتهم وحاجياتهم الثمينة في بلدانهم ليرموا بثمنها بين أحضان المافيات التركية ولينعشوا الإقتصاد التركي على حساب مآسيهم، ناهيكم عن الأموال التي يصرفها اللاجئين الميسورين داخل تركيا لتغطية معيشتهم إضافة لإنعاشهم لسوق العقارات بشرائهم للبيوت والشقق السكنية، وهنا لا بد لي من التوقف وتحذير من له عقار في تركيا والتفكير من تغيير أردوغان لسياساته كما أوضحنا في ليلةٍ وضحاها فيشمل تلك العقارات بسياسته المتذبذبة ويخسر مالكيها أموالهم!!!.
لقد شبه بعض المحللين السياسيين أردوغان بأتاتورك وبتسويق واضح من دول لها تأثير واضح في رسم سياسة هذا البلد خدمة لمصالحها الإستراتيجية في المنطقة، وفي رأيي فإن هذا التشبيه غير وارد للأسباب التي سأذكرها ومنها: أولاً على الرغم من تشابه الزعيمين أتاتورك وأردوغان بإيمانهما المطلق بالهوية القومية لتركيا والسعي لإعادة مجدها، لكن أتاتورك جمح لجام مشاعره بإحترامه للإتفاقيات الدولية كما أسلفنا، أما أردوغان فقد أعلن مراراً بالتصريحات وبشكل فعلي وعملي عدم إحترامه وإعترافه لتلك الإتفاقيات (التدخل السياسي في شؤون دول الجوار الذي أعقبه التدخل العسكري المباشر بإحتلال الجيش التركي لمساحات واسعة من العراق وسوريا وبذرائع واهية فندناها في مقالات سابقة، لا بل إعلانه بصراحة عن أطماعه لعودة النفوذ الإستعماري العثماني للمنطقة).
ثانياً: إن سلوك أردوغان المتشبع بالتراث الديني (وليس جوهر الدين) وظهوره على المسرح السياسي من خلال الأحزاب الدينية التي إنتمى اليها يبعده عن التشبه بأتاتورك الذي قاد التيار العلماني التركي وحيّد الشأن الديني في المجتمع وعلى العكس من أردوغان الذي شجعت سياسته المؤيدة لعودة الإسلام السياسي الى تنامي المشاعر الدينية المتطرفة ككتل وأحزاب أو بشكل فردي وحيثُ كان من نتائجها تأثر المنظومة العسكرية والأمنية بها بشكل واضح (تسويق فكرة الإنقلاب المزعوم وإتهام الداعية الديني فتح الله غولن بأنه كان وراء محاولة الإنقلاب الذي أعطى المبرر والغطاء القانوني لأردوغان بإزاحة عشرات الآلاف من عناصر الجيش وقادته وزجهم في السجون وفصل أكثر من 2700 قاضي في منظومة القضاء والقضاء الأعلى من وظائفهم خلال الساعات القليلة التي أعقبت السيطرة على الإنقلاب المزعوم، وحيثُ كان واضحاً من أن الأمر ربما كان جاهزاً ومرتباً وبالأسماء لعزل المناوئين لسياسة أردوغان، وحيثُ وضعت عملية تنظيف المؤسستين العسكرية والقضائية بهذه السرعة الف علامة إستفهام على حقيقة الإنقلاب من عدمها، كذلك فإنّ إغتيال السفير الروسي بالطريقة التي حدثت يعطي الدليل القاطع على إختراق المنظومة الأمنية من قبل العناصر الدينية المتطرفة التي تمتعت بحرية الحركة والتنظيم في فترة حكم أردوغان).
ولنبدأ من حيثُ بدأ أردوغان بتسويق نفسه (إعلامياً) في تركيا والدول العربية بشكلٍ خاص ودول العالم الإسلامي بشكلٍ عام تمهيداً لتنفيذ طموحاته بعودة الإمبراطورية البائدة تحت مظلة الخلافة الإسلامية وبقيادته!!.
ففي الرابط أدناه الذي عرضته قناة الجزيرة القطرية وتناقلته جميع وسائل الإعلام العالمية الذي يبين معارضة أردوغان لكلمة شمعون بيريز في مؤتمر دافوس الإقتصادي/2009م ومقاطعته للمؤتمر والذي جعل منه البطل السياسي في العالم العربي والإسلامي في دقائق معدودة وحيثُ عجز هو أو غيره من السياسيين في تحقيقه بعشرات السنين بالطرق الإعلامية الكلاسيكية، لكنه حققه بلمح البصر بمداعبته لعواطف عشرات الملايين ولعلمه بسايكولوجية المجتمعات التي لعب على أوتار عواطفها، فعُلِّقَت صوره على واجهات المركبات والمحلات التجارية وتصدرت صوره جميع الفضائيات ووسائل الإعلام لأسابيع وخرجت التظاهرات في شتى الدول الإسلامية تُمَجد فعله البطولي!!!، وهذه الطريقة التسويقية (المخابراتية) مكشوفة للمتخصصين بالشؤون السياسية، لكنها تفعل فعلها الساحر حتى على المعارضين في تلك الدول:
https://www.youtube.com/watch?v=ZiYZAO_J5k4
ولنقف قليلاً عند تاريخ العلاقات التركية ـ الإسرائيلية وموقف أردوغان وحزبه (الإسلامي) منها وكيفية إستغلاله لها لتنفيذ طموحاته الشخصية وسياسة حزبه المتقلبة!!.
وسأنقل أدناه النص الحرفي لِما جاء في ويكيبيديا عن تاريخ العلاقات التركية ـ الإسرائيلية لكي تكون المدخل الى جوهر هذا الموضوع:
"العلاقات الإسرائيلية التركية، هي العلاقات بين إسرائيل وتركيا والتي تأسست في آذار/مارس 1949 عندما أصبحت تركيا ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة (بعد إيران عام 1948)، تعترف بدولة إسرائيل. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت إسرائيل هي المورد الرئيسي للسلاح لتركيا. وحققت حكومة البلدين تعاوناً مهماً في المجالات العسكرية، الدبلوماسية، الإستراتيجية، كما يتفق البلدان حول الكثير من الإهتمامات المشتركة والقضايا التي تخص الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، يعاني الحوار الدبلوماسي بين البلدين الكثير من التوترات، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الهجوم على غزة 2009. وصرح السفير الإسرائيلي گابي ليفي بأن العلاقات بين البلدين سوف تعود الى مسارها الطبيعي في أقصر وقت"، إنتهى الإقتباس من موقع ويكيبيديا.
ثم يضيف "موقع ويكيبيديا" بالقول:
كما يوجد مستشارون عسكريون إسرائيليون في القوات المسلحة التركية، وتشتري جمهورية تركيا من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم إسرائيل بتحديث دبابات وطائرات تركية. ومنذ 1 كانون الثاني/يناير 2000، أصبحت اتفاقية التجارة الحرة الإسرائيلية التركية سارية، هذا ما جاء ذكره أيضاً في الموقع المذكور.
 وليسمح لي القاريء الكريم بجلب إنتباهه الى بعض مما ورد في هذا الوصف للعلاقات بين إسرائيل ودولتين إسلاميتين لهما حجمهما وثقلهما في العالم الإسلامي، وحيثُ يُعتبر البلدان اللاعبان الأساسيان في الساحتين العراقية والسورية بشكلٍ خاص وفي المنطقة بشكلٍ عام والذي أدى تدخلهما الى تدمير العراق وسوريا والمنطقة لمصلحتيهما:
أولاً: إعتراف إيران وتركيا المبكر بإسرائيل (عامي 1948 و1949) على التوالي جاء في الوقت الذي لم تجف فيه بعد دماء مذبحة "دير ياسين" وفي الوقت الذي لم تتجرأ فيه معظم الدول الأوربية للإعتراف بإسرائيل!!!، ناهيكم من أن هذا الإعتراف لدولتين لهما ثقلهما لطائفتيهما الإسلاميتين الرئيسيتين قد أعطى الشرعية المبكرة لدولة إسرائيل!!!، كما وأعطى الضوء الأخضر لجميع الدول للحذو حذوهما، وهذا دليل كافي للذين أعمتهم بصيرتهم في دعم توجهات البلدين للتدخل في الشأن العراقي، وحيثُ بات واضحاً من أنهما تبحثان عن مصلحتيهما بغض النظر عن إنتمائهما الديني!!!، ولا علاقة لهما بما يصيب المسلمين وحتى "بيت المقدس" بقدر ما يتعلق الأمر بمصلحتيهما!!!.
ثانيا: منذ إعتراف تركيا المبكر بإسرائيل أصبحت الأخيرة (أي إسرائيل) المورّد الرئيسي للسلاح لتركيا، أي بمعنى أصح من أن جزء مهم من ميزانية إسرائيل في ذلك الوقت كانت تأتي من عمولتها من توريد الأسلحة الى تركيا!!، وهنا يجب التوقف وطرح السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه: لماذا لم تستورد تركيا سلاحها من المنشأ مباشرة دون تدخل الوسيط الإسرائيلي لتوفير المبالغ الطائلة التي كانت تدفعها كعمولة لإسرائيل؟؟؟!!!، خاصة وأن الأخيرة لم تكن في ذلك الوقت مصنعة للأسلحة؟!!!!.
ثالثاً: من خلال ما ذكره موقع ويكيبيديا فأن تركيا وإسرائيل قد حققتا تعاوناً مهماً إستراتيجياً، عسكرياً، دبلوماسياً، مناورات عسكرية مشتركة، شراء الأسلحة، تحديث السلاح التركي بخبرة إسرائيلية، وجود مستشارين إسرائيلين في الجيش التركي، إتفاقية التجارة الحرّة بين البلدين (والتي تم التوقيع عليها سنة 2000م)، أي عملياً هما دولة واحدة!!!، وعلاقاتهما أقرب من علاقة ربما أمريكا مع إسرائيل!!، وبإلإضافة لما ذكره موقع ويكيبيديا سأورد لاحقاً بعض الحقائق المدعومة بالتصريحات لإستمرار التعاون التركي ـ الإسرائيلي وبأعلى مستوياته وفي زمن أردوغان وبالأدلة، وبإستطاعة كل من يشكك بهذا التعاون أن يبحث بنفسه في "جوجول" عن "تاريخ العلاقات الإسرائيلية التركية" فسيقرأ العجب العجاب عنها، إذن لماذا نلعن أمريكا دائماً لدعمها لإسرائيل ونصفق لتركيا!!!.
رابعاً: تصريح السفير الإسرائيلي "گابي ليفي" في تركيا بعد توتر العلاقات بن البلدين على خلفية تصريحات أردوغان في مؤتمر "دافوس الإقتصادي" وكون السفير هو الأقرب الى دهاليز المسؤولين الأتراك وتطميناتهم له دَفعهُ للقول: "بأن العلاقات بين البلدين سوف تعود الى مسارها الطبيعي في أقصر وقت"، وهذا التصريح ما هو إلا إعتراف من أن جعجعات أردوغان ما هي إلاّ "فلم هندي" متفق عليه لتسويق سياسة أردوغان وإيهام العرب والمسلمين بشكلٍ عامٍ والتلاعب بعواطفهم ومشاعرهم وليحقق طموحه بعودة الإمبراطورية العثمانية بقيادته، وبالفعل لم تتأثر العلاقات بين البلدين وحسب المعطيات على أرض الواقع وكما سأبينهاً.
وسأعرض في الروابط أدناه العلاقة الصميمية والإستراتيجية لأردوغان وحكومته مع إسرائيل (التي إستقيتها من مصادر مختلفة بإتجاهاتها الفكرية وتوجهاتها السياسية المختلفة ومقدار تأييدها لسياسة أردوغان أو رفضها لها) ، لأضع أمام القاريء الكريم الصورة بشكلٍ واضحٍ دون ترك مجالاً للتأويلات:
في الرابط الأول أدناه سأضع بين علامتي التنصيص نص ما نشره موقع "صوت اليسار العراقي" نقلاً عن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، حيث ذكر التقرير تحت عنوان (إسرائيل تنشر فضيحة تهز عرش أردوغان) جاء فيه ما يلي:" هزت فضيحة جديدة عرش حكومة اردوغان في تركيا، وكشفت النقاب عن الوجه الحقيقي للأخير، وكيف كان يصعد هجومه الاعلامي على “اسرائيل” عقب احداث سفينة مرمرة وسقوط عدد من الشهداء الاتراك، فيما كان ابنه يفاوض ويعقد صفقات متتالية مع “تل أبيب”، لم تنقطع حتى في عز ما سمي “ازمة علاقات تركية اسرائيلية”. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية الصادرة اليوم النقاب عن مواصلة نجل رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان عقد الصفقات التجارية مع “إسرائيل” خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، حين كانت العلاقات بين أنقرة “تل أبيب” في الحضيض. ونقلت الصحيفة عن أعضاء في المعارضة التركية، أن “إبن اردوغان، احمد براق اردوغان هو أحد أصحاب شركة MB للنقل البحري التي تملك سفينتين تجاريتين: “سفران 1 “و “سكريا”، كاشفة أن سجلات سلطة الموانىء في تركيا، أظهرت أن السفينة الاولى (سفران 1 أبحرت عدة مرات بين موانىء تركيا وموانئ “إسرائيل” ونقلت البضائع ذهاباً واياباً" ـ ـ إنتهى الإقتباس، وليس لدي أي تعليق عليه فقط أريد أن أشير بأن التقرير يذكر في نهايته من أزدهار العلاقات التجارية بين إسرائيل وتركيا في زمن أردوغان حتى بلغت أربعة مليارات دولار أمريكي سنوياً!!، أي إرتفاع بنسبة 30%!!!، ومن يرغب في الإطلاع على كامل التقرير فما عليه إلاّ الذهاب الى الرابط أدناه:
http://saotaliassar.org/02AP012013/ArdoganIsraiel02.htm
وفي الرابط الثاني لموقع آر تي (RT) أدناه يصرح أردوغان قائلاً وعلى ذمة الخبر: "في أول حديث له مع وسائل إعلام إسرائيلية، منذ 13 عاما، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن الوقت حان لطي ملف الماضي وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا. جاء ذلك في حديث للقناة الإسرائيلية الثانية، الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني.وقال أردوغان بأن أحداث السفينة مرمرة لا تزال تخيم على هذه العلاقات، مضيفا أنه لا يصدق أقوال ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي الذين قالوا إنهم قد بذلوا كل جهد مستطاع لتفادي أعمال العنف في هذا الحادث.وذكّر بمقتل عشرة مواطنين أتراك خلال العملية العسكرية على السفينة" ـ ـ إنتهى الإقتباس.
المصدر: موقع عربيل
ياسين بوتيتي
ومن يرغب من القرّاء الكرام مشاهدة كامل اللقاء لحديث أردوغان للقناة الإسرائيلية الثانية والذي إتهمته فيه بعض وسائل الإعلام العربية بالتهرب من التمسك "بإسلامية القدس"، فما عليه إلا أن يبحث في اليوتوب عن اللقاء كاملاً، وللتأكد مما جاء في التقرير فسيجده على الرابط أدناه:
https://arabic.rt.com/news/850608-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%82%D8%AA-%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/
أما الرابط الثالث لموقع قناة الجزيرة التي يتكلم عن إعادة حكومة أردوغان لعلاقاتها مع إسرائيل وروسيا بغض النظر عن رفع الحصار عن غزة:
والذي جاء فيه: "وصف مسؤول تركي بارز الاتفاق بأنه (انتصار دبلوماسي) لتركيا، رغم أن إسرائيل لم توافق على رفع الحصار المفروض على غزة، وهو من شروط أنقرة الأخرى" ـ ـ إنتهى الإقتباس.
أدناه كامل التقرير على موقع قناة الجزيرة:
http://www.aljazeera.net/news/international/2016/6/27/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7
أما الرابط الرابع والأهم من كل الروابط السابقة والذي عرض فيه موقع "عربي 21" الألكتروني تقريراً يبين تبريرات أردوغان لإعادة العلاقات مع إسرائيل والذي يعتبره إنتصاراً لوعد إسرائيل بتنفيذ شروطه الثلاثة وكما أوردها بالنص أدناه: "أشار إلى أنه كانت هناك مبادرات، عقب الحادثة، من جانب العديد من الأطراف، وعلى رأسها الولايات المتحدة، من أجل تسوية القضية، مؤكداً أنه " من البداية إنه يجب تحقيق ثلاثة شروط من أجل تسوية العلاقات مع إسرائيل. وهو ما قلته عندما كنت رئيساً للوزراء ورئيساً للجمهورية".
وأوضح أن الشرط الأول كان أن تقدم إسرائيل اعتذارا رسميا لتركيا، مشيرا إلى أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي قدم شخصيّا هذا الاعتذار لي، وشهد على ذلك الرئيس الأمريكي،باراك أوباما، عام 2013".
ولفت إلى أن الشرط الثاني كان "دفع إسرائيل تعويضات لذوي الأبرياء الذين استشهدوا في حادثة مافي مرمرة، وهذا الشرط، الذي تم التوافق عليه مبدئيا، وتحقق بعد التأكيد على أن مبلغ التعويضات هو 20 مليون دولار"، موضحًا أن إسرائيل ستدفع مبلغ مليوني دولار لحساب يفتح في المصرف عن كل شهيد.
أما الشرط الثالث، فتمثل في رفع الحصار عن غزة لتحسين ظروف معيشة الفلسطينيين المقيمين في القطاع، والذي كان غاية شهداء "مافي مرمرة"، الذين بذلوا أرواحهم لأجله، بحسب الرئيس التركي" ـ ـ إنتهى الإقتباس.
وحيثُ أتمنى على القرّاء الكرام الدخول الى الرابط أدناه لقراءة كامل التقرير لأهميته وحيثُ يتعذر نشره كاملاً لإختصار المقالة قدر الإمكان:
http://arabi21.com/story/917781/%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D8%B1-%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7
ومما يؤسف له ما ذكره التقرير من أن "حماس" شكرت أردوغان على جهوده!!!،ولا أعلم على ماذا شكرته!!، وكأن هدف الصراع العربي والإسلامي ـ الإسرائيلي يتوقف على رفع الحصار عن غزة!!، (عفرم أردوغان لقد جئت بالسبع من ذيله)!!، وماذا عن الأراضي المغتصبة وهي جوهر الصراع ـ ـ وماذا عن بناء المستعمرات؟؟!!، وماذا عن شعار "إسلامية القدس" الذي رفعتَهُ والذي أوصلك الى رئاسة الجمهورية التركية؟؟!!، وهذا ليس كلامي، لكن كلام الذين إستشهدوا من الفلسطينيين، وكلامك أنت أيضاً يا أردوغان في الإنتخابات.
والرابط الخامس لرئيس تحرير "رأي اليوم" الألكترونية الصحفي الفلسطيني المعروف بتوجهاته القومية عبدالباري عطوان والذي لاأعتقد سيكذبه ممن لا تزال لديهم الشكوك من مناصري أردوغان وسياسته، والمقالة جديرة بالقراءة والتأمل لما فيها من لوعة والم وخذلان أردوغان للملايين التي صدقته، فقد ذكر عبدالباري عطوان في مقالته:
 "لا نعرف لماذا انتقل الرئيس اردوغان من النقيض الى النقيض، وبات حريصا على إقامة علاقات استراتيجية مع عدو يحتل الأراضي الفلسطينية، ويستمر في تشديد الحصار على قطاع غزة، ويمارس الاعدامات الميدانية ضد الشباب الفلسطيني لممارسة حقه في المقاومة السلمية المشروعة، ويمنع الآذان من مساجد القدس المحتلة، وعلى رأسها المسجد الاقصى" ـ ـ إنتهى الإقتباس، ومن الممكن قراءة المقالة على الرابط أدناه:
http://www.raialyoum.com/?p=567691
وسأختتم الروابط في سياق العلاقات الإسرائيلية ـ التركية وتطورها في فترة حكم أردوغان  لبيان الصداقة (الحميمية) بين أردوغان والقادة الإسرائيلين من خلال وقوفه معهم ووضعه لكل إمكانيات تركيا تحت تصرفهم في إطار المساعدة في إطفاء الحرائق التي إندلعت في إسرائيل، وقوله للرئيس الإسرائيلي خلال المكالمة الهاتفية بينهما وعلى ذمة الخبر المنشور على الرابط أدناه في "سكاي نيوز" قائلاً:" بمجرد أن علمتُ بخبر النيران التي تلتهم المحميات الطبيعية والغابات الإسرائيلية، قررت إرسال الدعم والمساعدة"، ـ ـ إنتهى الإقتباس، وسؤالي هل يوجد إخلاص بين صديقين أكثر من هذا الإخلاص وحيثُ طبق أردوغان مقولة "عند الشدائد يعرف الأصدقاء"، الرابط أدناه يبين ما دار من حديث بين الصديقين!!:
http://www.skynewsarabia.com/web/article/896351/%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%94%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%95%D8%AE%D9%85%D8%A7%D8%AF-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%82%D9%87%D8%A7
  ولكي لا يتهمني البعض من أنني ضد السلام مع إسرائيل ـ ـ أقول أنا أول الأشخاص مع السلام في إطار التعايش السلمي والعادل بين الطرفين ومع السلام بين كل شعوب الأرض، لكنني إخاطب أغلب السياسيين العراقيين وخاصة الذين يرفضون مبدأ التطبيع أو حتى اللقاءات الجانبية مع الشخصيات الإسرائيلية المعتدلة لمصلحة بلدهم العراق وينتفضون غضباً عند سماعهم وجود محاولات في هذا الإطار، لا بل يضربون ويهينون كل من تجرأ بوضوح وصراحة وبشكل علني لا سرّي على حضور مؤتمر عالمي سلمي في إسرائيل (هذا ما حدث للنائب البرلماني السابق مثال الآلوسي)، لكن ليس لديهم مشكلة بمعاضدة أردوغان ودعوته الى إحتلال جزء من أراضيهم قرب بعشيقة ويضعون يدهم بيده التي وضعها بيد أعلى القيادات الإسرائيلية والمتفق معها إستراتيجياً كما هو واضح، ولا أعلم لماذا يكره هؤلاء السياسيين السلام والخير لبلدهم العراق عندما يأتي ذكر التطبيع مع إسرائيل، لكنهم في ذات الوقت يحزمون حقائبهم فرحاً للذهاب الى تركيا والأردن وقطر ومصر وإيران لعقد مؤتمراتهم هنالك ومصافحة مسؤولي تلك البلدان الذين وضعوا أيديهم بأيدي المسؤولين الإسرائيليين لمصلحة بلدانهم وحيثُ يمارسون النفاق السياسي معها ويسمحون لها بالتدخل في الشأن العراقي ويستلمون أوامرهم من قادتها، حتى وصل في البعض من القادة العرب في وصف العلاقة مع الإسرائيليين مثل القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والملك الأردني الراحل الحسين بن طلال سليل العائلة الهاشمية بنعت القادة الإسرائيليين "بأولاد العم" إذن أين تكمن مشكلة التطبيع؟!!، ولماذا يكون التطبيع والسلام مع إسرائيل حلالاً على كل الدول العربية ومن بينهم أصحاب الشأن الفلسطينيين ويحرّم على العراق حصراً من قبل بعض المنافقين السياسيين العراقيين الذين لا يروق لهم رؤية العراق معافى والمسيّرين بأجندات خارجية من الدول الإقليمية؟!!.         
وأما ملابسات حادث إغتيال السفير الروسي ودوافع القاتل ومن يقف خلفها؟، والأسئلة التي تحوم حولها، وهل أن القاتل كما إدعت السلطات التركية من أنه كان من عناصر الشرطة المحلية إستغل هويته الأمنية للعبور من خلال العناصر الأمنية المكلفة بحماية السفير أم (ربما) هو العنصر الرئيسي أو الوحيد المكلّف بالحماية الشخصية للسفير فغدره بإطلاق رصاصات إخترقت جسده واردته قتيلاً في الحال؟!!، ولماذا فبركت السلطات التركية هذه القصة؟، وهل فعلتها بالإتفاق مع الحكومة الروسية لتجاوز الإحراجات بعد الإنفتاح الذي حصل بين الدولتين على خلفية إسقاط الطائرة الروسية الحربية ومقتل طاقمها؟، وهل عملية قتل السفير جاءت بتخطيط من مخابرات دولية (لفركشة) التقارب الثلاثي التركي ـ الروسي ـ الإيراني المتمثل بالإجتماع الوزاري الثلاثي الذي كان مقرراً له بالإنعقاد في موسكو في اليوم التالي لمقتل السفير؟، وحيثُ فوت المجتمعون الفرصة على المخططين بإصرارهم على عقد الإجتماع  في المكان والزمان المحددين دون تأجيله على الرغم من هول ما حدث!!، وهل صدقت السلطات التركية بإدعائها من إصرار القاتل على الإعتصام داخل المبنى ورفضه تسليم نفسه إلا ميتاً؟!!، علماً بان القاتل كانت لديه فرصة البقاء حياً في السجن لعدم وجود عقوبة الإعدام في تركيا!!، أم جاءت الأوامر بقتله لغلق القضية ومحاصرة تداعياتها بالإتفاق مع روسيا ولتفويت الفرصة على (المخططين) من تنفيذ أهدافهم؟، في حين كان من الضروري منطقياً الإبقاء على حياة القاتل بأي طريقة ممكنة خاصة وإن عتاد مسدسه وما كان يحمله معه كخزين كان على وشك النفاذ مما سيسهل القاء القبض عليه حياً لمعرفة إرتباطاته والتنظيم الذي ينتمي اليه، وهل هنالك عناصر أخرى في الشرطة متورطة في هذه العملية؟!!، ومن هي الجهة التي تقف خلفهم؟!!، هذا فيما إذا كانت حكومة أردوغان جادة لمعرفة خيوط العملية!!، وجادة أيضاً في تنظيف منظومتها الأمنية من المتطرفين!!، فهل جاء قرار قتل (قاتل) السفير بأمر تركي فقط للتخلص من الإحراجات والمفاجئات أمام لجنة التحقيق المشتركة الروسية ـ التركية؟!!، أم أنه جاء بأمر مشترك روسي ـ تركي لغلق القضية والتضحية بدم السفير إكراماً لمصلحة روسيا العليا في كسب تركيا الى جانبها بعد تغيير أردوغان لخط سياسته مئة وثمانين درجة بالإتجاه المعاكس وبعد أن يأس من قبول الإتحاد الأوربي لتركيا كعضو فيه؟!!، وبعد أن تركه حلفائه الغربيين في مواجهة الدب الروسي لوحده؟!!، وهل أنّ تصريحات أردوغان بشأن إتهامه لقوات التحالف الدولي علناً بمساعدة داعش ماهو إلا إستباق سياسي للأخبار المتسربة لقرب إتهامهم له بتورطه في مساعدة داعش محاولاً أن "يتغدى بهم قبل أن يتعشوا هم به" مثلما يقول المثل الشعبي؟!!، ومهدداً إياهم من "إنّ الحال من بعضوا" كما يقول المثل الشعبي المصري، وحيث يؤكد إشتراك جميع الأطراف في مساعدة داعش كلاً حسب أجندتهِ، فكل هذه التساؤلات سنطرحها على طاولة التحليل محاولين دعمها بالأدلة المتوفرة.
الرابط أدناه يعرض إتهام أردوغان لأمريكا وقوات التحالف الدولي بمساعدة داعش:
 http://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/27642-2016-12-27-22-30-55.html
إنّ تخبّط أردوغان بين مراكز القوى العالمية سيوصله الى نهايته المأساوية المحتومة، فهو مهما علا فسوف لن يكون إلاّ زرزوراً بين الصقور التي تحوم في أجواء المنطقة الساخنة.
ومن الجدير بالتنويه اليه خذلان أردوغان للبلدان العربية (قطر والسعودية) التي ساندته ووقفت معه في حرب سوريا، ثمّ تركها لوحدها بعد إتفاقه مع روسيا وتخليه عن المجموعات المسلحة التي كان يساندها فتركها لمصيرها المحتوم.
وهنا يجب التوقف قليلاً لتذكير أردوغان بتحذير الرئيس الروسي "بوتين" له خلال فترة تردي العلاقات بين البلدين حيثُ خاطبه قائلاً "لا تلعب بالنار" ورد عليه أردوغان بنفس المقولة!!، لكن من خلال ما يجري في تركيا من أعمال إرهابية تذكرنا بتنبيه العراقيين لبشار الأسد بعد 2003م بان "لا يلعب بالنار" ويشجع إرسال المرتزقة المتطرفين للقيام بأعمال إرهابية داخل العراق بدعوة مقاومة المحتل والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين العراقيين المدنيين الإبرياء، وحيثُ تصور دكتاتور سوريا بشار الأسد من أن منظومته الأمنية القوية قادرة على الإحتفاظ بتلك الجماعات المتطرفة تحت السيطرة وتوجيهها حسب رغباتهم وأهدافهم، لكنه تفاجئ بإنقلابهم عليه في ليلة وضحاها، وها هي نتيجة مخططاته واضحة من خلال الدمار الكامل لسوريا وملايين المهجرين مع مئات الآلاف من القتلى، وما حصل لبشار الأسد سيحصل لأردوغان التي بدأت ملامح الكارثة المرتقبة بالظهور من خلال العمليات الإرهابية الأخيرة وفقدان السيطرة على المجموعات المتطرفة التي سمحت سياسة أردوغان بدعوتهم وتشجيعهم للمرور عبر تركيا الى كلٍ من سوريا والعراق، لكن الكثير منهم بقي في تركيا لتأسيس منظومات متكاملة من المتطرفين في الداخل وحيثُ يُصعب السيطرة عليهم ومراقبتهم لكون تركيا بلد ذو مساحة شاسعة وحدود متنوعة وحرّة ما بين البحرية والبرية والمرتبطة بعدة بلدان أوربية وأسيوية، وقد صدق قول الرئيس الروسي "بوتين" حينما خاطب أردوغان في إحدى تصريحاته الصحفية قائلاً من إن المتطرفين ما هم إلا جماعات مغرر بهم تحت غطاء ديني تقودهم منظمة  للمرتزقة يذهبون مع الذي يدفع لهم أكثر!!!.          
وبالعودة الى حادث إغتيال السفير الروسي نلاحظ من خلال الفيديو النادر في الرابط أدناه الطريقة المتمرسة الفنية والمهنية (Professional) في تصويب القاتل لمسدسه على السفير وعلى الحضور فيما بعد لتخويفهم، ومحاولته إختيار المكان المناسب لإطلاق رصاصاته دون إصابة أشخاص آخرين!!، وإختياره لموقع الرمي بزاوية حادة وهو الأصعب في التنفيذ!!، لكنه الأئمن لضمان عدم إصابة أشخاص آخرين!!، كل تلك الملاحظات تعطي الإنطباع المؤكد من أن القاتل هو عنصر مدرب تدريب عالي المستوى للحمايات الشخصية وليس عنصر أمني عادي!!، وبقائه على المنصة خلف السفير لفترة طويلة قبل إطلاق النار وحريته بالحركة لإختيار موضع الرمي وعدم ظهور من يسائله من عناصر الأمن الآخرين المكلفين بحماية السفير (إن وجدوا) عن سبب تواجده خلف السفير وعدم ظهور أي رجل أمن آخر، كل علامات الإستفهام هذه تعطي الدليل القاطع على أنه (ربما) كان هو الشخص المكلف بحماية السفير رسمياً وليس كما إدعت السلطات التركية من أنّ القاتل كان عنصر أمني مندس!!، لكن إنكار السلطات لذلك يعفيهم من أن توجه أصابع الإتهام الى منظومتهم الأمنية الخاصة جداً والمكلفة بحماية الشخصيات المهمة الوطنية والأجنبية بكونها مخترقة من قبل المتطرفين، وحيثُ تفقد عندها الهيئات الدبلوماسية والشخصيات المهمة الوطنية والأجنبية المتواجدة على الأرض التركية ثقتها بمنظومة وطاقم الحماية المكلّف من قِبَل الحكومة التركية لحمايتها.
الرابط أدناه يضع الشكوك من أن القاتل (ربما) كان مكلّف بحماية السفير وليس كما أدعت الحكومة التركية لاحقاً بأنه شرطي تسلل بلباس وهوية رجال الأمن المكلفين بالحماية:
https://www.youtube.com/watch?v=17a37Q0ANuQ
وعليه فإنني أعتقد بعد مشاهدتنا للفيديو من أننا قد وصلنا الى قناعة من أنه ربما كان (الحامي هو الحرامي) أي ربما العنصر المكلّف بالحماية قد نكث قسمه على كتاب الله في الإخلاص لمهنته وغدر بمن أمّنه على حياته وأعطاه ظهره مطمئناً ومعتقداً من أنّ الذي عهد له بحمايته يخاف الله ولا ينكث بقسمه به حتى على قاتل أبيه (وهو الذي إدعى بخطبته القصيرة من أنه ما فعلها إلا إرضاءاً لإيمانه بالجهاد في سبيل الله)!!.
فما هو رأي المدافعين عن التواجد التركي داخل العراق؟، وما هو رأي الذين يعتقدون من أنّ أردوغان نصير الطائفة أو المذهب بعد أن تبين وبشكل واضح علاقته الإستراتيجية مع إسرائيل وتغيير سياسته في لحظات بناء على مصلحته الشخصية ومصلحة حزبه ضارباً عرض الحائط الثوابت الدينية.   
من المقالة أعلاه يتبين بالأدلة الموثقة من أن أردوغان وسياسة تركيا الإستراتيجية مع إسرائيل ثابتة بشكلٍ عام كثبات الأصابع في اليد على مدار السنين ومنذ قيام الدولة الإسرائيلية، وستبقى كذلك مهما تغيرت الوجوه السياسية في تركيا وتحت مختلف التسميات، وأرجو أن لا يبرر (المتجهبذون) والمدافعون عن سياسة تركيا وعرّابها أردوغان بقولهم هذه مصالح وعلاقات دولية و ـ ـ و ـ ـ والى آخره من التبريرات التي يطرحها المنتفعون من المنافقين السياسيين العراقيين اللاهثين وراء الأجندات للدول الإقليمية والقابعين تحت حماية البعض منها والمتنعمين بإمتيازاتها لهم، وليس فقط اللاهثين وراء تركيا وإنما إيران أيضاً ومصر والأردن والفسطينيين وقطر والسعودية وكل من فتح قنوات التواصل مع الدولة الإسرائيلية، لكن هؤلاء (المتجهبذين) يقفون حد السيف ضد مصلحة العراق فيما لو فكر ولو تفكير عابر بفتح قنوات الحوار مع إسرائيل لمصلحته، فإصحوا يا عراقيين وأبحثوا عن مصالحكم بعيداً عما تعتقدون من إنهم أنصاركم وقت المحن. 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

986 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع