امانة بغداد ... كفى ( ترقيعاً)!

                                                         

                                    زيد الحلي

بحثتُ عن مفردة ، غير التي جاءت في العنوان ، فلم اجد اخف منها ، رغم ان مفردة  كفى ( قشمرة ) اجدها اكثر دلالة على ما اريد الاشارة اليه ، لكني خجلت من ايرادها ، بعدما لاحظتُ اصرار امانة بغداد على القيام بإجراءات تتجه الى الشكل الآني دون الجوهر، في خطوات يومية رتيبة ، حتى بات المواطن البغدادي يعتقد ان امانة بغداد ، قد حُلت او انتقلت الى رحاب الخلد !

اين الارصفة التي تتيح للمواطن السير الآمن ؟ اين الدوائر البلدية من بائعي اللحوم في الشوارع وماشيتهم ومخلفاتها ؟ اين التنسيق في مجال تكدس حافلات النقل الصغيرة والكبيرة في الساحات والشوارع حتى اصبح في كل زاوية ومنطقة  ( مرأب ) ؟ اين حوضيات  المياه التي كنا نراها يوميا تقوم بتنظف الشوارع في ساعات خلو المارة ؟ ... وتكثر عبارة ( اين ) وتنعدم الاجابة عنها ..!
اتركُ عبارة ( اين؟) واضع بدلها في الجزئية التي اود التنبيه اليها ، عبارة ( لماذا ؟) ... فأقول : لماذا تسعى اجهزة امانة بغداد الى تشويه جدران بضعة الانفاق التي تضمها العاصمة ، من خلال قيامها بحملة الرسومات التي يقوم بها شباب من الفنانين ، بأدوات ودهانات لا تلائم جدران الاسمنت الذي شيدت بها تلك الانفاق ... هل تعرف ( الامانة ) ان هذه الرسومات الجميلة ، ستصبح خلال شهر او شهرين من الآن مجرد كتل لونية مشوهة ،  كون الدهان الذي رُسمت فيه ، لا يصلح للبقاء اكثر من المدة التي حددتها .. ، وللتأكيد فقد صورت تلك الرسوم الجديدة التي تجري حاليا  بكامرتي ومثبت فيها تاريخ التصوير ، وسأقوم بإذن الله بإعادة تصوير تلك الجدران بعد مدة ، وسنرى صحة ما انبه اليه !
امس ، ترجلتُ الى واحد من هذه الانفاق ، ووجدتُ من الاندفاع الشبابي من الرسامين ما يثلج الصدر، لكني انصدمت حين علمتُ منهم انهم يرسمون دون قيام مهندسي امانة بغداد وفنييها بعمليات صنفرة سطوح  الانفاق بصنفرة ناعمة ، تساعد على رونقة العمل الفني، وبدهانات ( بوية ) عادية ، سرعان ما ستتقشر نتيجة الرطوبة شتاء والجفاف صيفاً .. قلت لهم .. ما الحل ؟ اجابوا ان هناك دهانات خاصة لمثل هذه الاعمال ، لم توفرها الامانة ، وحين نرسم ، يعترينا الأسى لأن نتاج هذا التعب لن يدوم ...فمن قديم الأزل و الدهانات التي تستعمل في الانفاق والشواهد الحضارية الكبرى ، تعبر عن حضارات الأمم هي دهانات خاصة ... وهي كما يعرف الجميع ، تعتبر المقياس الفعلي للتقدم العلمي و التكنلوجي لهذه الأمم... فالدهانات هي التي تنقل حضارات الأجيال المتعاقبة، والتراث العلمي و الفني نُقل بواسطة الدهانات، فاللوحات الأثرية الثمينة و النقوشات في المعابد خير دليل على ذلك.. ولدينا  في بغداد مثال لا زال حياً وهي الرسوم الموجودة على جدران سينما الخيام ، التي طالها الضياع ، لكن رسوماتها، بقيت عصية على الزوال منذ نصف قرن ويزيد !
اعيد السؤال : لماذا نقوم بأعمال ترقيعية ، نعرف مسبقا ان عمرها لا يدوم اكثر من شهرين على اقصى مدى ؟ ثم تتحول الى ركام بصري مقزز تجعل المواطن ، يلعن يومه ... لماذا ؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

438 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع