زيد الحلي
عدد كبير من العراقيين ، هاجروا الى بلاد الغربة ، فنجدهم في مختلف بقاع العالم .. واسباب هجرتهم تنوعت ، لكن الغالب فيها هو البحث عن الأمن والعمل ، وفي مقابل ذلك نجد ان الساحة العراقية خالية من اجواء الجذب ، سوى من شرائح من العمالة الآسيوية التي جاءت باحثة عن لقمة العيش لأسرها بعد ان سدت ابواب الرزق في اوطانها .. غير ان هناك مجموعات وجدت في شتاء العراق ، لاسيما في جنوبه واهواره مكانا رحبا ، حيث تفد آلاف منها لتستقر في شهري كانون الاول والثاني من كل عام ، حاملة معها البهجة والجمال ... مثل طائر "الفلامنكو" الذي يترك موطنه الاصلي ، ويقطع مئات الاميال ليحط في العراق .. انها هجرة معكوسة .. شبابنا الى دول العالم ، وطيور العالم الى العراق !
معظم دول العالم ، هيئت الاستقرار الى المهاجرين العراقيين ووفرت لهم سبل العمل ، واستثمرت كفاءاتهم بأعمال تعود بالفائدة المشتركة لهم ، ولها .. فماذا قدمنا لضيوف العراق من الطيور المهاجرة ، الباحثة عن اجواء الدفء وقصب ومياه الاهوار ؟ قدما لها مصائد القتل ، ووجهنا لها بنادق ( الصجم ) والسموم التي تردي العشرات منها ، ثم تنتظرها السكاكين الحادة لتُنحر ، وتطبخ او تشوى لتقدم طعاما لبطون ، هي أساساً ملآى بألذ انواع الاسماك ولحم الضان ..
لقد شاهدنا عبر شاشات التلفزيون ، عشرات من المواطنين ، يحملون هذه الطيور ، وهي متدلية على الاكتاف او مذبوحة بشكل مقزز، ودماءها تسيل على ملابسهم .. فهل ادرك الفاعلون تأثير ذلك على مشاعر منظمات وجمعيات الرفق بالحيوان او الطير ، المنتشرة في كل انحاء العالم ، والتي تحظى بشعبية دولية ، ذات ثقل مجتمعي مؤثر حتى في القرارات السياسية ... ثم ألا يدرك من يقوم بهذا الفعل تأثير ذلك على مشروع اعتبار الاهوار محمية عالمية ، فالصيد الجائر الذي يهدد بإبادة ( ضيوف ) العراق من الطيور ، ربما سيكون سبباً ، في رفع اسم العراق من قائمة التراث العالمي الذي وضعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)..حيث تعد الاهوار نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا وأروبا وامريكا اللاتينية ويعتقد أيضا أنها "جنة عدن" المذكورة في التوراة.
أن مناطق الأهوار في العراق التي تغطي مساحات شاسعة من محافظات البصرة وميسان وذي قار تزخر بالأسماك النهرية والكثير من الأحياء المائية الأخرى مثل الروبيان (الجمبري) إضافة الى أنواع مختلفة من النباتات أهمها القصب والبردى، ونتيجة لاعتدال مناخها تقصدها مئات آلاف الطيور المهاجرة التي تستقر وتتكاثر فيها خلال فصل الشتاء، ومع بداية فصل الصيف تعود تلك الطيور الى مواطنها الأصلية في الدول الاسكندنافية وكازاخستان وروسياً والصين ضمن هجرات كبرى تمتد أحياناً عبر القارات...
وقد تسنى لي مشاهدة أسراب من الطيور المهاجرة في أواخر سبعينات القرن المنصرم ، وهي تحجب الشمس مع بداية فصل الشتاء لدى تحليقها نهاراً فوق أطراف مدينة العمارة قبل أن تحط في مناطق الأهوار، لتشكل لوحة طبيعية أخاذة ، بل نادرة ... فهل كنا على قدر هذه المسؤولية الربانية والطبيعية التي حبانا الله بها ؟ اترك الجواب لكم احبتي القراء!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
418 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع